المرصاد نت - متابعات
لم تكتفِ السعودية بصبّ جام غضبها على أبناء اليمن خلال السنوات الثلاث الماضية بل تعدّت ذلك ليشمل غضبها شباب اليمن العاملين على أراضيها والذين أصبحوا اليوم مهددين بلقمة عيشهم نتيجةً للقوانين السعودية الجديدة فيما يخص "العمالة الأجنبية" والتي ألحقت الضرر بالعمالة اليمنية أكثر من غيرها نظراً لنسبتهم الكبيرة جداً مقارنةً مع غيرهم من الدول الأخرى.
واليوم وفي مشهد تراجيدي لا يستطيع حتى اسخيلوس "مؤسس التراجيديا اليونانية" تصوره يعود شباب اليمن بالآلاف إلى بلادهم المنهارة اقتصادياً وسط القصف السعودي اليومي على اليمن بعد أن كانوا قد خرجوا منها باحثين عن فرصة عمل يستطيعون من خلالها سدّ حاجاتهم ومساعدة أسرهم قدر المستطاع خاصة بعد بدء العدوان على بلادهم من قبل السعودية قبل ثلاث سنوات ليتبعه اليوم عدوان من نوع آخر سيكون له آثار عميقة جداً ومؤلمة على الداخل اليمني وكذلك على السعودية التي طردتهم.
لماذا تطرد السعودية اليمنيين من أراضيها؟!
ربما يكون القرار الذي خرجت به السعودية تحت مسمى "توطين الوظائف" من الناحية الشكلية إيجابياً للمملكة حيث يفسح المجال للشباب السعودي للدخول في سوق العمل والحصول على فرص أكبر في التوظيف وبالتالي التخفيف من البطالة التي كان قد وعد ابن سلمان بأنه سيسعى لتقليصها ضمن "رؤية 2030" التي تتضمن أيضاً تنويع مصادر الدخل في ظل انخفاض أسعار النفط وبشكلٍ كبيرٍ حيث يُتوقع أن تدّر هذه الإجراءات على الخزينة السعودية 24 مليار ريال سعودي خلال العام 2018، ومنذ شهر تموز / يوليو من العام الماضي بدأت السلطات السعودية تطبيق قرار "سعودة" الوظائف في 12 قطاعاً، أي اقتصار العمل فيها على مواطنين سعوديين كما فرضت السلطات السعودية رسوماً وضرائب جديدة على كل عامل أجنبي ومرافقيه وستتصاعد كل سنة.
ولكن هناك عواقب لا يمكن تجاهلها لهذا القرار تتمثل في قدرة الشباب السعودي على سدّ فراغ العمالة الأجنبية بعد ترحيلها بهذه الأعداد الهائلة، والسؤال الأهم، هل يمكن تحضيرهم بهذه السرعة لكسب المهارات التي يملكها العامل الأجنبي ليحل محله المواطن السعودي؟!.
ولكي نعود إلى موضوع اليمنيين المهجرين يمكن أن نذكر بأن قرار "توطين الوظائف" يشمل المهن التي تتطلب مهارات بسيطة أو متوسطة وهذه المهن بأغلبيتها بيد اليمنيين، ويجب أن نذكر بأن أكثر من 3,5 ملايين يمني يعملون في السعودية واليوم يتم ترحيلهم تباعاً فهل يمكن تصور نتائج هذا الترحيل المضطرد على الداخل اليمني المتهالك ونتائجه المستقبلية على السعودية وأمنها الداخلي؟!.
وبحسب آخر التقارير الدولية فقد تم ترحيل مليون عامل وأخذت اليمن الحصة الأكبر من العمالة المُرّحلة حيث بلغ عدد المرّحلين اليمنيين ما نسبته 40 في المئة (أي قرابة 400 ألف عامل) وفقاً لإحصائيات ميدانية قامت بها منظمة الهجرة الدولية في معبر الطوال الحدودي بين اليمن والسعودية ما بين عاميّ 2013-2014 وبالرغم من ذلك استطاع البعض العودة للسعودية وتصحيح أوضاعهم والحصول على الكفالة التي أصبحت تشكّل عبئاً كبيراً على الأجانب خاصة أنها مترافقة مع زيادة مستمرة في الضرائب.
وبكل الأحوال عودة قسم من اليمنيين إلى السعودية يمثل إدراكاً ضمنياً للمملكة بأن تهجير كل هذه الأعداد ستكون له آثار سلبية عليها وعلى اقتصادها الذي يعاني نتيجة لتراجع عوائد المملكة من النفط الناتج عن تدهور سعر البرميل إلى ٦٠ دولاراً أو أقل من مستواه الذي كان يزيد عن الـ" ١٠٠ دولار البرميل" فضلاً عن طبيعة سوق عملها الذي لا يحتمل مثل هكذا تغييرات فجائية.
وبالرغم من ذلك ما زالت السعودية مستمرة في عملية تهجير اليمنيين من أراضيها لأسباب سياسية من جهة واقتصادية من جهة أخرى الأسباب الاقتصادية تم ذكر جانب منها أما الأسباب السياسية فتتمثل بمحاولة السعودية الضغط من جديد على الداخل اليمني بعد أن عجزت عن إحداث أي تغيير في معادلة الحرب على اليمن فالمملكة اليوم عالقة في وحل اليمن ولا أحد يستطيع إنقاذها أو يريد إنقاذها حتى، لأن الجميع يستفيد من هذه الأزمة، فالولايات المتحدة الأمريكية وقسم من دول أوروبا يبيع كميات ضخمة من الأسلحة للسعودية وبالتالي من مصلحتهم أن تستمر الحرب هناك وقد قالتها واشنطن علناً، ومن ناحية أخرى وجدت الرياض بأن حتى من تحميه على أراضيها " عبد ربه هادي" لا يستطيع إحداث أي تأثير على الداخل اليمني لذلك لم يبقَ أمامها سوى الضغط على العمالة اليمنية على أراضيها لكونها تعلم بأن الأموال التي يرسلها اليمنيون لأهاليهم بعد الحرب أصبحت أهم مصدر اقتصادي، والمصدر الأهم للعملة الأجنبية بعد توقف تصدير النفط ومنتجات أخرى، وانهيار القطاعات الإنتاجية بفعل الحرب.
وحالياً تبقى الظروف معقدة بالنسبة لليمنيين القاطنين في السعودية لأن القرارات الجديدة تهدد بقاءهم في كل لحظة ليس فقط لفقدان أعمالهم ومصادر دخلهم ولكن أيضاً لتَحَمُّل غرامات باهظة والترحيل في حالة المخالفة وفي كل الأحوال، سيضطر عدد كبير من العمال في الفترة القادمة إلى مغادرة السعودية سواء نتيجة عدم الحصول على عمل مُصرّح به أم بسبب عدم القدرة على دفع الرسوم التي من المقرر أن تتضاعف سنوياً.
المزيد في هذا القسم:
- أكثر من عشرة آلاف شهيد و 18 ألف جريح جراء العدوان السعودي على اليمن المرصاد نت - صنعاء أعلن المركز القانوني للحقوق والتنمية عن سقوط أكثر من عشرة آلاف و 562 شهيداً من المدنيين بينهم ألفين و 397 طفلاً و ألف و751 امرأة في حصيلة أ...
- موسكو أفشلت تحركاً أممي ضد اليمن ورئيس الوفد الوطني يثمن موقف روسيا المرصاد نت - متابعات فشل النظام السعودي ودول العدوان في استصدار قرار من مجلس الأمن يحمل الوفد الوطني مسؤولية فشل المفاوضات في الكويت وكذا التنديد بالاتفاق الس...
- لتنفيذ مشاريعها وأهدافها ..السعودية تمنع نشوء دولة يمنية قوية منافسة لها إقليمياً! المرصاد نت - يحيى محمد الربيعي معركة غير متكافئة استخدمت فيها القوات السعودية طيران الأباتشي وعشرات العربات العسكرية المدرعة ومختلف أنواع الأسلحة لإخضاع رجال ا...
- بن سلمان يقلب الوقائع في ادّعائه الانتصار على اليمن! المرصاد نت - متابعات في المقابلة مع الصحيفة السعودية يرسم ولي العهد محمد بن سلمان السيناريو الأقرب إلى أضغاث الأحلام تحت عنوان "انتصارنا في اليمن". لكن بن سلم...
- تراجع علاقة المجلس الانتقالي بالسعودية.. الانتقالي والرياض.. ما الذي حدث؟ المرصاد نت - عدن الغد تثير الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية الكثير من الجدل والغرابة بسبب تقلباتها المتكررة، وأزماتها المتلاحقة وليست تلك التقلبات في حد ذات...
- الاعلام الحربي يخوض حربا اعلامية تكتيكية ضد العدوان بامتياز المرصاد نت - متابعات الاعلام الحربي لم يعد مجرد ناقل لما يجري في الميدان فقط بل اصبح يخوض حربا اعلامية تكتيكية ضد العدوان بامتياز واصبح يشكل حربا معنوية على ا...
- الحديدة : مسيرة حاشدة تنديداً بمنع العدوان السفن من الوصول للميناء وصمت المنظمات الدول... المرصاد نت - الحديدة شهدت محافظة الحديدة عصر اليوم الأحد مسيرة جماهيرية حاشدة تنديداً بحصار ميناء الحديدة ومنع تحالف العدوان السعودي الأمريكي سفينة محملة ب...
- فضيحة تطيح بقائد الشرطة الإسرائيلية في الضفة قالت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري، ، إن المفتش العام للشرطة، يوحنان دانينو، وقع مؤخرا على طلب قائد الشرطة في الضفة الغربية، كوبي كوهين، بالتقاعد...
- القوات اليمنية المشتركة تعد الإمارات بالهزيمة في الحديدة المرصاد نت - متابعات في محاولة لهزم سلطات صنعاء نفسياً وإعلامياً أعلنت الإمارات انتهاء المهلة الممنوحة للجهد السياسي توازياً مع الدفع بتعزيزات ضخمة إلى جنوب م...
- ضحايا «المجاعة الكبرى» يمنحون العالم فرصة لإنقاذهم المرصاد نت - متابعات مهددون بمجاعة وصفتها «الأمم المتحدة» بـ«الأكبر في العالم منذ عقود طويلة وضحاياها بالملايين» يشارك أبناء العاصمة ا...