العدوان على الساحل الغربي والحديدة .. وتؤاطو الحكومات الغربية!

المرصاد نت - متابعات

مساءَ 12 نوفمبر الماضي كان العدوُّ أمام الحديدة وفي الساحل وكيلو 16 وقُرب المطار والخمسين قد وصل إلى طريق مسدود على كُلّ محاور التقدم العدواني وكانت القيادة Alsahail2019.2.9الأمريكية للمنطقة العسكريّة الوسطى التي تقودُ مباشرةً العدوانَ من الساحل الغربي وتدير معارك الحديدة قد توصلت إلى هذه النتيجة بعد تجربتها الميدانية المباشرة التي كابدتها خلال الأشهر الماضية منذ انطلاق الهجوم الاختراقي الاخير باتّجاه الحديدة بعد أن استخدمت كُلَّ القدرات التي كانت بحوزتها ثم أمهلت مرتزِقتَها على الأرضِ مدةَ ثلاثين يوماً ثم شهرين إلى نهاية العام 2018م ليكونوا قد دخلوا الحديدة أَو أنهم قد تمكّنوا من التراجع عنها إلى مناطق آمنة وأعلنوا التزامهم بالهدنة وفتح الطريق أمام تحَرّكات المندوب الأممي للمسارات السياسيّة ليتمكّنوا من الخروج الآمن من النفق المظلم الذي وقع فيه العدوان.

وخلالَ شهرَي سبتمبر وأكتوبر تعين عليهم أن يرموا بكل ثقلهم الباقي للخروج من المأزق ومن المستنقعات التي تورطوا فيها خلال محاولاتهم المجنونة التوغل في العمق وكان قد تم الإيقاع بالعدوّ وبقُــوَّاته في العديد من المفاصل المحورية على الطريق الممتدة حوالي 200 كيلو متر بين المخاء الدريهمي، فالقيادة الأمريكية السعوديّة للعدوان تفقد مبادرةَ الهجوم وأضحت تواجهُ حصاراتٍ متنوعةً، منها قطع خطوط الإمدادات العسكريّة البرية الرئيسية على طول خط الإمداد من المخاء إلى الحديدة، عبر طريق الخوخة التحيتا الجاح الدريهمي النخيلة.

تواجِهُ قيادةُ العدوان أياماً عصيبة بعد الآن وخلال العامين القادمين وهي تتعرضُ للمزيد من الهجمات والتحقيقيات والتقيدات ليديها وشل ارادتها. كان ثنائي ترامب وبن سلمان يتمتعان بالسلطة المطلقة خلال الأعوام السابقة أما الآن فقد وصلا إلى النفق المظلم المسدود الآفاق في عدوانهما وحربهما الخاسرة المستمرة أربعة أعوام وتشرف على الخامسة وهي تجتر أسباب الفشل والانكسار والهزائم رغم تلك القدرات والإمكانات الهائلة التي استُنزفت في ميادينها.

وأدّت الهزائمُ المذلة إلى انتشار روح البحث عن مخرج من مأزق العدوان وفشله وما يترتب عليه من مسئوليات قانونية لا بُدَّ للخاسر من تحملها مادياً ومعنوياً وسياسيّاً واستراتيجياً وهي ما تجعل نكساتِ العدوان تتضاعفُ كلما تأخر الوقت واستمرت النكسات.

تعاني القيادةُ العدوانية الراهنة لحالة من الشلل الاستراتيجي تستمرُّ وتتزايد وتتضاعف صورها واشكالها مع كُلّ هزيمة وانكسار جديدَين في الميادين فلا يوجد أيُّ وزير حربية أمريكي قادر على مسايرة نزعات بن سلمان وتحقيق طموحاته وأهدافه المجنونة وعجزه الفعلي الميداني وميوعته وابتذال جيشه رخاوة قادته وَجهلهم بالحرب الحديثة ووسائلها وأساليبها.

فوجئت الأجهزة الأمريكيةُ الاستراتيجية العليا بقدرات اليمنيين على تجاوز جميع الممنوعات والمستحيلات الإلكترونية والأمنية التي كان تحمي النُّظُم الأمنية العسكريّة والحدودية السعوديّة والإماراتية والأمن العسكريّ للقُــوَّات واتصالاتها وشفراتها وكسر التفوّقات العسكريّة الاستراتيجية للسلاح الأمريكي الغربي وخرق مجالات المناورة وهوامشها وتحييدها وتعطيل قدرات الكشف الاستراتيجي للأسلحة والرادارات والرصد والإنذار المبكر وعجزها في التصدي للصواريخ اليمنية مختلفة الأنواع والمديات.

وقد أدّت تلك الاختلالاتُ على بُنية جدار العدوان ودفاعاته وقوته وأمنه إلى إسقاط نظريات الأمن الاستراتيجية الأمريكية التي كانت مرهوبةَ الجانب مهيوبةً في نظر الأعداء والمنافسين والمتمردين أما اليوم فقد أضحت البُنيةُ الأمريكية بلا هيبة من أحد بعد أن أثبتت تحدياتُ الانتصارات اليمنية والعربية الأُخْــرَى لكل المهتمين بالاستراتيجية وبالصراعات المضادة لامبريالية الولايات المتحدة وحلفائها في العالم أن أمريكا غدت حقاً وفعلاً فيلاً من خشب لا أَكْثَـرَ يمكن لكل حركة وطنية تحرّرية أن تذلَّه وتنزل به أَشَدَّ الهزائم المادية والمعنوية وتعلن بذَلك عن أذون زوال السيطرة الأمريكية على المنطقة والعالم وعن خسارة كافة مغامراتها العدوانية الجارية في أَكْثَـرَ من مكان .Ksa Uae army2019.2.9

الي ذلك أكّــدت صحيفةٌ ألمانية أن التورطَ الأمريكي المباشر في ارتكاب الجرائم في اليمن أصبح معروفاً لدى الجميع مشيرةً إلى أن حجم تدخل واشنطن في اليمن جعلها أحد أطراف العدوان والحرب على اليمن.

وقالت صحيفة "كونترا مجازين" الألمانية في تقرير للصحفي "ماركو ماير": إن الوثائق التي نشرها البنتاغون مؤخراً تشير إلى أن دور واشنطن في العدوان على اليمن أكبر بكثير مما كان معترفاً به من قبل من قبل مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية مؤكّــدةً أن المزاعم المتكررة للبنتاجون على لسان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة جوزيف دانفورد بأن الولايات المتحدة الأميركية لا تشارك في الحرب على اليمن ولا تقدم الدعم للطرف الآخر هي مجرد كذبة لخداع الجمهور.

وأضافت كونترا مجازين أن الولايات المتحدة الأميركية قامت بعملية تدريب طياري قُــوَّات التحالف من السعوديّة والإمارات على شن الغارات الجوية على اليمن مما أدّى إلى وفاة عشرات الآلاف من الوفيات بين المدنيين حسبما وثقت الأمم المتحدة وغيرها من منظمات المراقبة الدولية.

وأشارت الصحيفة إلى أن ممارسات تحالف العدوان في اليمن والجرائم المروعة التي ارتكبتها السعوديّة في دول أُخْــرَى والتي كان آخرها اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي جعلت التحالف محط مراقبة وسائل الإعلام حول العالم مضيفةً  فريق مراقبة بريطاني تحدث عن عدد الإصابات الناجمة عن الغارات الجوية لقُــوَّات التحالف وقدر أن عدد القتلى بين يناير 2016 وأكتوبر 2018 من المدنيين والمقاتلين قد بلغ 56 ألفاً مع أن العدد الإجمالي من الضحايا هو ما بين 70 ألف و80 ألف ضحية حسب الفريق البريطاني.

واختتمت الصحيفة تقريرها بقولها: إن الوثائق التي نشرت عن البنتاغون الأمريكي أظهرت أن الولايات المتحدة منذ 2015 جزءاً لا يتجزأ من حرب الإبادة التي قادتها السعوديّة ضد الدولة المجاورة التي وصفتها بالفقيرة "اليمن" مؤكّــدةً أن الشعارات الزائفة التي تحَرّكت تحتها دول العدوان لتبرير حربها على اليمن باتت غير مقبولة مضيفةً ما تزال حكومة الرئيس الفارّ هادي تعتمد على السعوديّين وهي مجرد دمية في يد الرياض”.

الي ذلك أشارت صحيفةٌ بريطانية إلى تواطؤ الحكومة البريطانية في جرائم الحرب التي يرتكبُها تحالفُ العدوان السعوديّ بحق الشعب اليمني منذ 4 سنوات وذلك من خلال منحها تراخيصَ مفتوحة لاستيراد الأسلحة بعيداً عن أنظار المنظمات غير الحكومية ومراقبة الصادرات في لندن.

ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية في عددها الصادر أمس الأول تقريراً صحفياً باسم "رود اوستن" يتحدث عن الدور البريطاني في حرب اليمن ومشاركة الحكومة في قتل اليمنيين كما يدعوها لوقف بيع الأسلحة للسعوديّة حيث كشف التقرير عن إحصائيات مبيعات الأسلحة إلى الرياض من أجل استخدامها في قتل المدنيين باليمن.

وأوضح التقرير أن الحكومة البريطانية سمحت بتسليم 18.107 تراخيص مفتوحة للأسلحة والمعدات المزدوجة الغرض بين عامي 2015 وَ2017، دون الكشف عن الكميات أو القيمة المطلوبة تضمنت تلك الصفقات طائرة ايركرافت التي تقدر قيمتها 2 مليار جنيه استرليني وكذا طائرة يوروفايتر تايفون التي تبلغ قيمتها 2.5 مليار جنيه استرليني. سواء بشكل فردي أو عن طريق وسيط.

ولفتت الغارديان إلى دراسة أعدتها منظمات بريطانية غير حكومية حول تحليل الأزمة في اليمن حيث طالبت تلك الدراسة الحكومة بوقف بيع الأسلحة للدول المتورطة بجرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان وعلى رأسها السعوديّة، وأكّــدت الدراسة افتقارها إلى التفاصيل المتعلقة بحجم وكمية مبيعات الأسلحة وذلك لوجود أخطاء واسعة في استراتيجية الحكومة البريطانية المتعلقة بمبيعات الأسلحة.

من جانبه قال الناشط الحقوقي البريطاني "روي إيزبيستر" من منظمة "سافير وورلد" وهو أحد الذين اشتركوا في كتابة التقرير: إن النظام السعوديّ يقوم في اليمن بانتهاك القانون الدولي مراراً وتكراراً موضحاً أنه للآن يتم تجاهلُ أصوات تلك المنظمات من قبل الحكومة البريطانية التي ستقتبس من عملهم حجةً لمناظرتها في البلدان الأخرى عند حاجتها لذلك.

وأضاف إيزبيستر في تقريره أن أَكْبَــر فشل في نظام مراقبة الصادرات في المملكة المتحدة وهو استعدادُ الحكومة البريطانية لتزويد تحالف العدوان التي تقودها السعوديّة والإمارات على اليمن بمختلف أنواع الأسلحة والتي لم يكن لدى اللجان المعنية بضوابط تصدير الأسلحة أي شيء تقريبًا حول هذا الموضوع في العام الماضي مبيناً أن اليمن غائبة تماماً؛ بسببِ ولم تذكر في التحقيق الحالي ونحن في حيرة من الأمر لفهم السبب مبيناً أن الإبلاغ عن استخدام التراخيص المفتوحة غير كافي كلياً؛ لأَنَّ نوعَ وكميات المعدات يعد لغزاً مضيفاً: نحن لا نتحدث هنا عن عدد قليل من المكسرات والمسامير بل عن حاويات مليئة بمكونات الطائرات المقاتلة الخطرة ونحن لا نعرف شيئاً عنها ولم تخبرنا الحكومة أي شيء عنها وهذا ليس جيداً تماماً.

وهاجم التقريرُ الحكومةَ البريطانية في ادعائها بأن نظام مراقبة الصادرات في المملكة المتحدة هو “أنه بين أفضل الأنظمة وأَكْثَــرها قوةً في العالم، داعياً إياها إلى المقارنة مع دول مثل ألمانيا حيث يوجد “نهج أَكْثَــر تقييداً وخضوعاً للمساءلة لإمدادات الأسلحة إلى اليمن متسائلاً عن سبب فشل المجلس الاقتصادي والاجتماعي باستمرار في محاسبة الحكومة.

بدوره أكّــد النائبُ عن حزب العمال البريطاني "ويد راسل مويل" تضامنَه مع المنظمات غير الحكومية في قلقها من أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي غير فعالٍ في محاسبة الحكومة على مخالفتها الروتينية لضوابط تصدير الأسلحة الخاصة بها منوّهاً إلى أنه أمرٌ محترمٌ للغاية بالنسبة للحكومة التي ترفض حتى أَكْثَــر التوصيات تكرارا معبّراً عن أمله في أن يعملَ الأعضاء هذا العام معاً لدفع الحكومة من أجل إجراء إصلاح جذري للترخيص والتطبيق والمراجعة.

ووفقاً لصحيفة الغارديان فإن الإحصائيات الرسمية للأمم المتحدة إلى أن عدد المدنيين الذين أزهقت أرواحهم في اليمن؛ بسببِ العدوان السعوديّ في مارس 2018، 5992 شهيداً، إضافة إلى 10470 شخصًا آخرين في عداد الجرحى وقالت لجنة مراقبة الأسلحة: إن الأرقام لم تأخذ في الحسبان الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والأمراض وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات إلى ما بين 56000 وَ80000 شخص كما تطرقت الإحصائيات إلى الدمار الذي لحق البنية التحتية في اليمن حيث كشفت الأرقام أن 3362 غارة جوية نفذت في 2018، 420 غارة جوية استهدفت مناطقَ سكنية وَ231 غارة جوية استهدفت مناطق مزروعة وَ95 غارة جوية استهدفت حافلات مدنية أو مركبات وَ57 غارة جوية استهدفت مرافق تربوية أو أسوقا شعبية كما تم القصفُ على المرافق الطبية بعشر غارات واثنتان استهدفت مخيمات المنظمات غير الحكومية وأشار التقرير إلى أن 75 حادثاً فقط من أصل 1015 ناجماً من الغارات التي أثّرت على البنية التحتية قد قام بتحليلها فريق التحقيق المشترك في الحوادث داعياً إلى إجراء تحقيق دولي أَكْثَــر شمولاً في مثل هذه الهجمات مبيناً أن أَكْثَــرَ من 24 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية نصفهم تقريباً من الأطفال ولا يزال نقص الغذاء يؤثر على 16 مليون شخص.ALhoudida2019wer.2.9

واحتوت الدراسة البريطاني على مجموعة من التوصيات أبرزها العمل على التنظيم بشكل أَكْبَــر لشركات "صفيح النحاس" التي تساعدُ في التوسط في صفقات الأسلحة بينما يظل المساهمون والمدراء "غير مرئيين" لسلطات المملكة المتحدة. وكثيراً ما يستخدمون لإخفاء ممارسات الفساد بما في ذلك دفع الرشاوى والاحتيال، مطالباً بإجراء تحقيقات أَكْثَــر شفافية في انتهاكات قانون مراقبة الأسلحة مشيراً إلى أن لدى المملكة المتحدة سجلاً سيئاً من الملاحقة القضائية، حيث غالباً ما تتم إحالة القضايا المعقدة إلى مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطرة ليتم التحقيق في وقت لاحق؛ بسببِ "مصالح الأمن القومي" غير المعلنة.

وحثت الدراسةُ على المزيد من الرقابة والمشاركة من قبل وزارة التنمية الدولية في منح تراخيص تصدير الأسلحة؛ لأَنَّ المعلومات التي تم تمريرُها إلى الإدَارَة من قبل وكالات الإغاثة العاملة في مناطق النزاع يجب أن تمكّنها من تقييم تأثير الأسلحة التي توفّرها المملكة المتحدة بشكل كامل في الوقت الحاضر، مبيناً أن التراخيص المفتوحة تتطلب فقط من البائع إخطار الحكومة بعدد عمليات التسليم التي تم إجراؤها وليس الكمية أو النوع.

كما أوصى معدو الدراسة بأن على الحكومة أن تمتثل لتقريرها السنوي الخاص بحقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية البريطانية عن طريق إنهاء بيع الأسلحة إلى البلدان التي تقوم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وعلى رأسها السعوديّة والإمارات لافتين إلى إحصاءات قدّمتها منظمة العمل غير الحكومية المعنية بالعنف المسلح، بين عامي 2008 وَ2017 كشفت عن منح الحكومة البريطانية تراخيص تصدير أسلحة تبلغ قيمتها 12 مليار جنيه إسترليني إلى هذه البلدان مع تراخيص إضافية للاستخدامات الثنائية (العسكريّة وغير العسكريّة) بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني هذه التراخيص لدول على قائمة المراقبة لوزارة الخارجية البريطانية.

وعلى المقلب الأخر تصطدِمُ حكومةُ المرتزِقة مرةً أُخْــرَى بمجلس الأمن الدولي حيث أصدر الأخيرُ بياناً جديداً قبل عدة أيام واصل فيه تقويضَ أكذوبة ماتسمي"الشرعية" التي تتمترس وراءها دولُ العدوان وسلطات الفارّ هادي كما واصل الاعترافُ بالواقع الميداني في الحديدة وبالسلطات المحلية التابعة للمجلس السياسيّ الأعلى إلى جانب التأكيد على صعود اتّفاق السويد والقرارين الدوليين التابعين له كمرجعيات حَـلّ أكثر أولويّة من القرار 2216 الذي تحاول قوى العدوان ومرتزِقتها التمسكَ به لفرض تفسيراتهم الخاطئة للاتّفاق.

البيانُ أكّــد على ضرورة التزام الطرفين بـ "عدم التأخير" في تنفيذ خطة إعادة الانتشار المتبادل” للقُــوَّات العسكريّة في الحديدة على ضوء اتّفاق السويد وهي النقطة التي شكلت محور استهداف قوى العدوان والمرتزِقة للاتّفاق طوال الفترة الماضية إذ حاول المرتزِقة فرض تفسير خاطئ لمسألة إعادة الانتشار وادعوا أنها تعني "تسليم" الحديدة إلى سلطاتهم بشكل كامل بحجة أنهم "سلطة شرعية" وبناء على ذلك لجأوا إلى عرقلة خطوات تنفيذ الاتّفاق الذي كان واضحاً في نصه ومضمونه بالاعتراف بالسلطات المحلية التابعة للمجلس السياسيّ الأعلى.

وبالرغم من أن البيان أكّــد على "إعادة انتشار الطرفين" إلا أن حكومةَ المرتزِقة واصلت تجاهل الخطاب الدولي ولجأت مجدّداً إلى نفس الأسلوب الملتوي في التفسير إذ قال وزير خارجيتها المرتزِق خالد اليماني في تصريح جديد إن "على الأمم المتحدة إخراج المليشيات الانقلابية الحوثية وإعادة الحديدة لسلطات الشرعية".

محاولةٌ واضحةٌ للتهرب مما أكّــد عليه البيان عن طريق تكريس ثنائية "الشرعية - الانقلاب" التي تجاوزها اتّفاق السويد بشكل واضح وتجاوزها القراران الدوليان 2451، و2452 ثم تجاوزها البيان الأخير أَيْضاً، إذ نص على أن تضمن الأطرافُ سلامةَ البعثة الأممية في المناطق التي تسيطر عليها وخَاصَّـةً في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى وهو خطاب واضح يعترف بسلطة المجلس السياسيّ الأعلى في تلك الموانئ وفي مختلف المناطق التي تقع تحت سيطرته وهو ما يكشف أن تصريحات المرتزِق اليماني تدور في فلك آخر غير فلك الاتّفاق وقرارات مجلس الأمن.

ولهذا فإن تصريحَ اليماني لا يكشفُ عن سوء فهم حكومة المرتزِقة للاتّفاق بل عن رفضها بوضوح للاتّفاق بصيغته التي وقّعت عليها والتي يتعامل معها المجتمع الدولي ومحاولتها فرضَ اتّفاق مختلفٍ تماماً، وهو ما يؤكّــدُ أنها تعرقلُ العملية بشكل متعمد.

ولم يتضمن بيان مجلس الأمن أي ذكر واضح للقرار 2216 الذي يحاول المرتزِقة استحضاره دائما لتعزيز تفسيرهم اللاواقعي للاتّفاق ـ إلا عن طريق الإشارة وفي سياق الحديث عن الحل السياسيّ فقط حيث شدّد البيان على الحاجة لإحراز تقدم للتوصل إلى اتّفاق سياسيّ شامل للصراع وفق ما دعت إليه قرارات وبيانات مجلس الأمن الدولي ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وهو ما يعني أن اتّفاق السويد والقرارين التابعين له هي المرجعيات الوحيدة فيما يخص الحديدة والتي على ضوئها سيكون الدخول إلى الحل السياسيّ ومناقشة شكل السلطة المستقبلية و"شرعيتها" وبالتالي فلا ترابط بين قرار 2216 واتّفاق الحديدة بأي شكل من الأشكال.

وإلى جانب نسف تفسيرات دول العدوان ومرتزِقتها لاتّفاق السويد تضمن بيان مجلس الأمن أَيْضاً إشارات تفضح محاولاتهم لعرقلة الاتّفاق عسكريًّا إذ شدّد البيانُ على أن الأعمال العدائية والتصعيد العسكريّ تشكّل خطراً على الاتّفاق وهو ما يمكن إسقاطُه بوضوح على تصرفات قوى العدوان في الحديدة وبالذات الإمارات التي وصلت إلى ذروة استهدافها للاتّفاق قبل أيّام عندما شنت 15 غارة على الحديدة واعترفت بها والمتابع للبيانات الأممية والدولية يستطيع أن يدركَ بوضوح أنه إذَا لم تكن دولُ العدوان هي المقصودة بهذه الفقرة من البيان، لما تردّد مجلس الأمن عن تسمية “الحوثيين”.

على الجانب الآخر تضمّن بيانُ مجلس الأمن ما يشيرُ إلى ضغوط بريطانية لمحاولة فرض رؤىً مسبقةٍ على الحل السياسيّ إذ ذكر البيان أن أعضاء المجلس يطلبون من المبعوث الخاص اطلاعهم على التطورات إذ قد ينظرون في اتّخاذ تدابير إضافية وفق الضرورة لدعم التسوية السياسيّة وأضاف أن الأعضاء “أكّــدوا نيتَهم بشأن النظر في اتّخاذ مزيد من الإجراءات وفق الضرورة لدعم تطبيق القرارات ذات الصلة”. تلميحاتٌ واضحةٌ إلى رغبة بريطانيا ـ التي قدمت مشروع قراري مجلس الأمن الأخيرين بشأن اليمن ـ في التحكم بالحل السياسيّ وهو ما يبدو أنه أحدُ أهداف نشاطاتها الأخيرة في المجلس.

المزيد في هذا القسم: