المرصاد نت - رشيد الحداد
على رغم تصديق الأمم المتحدة على خطوة انسحاب سلطة صنعاء من موانئ الحديدة الثلاثة بما يقتضي وفق اتفاق السويد الانتقال إلى إقرار آلية تضمن تحييد الاقتصاد عن الصراع ظلّت الحكومة الموالية للرياض ومن ورائها «التحالف» متمسّكين باستخدام الرواتب سلاحاً بوجه سلطات صنعاء على رغم الانعكاسات الكارثية لذلك على الأوضاع المعيشية لليمنيين.
فشلت المشاورات التكميلية لاتفاق السويد المتعلّقة بالشق الاقتصادي والتي دارت يومَي الأربعاء والخميس في العاصمة الأردنية عمّان في الاتفاق على آلية لتحييد الاقتصاد اليمني بسبب ما سمّته سلطات صنعاء «تصلّب» مواقف الحكومة الموالية للرياض ورفضها كل المساعي الهادفة إلى صرف رواتب موظفي الدولة. وينصّ اتفاق السويد الذي تم التوصل إليه في استوكهولم في الـ 13 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، على أن تُودع جميع إيرادات موانئ الحديدة الثلاثة (الحديدة، الصليف ورأس عيسى) والتي انسحبت منها القوات اليمنية المشتركة أواخر الأسبوع الماضي في فرع البنك المركزي في الحديدة لحلّ مشكلة الرواتب.
ومع قيام سلطة صنعاء بتنفيذ الشقّ المتعلق بها من المرحلة الأولى من عملية إعادة الانتشار وتسليم الموانئ لفريق رقابة أممي وتأكيد رئيس «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» المعنية بتنفيذ اتفاق الحديدة، مايكل لوليسغارد سلامة هذه الخطوة، كان لزاماً على الأمم المتحدة تنفيذ الجانب الاقتصادي من الاتفاق. وانطلاقاً من ذلك استُؤنفت في العاصمة الأردنية عمّان برعاية المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث المشاورات التكميلية بهدف الاتفاق على آلية لصرف رواتب موظفي الدولة.
لكن وفد حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي الذي قبل خلال المشاورات أن يتم توريد إيرادات الموانئ إلى فرع البنك المركزي في الحديدة اشترط أن تُصرف هذه الإيرادات في صورة رواتب دائمة لموظفي محافظة الحديدة المدنيين فقط وأن تكون تحت تصرف «مركزي عدن». وهو ما قوبل برفض وفد صنعاء الذي يرأسه محافظ البنك المركزي محمد أحمد السياني وإلى جانبه ممثل «اللجنة الاقتصادية العليا» أحمد الشامي وتمسكه بضرورة صرف المرتبات لكل موظفي الدولة في اليمن وفقاً لكشوفات عام 2014.
وحمّل عضو فريق حكومة هادي محمد العمراني سلطات صنعاء مسؤولية فشل المباحثات عازياً ذلك إلى إصرار الحركة على «تقسيم البنك المركزي وإيراداته وإرسال إيرادات الموانئ إلى صنعاء». لكن الشامي أوضح أن سلطات صنعاء إنما تريد فتح حساب خاص تُوضع فيه إيرادات الموانئ تحت إشراف دولي ويتم من خلاله دفع الرواتب لجميع اليمنيين من دون استغلال الأمر سياسياً. وأشار إلى أن صنعاء لا تثق بالسلطات النقدية التي تشرف عليها الحكومة الموالية للرياض لافتاً إلى أن تلك السلطات لم تثبت مقدرتها على إدارة السياسة النقدية أو سعر الصرف أو السيولة، وهو ما فاقم الصعوبات المعيشية أمام اليمنيين.
من جهته أكد مصدر في «اللجنة الاقتصادية العليا» في صنعاء أن «مطالب الوفد الوطني في مباحثات عمّان لم تخرج عن إطار اتفاق السويد؛ فخطوة إعادة الانتشار التي نُفّذت من طرف واحد، والتي تُعدّ أهم خطوات تنفيذ الاتفاق، تقتضي تنفيذ الشق الآخر المرتبط بإيرادات موانئ الحديدة والتي كانت نقطة خلاف جوهرية قبل أن يتمّ التوافق عليها في استوكهولم بما يلزم الأطراف كافة بتوحيد عمل البنك المركزي في صنعاء وعدن وتوحيد الإيرادات من أجل دفع المرتّبات لكل موظفي الدولة في جميع المحافظات».
وقال المصدر إن «اللجنة على رغم عدم تفاؤلها منذ بدء الترتيبات الأولى لنقل الوفد المشارك في مباحثات عمّان بسبب عرقلة تحالف العدوان إقلاع الطائرة من مطار صنعاء الدولي لا تزال منفتحة على كل خيارات التفاوض والتنسيق التي من شأنها التخفيف من معاناة المواطن والإفضاء إلى تحييد الاقتصاد ودفع مرتبات الموظفين ورفع الحصار» مطالباً الطرف الآخر بـ«تحكيم العقل والمصلحة الوطنية والتعاطي الإيجابي مع المباحثات التي تعتبر فرصة أخيرة».
وفيما تحدث الشامي عن «حل وسط» سيناقَش في جولة أخرى من المحادثات من المنتظر أن تبدأ الشهر المقبل، جدد المصدر دعوته الأمم المتحدة إلى «تحمّل مسؤوليتها في الضغط على الطرف الآخر للالتزام بتنفيذ الاتفاق، في سبيل تحييد مصالح عامة الناس وشؤون حياتهم، ومنع العدوان من استخدام الورقة الاقتصادية كسلاح حرب» مؤكداً أن سلطات صنعاء عاقدة العزم على «الدفاع عن المصالح الاقتصادية لليمنيين بكل الخيارات المتاحة لديها» وأن «الطرف الآخر والمجتمع الدولي يتحمّلان مسؤولية التداعيات التي قد تحدث».
وذكّر بأن «اللجنة الاقتصادية رفعت خيارات الردّ إلى القيادتين الثورية والسياسية وهي تنتظر التوجيهات لتنفيذ تلك الخيارات الكبيرة والمزعجة في حال فشل مباحثات عمّان في تحقيق مطلب تحييد الاقتصاد، وإيقاف استهداف المنشآت الاقتصادية، ودفع الرواتب ورفع الحصار عن سفن المشتقات النفطية».
هذه الخيارات التي يتمّ التلويح بها شكّل استهداف خطّ نقل النفط السعودي من المنطقة الشرقية إلى الساحل الغربي يوم الثلاثاء الماضي، باكورتها فاتحاً الباب على المزيد من «العمليات النوعية» ضد اقتصادَي السعودية والإمارات وفق ما تتوعّد به سلطات صنعاء وخصوصاً بعدما عمد «التحالف» إلى تشديد الحصار الاقتصادي وتوسيع دائرة استهداف الشركات الحكومية الخدمية كـ«شركة الاتصالات الدولية ــــ تليمن» و«بنك التسليف التعاوني الزراعي» الذي تعرّض أخيراً للقرصنة.
تفاصيل مفاوضات الملف الاقتصادي بالأردن !
كشفت مصادر بالأمم المتحدة أن جولة المفاوضات الإقتصادية المنعقدة في العاصمة الأردنية عمان بين الطرفين المتحاربين في اليمن على وشك الإنهيار بسبب المفارقات الكبيرة بين وفدي الطرفين (الحوثيين وحكومة هادي) ونوايا الفريقين في الخروج بإتفاق يساعد على تخفيف المعاناة والحاجات الإنسانية العاجلة للملايين من أبناء الشعب اليمني.
وقال أعضاء وفود ومصادر بالأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمان إنهم أبدو إستغرابهم الكبير على مصير هذه المفاوضات الإقتصادية، بعد تفاجئهم من تغيب محافظ بنك عدن المركزي “حافظ معياد” وبشكل متعمد من حضور المفاوضات، والذي كان من المفترض أن يترأس وفد حكومة هادي، وحضر بدلاً عنه “محمد العمراني”، وترأس وفد الحكومة في المفاوضات التي استمرت من 14 إلى 16 مايو الجاري لمناقشة الجانب الإقتصادي لإتفاق الحديدة الذي ينص على توريد إيرادات موانئ الحديدة مقابل صرف مرتبات كافة موظفي الجمهورية اليمنية.
وأضافت المصادر أن محافظ البنك المركزي في صنعاء، الدكتور محمد السياني، وقيادة البنك ترأست وفد حكومة صنعاء (الحوثيين)، الذي يتكون من خبراء في المجال الإقتصادي خلال المفاوضات في عمان، وبحسب المصادر فان هذا مثل دليل واضح على حرص حكومة صنعاء في إنجاح المفاوضات الإقتصادية وإستكمال تنفيذ إتفاق الحديدة. بعد الإنسحاب الأحادي من مؤانئ المحافظة.
مصادر إعلامية كشفت أن محمد العمراني الذي ترأس وفد حكومة هادي في مفاوضات عمان موظف في مكتب رئاسة هادي وأحد رجال الإستخبارات ولا توجد لديه أي خلفية في الشؤون الإقتصادية كما أنه أحد المقربين من رجل الأعمال المتنفذ “أحمد صالح العيسي” مصادر أخرى نقلت عن بعض المراقبين في الأمم المتحدة قولهم إن الغياب المتعمد من قبل رئيس بنك عدن المركزي حافظ معياد قد كشف عن الأهداف الحقيقية لحكومة هادي وسعيها في إفشال إتفاق السويد بأي شكل من الأشكال وعدم جديتها في الإتفاق على أية حلول قد تساعد في تخفيف معاناة ملايين اليمنيين عن طريق تحييد الإقتصاد وصرف مرتبات كافة الموظفين.
مصادر بالأمم المتحدة كانت حاضرة في مفاوضات عمان أكدت أن وفد صنعاء (الحوثيين) أتى لعقد جولة المفاوضات وهو يمتلك كل الصلاحيات التي تخوله لتنفيذ الجانب الإقتصادي من إتفاق الحديدة الذي تم التوصل إليه في مشاورات ستوكهولم وبحسب المصادر فأن هذه الصلاحيات التي يمتلكها وفد صنعاء لتنفيذ الإتفاق سببت إحراجاً كبيراً للطرف الآخر (وفد حكومة هادي) الذي كان يتردد في التفاوض والنقاش وكان يطلب بإستمرار مهلة للرجوع إلى أصحاب القرار الحقيقيين، في إشارة إلى دول التحالف السعودية والإمارات عبر رئيس وفدهم رجل المخابرات محمد العمراني.
وقالت المصادر إن وفد صنعاء أبدى إستعداده أثناء النقاش لتوريد جميع الإيرادات في مناطق حكومة الإنقاذ وتسخيرها لصرف مرتبات الموظفين وأضافت عند قيام الأمم المتحدة بمطالبة وفد حكومة هادي بتقديم نفس العرض، أجاب بأن لديه مشكلة في إيرادات محافظة مأرب لأنها خارج سيطرة حكومتهم وكذلك إيرادات محافظة شبوة وهو ما سبب لهم إحراجاً شديداً أمام الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث.
المصادر ذاتها كشفت أن وفد حكومة هادي طلب من الأمم المتحدة السماح لحكومتهم بإستخدام مبالغ جديدة من العملة المطبوعة بدون غطاء والمكدسة في خزائن البنك المركزي بعدن إلا أن رد الأمم المتحدة كان هو الرفض التام نظراً لعلمها بالمخاطر الكارثية لهذه الأموال المطبوعة بدون غطاء على إستقرار سعر العملة وتدهور قيمتها الشرائية.
كما أكدت أيضاً أن هذا الأمر سبب إحراجاً شديداً لوفد حكومة هادي وإنتقاداً حاداً من الأمم المتحدة عند قيام حكومتهم العام الماضي بإستخدامها وما سببته نتيجة ذلك في إرتفاع سعر صرف العملة إلى ما يقارب 800 ريال يمني مقابل الدولار الواحد، أشارت إلى أن الأمم المتحدة أبدت تخوفها من السخط الشعبي وتحميلها المسؤولية من قبل عموم أبناء الشعب اليمني كما حدث في السابق لإرتفاع سعر الصرف.
المزيد في هذا القسم:
- بصور اسلحه تم السيطره عليها من قبل الجيش واللجان الشعبيه صور للعتاد عسكري متطور أنزله طيران العدوان السعودي الأمريكي لعناصر القاعدة في محافظة شبوة وتم السيطرة عليه من قبل الجيش واللجان الشعبية ....
- عاجل : الطيران السعودي يشن غارتين على مبنى رئاسة جامعة عدن جدد طيران العدوان السعودي الأمريكي قبل قليل غاراته على مدينة عدن في الوقت الذي تخوض فيه قوات الجيش مسنودة برجال اللجان الشعبية مواجهات متقطعة، مع عناصر القاعدة ...
- سلاح الجو المسيّر .. مرحلة جديدة وتدشين معادلة الردّ بالمثل المرصاد نت - متابعات بعد وصوله إلى مقر قيادة تحالف العدوان في مدينة عدن في الخامس من الشهر الجاري ضرب سلاح الجو المسيّر التابع للقوات اليمنية المشتركة هذه الم...
- تأجيل تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في الحديدة إلى غداً الاثنين! المرصاد نت - متابعات تأجل تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في محافظة الحديدة إلى غد الاثنين بسبب عدم جدية وفد الرياض ومواصلته في المماطلة. وأكد مصدر مطل...
- «التحالف» في الجنوب .. دعم "الانتقالي" وتفكيك "الحراك" المرصاد نت - إسماعيل أبو جلال ظلت «القضية الجنوبية» طيلة العقدين الماضيين في صدارة القضايا السياسية على مستوى الساحة اليمنية وازدادت حضوراً وفاعلية...
- قلق من النزعة الإقصائية للمجلس الانتقالي ومخطط لنقل البنك المركزي إلى سيئون! المرصاد نت - متابعات تتباين مواقف الأطراف الجنوبية غير المنخرطة ضمن صفوف المجلس الانتقالي الجنوبي وكيل الإمارات في اليمن تجاه ممارساته في عدن لا سيما بعدما قا...
- ما هي مراهنة السعودية والإمارات لإغراق اليمن في فوضى طويلة؟ المرصاد نت - متابعات في اليوم الذي وقف فيه المبعوث الأممي الى اليمن "مارتن غريفيت" على رصيف ميناء الحديدة ليقول "إن القادة والرؤساء من كل البلدان دعونا جميعاً...
- رسائل المجاهدين من الجبهات ' النصرُ آت ' المرصاد نت - صنعاء على وقع وإيقاع الحرية والكرامة يحتفي المجاهدون في الجبهات بثباتهم وانتصاراتهم المتلاحقة صوب تحرير اليمن من براثن العمالة والغزاة والمحتل...
- النظام السعودي والحرب على اليمن : الغضب يتصاعد! المرصاد نت - متابعات تحوّلت الحرب التي أدخل بن سلمان بلاده فيها ضد اليمن من حرب كان يتوقع ألّا تستغرق سوى بضعة أشهر إلى مستنقع دموي علقت فيه السعودية وتكبّدت ...
- اليمن بين مشروع باريس والأزمة الخليجية: خارطة سياسية جديدة؟ المرصاد نت - خليل كوثراني تطوران بارزان طرآ على المشهد اليمني مرشحان للإسهام في خلط الأوراق وإدخال تعديلات على الستاتيكو السياسي القائم وكذلك العسكري. الأو...