"فورين بوليسي": لهذه الأسباب تخلّت الإمارات عن السعودية في اليمن !

المرصاد نت - متابعات

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية إن الإمارات فاقمت بقرارها سحب أجزاء من قواتها الموجودة في اليمن من متاعب حليفتها السعودية بسبب حرصها أولا وأخيرا على رعاية مصالحهاUae Yemen2019.8.2 الخاصة.

وفي هذا الصدد اعتبر مقال "فورين بوليسي" أن من بين الأسباب التي دفعت أبوظبي للتخلي عن حليفتها الرياض في عز الأزمة باليمن التباطؤ الاقتصادي الذي تعرفه الإمارات الذي ربما يكون قد دفعها أخيراً إلى اتخاذ القرار بالانسحاب من مستنقع اليمن. وأضاف المقال أن الإمارات تدرك جيداً أن المليشيات المتحالفة معها ستواصل السيطرة على الجزء الجنوبي من اليمن وبأن السعودية، وبالرغم من مدى انزعاجها لن تقدم على منع الإمارات من استخدام موانئ المنطقة التي تعد محور استراتيجيتها الهادفة إلى التحكم بالقواعد البحرية من المحيط الهندي وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط. وجاء في المقال أنه مهما بلغت درجة غضب صناع القرار السعوديين من الخطوة الإماراتية إلا أنه من غير الوارد أن يقدموا على فرض حظر عليها من استخدام منشآت البنية التحتية اليمنية بالنظر لحاجتهم لدعم أبوظبي في ما يخص التعامل مع إيران وكذا الحصار المفتعل ضد دولة قطر.

كذلك اعتبر مقال "فورين بوليسي" أنه حتى في حال أدى الصراع إلى تقسيم اليمن فإن المصالح الإماراتية ستتحقق في المجمل. ورأى أنه في حال نجحت جماعة الحوثيين في السيطرة على أجزاء من شمال اليمن ما قد يوفر موطئ قدم لإيران، فإن التهديدات على الإمارات البعيدة جغرافيا ستظل محدودة. وفي الآن ذاته، يضيف المقال فإن تمكن جنوب اليمن من تنفيذ خطته بالاستقلال سيكون خاضعا للسياسيين والمليشيات المسلحة الموالين لأبوظبي الذين سيعتمدون على الدعم الإماراتي ولن يقدموا أبداً على منعها من الولوج للمنشآت والأراضي هناك.

من جانب آخر أوضح مقال "فورين بوليسي" أن الإمارات ما زالت متخوفة كثيرا من التهديد الإيراني بمياه الخليج وتتعرض لضغوط شديدة لحماية جبهتها الداخلية. وأضاف أن أبوظبي كانت ترى في السابق أن بوسعها الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية لمساعدتها على احتواء التهديد الإيراني لكن مع تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن توجيه ضربة عسكرية لإيران بعد إسقاطها طائرة تجسس مسيرة أميركية، تفضل الإمارات عدم نشر قواتها بعيداً عن حدودها.

 أما السبب الآخر وراء سياسة أبوظبي الجديدة باليمن حسب "فورين بوليسي" فيتمثل في رغبة المسؤولين الإماراتيين في تقليص حدة الانتقادات الموجهة لهم وللسعودية بسبب الانتهاكات الجسيمة التي سببتها الحرب باليمن لا سيما داخل أروقة الكونغرس الأميركي. وذكر المقال في هذا الصدد أن الكونغرس بغرفتيه مرر مشاريع قوانين تحظر تزويد البلدين بالأسلحة الأميركية وهو القرار الذي التف عليه ترامب من خلال استخدام حق النقض "الفيتو".

 وفي المجمل رأى المقال أن هذه الأسباب تبدو معقولة لانسحاب أبوظبي من اليمن لكن القرار يجعل السعودية في وضع محرج للغاية فلا هي قادرة على مواصلة حرب بلا نهاية في اليمن بدون الاعتماد على حلفائها كالإمارات، ولا هي تستطيع جمع جنودها والانسحاب، لأن ذلك بمثابة هزيمة استراتيجية لها ستعزز قوة الحوثيين الموالين لإيران على حدودها الجنوبية.

ورغم انسحابها الجزئي لم تظهر الإمارات أي تراجع على صعيد استراتيجيتها بتقسيم اليمن وعلى العكس من ذلك، فقد دعمت أخيراً إنشاء قوات جديدة تابعة لذراعها السياسية الانفصالية في الجنوب اليمني على نحوٍ يظهر التناقض بين التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الإماراتيون عن خطة لدعم السلام وبين الواقع الذين لا يدخرون فيه جهداً بفرض مخطط التقسيم. وفيما حاولت أبوظبي ومن خلال تصريحات مسؤوليها في الأسابيع الأخيرة، إيصال رسائل بأنها بدأت توجهاً جديداً يدعم السلام وعودة الاستقرار، إلا أنها تواصل دعمها المكثف للانفصاليين عبر ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، والتشكيلات العسكرية والأمنية المدعومة منه.

وبالإضافة إلى مجمل التشكيلات العسكرية الخارجة عن سلطة الحكومة والتابعة مباشرة لأبوظبي ولـ"المجلس الانتقالي" الانفصالي شهدت عدن أخيراً الإعلان عن قوة جديدة تحت مسمى "اللواء الأول صاعقة" بالترافق مع الانسحابات الإماراتية المحدودة. الأمر الذي بدا مؤشراً إضافياً على أن خطة "السلام أولاً"، التي أعلنت عنها أبوظبي ليست أكثر من تراجع محدود لوجودها المباشر يتيح لها مواصلة الاستراتيجية التي تعمل على تنفيذها بدعم تقسيم اليمن بعد أن تكون قد اتخذت بعض الاحتياطات التي تحاول من خلالها على ما يبدو تقليل تبعات هذه السياسة في ظل السخط اليمني المتزايد ضد الدور الإماراتي.

الجدير بالذكر أن الإمارات ومنذ الأشهر الأولى لتصدرها واجهة التحالف في عدن عملت على إنشاء "قوات الحزام الأمني" من خليط من الانفصاليين والسلفيين. كما أسست على المنوال ذاته قوات ما يعرف بـ"النخبة الحضرمية" و"النخبة الشبوانية" شرقاً وجميعها تكوينات قامت على أسس مناطقية وجهوية لا تعترف بالوحدة اليمنية بل إنها تمثل تهديداً حتى على مستوى وجود "جنوب" و"شمال" إذ إن الواقع يقود إلى شرذمة اليمن إلى ما هو أكثر من ذلك.

وإلى جانب الأذرع العسكرية التي لا يعتبر رفع راية اليمن أحد المحظورات في معسكراتها أسست أبوظبي الذراع السياسية للانفصال في اليمن في مايو/أيار2017م وهي "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي قدم نفسه في البداية على أنه السلطة البديلة لـ"دولة الجنوب" ثم تراجع تحت ضغط الفضيحة التي وقعت فيها الإمارات بدعم انقلاب ضد الشرعية في مقابل اعتبار أن الهدف المعلن للتحالف هو دعم الشرعية ضد الحوثيين.

إلى ذلك كشفت وكالة أنباء عن تفاصيل اجتماع سري عقده حكام دولة الإمارات عقب إعلان إيران إسقاط طائرة أمريكية مسيرة في 20 يونيو الماضي. ونقلت وكالة الأناضول أمس الخميس عن مصادر مقربة من جهات إماراتية مطلعة بأن الاجتماع يوضح سر التحول في السياسات الخارجية للإمارات ورغبتها في تحسين علاقاتها مع إيران.

وقال المصدر أن الإجتماع حضره كلا من محمد بن راشد آل مكتوم أمير دبي ونائب رئيس الوزراء الإماراتي وولى عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان وخلال الاجتماع قال محمد بن راشد آل مكتوم: “علينا إعادة النظر بشكل كلي في سياساتنا الخارجية، اننا ننفق يوميا مئات الملايين من الدولارات، فماذا نجني مقابل ذلك؟” وأضاف “علينا أن نتخلى مباشرة عن سياسة التدخل في شؤون الدول فهذه السياسة تكلفنا كثيرا ودون أي مقابل”، حسب الوكالة.

ولفت إلى ضرورة الامتناع عن إنفاق أموال ضخمة لصالح مناطق لا مصلحة لبلاده فيها مبينا أن تغيير النظام في ليبيا أو السودان، لن يضر أو ينفع الإمارات في شيء. وحذر أمير دبي قائلا: “ولو افترضنا أن واشنطن قصفت طهران، فإن الرد الإيراني سيكون عبر استهداف الإمارات أو السعودية بشكل مباشر أو عبر الحوثيين”، مؤكدا أن الإمارات ستخلو من المستثمرين الأجانب في حال سقط صاروخ واحد من إيران على أراضيها، ولن تتمكن من الاحتفاظ بالعمال الأسيويين وشدد بن راشد على ضرورة إجراء تغيير جذري في السياسة الخارجية للإمارات، ووقف هدر الأموال، والأخذ بعين الاعتبار احتمال مهاجمة إيران للبلاد.

ووفق المصادر ذاتها، فإن الاجتماع تجلى في عدة مظاهر من بينها إعلان الإمارات عن سحب جنودها من اليمن وتقليص دعمها للسعودية والتقارب مع إيران كما اجتمع مسؤولون أمنيون إماراتيون بنظرائهم الإيرانيين في العاصمة طهران مؤخراً وذلك للمرة الأولى منذ 6 سنوات وتأتي هذه التسريبات بالتزامن مع إعلان طهران أمس الخميس توقيع مذكرة تفاهم مع الإمارات لتعزيز وترسيخ الأمن الحدودي بين البلدين وتنص المذكرة على عقد اجتماعات منتظمة بين البلدين كل عام في طهران وأبو ظبي ومرة كل 6 أشهر في إحدى المناطق الحدودية بدعوة من الطرفين.

وفي سياق متصل أعلنت الإمارات اليوم الجمعة عن اتفاقها مع السعودية حول وضع استراتيجية لـ”مرحلة جديدة ستشهدها اليمن”ونفى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، وجود أي خلافات بين الإمارات والسعودية حول الحرب في اليمن. وقال قرقاش : “إعادة الانتشار في الحديدة، ليست إلا حصيلة حوار موسع في التحالف” وتحدث قرقاش عن الاتفاق مع السعودية قائلا “اتفقنا مع السعودية الشقيقة على استراتيجية المرحلة المقبلة في اليمن”.

وأشار الوزير الإماراتي إلى مقال نشره الكاتب الصحفي السعودي عبد الرحمن الراشد في صحيفة “الشرق الأوسط” حول ما وصفه بـ”محاولات قطر” شق صف “التحالف السعودي الإماراتي”. وقال الراشد في مقاله إن “قطر تحاول تفكيك الجبهات المعادية لها فبدأت باستهداف مصر، وتشكيك السعوديين في الموقف المصري ثم التفت الإعلام القطري إلى أبوظبي وركز على إحداث الوقيعة بينها وبين الرياض بتضخيم الأخبار بل واختلاق القصص. شككت في نياتها في اليمن واستخدمت أفراداً يمنيين يكتبون تعليقات معادية لأبوظبي كأنها صادرة عن توجيه سعودي، والعكس” وتابع “الحديث عن تكثيف النشاط العسكري الإماراتي في مناطق باليمن والآن تحاول العكس إن الإمارات تنسحب من اليمن وتتخلى عن السعودية هناك”.

يأتي ذلك بعد تقارير عن تقليص عدد القوات الإماراتية في أجزاء من اليمن. وكان مسؤول إماراتي كشف للمرة الأولى سر سحب قوات الإمارات من اليمن وعن الوجهة الجديدة التي ستسلكها تلك القوات. وقال مسؤول إماراتي رفيع، لصحيفة “البيان” الإماراتية: “ما حدث هو عملية إعادة انتشار للقوات الإماراتية في اليمن من أجل دعم المسار السياسي”. وتابع: “كما أن سحب القوات الإماراتية كان لإفساح المجال للقوات اليمنية لأخذ دورها في عدد من المناطق المحررة”. ومضى “الإمارات تعمل في اليمن ضمن التحالف السعودي وكانت تقارير صحفية عديدة قد زعمت أن هناك خلافات في وجهات النظر ما بين السعودية والإمارات خاصة فيما يتعلق بحرب اليمن، وقرار الإمارات بسحب قوات تابعة لها من عدن.

ولكن قرقاش قال في تغريدات سابقة:”لا أقلق على العلاقة الاستراتيجية التي تجمعنا بالسعودية الشقيقة وأعلم كم هي تترسخ كل يوم على كافة المستويات، وما يحزنني ترسيخ قطر لعزلتها وتعميقها لأزمتها عبر سياسات إعلامية طائشة يديرها المال والمرتزقة وينأي عنها المواطن القطري ويعاني منها”.

وكانت قد أعلنت الإمارات بدء عملية “إعادة انتشار” لقواتها في اليمن في يوليو/تموز الماضي وهو الأمر الذي فتح باب التكهنات حول وجود خلافات مع السعودية لكن أبوظبي اعتبرت أن هذه الادعاءات عارية عن الصحة في أكثر من مناسبة وأثارت زيارة وفد خفر السواحل الإماراتي إلى العاصمة الإيرانية طهران قبل أيام قليلة موجة من التكهنات حول التقارب بين الإمارات وإيران لكن الأولى أكدت أنه مجرد لقاء “روتيني” يجري للمرة السادسة.

إلى ذلك كشفت مصادر مطلعة في جزيرة سقطرى عن وصول سفينة تابعة للنظام الإماراتي الأربعاء الماضي إلى الجزيرة وقامت بإنزال أعداد من المجندين في ظل ظروف بحرية خطيرة حيث يمتنع ميناء سقطرى عن استقبال السفن أثناء هيجان البحر.

وقالت المصادر إن السفينة وصلت إلى شاطئ حولاف حيث أنزلت أكثر من 30 جندياً إماراتياً إلى الجزيرة تم نقلهم إلى مقر مندوب الاحتلال الإماراتي في الجزيرة وكانت تقارير قد تحدثت عن تحركات إماراتية لاختراق الوحدات العسكرية والأمنية التابعة لحكومة المرتزقة في سقطرى وتفكيكها من خلال استقطاب واسعة لجنود تلك الوحدات ونقلهم إلى الإمارات للتدريب.

 

المزيد في هذا القسم: