مبادرات تحت القصف .. صنعاء تبادر والـرياض تغامر..!

المرصاد نت - متابعات

سواء قبلت الرياض أم لم تقبل، وسواء تعقلت أم لم تتعقل، فمبادرة صنعاء هي ضربة سياسية “ضربة معلم” كما يقولون وهي الموقف السياسي الذي يتناسب مع حجم ومستوى ضربات Ksa Aramco2019.9.24“أرامكوا الأخيرة” فأنجح وأفضل المبادرات هي تلك التي تنطلق من موقع الثقة والقوة لأنها تكون صادقة أولا وتحقق السلام ثانيا، ولها قيمتها المعنوية والسياسية نظرا لاعتبارات عدة أهمها من حيث وقتها وزمنها حيث جاءت متزامنة وقتا مع ضربات “أرامكوا” وزمنا مع الذكرى ال5 لثورة ال21 من سبتمبر المجيدة التي قامت الحرب أصلا لوأدها واخماد جذوتها، وهي اليوم صاحب المبادرة وزمام الأمور بيدها، وهذا له دلالاته العميقة والواسعة.

مبادرات تحت القصف والقصف المتبادل نعم، ودعوة للحوار والتفاهم والسلام تحت القصف أيضا وهذه هي حرب الكبار والرجال الأبطال فلا يمكن أن يتحقق السلام إلا من خلال منطق القوة والضربات القوية هي التي ستعجل بالسلام وتحققه ولو على قاعدة “إذا أردت السلام فاحمل السلاح” وبالأحرى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) وهذا هو السلام المشروط أو المتبادل.

الضعف لا يحقق سلام ولا على مدى مائة عام وضربات “أرامكوا” وضرورة استمرارها أيضا لا يحقق توازن الردع فقط وإنما هو طريق السلام الناجح الذي سيفرض نفسه على الجميع ولهذا أقول من موقع العلم والمعرفة أن ضربات ” أرامكوا” الأخيرة ليست الأخيرة وليست الأولى، ليست إلا مجرد اخطار واشعار وقرع أولي لجرس الإنذار بالتحول التدريجي التصاعدي في موازين القوى وأن الحرب إذا استمرت فستتحول إلى مسلسل فني رائع وممتع تستمتع به شعوب الأمة والعالم ويشفي صدور قوم مؤمنين، ويذهب غيظ قلوبهم وأن الذهاب بعيدا ليس تهديدا ولا مستحيلا ولا ضربا من الخيال والجنون أيها المجانين.

لقد آن الأوان - وبقي قليل على فواته -لأن تقوم السعودية بعملية مراجعة كبيرة جدا لسياستها الإسترتيجية مع جيرانها أولا ومحيطها الإقليمي ثانيا، وعمقها الإجتماعي ثالثا، وبالذات تجاه اليمن وقطر والعراق وحزب الله وإيران وكافة شعوب المنطقة، والتفكير بسرعة التخلص من ربطة العنق الغليظة التي يشتد خناقها وضيقها يوما بعد آخر، وضرورة سرعة الإقلاع والتخلص من تراكمات وبؤر العداء والاستعداء لشعوب المنطقة، فالتخفيب خلف “إيران.. إيران.. إيران… الخ” أسطوانة مشروخة لم تعد مجدية ونفق مظلم ومسدود في نفس الوقت وإيران لن تستسلم ولن تخسر، والأمريكان لن يقاتلوا نيابة عن أحد أيها الحمقى فأنتم من تقاتلون بالوكالة والنيابة عنهم.

أفيقوا واطرقوا أبواب صنعاء أو صعدة سريعا ولو من تحت الطاولة قبل أن تطرقوا أبواب طهران في الوقت الضائع، فاليمن واليمانييون قيادةً وشعباً مستقلون تماما وإن كنتم لا تؤمنون إلا بالتبعية ولا تؤمنون بالإستقلال وأخيرا “صنعاء” تبادر وال”رياض” تغامر بنفسها والمنطقة وأنتم قولوا ما شئتم والسلام على أهله.

إيران للسعودية والإمارات: أمن الخليج يأتي من الداخل
لا تزال الرياض متردّدة في اتهام طهران رسمياً بالهجمات اليمنية على «أرامكو» تبعاً للعجز عن تحديد موقع انطلاق الطائرات المسيّرة. وفيما لم تنتظر أي تحقيقات تمسّكت واشنطن وحلفاؤها بتحميل طهران المسؤولية وزادت التعزيزات العسكرية الأميركية المدفوعة الثمن في المنطقة تحت وطأة التخبّط والقلق، في موازاة تحرّك لتحشيد دبلوماسي ضد إيران في الأمم المتحدة، ستقابله الأخيرة بمبادرة سلام جديدة.

فرضت الولايات المتحدة مزيداً من العقوبات على إيران قبل أن تقرّر إرسال قوات لتعزيز الدفاعات السعودية وهي تقود حملة تحشيد لإدانة إيران في اجتماعات الأمم المتحدة. خطوات ثلاث هي قوام الرد الأميركي على العملية اليمنية ضد منشأتي «أرامكو» في الرابع عشر من الشهر الجاري. لا تزال واشنطن تعمل تحت سقف «تفادي الحرب» كما أكّد وزير خارجيتها مايك بومبيو الذي أوضح أمس أن إرسال قوات إضافية إلى المنطقة هدفه «الردع والدفاع» مؤكداً إعلاناً مشابهاً لزميله وزير الدفاع مارك إسبر في هذا الخصوص. أما إذا فشلت الإجراءات في ردع طهران فإن بومبيو «على ثقة أيضاً بأن الرئيس (دونالد) ترامب سيتخذ ما يلزم من إجراءات»، كما قال.

إسبر كان قد أوضح أنه «منعاً لمزيد من التصعيد، طلبت السعودية مساعدةً دولية لحماية البنية التحتية الحيوية للمملكة. كما طلبت الإمارات مساعدة»، مضيفاً أنه استجابة للطلبين «وافق الرئيس على نشر قوّات ستكون دفاعية بطبيعتها وتُركّز بشكل أساسي على سلاح الجوّ والدفاع الصاروخيAramcosoudia2019.9.23ksa». وفيما لم تتضح تفاصيل التحرّك الأميركي، ذكر رئيس هيئة الأركان، الجنرال جو دانفورد، أن الجنود الذين سيرسلون لن يكونوا بالآلاف. وما لم يقله إسبر وبومبيو كان قد عبّر عنه صراحة ترامب إثر هجمات «أرامكو»، حين قال إنه سيساعد الرياض لكن عليها دفع المال.

هكذا لم يغيّر الرئيس الأميركي رأيه كما لم يتغيّر على أرض الواقع سوى زيادة أرباح واشنطن لكن ما يقوله ترامب صراحة كان قد قال عكسه وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان حين ردّ على تصريحات ترامب حول «الحماية» في حديث إلى وكالة «بلومبرغ» في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بالقول: «في الوقت الحاضر لن ندفع شيئاً مقابل أمننا... السعودية تحتاج إلى ما يقارب ألفي عام لكي تواجه بعض المخاطر ربما. أعتقد أن ذلك غير دقيق».

وبدا لافتاً أن طلب الحماية يشمل الإمارات إذ باتت إمارتا أبو ظبي ودبي منذ الهجوم الأخير في المهداف اليمني بعشرات الأهداف فيهما، كما أكد القادة السياسيون والعسكريون في صنعاء ما لم تتابع أبو ظبي إعلان انسحابها من اليمن وهو ما يستدعي حسابات جدّية في البلد الأكثر هشاشة في الخليج. حساسية الوضع إماراتياً انكشفت أمس مع الاستنفار غير المسبوق الذي شهدته دبي إذ تعطّلت الرحلات 15 دقيقة بسبب الاشتباه في نشاط طائرة مسيّرة في منطقة مجاورة للمطار.

وأمام أكبر انكشاف وعجز وتخبّط أمني يعيشه حلفاء الولايات المتحدة، لا تزال رواية اتهام إيران المعزّي الأبرز في الرياض، وهو ما كرّره وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، الذي قال إن حكومة بلاده «على يقين بأن انطلاق (الهجوم) لم يكن من اليمن. جاء من الشمال... ستثبت التحقيقات ذلك». كما أكد أن «لا أحد يريد الحرب، لكن إن استمرت طهران في ذلك فإنها تخاطر بإمكانية عمل عسكري» مضيفاً أن بلاده «دائماً ما تمد يدها إلى الإيرانيين، لكن طهران تقابل ذلك بالموت والدمار». وبشأن ما سيكون عليه موقف الرياض قال الجبير: «نحمّل إيران المسؤولية لأنها صنعت وسلّمت الصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت السعودية»، مضيفاً: «لكن شنّ هجوم من أراضيكم إن كان ذلك ما حدث ينقلنا إلى وضع مختلف... سيعتبر عملاً حربياً».

وبينما تسعى واشنطن ومعها الرياض إلى استغلال اجتماعات الأمم المتحدة لتحشيد المواقف ضد إيران، تستعدّ الأخيرة لطرح مبادرة سلام في اجتماعات نيويورك. واستنكر الرئيس حسن روحاني، في كلمة أمام عرض عسكري أمس إرسال المزيد من القوات الأجنبية إلى المنطقة معتبراً أن ذلك يؤدي إلى تفاقم «انعدام الأمن». وشدّد روحاني على أن «أمن الخليج يأتي من الداخل، مشيراً إلى الدول الخليجية بالقول: «نحن مستعدون لتناسي أخطائهم السابقة لأن الوضع اليوم هو أن أعداء الإسلام والمنطقة أي أميركا والصهيونية يريدون استخدام انقساماتنا بشكل سيّئ».

کم تُقدَّر الخسائر السعودية جراء ضربة أنرامكو ؟
بعد هجوم صنعاء على مصفاتين سعوديتين مشهورتين ومهمّتين في أرامكو تحت عنوان “خريص” و”بقيق” يوم السبت الماضي 23 سبتمبر تحدّثت وسائل الإعلام عن تدمير واسع النطاق وأضرار مالية هائلة قد لحقت بالسعودية. يعتقد خبراء النفط والطاقة أن الهجوم الأخير استهدف العمود الفقري للاقتصاد ومحور رؤية ولي العهد السعودي بحيث يتحدثون عن عواقب لا تعوَّض خلَّفها هذا الهجوم على الاقتصاد السعودي في المستقبل القريب.

أبعاد أهمية أرامكو

تم إنشاء شركة “أرامكو” في 29 مايو 1933م بعد عقد حصري مع شركة “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا”(شيفرون) وتغيّر اسمها في عام 1944 إلى “شركة الزيت العربية الأمريكية” أو “أرامكو“ وفي عام 1980م استحوذت الحكومة السعودية على 100٪ من حصة أرامكو، وفي نوفمبر 1988م غيّرت شركة الزيت السعودية الأمريكية اسمها إلى “شركة النفط السعودية” أو “أرامكو السعودية“.

شركة أرامكو السعودية المملوكة من قبل الحكومة السعودية والتي تتراوح قيمتها بين 2 و10 تريليونات دولار هي الشركة الأكثر قيمةً في العالم في الوقت الحالي. سنوياً تحقق أرامكو دخلاً صافياً يزيد عن 100 مليار دولار عن طريق إنتاج أكثر من 10 ملايين برميل من النفط يومياً وخلال العقود القليلة الماضية كانت أرامكو مصدراً رئيساً لإيرادات وامتيازات الحكومة السعودية.

وفقاً للإعلان المبدئي للحكومة السعودية فإن 50٪ من صادرات النفط السعودية قد تعطّلت وتضررت 15 منشأة نفط لشركة أرامكو في تلك المناطق. مع ذلك ووفقاً لأرامكو، فقد توقّفت 18٪ من إنتاج الغاز الطبيعي و 50٪ من إنتاج الإيثان ومكثفات الغاز في السعودية بعد ضربات الطائرات من دون طيار وبلغت صادرات النفط السعودية 5.7 ملايين برميل يومياً، كما تم تعليق ستة في المئة من إمدادات النفط العالمية منذ الهجوم على أرامكو.

النقطة المهمة هي أن هذا الهجوم لم يلحق الضرر بصناعة النفط السعودية فحسب بل قلل أيضاً من حجم التداول في سوق رأس المال السعودي بأكمله وأثّر على سوق الأسهم في هذا البلد. فبعد هجوم الطائرات من دون طيار وخفض إنتاج النفط الخام إلى النصف، تراجعت البورصة السعودية 2.3 في المئة مع افتتاح السوق يوم الأحد الماضي كما أعلنت وكالة “سي إن بي سي” أن خسائر أرامكو قد بلغت 4 مليارات دولار.

كذلك لا يزال حجم الأضرار التي لحقت بشركات التأمين في السعودية وغيرها من البلدان العربية غير واضح حتى الآن ولكن بالنظر إلى الأخبار المسرّبة من الهجوم فمن الممكن معرفة مدى الأضرار الكبيرة التي لحقت بشركات التأمين هذه، وتقديرها بمئات الملايين من الدولارات أو حتى ما يقرب من مليار دولار.

لقد أظهر نجاح ضربات الطائرات المسيرة الفشل التام للمعدات الدفاعية الأمريكية المتمركزة في السعودية أمام غارة جوية بسيطة، ولكن السؤال هو لماذا لم يستطع نظام الدفاع الصاروخي السعودي التعامل مع الطائرات المسيرة المزودة بنظام تحديد الموقع العالمي (جي بي إس)؟

للرد على هذا السؤال يمكننا ذكر عدة أسباب أهمها؟

1- لدى صنعاء صور ومعلومات دقيقة وكافية عن المناطق الحساسة المستهدفة في السعودية.

2- استخدام قوات الجيش اليمني محركات جديدة ومختلفة للطائرات من دون طيار.

3- استخدام صنعاء لقوات التجسس في المناطق المستهدفة.

4- فشل تصوير أمريكا على أنها قوة لا تنافَس في مجال التكنولوجيا العسكرية.

بعد أن عجز نظام الدفاع الصاروخي السعودي عن الصمود في وجه هجمات الطائرات من دون طيار أشارت الإدارة الأمريكية بأصابع الاتهام إلى إيران لكن الأخيرة قد نفت ذلك بشدة.

الرئيس الأمريكي “ترامب” رد بعدة تغريدات على هجوم الطائرات المسيرة على المنشآت النفطية في السعودية. ففي تغريدة أكد على ترخيص الاستفادة من احتياطي النفط الاستراتيجي الأمريكي وفي تغريدة أخرى أكد على استعداد أمريكا العسكري لاتخاذ إجراءات ضد مرتكبي الهجوم.

من جانبه نفى وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” أي دور لقوات اللجان الشعبية اليمنية في الهجوم مدعياً أن إيران هي المسؤولة عن هجمات الطائرات من دون طيار! وفي المقابل قال وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف”: إن الفشل في “الضغط القصوى” قد دفع بومبيو إلى “الخدع القصوى“.

وفقاً لمراقبي الاقتصاد السياسي إذا فشلت السعودية وأمريكا في إصلاح هذه المصافي على المدى القصير وإنتاج النفط إلى مستويات قبل هجوم الطائرات المسيرة فسنرى التداعيات والآثار التالية: – من المرجّح أن يرتفع سعر النفط بشكل كبير إلى حوالي 100 دولار للبرميل )في نفس اليوم الأول بعد الهجمات، شهدنا زيادةً بنسبة 5-8٪ في أسعار النفط وارتفاع محتمل إلى حوالي 65 دولارًا للبرميل(.

– تضاعف سعر البنزين في المدن الأمريكية (50٪ من واردات أمريكا من النفط من السعودية(.

– الاضطراب في نظام العرض والطلب في سوق الطاقة العالمي.

– انخفاض كبير في إنتاج السعودية للبنزين ومشكلة توفير البنزين للمواطنين السعوديين.

– فقدان الدول المستوردة للنفط الثقة بالسعودية.

– فشل خطة محمد بن سلمان لبيع 5٪ من أسهم أرامكو إذ لا يبدو في الوقت الحالي أن هناك شركةً مستعدةً لقبول شراء شركة أرامكو بتكلفة عالية للغاية.

وفي هذه الظروف تفيد الأنباء بضغط محمد بن سلمان على أغنياء السعودية لشراء أسهم أرامكو.

– تعقُّد مستقبل حل الأزمة اليمنية أكثر فأكثر: من المحتمل أن يقوم التحالف العسكري السعودي بهجمات انتقامية، كما يحتمل تدخل أمريكا في الأزمة أيضاً.

– اتساع الفجوة بين إيران والسعودية وتبعاً لذلك زيادة التوترات في المنطقة بشكل ملحوظ.

المزيد في هذا القسم: