ماحقيقة المفاوضات السرية بين النظام السعودي والحوثيين؟

المرصاد نت - متابعات

قالت مصادر إن مفاوضات بدأت يوم  أمس الثلاثاء بين النظام السعودي والسلطة في صنعاء لبحث تهدئة عسكرية بين الطرفين. وذكرت المصادر أن المباحثات خرجت بتشكيل لجنة سياسية وعسكريةKSA SANA2019.10.23 بين السعوديين والحوثيين لبحث وقف القتال والغارات الجوية وفي 4 أكتوبر الحالي كشفت مصادر عن توجه النظام السعودي للاتفاق مع الحوثيين لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو خمسة أعوام .

وقالت المصادر إن السعودية درست بجدية اقتراحاً للحوثيين لوقف إطلاق النار في اليمن مبينة أن موافقة الرياض على وقف الغارات تعني فعلياً انتهاء الحرب. وأشارت إلى أن الغارات السعودية في اليمن تراجعت بشكل كبير وهناك ما يدعو للتفاؤل بشأن التوصل إلى حل قريب.

من جانب آخر قالت “رويترز” بحسب مصدر عسكري لم تسمه: إن السعودية فتحت اتصالاً مع رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط عبر طرف ثالث وقالت إن دبلوماسياً أوروبياً أفاد بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يريد الخروج من اليمن، لذا علينا أن نجد سبيلاً له للخروج مع حفظ ماء الوجه”.

وفي 27 سبتمبر الماضي وافقت السعودية على وقف إطلاق نار جزئي في اليمن بحسب ما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية وذلك رداً على إعلان الحوثيين قبل أيام وقف الهجمات ضد السعودية. وبينت الصحيفة الأمريكية أن الرياض وافقت على وقف محدود لإطلاق النار في أربع مناطق، من بينها العاصمة اليمنية صنعاء التي تسيطر عليها قوات الحوثيين منذ عام 2014.

وفي الأشهر الأخيرة كثف الحوثيون من إطلاق الصواريخ عبر الحدود مع السعودية وشنوا هجمات بواسطة طائرات مسيرة مستهدفين قواعد عسكرية جوية ومطارات سعودية ومنشآت أخرى مؤكدين أن ذلك يأتي رداً على غارات التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة باليمن.

من جهته كشف عضو لجنة المصالحة والقيادي في حزب الرشاد محمد طاهر أنعم عن أجندة السعودية لإنهاء الحرب على اليمن. موضحاً أنها تعتمد ربط وقف تدخلها بضمان ضعف اليمن لعقود عبر فرضها مخطط تقسيم اليمن أمراً واقعاً لتفخيخه بصراع دائم. وقال أنعم النظام السعودي البائس يدفع بكل قوة لتنفيذ خطة الأقاليم اليمنية الأربعة المتنازعة والمتصادمة ويريد انهاء الحرب بناء عليها لاستمرار ديمومة الصراع في اليمن لعقود قادمة تحت قاعدة: فرق تسد.

وأضاف: يريد أن يقسم اليمن على هذا الأساس ويقنع كل مكون سياسي بالرضا بالإقليم الذي تحت إدارته: صنعاء وما حولها لأنصار الله وحلفائهم وعدن وتوابعها للانتقالي ومأرب والمحافظات الحدودية للإصلاح ومن معهم والساحل الغربي لمؤتمر طارق. عضو لجنة المصالحة الوطنية محمد أنعم أكد هذا التوجه السعودي بغطاء أممي قائلاً: يعمل النظام السعودي على تثبيت الحدود والحرب على هذا الوضع وبتواطؤ للمبعوث الأممي مدعوماً ببعض القوى الدولية والاقليمية.

السعودية في مفاوضاتها الجارية مع الحوثيين: نريد أن نقوم بهذا مع حفظ ماء الوجه!!
تحافظ السعودية على خيط رفيع بينها وبين العاصمة صنعاء منذ “نكبة أرامكو ” 14- سبنمبر الماضي قطع هذا الخيط قد يقود إلى نكبة جديدة فإغلاق التفاوضات السرية بين الرياض وصنعاء في مسقط سيعني بالضرورة فتح الأجواء السعودية للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي توقفت بمبادرة أحادية من المجلس السياسي الأعلى في 20 سبتمبر على أمل أن تكون الاستجابة السعودية مخرج للجميع من هذه الحرب .

عندما ذهب المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفث حمل معه رغبة سعودية بنصف هزيمة تتوقف بموجبها عن شن غارات على أربع مدن يمنية بينها العاصمة صنعاء مقابل وقف استهداف أراضيها  أي منح الحوثيين وحلفائهم نصف انتصار وترك الباب مفتوح أمام حرب وحصار مفتوحين عندما رفضت هذه الرسائل نشط سفراء دول عديدة بينها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية لإحياء مشاورات مباشرة ، سعودية يمنية من تحت الطاولة ، مدعومة بتغريدات من المسؤولين السعوديين على غرار تغريدة خالد بن سلمان تحمل الموافقة الضمنية على مبادرة الرئيس المشاط ، يريد السعوديون هذه المرة هزيمة مع حفظ ماء الوجه وترك الباب مفتوح لعودة الحرب إذا تعافت السعودية أي تهدئة غير معلنة الاستمرار في المشاورات على تفاصيل كثيرة هي بالواقع ليست تفاصيل بل جوهر الأزمة هذه التفاصيل تحتاج إلى سنوات حتى تنتج حلول .

بإمكاننا القول إن السعودية تناور بينما هذا الوقت لا يهدره اليمنيون لكنهم سيكونوا قد ألزموا أنفسهم عدم استهداف السعودية بموجب اتفاق وهدنة غير معلنة وحوار طويل نحن هنا نقارب الاستراتيجية السعودية مستقبلا للخروج بهزيمة مع حفظ ماء الوجه بينما لا يتعافى اليمن بسبب الحصار والدخول إلى مرحلة اللاحرب واللاسلم لا تبدو هذه الحالة متناسبة مع ما يجب أن يحصل يمنياً فإهدار فرصة الضغط على الضعف السعودي العسكري والمالي ووضع حليفها الأمريكي المضطرب والمأزوم بسبب التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة وقضايا ترامب الداخلية الشائكة سيكون بمثابة إحراق ورقة مهمة مرتبطة بالوقت الحالي وليس بوقت آخر

التسريبات التي تتحدث عن وجود اتصالات مباشرة بين خالد بين سلمان ورئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن الرئيس مهدي المشاط لإنجاح صفقة تهدئة ووقف العمليات العسكرية تمهيداً لإنهاء الحرب كلياً تكشف جزء مما يدور فعلياً لم ينفي أي طرف حتى الآن  شيئ من هذا يحدث بصورة معلنة  فلأول مرة تحصل فرق المراقبة الدولية في مدينة الحديدة الساحلية غرب اليمن تسهيلات لوضع نقاط مراقبة وتوزيع المراقبين على خطوط الاشتباك وفقا لاتفاق استوكهولم  بينما كانت السعودية تتلاعب وتتهرب من عملية التنفيذ طوال الشهور الماضية يقابل ذلك إلتزام صنعاء حتى الآن بالمبادرة التي أعلنت في 20 سبتمبر على الرغم من الضغط الشعبي المطالب بالرد على الغارات السعودية يدرك الحوثيون إلى أي مدى تحتاج السعودية لاتخاذ قرارات مصيرية بالنسبة لها ، فهي قرارات تتعلق بشرب السم والخروج من الحرب بهزيمة كبيرة ستكون تداعياتها وخيمة ولكنها أصبحت قسرية .

السعودية خسرت خلال الأشهر الماضية أهم جبهتين برية في الحدود مع اليمن فما جمعته من مقاتلين وعتاد عسكري وأموال طوال الـ 4 السنوات الماضية على الأقل انتهى بعد عملية نصر من الله التي تم كشف احداثها وشكلت ضربة قاضية لسمعة السعودية وجيشها بعد أسر أكثر من 2000 من المرتزقة الذين كانت السعودية تحارب بهم باتت مناطقها الآن مفتوحة ومكشوفة أمام أي تصعيد يمني جديد في محوري نجران وجيزان بالتالي يشكل ذلك ضغطا عسكريا وسياسيا وحتى إعلاميا على الرياض لا تريد هذه الأخيرة مزيد من ذلك وترغب بأن تكون التهدئة في هذه المناطق جزء من التسوية التي تسعى إليها واقترحت خلال زيارة مارتن غريفث الأخيرة إلى العاصمة صنعاء أن يكون هناك لجان مشتركة سعودية يمنية لمراقبة وقف العمليات العسكرية ، من المهم التذكير هنا أن السعودية لم تعد تريد منطقة فاصلة أشبه بالمناطق الآمنة بمساحة 30-40 كيلو مثلما طرحت سابقا في مفاوضات الكويت 2017 ، ولكم ان تحسبوا مدى التراجع السعودي في هذا الجزء تحديداً .

يحصل مع السعودية ضغط آخر في المحافظات الجنوبية اليمنية الحبلى بالمشاكل حوار جدة الذي ترعاه الرياض وأبوظبي لحل نزاع متشابك بين الحلفاء المحسوبين عليها ،أعني هنا هادي ومجموعته وحلفاء الإمارات ، الانتقالي الجنوبي ، يسيطر هذا الأخير على عدن منذ 10 سبتمبر أشبه بحوار لإطفاء النيران فقط لوقت قصير ومحدود إذ ان الخلاف بنيوي يتعلق بتقرير مصير واحد من الطرفين ، فالحل الجذري مرتبط بالتخلص كليا بفريق لصالح فريق أمر مستعصي وماهو مطروح حاليا في الحوار هي عملية الدمج ، أي تشكيل حكومة مناصفة بين ” الشرعية المزعومة ” والانتقالي الجنوبي الذي يطالب بفك الإرتباط عن الشمال وبالتالي عن كل ما يعتبر سلطة شمالية حتى لوكانت لا تسيطر على شبر واحد في اليمن جنوبا وشمالا مثلما هو الحال بـ عبدربه منصور هادي ومجموعته ! إنها أشبه بنقل سلطة بلا أرض تقول أنها شرعية إلى أرض يسيطر عليها خصم يستمد وجوده ” وشرعية مزعومة له ” كونه طرد تلك الشرعية العالقة !!

وعلى افتراض أن السعودية نجحت في هذه العملية وتجاوزت حوار جدة ما هو مطروح أيضا ويشكل ضمانة لإبقاء النيران تحت السيطرة هو أن يتحول الوجود العسكري السعودي في بعض المحافظات الجنوبية إلى شرطي لفض اشتباك الأطراف التي تم دمجها هذه الاطراف هي عبء ومحرقة أموال .

نعم .. إلى هذا الحد تبدو أزمة السعودية وحظها من اليمن ولهذا فإن التفكير بمغادرة هذا الاشتباك يشكل هاجس دائم بالنسبة للرياض خاصة أنها تجد أبرز وآخر حلقائها في التحالف أعني الإمارات  تغادر الحرب بشكل تدريجي .

قراءة : طالب الحسني

المزيد في هذا القسم: