المرصاد نت - رشيد الحداد
تتواصل بين مسؤولين عسكريين سعوديين وآخرين من صنعاء مفاوضات منذ مطلع الشهر الجاري لم تسفر إلى الآن عن تحقيق اختراق جدّي. جمود يعود إلى إصرار الرياض على إرساء هدنة مؤقتة في مقابل تمسّك صنعاء بوقف شامل للحرب يوطّئ للدخول في مفاوضات سياسية. وهو مطلبٌ تحاول صنعاء تعزيزه بإبقاء ضغطها العسكري قائماً على الحدود خصوصاً على جبهة جيزان.
في الوقت الذي تُجري فيه السعودية مفاوضات سياسية وعسكرية غير مباشرة مع سلطة صنعاء منذ أسابيع تصدّ قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية يومياً محاولات تقدم تنفذها قوات سعودية مسنودة بقوات سودانية وأخرى موالية لحكومة هادي في جبهات جيزان الحدودية. تصعيدٌ عسكري متواصل منذ قرابة أسبوع لا يغلق أبواب المفاوضات التي تجري بين قيادات عسكرية سعودية رفيعة وأخرى يمنية بالتوازي مع حراك دبلوماسي نشط يقوم به وفد صنعاء التفاوضي في العاصمة العمانية مسقط وكذلك المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي زار صنعاء الأسبوع الجاري للمرة الثانية خلال شهر بعد مباحثات أجراها مع نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، في الرياض.
كلّها تحركات تشي برغبة سعودية في الخروج من المستنقع اليمني بعد فشل المملكة الذريع في تحقيق أيّ من أهداف عدوانها على اليمن. وما يعزّز حظوظ المفاوضات هذه المرة أنها باتت يمنية - سعودية مباشرة وبعيدة عن حكومة هادي وهو ما يُعدّ تحوّلاً في مسار الأزمة. كما أنها تتزامن مع استمرار تجاوب السعودية إزاء مبادرة وقف الهجمات الصاروخية والجوية التي أعلنها رئيس «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء مهدي المشاط، في الـ21 من أيلول/ سبتمبر الماضي والتي حاولت الرياض التملّص منها قبل أن تعود وتستجيب لها بفعل تهديد صنعاء منتصف الشهر الجاري بسحبها. وعلى رغم أن المفاوضات الندّية الجارية حالياً لا تزال هشّة إلا أنها أدت إلى تراجع ملحوظ في إجمالي الغارات الجوية على المحافظات اليمنية كما أسهمت في الإفراج عن سفن الوقود المحتجزة من قِبَل «التحالف» وأعادت قضية مطار صنعاء الدولي إلى الواجهة مجدداً بعدما فشلت مشاورات السويد في التوصل إلى حلّ يُعيد الحركة الملاحية إليه فضلاً عن دورها في الدفع بتنفيذ اتفاق استكهولم في شأن الحديدة قُدُماً.
تلك التطورات عدّها المبعوث الأممي خلال زيارته الأخيرة إلى صنعاء مؤشرات إيجابية قد تقود إلى إحزار تقدّم كبير في مسار الحلّ السياسي في اليمن مُعلِناً أنه تجري حالياً نقاشات موسّعة مع مختلف الأطراف اليمنية تمهيداً لاستئناف المفاوضات خلال المرحلة المقبلة. ووفقاً لمصادر في صنعاء فإن غريفيث اقترح على السيد عبد الملك الحوثي خلال لقائه به إحلال تهدئة مؤقتة فكان ردّه بأن «لا تهدئة إلا بسلام شامل» وأن «السلام الشامل والحلّ العادل هما الخيار الأكثر صوابية لمعالجة الاختلالات كافة».
وفي الاتجاه نفسه يشدد وفد صنعاء الذي التقى خلال فترة وجيزة في مسقط سفراء عدد من الدول «الراعية للسلام» قبل أن يجتمع السبت الماضي مجدداً بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في طهران على ضرورة «دعم وقف العدوان وفكّ الحصار وبدء الحوار السياسي الشامل في أجواء هادئة ومستقرة لا في ظلّ أصوات المدافع وقنابل الطائرات» مُنبّهاً إلى أن «الحلول الجزئية إنما هي حلول ترقيعية لا يمكن أن تَثبُت على الأرض». مواقف وتحركات يضاف إليها حديث وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الإثنين الماضي عن رصده «مؤشرات إيجابية» في اليمن، للمرة الأولى منذ وقت طويل.
بحسب مصادر مطلعه في صنعاء فإن مفاوضات سرية تجري حالياً لإعادة فتح مطار صنعاء الدولي في ظلّ توقعات بتحقيق اختراق قريب في هذا الملف. ولعلّ ذلك هو ما دفع حكومة هادي التي استُبعدت من المفاوضات إلى إصدار بيان مطلع الأسبوع الجاري عبر سفارتها في واشنطن تدعي فيه أن المطار خارج عن الخدمة وأنه يستخدم لأغراض عسكرية. ادّعاءات ردّ عليها وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ في صنعاء هشام شرف باعتبار أنها تستهدف إبقاء المطار مغلقاً والتأكيد أن «فتح المطار مسألة إنسانية بحتة ولا علاقة لها بأيّ انتصار سياسي أو عسكري لطرف على حساب طرف آخر». وأشار شرف إلى أن «رحلات الأمم المتحدة التي تصل بشكل شبه يومي إلى مطار صنعاء الدولي تدحض (ذلك) البيان الكيدي جملة وتفصيلاً» مضيفاً أن «إجراءات ومعايير الأمن والسلامة المتبعة في مطار صنعاء تتوافق مع متطلّبات منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)».
أما في الجانب العسكري فيؤكد عضو وفد صنعاء التفاوضي جمال عامر وجود مفاوضات بين مسؤولين عسكريين من الرياض وآخرين من صنعاء عبر دائرة تلفزيونية منذ بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري لافتاً إلى أن «أولويات السعوديين هي البحث عن ماء وجه نظامهم» مُذكّراً بأنهم كانوا «ألحّوا على عدم نشر مشاهد عملية نصر من الله ولكن لم تتمّ الاستجابة لهم على الرغم من اتصال من ثاني أرفع شخصية عسكرية في وزارة الدفاع السعودية وبناءً على ما سبق يمكن إدراك المتغير الذي لا يمكن حجبه».
وحول اشتداد المواجهات في جبهات جيزان، يوضح عامر أن «أنصار الله تعتمد سياسة المضيّ في مسار التفاوض بالتوازي مع السعي إلى ضرب الاستراتيجية السعودية بتصعيد المواجهات على المناطق الحدودية كما حصل في جبهة كتاف والذي تكرر في جبهة الملاحيط قبل أيام، في عملية تجاوزت تطهير المناطق التي تمت السيطرة عليها قطعة قطعة منذ عامين إلى التوغل في مناطق سعودية، وقطع الطريق الواصلة بين عسير ونجران حسبما أكد لي مسؤول ذو صلة».
وحسب عامر فإن «صنعاء لم تعلن عن هذه العملية بشكل رسمي على رغم توثيقها وذلك بناءً على إلحاح الجانب السعودي وحرصاً على استكمال السير في المفاوضات مع أن نجاحها مرهون بتخلّي ابن سلمان عن وهم أن هناك معجزة يمكن أن تحصل لتقلب موازين الحرب لصالحه والنظر بدلاً من ذلك بواقعية إلى حساب الربح والخسارة خلال خمسة أعوام من عمر الحرب».
المزيد في هذا القسم:
- السعودية تطرد هادي وحكومتة .. فهل ستسمح الامارات بعودتهم إلى عدن ? المرصاد نت - متابعات أعلنت مصادر إعلامية ومواقع إخبارية أن الحكومة السعودية فرضت علي الرئيس الفار هادي وبعض الشخصيات مغادرة الرياض إلى عدن على رأسهم أحم...
- انجازات وانتصارات الاستخبارات اليمنية الجديدة ونشاطاتها المرصاد نت - النجم الثاقب للاستخبارات اليمنية الجديده ثلاثة انشطة استخبارية ردعية حققت انجازات و انتصارات ساحقة على العدوان والمرتزقة وباعتراف العدوان والم...
- مواجهات مسلحة بين ميليشيا الإصلاح والسلفيين بتعز المرصاد نت - متابعات أندلعت مواجهات مسلحة اليوم الاربعاء بين مسلحين محسوبين على جماعة الاخوان المسلمين في تعز وأخرين من الجماعة السلفية أنتهت بسيطرة مقاتلي حز...
- السعودية تعيد التوازن السياسي إلى ما قبل معارك عدن المرصاد نت - لقمان عبدالله أطلّ بعض مسؤولي المجلس الانتقالي الجنوبي وعلى رأسهم رئيسه عيدروس الزبيدي على شاشات التلفزة ليعلنوا النصر على غريمهم هادي وحكومته. ...
- ذهب المهرة الاسود يثير الصراع بين قوي العدوان السعودي الإماراتي! المرصاد نت - متابعات بدأت الإمارات بنشر قواتها في محافظة المهرة شرقي البلاد وذلك في اطار صراعها مع الرياض لاسيما بعد تعزيز النفوذ الإمارتي في محافظة عدن وتقلّ...
- رمضان في اليمن ... حرب وبؤس وقذائف وفقر! المرصاد نت - متابعات مع استمرارالحرب وتردّي الأوضاع الانسانية كيف يستقبل اليمنيون شهر رمضان؟ ظنّ محمد أبكر أنّه سيقضي شهر رمضان في منزله الذي نزح عنه قبل عام ...
- الوصول الى اتفاق وقف الحرب في أرحب " نص الاتفاقية ".. قال مصدر في لجنة الوساطة المكلفة بايقاف الحرب بمديرية ارحب أن اتفاقاً تم التوصل اليه مساء اليوم بعد الخروج بصيغة نهائية لوثيقة الصلح وبنود الاتفاقية والية تنف...
- قراءة ..عن الأراضي السعودية 'المُحتلّة' المرصاد نت - السفير أرادت شبه الجزيرة العربية أم لم ترد فإن لـ «ربيعها» المنطلق العام 2011 وإن حصراً فياليمن والبحرين أثاراً باتت تتهدد...
- انتهاء جلسة المفاوضات اليمنية الثانية في الكويت المرصادنت - الكويت انتهت قبل قليل جلسة المفاوضات اليمنية الثانية المنعقدة في دولة الكويت وسط تأكيد الوفد الوطني على ضرورة الإلتزام بوقف إطلاق النار. وأفاد ...
- ما هي خيبة المراهنة السعودية على "انقلاب صالح"؟ المرصاد نت - متابعات التحالف السعودي الذي جهّز نفسه على وجه السرعة للانقضاض على صنعاء والقضاء على الجيش واللجان وأنصار الله يصطدم بمأزق التصورات الافتراضية ال...