المرصاد نت - لقمان عبدالله
أثار إعلان الإمارات انسحاب قواتها من اليمن جدلاً واسعاً حول جدّيته وصدقيّته في الأوساط الخليجية ولدى دوائر الحكم والنخب في صنعاء بعدما أعلنت أبو ظبي في الصيف الانتقال من «استراتيجية عسكرية» إلى خطة تقوم على تحقيق «السلام أولاً». إثر ذلك بدأ الانسحاب الإماراتي بشكل تدريجي إلى أن أعلنت أبو ظبي الأربعاء الماضي في بيان رسمي الانسحاب من مدينة عدن وإنهاء المهمة فيها. الوقائع على الأرض تؤكد أن الإمارات لا تزال موجودة في العديد من القواعد العسكرية، ولا سيما في قاعدة ومطار الريان في حضرموت ومنشأة بلحاف النفطية الساحلية في شبوة، ومقرّ عمليات الساحل الغربي في مدينة المخا وجزيرة سقطرى بالإضافة إلى العديد من النقاط والمواقع.
البيان الإماراتي حصر بوضوح «الانسحاب» بمدينة عدن ولم يُشِر لا من قريب ولا من بعيد إلى إنهاء المهام العسكرية في كامل اليمن بل إن وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش أعلن استمرار مشاركة بلاده في التحالف العسكري السعودي. وبذلك تكون أبو ظبي قد أبقت الباب مفتوحاً أمام احتلالها في اليمن من خلال السماح لنفسها بالبقاء فيه تحت ذريعة محاربة «القاعدة» والإرهاب حيث قال البيان إن «القوات الإماراتية ستواصل حربها على التنظيمات الإرهابية في المحافظات اليمنية الجنوبية والمناطق الأخرى» وهي الذريعة التي تتدخل بموجبها القوات الأميركية في هذا البلد.
يأتي قرار أبو ظبي الانسحاب من عدن في ظلّ تغيّر في موازين القوى لمصلحة صنعاء ولا سيما بعد التطوّر النوعي في المنظومات الصاروخية والمسيّرات (دقة، مسافة، قدرة تفجيرية، استمرارية) والتي باتت تشكل خطراً على الاقتصاد الإماراتي القائم على سمعة الدولة والقوة الناعمة. وقد أدرك حكّام الإمارات أن توسّع مساحة الاشتباك بات يهدّد نفطهم ومطاراتهم وموانئهم وسفنهم الأمر الذي يفوق طاقتهم على التحمّل وبالتالي برزت الحاجة إلى ضرورة فكّ الاشتباك مع الجيش واللجان الشعبية وخصوصاً أن قيادات صنعاء على رأسها قائد الثورة الشبابية السيد عبد الملك الحوثي أطلقت تهديدات مباشرة للإمارات بقصف منشآتها إذا لم تسرّع من خطوات انسحابها.
وتشير الخطوات الإماراتية الأخيرة (الانسحاب التدريجي) إلى ثمرة مراجعات سياسية مقصدها الخروج عن المنهجية السابقة القائمة على الارتماء الكامل في الأحضان السعودية واعتماد مقاربة مختلفة عن السابق عمادها: نيل الرضى الإيراني مقابل عدم إغضاب النظام السعودي. وهي مقاربة معقدة بعيدة المنال في ظلّ تباعد الأجندات بين الطرفين. فطهران أخبرت الإماراتيين أكثر من مرة أن الدخول في الحديث عن إنهاء دور أبو ظبي في الحرب ينبغي أن يكون من «باب اليمن».
صنعاء من جهتها المعنِيّة الأولى وبشكل أساسي بردّ العدوان تنظر إلى الخطوات الإماراتية التي يبدو أنها مضطرة إلى عدم الاعتراف بها بكثير من الريبة والشك. وهي تعتبر أن قيام أبو ظبي بتلك الخطوات أي الانتقال من رأس الحربة إلى الظلّ أو الجلوس في المقعد الخلفي إنما هو هروب من تبعات الحرب وما خلّفته وما سوف تخلّفه في المستقبل. ما تقوم به الإمارات بحسب رأي صنعاء هو تغيير في التكتيك فقط وانتقال من التصدّي المباشر في إدارة الحرب والعمليات العسكرية والميدانية إلى المشاركة غير المباشرة من خلال الأدوات والبقاء في «التحالف» من خلال إدارة مختلفة عما كانت عليه وفق تفاهم مسبق مع النظام السعودي. لذا الخطوات الإماراتية غير كافية ولا يزال أمام أصحابها العديد من الإجراءات وصولاً إلى الانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية والتعهّد بترك التنظيمات والفصائل المموّلة من قِبَلهم والإعلان الرسمي عن الخروج من «التحالف».
المفارقة هنا أن أبو ظبي شكّلت رأس الحربة في الحرب على اليمن وأَوْكل إليها «التحالف» مهمة القيادة للسيطرة على جنوب البلاد والساحل الغربي منذ بداية العدوان. وهو دور لم يكن ليتمّ لولا الوجود الأميركي المصاحب في التخطيط والإدارة والمراقبة لمراحل المهمة كافة الأمر الذي مكّنها، مع الفصائل الجنوبية من السيطرة على الجنوب بعد قرار الجيش واللجان الشعبية الانسحاب من عدن وبقية المحافظات الجنوبية في خطوة كانت الغاية منها الحفاظ على قوات الجيش واللجان المنتشرة على مساحة واسعة من الأراضي وخصوصاً بعدما باتت خطوط الإمداد مكشوفة للضربات الجوية.
وقد شكّلت سيطرة الإمارات على الجنوب إغراءً لقواتها بمواصلة القتال بالترافق مع سلوك مستعلٍ وأرعن وإحساس بـ«فائض من القوة» وشعور بالعنجهية والتكبر. وانعكس ذلك برفع سقف الأهداف السياسية للحرب وصولاً إلى القضاء النهائي على حركة «أنصار الله» وفق ما ظهّره أداء الإمارات في الساحل الغربي وأيضاً الأدبيات السياسية لمسؤوليها وإعلامها والنخبة القريبة من دوائر القرار فيها. لكن الشعور بالنشوة والفوز لم يدم طويلاً. فالتعقيدات في اليمن سرعان ما بدأت بالظهور لينتكس المشروع القائم على الأطماع والهيمنة وادّعاء الريادة. وكان من شأن تلك التعقيدات الدفع نحو الغرق في الرمال اليمنية وانغلاقٌ (متواصل) في الأفق السياسي أدى ولا يزال إلى الابتعاد عن تحقيق الأهداف المرسومة.
المزيد في هذا القسم:
- السعودية ترد على فشلها في تقمص دور الراعي للحوار برفض وقف الغارات والطلعات الجوية المرصاد نت - متابعات خيمت الخروقات المستمرة للعدوان والمرتزقة على أجواء مشاورات الكويت في يومها الثالث. وانعكس تصعيد العدوان السعودي الأمريكي من غاراته وخر...
- سقوط شهداء مدنيين أثر غارات هستيرية لطيران العدوان المرصاد نت - متابعات استشهد واصيب 3 مواطنين اليوم الخميس 5 جمادى الأولى 1438هـ بغارة شنها طيران العدوان الأمريكي السعودي على مدينة الحسينية بمحافظة الحديدة. ...
- ميدل إيست آي: هل تخطط أبو ظبي لإنشاء إمارة ثامنة باليمن؟ المرصاد نت - متابعات نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا لرئيس تحرير الموقع الألماني "جستيس ناو" جيكوب ريمان يقول فيه إن سيطرة الانفصاليين الجنوبيين على مدينة عدن ا...
- الحديدة : مسيرة حاشدة تنديداً بمنع العدوان السفن من الوصول للميناء وصمت المنظمات الدول... المرصاد نت - الحديدة شهدت محافظة الحديدة عصر اليوم الأحد مسيرة جماهيرية حاشدة تنديداً بحصار ميناء الحديدة ومنع تحالف العدوان السعودي الأمريكي سفينة محملة ب...
- حميد الأحمر يقتل شقيق زوجته (صور) مقتل شقيق زوجه حميدأكدت مصادر محلية أن عناصر مسلحة تتبع الشيخ حميد الأحمر ظهر اليوم بقتل نواف عبدالرحمن المرادي شقيق زوجته . وتُعتبر إيمان المرادي زوجة حميد ال...
- باحث أمريكي يكشف المستور: الإمارات تسرق آثار اليمن وتنسبها إليها! المرصاد نت - متابعات كشف باحث أمريكي متخصص في شئون الآثار عن سرقة الإمارات آثار اليمن وتهريبها بغرض بيعها إلى دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية بعد نسبها إلي...
- السيد حسن نصر الله : الكيان الصهيوني شريك في العدوان الامريكي السعودي على اليمن المرصاد نت - متابعات أكد الامين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله أن الكيان الصهيوني شريك مادي وحسي في العدوان العسكري الامريكي – السعودي الشب...
- عدن .. المدينة المقسمة بين الميلشيات .. الحنين إلى زمن الدولة لايزال قائماً! المرصاد نت - متابعات بالقرب من كشك صغير لبيع الصحف في الشيخ عثمان يسترجع الحاج محمد عبده ناجي ذكريات قديمة له في مدينة عدن آبان الاستعمار البريطاني . بمقهى ا...
- تقرير أممي : أبو ظبي تستخدام أطفال أفارقة في حربها باليمن! المرصاد نت - متابعات نشرت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات تقريراً اتهمت فيه الإمارات باستخدام أطفال أفارقة للقتال إلى جانب قواتها ومرتزقتها في حربها باليمن وق...
- مائة عام من العداء السعودي والمؤامرات.. ألف يوم أنتصار 2-2 المرصاد نت - متابعات العدوان السعودي على اليمن ليس وليد الثلاث السنوات الأخيرة فحسب وإنما يمتد إلى بداية القرن التاسع عشر حين التحم صولجان أمير نجد محمد بن سع...