بعد اتفاق الرياض: ما الذي تحمله الأيام القادمة لأبناء عدن وما خيارات المكونات الجنوبية؟!

المرصاد نت - متابعات

تمر الأيام ولا تزال معاناة المواطنين باقية في عدن  فكل يوم يأتي يحمل معه جملة من المشاكل التي تكبر كل يوم بسبب الإهمال وغياب دور الدولة الحقيقي والمؤثر. كم هي الأحداث العسكرية Aden sanana2019.11.6التي عاشها المواطنين بين حروب واشتباكات وأحداث دموية راح ضحيتها مئات من الجنود والمدنيين ولم يعرف أحد متى ستكون نهاية كل ذلك أو من أجل ماذا يحدث ذلك. وبين حدث وآخر كان أخرها اتفاق جدة الذي شمل طرفي الصراع على المشهد السياسي والأرض خاصة في المناطق الجنوبية وأهمها العاصمة عدن والتوقيع عليه والذي ضم فيه عدد من القرارات التي يأمل المواطنون أن تكون في صالحهم وتساهم في عمل نهضة وثورة على مستوى الخدمات والقطاعات فهل سيتحقق لهم ذلك؟؟

الخدمات الأساسية للمواطنين بحاجة لمعالجات طارئة:

في كل يوم نشاهد أكوام القمامة وطفح المجاري يشوه منظر الشوارع ومهما كانت الجهود المبذولة من قبل القائمين عليها إلا أنهم يواجهون عدد من التحديات ونقص الامكانيات وتتطلب تدخل حكومي من أجل حلها. كل ذلك شكل هاجس للمواطن خاصة وأن هذه الأشياء تسبب له أضرار صحية ونفسية تنعكس على حياته ولا ننسى أن قطاع الخدمات الأساسية أيضا يعاني كثيرا فالكهرباء مازالت تنقطع والماء لا يصل لكل المواطنين والاتصالات تضعف بين حين وآخر ولا ننسى شبكة الانترنت والبطئ الكبير فيها.

قطاع الخدمات الأساسية من سيء لأسوأ ولا توجد رواتب متنظمة للمواطنين والمقصود هنا قطاع الجيش الذي لم يعرف العاملين فيه الاستقرار خاصة بعد الحرب الأخيرة على الجنوب. كل ذلك يتطلب التدخل وأن تكون اتفاقية جدة تحمل بنود تعمل على إعادة هيكلة الحياة اليومية للمواطنين وكيفية تحسين الخدمات وتطويرها الإشراف على ذلك في الفترة القادمة.

المعسكرات وتفعيل دور الأمن والقضاء من أجل استقرار المدينة:

أهم قطاع في الدولة هو الجيش لذلك لا بد من اعطاءه الأولوية القصوى من أجل أي طارئ أو حدث عسكري قد يحصل فجأة ويحتاج جيش قوي موحد بعيدا عن الحزبية والتكتلات والانشقاقات التي لا داعي لها. الكل لاحظ أننا لا نمتلك جيش موحد بل نعاني من التقسيمات التي تعتبر عامل أساسي في اندلاع الاشتباكات بين الحين والآخر لذلك يأمل المواطنين أن تقضي الاتفاقية لعمل حل لكل الشتات الحاصل في الجيش والأمن والنقاط.

والأهم من كل ذلك هو تفعيل دور الأمن الحقيقي لمحاربة الجريمة بدل من ارتكابها أو المشاركة فيها بأي شكل من الأشكال ومحاسبة كل من يقع في قبضة الأمن وسرعة محاكمته ولن يتم ذلك إلا بقوة القضاء العادل الذي افتقدناه لسنوات طويلة بسبب الأحداث الحاصة في هذه البلاد. يجب إيجاد كافة الحلول لرواتب الجيش والأمن من أجل انتظامها من جديد والاستفادة من الكفاءات أصحاب الخبرة خاصة من متقاعدي الجيش والأمن بدل من المسميات الجديدة والكتيبات الجديدة التي لا نعرف من هو المتسبب في ظورها وانتشارها.

اعطاء الأهمية القصوى لقطاع التعليم والصحة باعتبارهم شريان تطور الوطن:

شهدنا خلال الفترات الماضية تدهور كبير في قطاع التعليم والصحة ومشاكل عدة صاحبت المدارس والمستشفيات الخاصة والحكومية وفساد إداري وأخلاقي لا يمكن السكوت عليه بدأ يتطور ويتوسع. هموم المواطنين والقصص الكثيرة التي تحدث لهم في هاذين القطاعين لا يمكن أن تمر مرور الكرام ولا بد أن يكون لها نصيب في هذه الاتفاقية أو على الأقل اعطاء مساحة لأحد الطرفين لأن يتدخل في شؤونها والعمل على إيجاد حلول عميقة للمشاكل والأزمات التي تحصل فيها لأنها تمس حياة المواطنين ومستقبل الوطن عامة.

إعلام موجة وأدوات لزرع الفتن تتطلب فرض سياسة معينة للقائمين عليه:

نلاحظ أن الإعلام اليوم لم يعد خاليا من الانتماءات والتوجهات في الفكر والمضمون والمحتوى في نقل أي حدث أو خبر , لذلك نجد أن عدد كبير من المواقع والصحف والقنوات الإعلامية يستغلون الفجوة الثقافية والفكرية للجمهور المتلقي أو المتابع لهم لزرع الفتن والتحريض وفرض المناطقية والتعصب وهذا ما يحدث بالفعل حاليا. فنجد أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تخلو من الكذب ومن تزوير الحقائق بل التلاعب بالأخبار كلا بحسب مصلحته والهدف الذي أنشأ الموقع أو القناة لأجلها وهذا ما جعل إعلامنا اليوم موجه وغير قادر على خلق معالجات لأي مشكلة أو حتى الإسهام في الوقوف معها وحلها أو تسليط الضوء عليها وإعطاء القضايا التي تهم الناس حقها بسبب تركيزهم على الجانب السياسي والعسكري.

يأمل الجميع أن تخلق الاتفاقية إعلام حر بعيدا عن التشويش وعن بيع الوهم للناس ضرورة إنشاء قنوات تنطق باسم الدولة ولسان حال المواطنين وتقف لجانبهم وتوصل رسائلهم وما يعانون منه لأبعد سلطه في البلاد بل لخارج حدود الوطن لتصل للمجتمع الدولي والعالمي. وبين جملة الأشياء التي تتطلب معالجات وتدخلات وبين فرض اتفاقية جدة بين حكومة هادي والانتقالي وتطبيقها على أرض الواقع تبقى آمال المواطنين معلقة بحدوث ذلك وحدوث طفرة في كل المجالات وكافة القطاعات فيكفي حرب ويكفي فساد قد انهك الدولة والساكنين فيها.

بعد الإتفاق .. ما خيارات المكونات الجنوبية؟

بالمقابل حذر يمنيون من عواقب الاتفاق الذي وقعته حكومة هادي والمجلس الانتقالي في حين تمسكت بعض المكونات الجنوبية بموقفها الرافض لهذا الاتفاق ووصفته بأنه مفخخ بالكثير من البنود غير الواقعية التي تكافئ المجلس الانتقالي الذي انقلب على الدولة في عدن بدعم من الإمارات. واعتبر يمنيون أن الاتفاق لا يعدو أن يكون ترحيلا للأزمة وتمهيدا من السعودية والإمارات لتقسيم اليمن..

وأعرب عدد من القيادات الجنوبية المنخرطة ضمن المكونات الرافضة لاتفاق الرياض عن رفضها للاتفاق "لأنه لا يمثل تطلعاتها الوطنية والمتمثلة في استعادة الدولة اليمنية وسيادة مؤسساتها." ومن بين تلك المكونات الرافضة لاتفاق الرياض مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، ومجلس أهالي شبوة، والتحالف القبلي لأبناء شبوة، وتنسيقية شباب عدن، وكذلك المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى ولجنة الاعتصام السلمي بمحافظة المهرة.

وأعلن القيادي الجنوبي ورئيس المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى عبد الله بن عيسى آل عفرار عن رفضه الاتفاق، وقال إن نتائجه لا تعني أبناء المحافظتين. بالمقابل قال رئيس المكتب السياسي للحراك الجنوبي باليمن فادي باعوم إنهم بصدد تدارس نص الاتفاق الرسمي الذي قال إنه وصلهم في يوم التوقيع وسيعلنون موقفهم النهائي بشأنه في وقت لاحق.

 ويقول مسؤول التواصل الخارجي لاعتصام المهرة أحمد بلحاف إن صياغة اتفاق الرياض جاءت وفقا لرغبات السعودية والإمارات وبما يتوافق مع أجندتهما وأطماعهما في اليمن. وفيما يتعلق بالمواقف التي ستتخذها المكونات الجنوبية الرافضة لهذا الاتفاق، أوضح بلحاف أنه سيكون لتلك المكونات والشعب الجنوبي عموما خياراتهم على الأرض خصوصاً أن اليمنيين في الجنوب باتوا يعرفون جيدا الطرق التي يمكن لهم أن يحققوا من خلالها طموحاتهم وتطلعاتهم.

 ويضيف بلحاف "هناك الكثير من الرموز الجنوبية اليوم التي بمقدورها أن تشكل حراكاً شعبياً وجماهيرياً واسعاً يرفض مخططات أبو ظبي والرياض ومثل هذه الاتفاقيات والمشاريع وسيتواصل الحراك في محافظة المهرة وسقطرى حتى تغادر القوات السعودية والإماراتية الأراضي اليمنية".

 ويرى المحلل السياسي ياسين التميمي أن اتفاق الرياض أشبه بحصان طروادة الذي يراد له أن يمرر إلى جسم الدولة اليمنية المنهك والمثقل بالأزمات. ويضيف التميمي أن "هناك عناصر محلية ركبت موجة الانفصال، وهي في الحقيقة تعمل بالوكالة لحساب التحالف وأجندته الجيوسياسية الواضحة لتواصل عبر إمكانيات الدولة تخريب المشروع الوطني وجر البلاد إلى التفكك، والضعف الذي يتيح للسعودية والإمارات تحقيق ما تعجز عن تحقيقه بالقوة المباشرة على نحو ما حدث في سقطرى والمهرة".

 ويتابع التميمي" اتفاق الرياض لا ينطوي على أية نوايا حسنة لأنه تأسس على سوء نية منذ البداية وإلا لما كانت السلطة الشرعية بحاجة إلى أن تقدم المزيد من التنازلات لكي تحظى بفرصة الوجود في عاصمتها المؤقتة".ويبدو أن التحالف أراد من خلال هذا الاتفاق تأمين آليات فعالة توصله إلى أهدافه من دون خسائر ومن دون أن يضطر إلى تبرير مواقفه أمام المجتمع الدولي، وبذلك ذهب لتثبيت الانتقالي كفصيل جنوبي ضعيف ومستلب لكي يتصدر الحراك الجنوبي، بحسب التميمي.

كما إن محاولة التحالف السعودي الإماراتي تنصيب الانتقالي أحدثت جدلاً واسعاً في أوساط المكونات الجنوبية الأخرى وأثارت المزيد من السخط على الإجراءات التي يتبناها التحالف وهو الأمر الذي قد يساهم في تكريس الأزمة في الجنوب ويدفع بالقادة الآخرين إلى تصعيد جديد وقد لا تكون عواقبه محسوبة هذه المرة.

 

المزيد في هذا القسم: