“إتفاق الرياض” يهيئ لصراع دولي في اليمن!

المرصاد نت - متابعات

يتسع ملف الحرب على اليمن بعد أن ظل اقليمياً بالوكالة وتزيد فوضى التحالف وسوء إدارته من تعقيدات المشهد خصوصاً في المحافظات الجنوبية. فعلى ايقاع “اتفاق الرياض” ذاك الذيAden San2019.11.10 أجهض قبل أن يرى النور أو كما يبدو حتى الأن بدأت أطراف دولية التحرك للدخول على خط الأحداث.

فرنسا التي حاولت على مدى السنوات الماضية من عمر الحرب الابقاء على توازن في العلاقات مع جميع الأطراف كشرت لتوها عن أنيابها وقد نقلت صحيفة “لوموند” عن مسؤولين في الحكومة الفرنسية تهديدهم بالتدخل لحماية المصالح الفرنسية وإن حملت التهديدات ظاهرياً “ابعاد إنسانية”.

يقول الفرنسيون، وفقا للصحيفة، إن الدولة الفرنسية التي مولت أنشاء شركة بلحاف لن تسمح للإماراتيين بتحويل المنشأة المنتجة للغاز المسال إلى معتقل للتعذيب. ومع أن الصحيفة نقلت عن مسؤولين إماراتيين نفيهم للأخبار المتداولة بشأن “سجن سري للإمارات في هذه المنشاة، إلا أن الصحيفة حرصت على ابداء لهجة شديدة تجاه الإماراتيين وهي بحسب مراقبين رسالة فرنسية بأنها لن تسمح بالاستحواذ على مصالحها في هذا الجزء الهام من اليمن خصوصاً وأن المنشأة تتبع شركة توتال أو بالأحرى تشغلها وفقا لاتفاقيات مبرمة منذ عقود.

الرسالة الفرنسية هذه تأتي عقب اتفاق إماراتي – سعودي على أبقاء إدارة إماراتية على منشأة بلحاف مقابل سحب القوات الإماراتية من هذه المحافظة الخاضعة لسيطرة خصوم أبوظبي في حزب الإصلاح منذ هزيمة اتباعها على أيدهم في أغسطس الماضي.

الإتفاق كما تتحدث الانباء تم خلال لقاء جمع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بمحمد بن سلمان ولي عهد السعودية على هامش توقيع إتفاق الرياض بين الانتقالي الموالي لأبوظبي وحكومة هادي التابعة للرياض الثلاثاء الماضي إذ حرص بن زايد الذي تواجه بلاده مشاكل بفعل التحكم القطري بصادرات الغاز المسال لأبوظبي على أبراز منشاة بلحاف تلك التي تنتج ما مقداره 6.7 مليون طن متري من الغاز المسال سنوياً في مؤشر على تعويل إماراتي على المنشأة لتوفير احتياجاتها من الغاز المسال.

في أغسطس من العام 2017م انزلت الإمارات قواتها في ميناء هذه المنشأة ومن هذه المدينة أنطلقت نحو السيطرة على بقية أراضي المحافظة النفطية. كانت أبوظبي تخشى ردود افعال دولية بحكم الشركات الأجنبية العاملة في هذه المحافظة التي أدعت أبوظبي قتال “القاعدة فيها” فأبرزت الدعم الأمريكي في بيان لقواتها المسلحة .. توغلت الإمارات عبر قواتها والفصيل المحلي قيد الانشاء حينها “النخبة الشبوانية” في عمق معاقل القاعدة دون أطلاق رصاصة وأحدة وذلك بسبب إتفاقيات قادتها شخصيات سلفية بين التنظيم الإرهابي وتحالف الحرب انعكس بانسحابه من حضرموت وأبين مقابل دمج عناصره في المؤسسات الرسمية لحكومة هادي ودفع فدى ومبالغ شهرية.

كانت بهذا التوغل تحاول الإمارات سحب بساط شركات النفط الأجنبية في شبوة لكنها فشلت في حقول العقلة حيث أستأنفت شركة أو ام في النمساوية عملها هناك بحماية علي محسن نائب هادي. وكانت تخطط أيضاً للتوغل في بيحان حيث أهم حقول النفط التي تديرها شركة هنت الأمريكية، لكن تهديدات محسن بنسف الحقول دفع الولايات المتحدة للتدخل وأحجام الإماراتيين الذين كانوا يستعدون لاقتحام تلك المناطق عن تنفيذ خططهم.

اليوم تعيد الولايات المتحدة نفسها تحريك ملف الإرهاب وقد عرضت إستخباراتها 10 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن قائد القاعدة في شبوة سعد العولقي وإبراهيم القوصي ، طباخ بن لندن، وكأنها بذلك تشعر التنظيم بانفراط عقد التهدئة أو على الأقل تدفعه للتحرك في محاولة لخلط الأوراق هناك وبما يتيح لها تدخل أو أستمرار وصايتها على هذا الجزء الهام من اليمن والذي تستبيحه منذ تسعينات القرن الماضي بحجة “مكافحة القاعدة”.

الأمر لا يقتصر على توظيف عملاء بل يمتد لتدخل مباشر اذا ما أخذ في الأعتبار الغارات الأخيرة على التنظيم في مأرب والبيضاء مع تجاهل خصمه اللدود “داعش” الذي يواصل التوسع في مناطق سيطرة التحالف بالبيضاء على حساب القاعدة التي يقودها ضباط إستخبارات سعوديين أو بالأحرى سابقون كما تحاول السعودية توصيفهم وتلك المحافظة تربطها حدود كبيرة ومتداخلة مع محافظة شبوة.

تشكل شبوة أهم مفصل في الأزمة الجنوبية فهي وقبل كل شيء بوابة المحافظات النفطية في حضرموت ومأرب بحجم الحدود المشتركة ناهيك عن أحتوائها لعشرات الحقول النفطية واحتياطات كبيرة إلى جانب ميناء لتصدير النفط في النشمية وأخر لتصدير الغاز في بلحاف. هذه المحافظة الوحيدة التي لم تهدأ منذ توقيع اتفاق الرياض. أحدث الانباء الواردة من هناك تشير إلى إصابة عدداً من عناصر قوات هادي بكمين نصبته بقايا قوات الانتقالي أو ما تطلق على نفسها بـ”المقاومة الجنوبية” وذاك الكمين بحسب بيان للأخيرة وقعت في منطقة حرشفان شمال عتق وهي واحدة من عدة حوادث تتصاعد منذ الثلاثاء الماضي وتجاوزت الخمس حالات كما ان هذه العمليات تبدو انتقاماً من قوات هادي التي تواصل الكتم على أنفاس أنصار الانتقالي في المحافظة وأخرها أطلاق النار على تجمع لهم مساء الجمعة في جول الريدة واصابة أبرز شعراء الانتقالي عبدالكريم الأحمدي. لن تهدأ هذه المحافظة التي تشهد المزيد من الاستقطابات الدولية وأخرها ما ذكره رئيس الدائرة الإعلامية للانتقالي أحمد عمر بن فريد العولقي عن تحرك تركي مساند لحزب الإصلاح الذي يشدد قبضته على المحافظة وقد يكون هذا التحرك مقدمة لحضور تركي خلال الفترة المقبلة الهدف منه مشاغلة السعودية والإمارات واجهاض خططهم في التقاسم إضافة إلى جوانب أخرى بعضها تتعلق بالدعم السعودية للقوى المناوئة للتدخل التركي في سوريا.

قد ترسم شبوة صورة لجزء من الأطماع الدولية في الجزء الجنوبي من اليمن لكن ثمة مناطق أخرى أكثر إستراتيجية كالعند التي ظلت على مدى العقود الماضية حلم السوفييت والأمريكيين ومثلها جزيرة سقطرى التي تتحدث التقارير عن مساعي لقوى دولية لتحويلها قاعدة عسكرية عبر تحريك الإمارات لكن يبقى الأهم من ذلك باب المندب الذي تحشد الولايات المتحدة دولياً للسيطرة عليه، وهذه الأطماع هي من جعلت عواصم تلك الدول قبلة لأطراف وتيارات جنوبية تحاول الوصول إلى السلطة من على متن بوارج ودبابات الاحتلال غير ابهة بتداعيات ذلك وتأثيرها على مستقبل الجنوب ووضع أهله.

بعد اتفاق الرياض .. ماهي الخطوة الأولى للحكومة والتحالف؟

بقاء العاصمة المؤقتة (عدن) على هذا الحال يجعل الجميع في حيرة عن الأسباب والدوافع التي جعلت هذه المدينة حبيسة الصراعات والاطماع وحرب المصالح حيث عانا أهالي هذه المدينة الويلات جراء طمع وجشع الأطراف المتصارعة . ظن أهالي عدن أن عدم استقرار مدينتهم تكمن في فشل المحافظ الذي يديرها ولا يعلمون أن المحافظ المعين إما يكون يعمل لصالح أجندات مسيرة أو أنه يبقى عاجزاً عن أتخذا أي قرارات بسبب صراع المصالح الذي عصف باليمن كلها .

يقف أخر محافظ للعاصمة المؤقتة عدن عاجزاً عن فعل أي شيء مثله كمثل بقية المحافظين السابقين وبقي الأستاذ أحمد سالم ربيع علي (سالمين) حبيس الإملاءات التي فرضت عليه هو الأخر وقيدت من تحركاته وعمله. تعافت المحافظات الجنوبية نسبياً وبقيت عدن تأن وتسير للأسوأ في أمل أن يكون أتفاق الرياض الفاصل بين أطراف الصراع لتعود هذه المدينة لحياتها التي عرفت بها مدينة مدنية خالية من الفوضى والبلطجة والمظاهر المسلحة وانشار المليشيات التي بثت الرعب في صفوف ساكنيها وجعلت منها قاعدة عسكرية يحكمها نظام الغاب .

 نصوص الاتفاق

ينص اتفاق الرياض على عودة الحكومة والرئاسة والبرلمان إلى العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات الجنوبية لممارسة عملها في ظل تواجد القوات السعودية التي ستكون المشرفة على تطبيق ما جاء في اتفاق الرياض وتعمل على وقف الصراع . اتفاق أطراف الصراع يحمل في طياته الكثير من الانفراجات على المواطن المسكين الذي عاني ولا زال يعاني من ويلات الصراع، حيث يشكل هذا الاتفاق المخرج الوحيد لعودة الدولة والأمن والاستقرار في ظل حضور سعودي والتزامات تفرض على كافة الأطراف الداخلية والخارجية .

ينص اتفاق الرياض على بدء عمل الحكومة وعودتها إلى مزاولة عملها من المناطق المحررة بعد أسبوع من توقيع الاتفاق .. فياترى هي ستشكل هذه الخطوة بداية ألوى من انفراج الأزمة وعودة الحياة لعدن وبقية المحافظات .

 الحضور السعودي

سحبت القوات الإماراتية قواتها وعتادها من عدن والمحافظات الجنوبية وحضرت بدلاً عنها القوات السعودية التي استلمت المنشآت والمقرات الحكومية والموانئ تهيئة لاستقبال الحكومة  التي ستعود إلى عدن بعد أيام – حسب ما نصت عليه اتفاقية الرياض - جلب السعوديون القوات والمعدات الخاصة بهم استعداداً لعودة الحكومة وبدأت الرياض في رسم خطة أمنية مشتركة بينها وبين وزارة الداخلية في حكومة هادي كما شملت الخطة بقية المحافظات الجنوبية وأكد الأمير محمد بن سلمان حرص بلاده على كل ما يحقق مصلحة الشعب اليمني وأمن اليمن واستقراره متمنياً أن يكون اتفاق الرياض فاتحة خير لتفاهمات أوسع بين أبناء الشعب اليمني للتوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية.

تسببت الأحداث الأخيرة في توقف التفاهمات اليمنية السعودية التي جرت بين وزير الداخلية أحمد الميسري والسعودية خلال حضور الميسري إلى الرياض قبل أحداث عدن الأخيرة حيث أفضت هذه التفاهمات إلى توحيد الجهود بين وزارة الداخلية والمملكة لرسم خطة أمنية جديدة للمحافظات الجنوبية تشرف على السعودية .

هذه التفاهمات تعود مجدداً حيث أكد وكيل أول وزارة الداخلية اللواء محمد بن عبود أن هناك خطة أمنية مشتركة مع السعودية بالمناطق الجنوبية ومنها عدن وإنهاء أي مجاميع مسلحة بالمناطق الخاضعه للتحالف وهي خطوة إيجابية لتصحيح الأوضاع وتوحيد الجهود لإسقاط الانقلاب .. الوكيل بن عبود أكد أن كل التشكيلات والأحزمة سيتم دمجها تحت مظلة وقيادة وزارتي الداخلية كجهات أمنية والدفاع كجهة مسؤولة للدفاع عن البلاد بموجب إتفاق الرياض مؤكداً أن هذه الإجراءات بمثابة صفعة قوية لـلمليشيات الانقلابية وإشارة قوية لأن اليمن موحد ضد المشاريع والأطماع الخارجية بالمنطقة.

ما بعد الاتفاق .. ما هي الخطوات الأولى

تتجه الأنظار صوب أولى التحركات التي ستقوم بها حكومة هادي والتحالف السعودي في ظل التفاهمات الأخيرة في الرياض.. حيث تعتبر هذه التحركات مهمة بدرجة كبيرة لدى المواطنين في عدن وبقية المحافظات الجنوبية . تطرح على طاولة الحكومة والسعودية ملفات كثيرة أهمها توفير الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء وبسط الأمن في المدن الجنوبية التي عانت ولا زالت تعاني من التشكيلات الأمنية ومن فساد كبير في من يديرون احتياجات المواطنين .

تشهد عدن والمحافظات الأخري الكثير من المشاكل الأمنية التي تتطلب عودة الدولة والأمن والقضاء والمحاكم للبت فيها وحل الكثير من المشاكل والاختلالات التي طالت المواطنين والاملاك العامة والخاصة . اهتمام الحكومة والجانب السعودي بالملفات الأمنية والقضايا التي ظل المواطنون يشكون منها مثل المعتقلين والمخفيين وقضايا فساد قامت بها قيادات أمنية وعسكرية وعمليات بسط طالت الأملاك والمقرات الدولة والمواطنين تعتبر من أهم الملفات التي تبدأ بها الحكومة والسعودية .

عانا المواطنون في عدن والمناطق الجنوبية الويلات من صراع انقطاع الكهرباء والماء وأرتفاع المواد الغذائية والإستهلاكية وغياب الرقابة، كما تشكل عودة الموانئ وتحريك عجلة تسليم المواد المخزنة داخل الميناء للتجار حتى تحد من أرتفاع الأسعار في الأسواق .وتنتظر الحكومة والسعوديون ملفات عديدة وجب الوقوف عليها وحلها تنفيذاً للخطوات الأولى لاتفاق الرياض والتي ستقود إلى تنفيذ خطوات جديدة قادمة يلتمسها المواطن تعمل على عودة عجلة الحكومة والتحالف في المناطق الخاضعه لسيطرتهم .

 

 

المزيد في هذا القسم: