برغم نكساتها العسكرية الأخيرة باليمن.. السعودية تكشف عن محادثاتها السرية مع صنعاء وتتعهد بمواصلتها!

المرصاد نت - متابعات

(مستمرون بالمحادثات مع الحوثيين, والتصعيد الأخير لم يؤثر على هذه المحادثات التي تتم عبر أبواب خلفية…)، هكذا قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آلـ سعود، وهو Jizan2020.2.18يتحدّث عن التطورات الاخيرة بالشأن اليمني غداة اسقاط قوات صنعاء طائرة عسكرية سعودية في محافظة الجوف اليمنية، وبعد أيام قليلة من هزيمة كبيرة تلقتها القوات الموالية للسعودية شرق صنعاء ومأرب ،ليكشف بذلك علناً عن محادثات سرية مع حكومة صنعاء ،والتي لطالما ظلت الرياض تتحرّج من الإفصاح عنها.

فهذا الاعتراف السعودي يدلُّ على أن المملكة باتتْ مقتنعة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى بفشل الحل العسكري باليمن وبأن الحل السياسي هو وحده الذي يُمكِــن من خلاله إخراجها من ورطة الحرب باليمن، سيما بعد أن تركتها الإمارات وحيدة تغوص عميقاً بالرمال اليمنية المتحركة وبعد أن ثبت خطأ قاعدة البيانات التي اعتمدتها المملكة قُــبيل إعلانها الحرب باليمن، غير أن الرياض الى قبل هذا التصريح كانت تخشى الإفصاح عن هكذا محادثات سرية مع صنعاء، ليس تهيبا من واشنطن كما يعتقد البعض، فالسعودية لا تتخذ أي قرار، خصوصاً بالشأن الإقليمي إلّا بإذن واشنطن أو بالأحرى بأمر واشنطن, ولكنها آثرتْ سرّية تلك المحادثات لئلا يحدث ذلك مزيدا من عامل فقدان الثقة من الدور السعودي لدى الحكومة اليمنية الموالية لها ويضاعف من تضعضع جبهة حلفائها بالداخل اليمني، خصوصا وأن مساحة انعدام الثقة بينهما تتسع باضطراد, وبات كل طرف يتحين الفرصة للآخر بمجرد أن تضع الحرب أوزارها- أو هكذا نرى القادم من بين ثنايا حرب التصريحات والتلميحات التي تتبادلها أصوات محسوبة على الطرفين.

ولكن لماذا تعلن السعودية اليوم عن هذه المحادثات وتخرج للعلن.؟،لا شك أن التطورات العسكرية الصادمة للجانب السعودي وحلفائها المحليين والمتمثلة بالهزائم الساحقة لقواتهم وإسقاط طائرة تورنيدو سعودية وأسر طاقهما قد قطع الشك باليقين لدى المملكة من أن لا بدُّ مما ليس منه بدُّ، بالخروج من شرنقة التستر الى فضاء الحقائق وكشفها والتسليم بها على طريق التوجه بالشروع بجدية بتلمس طريق الخلاص من هذه الربقة العصية التي وجدت السعودية نفسها مقيدة فيها منذ خمسة أعوام. هذه القناعة السعودية باتت تتبلور بشكل متسارع وتتحول الى استراتيجية سعودية لوضع نهاية لهذه الحرب التي تحولت الى ثقبٍ أسود يبتلع جزءاً كبيراً من طاقات المملكة ويُـــهدّ من حيلها الاقتصادي- يوم الأثنين17 شباط فبراير أعلنت السلطات السعودية عن زيادة جديدة بأسعار البنزين لتصل نسبة الزيادة في هذا العام الى 13% ،فيما الاسعار العالمية تشهد انخفاضا بالأسواق !- ، وينال من سمعتها الاخلاقية بالساحة الدولية والإسلامية جرّاء تواصل جرائم القصف الجوي بحق المدنيين- آخرها ما حدث يوم الجمعة الماضي في محافظة الجوف شرق صنعاء من استهداف الطيران السعودي لمدنيين أودى بحياة 49 شخص وجرح العشرات، بحسب تقارير أممية .

نقول أن هذه الوقائع الصادمة للمملكة على الأرض اليمن شمالا وجنوبا، وهبوب الرياح بما لا تشتهيه السفن السعودية سواءً بشأن الحرب باليمن ووصول الأوضاع بالجنوب اليمن بين الجنوبيين وحكومة اليمنية الموالية للرياض الى حافة هاوية الصدام العسكري المخيف،- أو بشأن الأوضاع بالمنطقة بعد أن تبين لها قطعا أن واشنطن تخادعها بشأن الموضوع الإيراني – ،كل هذه التطورات الدراماتيكية وغيرها الأحداث قد جعلت المملكة تحزم أمرها بالمُــضي قُدما صوب الحل السياسي باليمن وتدير ظهرها للوعود التي قطعتها لحلفائها المحليين باليمن بإعادتهم الى سدة الحكم في صنعاء. فحتى والرياض ترى في واحدة من أحدث طيرانها” تورنيدو ” وقد تحولت الى فرسية سهلة لصواريخ قوات صنعاء, وفي وقت ما يزال فيه مصير طاقم هذه الطائرة مجهولا إلّا أن ذلك على شدة وطأته على السعودية قد حافظ على بقاء القناعة السعودي قائما بشأن التسوية السلمية مع صنعاء، بل أنها أي السعودية قد أبرزته الى العلن هذه المرة, مما يعني أنها صارت تقترب اكثر من إعلان وقف صريح لهذه الحرب إن هي وجدت مرونة من الطرف الآخر الذي علّــق على كشف الوزير السعودية عن المحادثات السرية مع صنعاء ، قائلاً: ان سرّية المحادثات مع الطرف السعودي كان رغبة سعودية وليست يمنية.

تأتي هذه التطورات في وقت اعلن في فرقاء الحرب عن أكبر صفقة تبادل للأسرى منذ بداية هذه الحرب 1400 أسير من الجانبين, وهو مؤشر يدل على صحة ما ذهب إليه الوزير السعودية من أن التصعيد الأخير لم يؤثر على الجهود السياسية, في وقت تشعر فيه السعودية في قرارة نفسها أنها على كل حال لن تخرج خالية الوفاض من اليمن، فهي ترسخ حضورها على الأرض بتشكل مضطر وتعزز هيمنتها على أهم المواقع الاستراتيجية باليمن، بالجنوب بالذات، في محافظتيّ: المهرة وحضرموت الاستراتيجيتين مثلاّ.

قراءة : صلاح السقلدي .

المزيد في هذا القسم: