حرب اليمن… هل تغرق السعودية في رمال محافظة المهرة؟

المرصاد نت - صلاح السقلدي

واقعة قتل وجرح عددا من الجنود السعوديين واليمنيين بمحافظة المهرة - أقصى جنوب شرق اليمن - والتي حدثتْ ظهيرة الثلاثاء 25نيسان إبريل الجاري على يد مسلحين مجهولين تؤكد ما ALmahraa2020.2.25ظللنا نحذّر من خطورته، وهو أن اليمن يتجه صوب المجهول والتناحر والتشظي جرّاء السياسة المريبة التي تنتهجها المملكة السعودية باليمن شمالاً وجنوباً وبسبب طول فترة الحرب المدمرة التي ستدخل بعد أقل من ثلاثة أسابيع عامها السادس متجاوزة بذلك مدة الحرب العالمية الثانية دون أية بوادر لوقفها ودون ومضة أمل تلمع بنهاية النفق المظلم الذي دخلته اليمن من اليوم الأول لهذه الحرب إنفاذا للأهداف والهواجس الامنية والأطماع السعودية والصراع الإقليمي وأطماع ومصالح القوى الغربية التي ترى في ساحته سوقا رائجا لأسلحتها بهذا البلد المنهك والفريد بموقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي تسيل له لعاب العرب والعجم، وبثرواته الطائلة التي تتخطفها نسور الفساد المحلية وتفترسها منذ خمسة أعوام صقور الجيران.

فالسعودية منذ اليوم الأول لهذه الحرب جحظتْ بعينيها بقوة نحو محافظة المهرة الغنية بالنفط والغاز والمجاورة لسلطنة عُــمان لتتخذ منها موطئ قدم عسكري ونفوذ سياسي وهيمنة صريحة عليها وعلى المحافظات المجاورة مثل محافظة حضرموت الغنية بالثروات ، وتطل المملكة من خلال هذه المحافظة أقصد” محافظة المهرة “على بحر العرب بنافذة نفطية تتجاوز بها خطورة مضيق هرمز، ولتختصر بها المسافة الى أسواق النفط بذريعة محاربة الحركة الحوثية وإعادة السلطة الموالية للرياض الى سدة الحكم في صنعاء، مع العلم أن محافظة المهرة خالية من أي جندي يتبع حكومة صنعاء وتبعد عن أقرب جبهة قتال مئات بل آلاف الكيلومترات حتى ينطلي علينا مبرر كل هذا الحضور والتحشيد السعودي بتلك المحافظة النائية.

يتم كل هذا الإصرار السعودي وترسيخ الوجود العسكري والتغلغل السعودي في المهرة عنوة ودون أية تنسيق مع السلطات والقوى السياسية بما فيها السلطة الموالية لها “الشرعية “ علاوة على القوى الجنوبية التي من المفترض أنها شريكة مع التحالف السعودي،ولكنها هي الأخرى أكثر تغييبا بالحسابات السعودية، وتكتفي السعودية عوضا عن ذلك التغييب التهميش بنسج خيوط تواصل مع شخصيات محلية مسترزقة، استطاعت السعودية أن تستميلها بسحر المال وبمغريات المادة مستغلة غياب القوى الفاعلة وتشظيها وتناحرها ومنها بالذات القوى الجنوبية، أو بالأحرى القوى المغيّــبة قسريا بفعل رهبة العصا الملكي، أو إغراء جزرته.

تفجُّـــر الأوضاع العسكرية وتصاعد السجال السياسي بهذه المحافظة على هذا النحو الدموي الذي حدثَ بين قوى وشخصيات قبلية وسياسية محلية هي بالأصل كانت موالية للسعودية وبين هذه الأخيرة، سبقه توتر صامت من تحت الرماد، قبل أن يطفو مؤخرا الى السطح بشكل صارخ على إثر اشتعال شرارة الصدام المسلح الذي جرى قبل قرابة أسبوع بين القوات السعودية والموالية لها من جهة وبين الأهالي الذين يتقدمهم شخصيات قبلية محلية من جهة أخرى بسبب التنافس على السيطرة على المنفذ البري الحدودي مع سلطنة عمان أسفـــــرَ عن خسائر بشرية من الطرفين وسيطرة سعودية عبر مسلحين محليين موالين لها، تلى ذلك إقالة محافظة المحافظة راجح باكريت على الرغم أن الرجُــل بذل كل ما بوسعه لإبداء ولاء الطاعة للسعودية دون أن يشفع له ذلك وهي الإقالة التي كانت بقرار سعودي بامتياز وأن كانت باسم السلطة “الشرعية “.

لتدخل المحافظة على إثر كل ما سلف في أتون صراع عنيف مرشح للتفاقم، ومستقبل مجهول يعصف بهذه المحافظة الجنوبية, وباليمن عموما الذي تشهد محافظاته الأخرى أوضاعا مشابهة لما هو بالمهرة بل أكثر قتامة منها وربما سيعصف هذا الوضع بالمهرة بالوجود السعودي المثير للجدل والمرفوض شعبيا- ونخبوياً إلى حدٍ ما- في الجنوب والشمال على السواء.

المزيد في هذا القسم: