المرصاد نت - لقمان عبدالله
ظهرت في الآونة الأخيرة ملامح انقلاب سعودي على الإمارات في الساحة الجنوبية حيث يتنازع الحليفان منذ سيطرة قوات عدوان التحالف على الجنوب النفوذ والسلطة
هناك معارك سياسية عدة يخوضها الطرفان استطاعت الرياض حتى الآن التقدّم فيها وإقصاء أبو ظبي
تعكس السياسة والإعلام الإماراتيان وجه الصراع المستمر في جنوبي اليمن على السيطرة وبسط النفوذ بين دول تحالف العدوان السعودي الرئيسية ' الإمارات - السعودية ' ويسعى كلّ من الدولتين عبر عملائهم ومرتزقتهم إلى الاستئثار والتفرد بل وصلت الحدة بينهما إلى محاولات الإقصاء التام للطرف الآخر ويستخدم الطرفان كل الوسائل المتاحة بما فيها المحرّمة التي تمس حياة الناس وأمنهم وتسيير شؤون مؤسسات الدولة.
ويتعرض الدور الإماراتي في الجنوب اليمني إلى اختبارات قاسية تصارع فيه أبو ظبي من أجل البقاء وتثبيت ما تبقى لها من دور في عدن. ويبدو أنّ مسارعتها للموافقة على خارطة المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ لوقف الحرب من دون الوقوف عند رأي «الشقيقة الكبرى» السعودية وعدم مراعاة أهدافها ناتجة عن محاولة الرياض إقصاءها وحصر نفوذها بالإطار العام من دون أن يكون لها أي ممارسة فعلية في إدارة المحافظات الجنوبية.
لا تزال السعودية تحتضن حزب «الإصلاح» الإخواني عدو الإمارات التاريخي وتدعمه مالياً وتوفر له تسهيلات ميدانية وتمكنه من بسط النفوذ والسيطرة في الجنوب كما أنها تؤمن لقادته ملاذاً آمناً على أراضيها ومنطلقاً لممارسة نشاطهم في اليمن عموماً والجنوب خصوصاً. بالإضافة إلى ضغوطها لإشراكه في «رأس السلطة» عبر تنصيب علي محسن الأحمر نائباً للرئيس بعد إقالة نائب الرئيس خالد بحاح المحسوب على الإمارات وتوزير أعضاء الحزب في الحكومة ولا سيما الوزارات السيادية وأبرزها وزارة الداخلية التي يرأسها حسين عرب. كما أن تحالف الضرورة بين الرئيس الهارب هادي وحزب الإصلاح ' الأخوان المسلمين' فتح للأخير مساحات واسعة من النشاط والحركة.
ويدير السلطة التنفيذية حالياً في الجنوب الثنائي المتحالف المحسوب على هادي وهم مجموعة منشقين عن حزب «المؤتمر الشعبي العام» وفي مقدمتهم رئيس الوزراء أحمد بن دغر وإبن هادي جلال. ومن جهة حزب «الإصلاح»، يدير وزير الداخلية أحمد عرب فعلياً بنفسه دفة «التحالف» من قصر المعاشيق في عدن. ويمتلك هذا التحالف القوة والمال والنفوذ وخبرة واسعة في السلطة والتغلغل في الدوائر الرسمية والاستقطاب والنفس الطويل، وقد جرى اكتسابها من الحكم بالشراكة لعشرات السنين.
السعودية استفادت من حضور حزب «الإصلاح» المنظم أثناء الحرب بعدما كان مصنفاً إرهابياً قبلَها. وجاءت هذه الاستفادة على خلفية ضيق الخيارات أمامها، واضطرارها الى العمل مع جهة محلية وازنة.
في الآونة الأخيرة شهدت ساحة الجنوب توتراً سياسياً بين طرفي النزاع المحسوب على الإمارات ممثلةً في محافظ عدن عيدورس الزبيدي من جهة وبتحالف هادي وحزب «الإصلاح» من جهة السعودية على خلفية السيطرة على السلطة إذ يسعى هذا التحالف لفرض نفوذه مستفيداً من الحضور القوي والعميق لأدواته في مؤسسات الدولة. والهدف الرئيس أمام هذا التحالف هو إقصاء الطرف الآخر الذي يسعى بدوره للهدف نفسه وإن كانت علامات الضعف والتراجع تبدو واضحة عليه.
ويمكن تسجيل عدد من النقاط في هذا الإطار وهي كالآتي:
أولاً : النجاح في إجبار محافظ عدن على إقالة مستشاره الخاص وأحد أبرز المقربين منه أبو علي الحضرمي القريب من الإمارات بعد تعرضه لحملة إعلامية شرسة من قبل تحالف هادي ــ «الإصلاح»، بذريعة أنه «مقرب سابق من إيران» ولم يكتفِ التحالف المذكور بذلك بل أجبر المستشار المقال على مغادرة الجنوب فلجأ إلى الإمارات.
ثانياً: إحراج المسؤولين الحكوميين الذين كانوا في الحراك الجنوبي سابقاً والمحسوبين على الإمارات حالياً من خلال عدد من الأنشطة الرسمية التي أقامها هذا التحالف تأييداً لمخرجات الحوار الوطني الذي انبثقت عنه الأقاليم الستة لليمن ومنها تقسيم الجنوب إلى إقليمين الأمر الذي يخالف رأي القاعدة الشعبية في الجنوب واضطر هؤلاء المسؤولون تحت ذريعة غياب القضية الجنوبية عن خارطة ولد الشيخ، للحضور بصفتهم يمثلون مواقع رسمية على خلاف تاريخهم وأهدافهم.
ثالثاً : عرقلة الأعمال الإدارية في عدن والمحافظات القريبة وإيقاف تسيير شؤون الناس اليومية وإبعاد الموظفين المحسوبين على عيدروس الزبيدي واستبدالهم بآخرين قريبين من تحالف هادي ــ «الإصلاح».
رابعاً: تصوير الصراع على أنه صراع مناطقي من خلال التلاعب بالتمايزات بين المحافظات ولا سيما أن هذه التمايزات كانت أحد جوانب الإمساك بالسلطة سابقاً من قبل صنعاء وقبلها عدن بالإضافة إلى تجميع فصائل مناهضة للإمارات.
خامساً: إقالة عبد السلام الحميد من رئاسة الشركة الوطنية للنفط التابعة للدولة واستبداله بناصر مانع حدور وهو سلفي سابق وإخواني حالي، وموظف عادي يعمل في شركة النفط بصفة أمين مخزن ولما امتنع محافظ عدن عن تنفيذ الأمر جرى افتعال أزمة المشتقات النفطية التي يقف وراءها وزير الداخلية حسين عرب عبر الشركة الوحيدة المحتكرة استيراد النفط «عرب غولف» المملوكة من صالح العيسي المحسوب على «الإصلاح» هذا الأمر تسبب بتوقف المشتقات النفطية عن محطات التوزيع ووقف ضخ البترول والديزل إلى محطات الكهرباء ما أدى إلى انقطاع شبه تام عن كامل محافظة عدن والمحافظات القريبة.
تفاقمت أزمة البترول والديزل فعطلت البلد وشلت سبل الحياة فيه فسارعت قوى وفعاليات المجتمع المدني بالتهديد بالعصيان المدني تحالف هادي ــ «الإصلاح» صم آذانه عن وجع الناس وحاجاتهم مصرّاً على المضي بخططه ولم تجد الأزمة طريقاً للحل إلا بخضوع الزبيدي عبر تنصيب المدير المفروض من قبل الرئيس الهارب هادي ناصر مانع. وعلى الفور بدأ الانفراج بتوزيع المشتقات على المحطات وعودة الأمور إلى طبيعتها وبإعلان المدير الجديد في تصريح صحافي عن وعد بالانتهاء من مشكلة الوقود خلال ساعات وإيجاد حل نهائي للمشكلة.
يمكن القول إن النفوذ الاماراتي بات ينحصر بعدد من المحافظين أبرزهم محافظ عدن وبعض الموظفين والضباط ويعمل «تحالف الضرورة» على استيعابهم واقصاء الممتنعين وكانت دولة الإمارات قد بنت تشكيلين عسكريين منفصلين واحد في حضرموت تحت مسمى «النخبة الحضرمية» والثاني في عدن والمحافظات الغربية تحت مسمى «الحزام الأمني» يعمل تحالف هادي «الإصلاح» على الحد من دورهما عبر إشغالهما بـ»القاعدة» في كل من حضرموت ويافع بمحافظة لحج.
وتحاول أبو ظبي التعويض عن خسارتها في عدن عبر التوجه إلى حضرموت وتركيز الجهد فيها للحفاظ على ما تبقى من مكتسبات وهي تتواصل مع الشخصيات والفعاليات في المكلا وتعمل على تقديم الخدمات وإرضاء الناس فيها ما أمكنها لكن في المقابل أيضاً تواجه غريمها التقليدي حزب «الإصلاح» الذي احتفظ بدوره اثناء احتلال «القاعدة» للمكلا واستمر بأداء الدور نفسه أثناء سيطرة الإمارات عليها وهو يحضر إلى مؤتمر حضرمي جامع يسعى ليكون بوجه أبو ظبي إضافة إلى أن حسابها مع «القاعدة» لا يزال مفتوحاً.
من الاقصاء الدموي إلى الإقصاء المهذب
شاركت القوات الإماراتية في العمليات العسكرية على الشمال منطلقةً من الجنوب وقادت أكثر من تقدم عسكري لما سمي «تحرير» مدينة تعز حينها فرضت أبو ظبي على حلفائها تغيير المعادلة السياسية في كل من تعز وعدن وأجبرت الجميع على الالتزام بشروطها فأُبعد القائد العسكري لـ»الإصلاح» في تعز محمود المخلافي نهائياً عن اليمن وخضع هادي حين أقال محافظ عدن السابق نايف البكري المحسوب على الحزب الإخواني وعيّن مقربا من الرياض هو حسن جعفر الذي سرعان ما جرى اغتياله في عملية انتحارية أعلن المسؤولية عنها تنظيم «داعش». وفي ذلك التاريخ أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، «انتهاء الأعمال القتالية» لقوات بلاده في اليمن من دون التشاور مع الرياض حتى بدأت مرحلة «الاقصاء المهذب» ومع مرور الوقت يتدرج تقليص دورها فلم تعد أبو ظبي قادرة على الاحتفاظ أو الدفاع عن مستشار محافظ عدن المحسوب عليها ويمتلك جنسيتها.
المزيد في هذا القسم:
- حقيقة الوديعة السعودية بالبنك المركزي والصراع السعودي - الإماراتي المرصاد نت - الميادين من الرياض عاد هادي إلى عدن من دون موافقة سعودية نهائية بتقديم وديعة بملياري دولار طلبها هادي لدعم البنك المركزي اليمني في عدن. ما حدث...
- تطورات اليمن .. من حرّك ورقة قطر؟ وماذا عن لقاء بن سلمان بليبرمان؟ المرصاد نت - حامد البخيتي منذ إعلان التهدئة المزعومة قبل أكثر من شهرين تصاعدت وتيرة التحركات الدولية فيما يخص الملف اليمني.. كيف بدأت هذه التحركات، وماذا ح...
- فضيحة اعلامية لخبر رسمي ,, ومحاولة تغطية ملف جريمة اغتيال الدكتور احمد شرف الدين, في محاولة لاغلاق ملف جريمة اغتيال الدكتور احمد شرف الدين نشر موقع 26 سبتمبر خبر مقتل احد عناصر تنظيم القاعدة وهو صالح التيس في غارة جوية بمديرية ارحب واضاف الخب...
- طيران العدوان يرتكب جريمة بشعة في الحديدة المرصاد نت - متابعات استشهدت أسرة كاملة مكونة من خمسة أشخاص، اليوم الاثنين جراء غارة شنها طيران العدوان الأمريكي السعودي على منزل مواطن في محافظة الحديدة. وأ...
- «البندقية الجنوبية»: ورقة ضاغطة بيد «الآخرين» ! المرصاد نت - متابعات التصريح الذي أدلى به قبل أيام المتحدث باسم تحالف العدوان العميد تركي المالكي بأن معركة الحُديدة هي مجرد «وسيلة ضغط على سلطة صنعاء ل...
- طيران العدوان يلقي قنابل عنقودية ويقتل 4 صيادين بساحل الحديدة المرصاد نت - متابعات استشهد أربعة صيادين في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء جراء غارات شنها طيران العدوان السعودي الأمريكي استهدف ساحل مديرية الدريهمي بمحافظة ...
- قصف قيادة حرس الحدود في ظهران وتجمعات في جيزان المرصاد نت - متابعات واصلت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية عملياتها الميدانية في جبهات ما وراء الحدود مع السعودية حيث أفادت المعلومات باستهداف قيادة حرس الح...
- مسيرات في صنعاء وحجة وصعدة ترفض الزج بالجيش في الحروب خدمةً لقطاع الطرق وقتلة النساء والأط... شهدت العديد من محافظات اليمن صباح وعصر اليوم الأثنين مسيرات جماهيرية حاشدة دعى لها شباب الثورة أعرب المشاركون في هذه المسيرات عدم الزج بالقوات المسلحة ف...
- تقرير يكشف الحجم الحقيقي للأسلحة التي زودت بها واشنطن التحالف السعودي! المرصاد نت - متابعات أبرمت الولايات المتحدة بما لا يقل عن 68.2 مليار دولار صفقات أسلحة نارية وقنابل وأنظمة أسلحة وتدريب عسكري مع السعودية وا...
- العدوان السعودي الاماراتي يعود للتصعيد: مؤشّرات التهدئة تتلاشى! المرصاد نت - رشيد الحداد يتجه تحالف العدوان السعودي الإماراتي ضد اليمن للترتيب لجولة أخرى من التصعيد العسكري في عدد من جبهات القتال. فكل المؤشرات على الأرض تف...