المرصاد نت - متابعات
ركزت الهجمات الأخيرة في لندن وطهران وملبورن وباريس وغيرها الانتباه على القتال الدائر ضد “داعش” في العراق وسورية.
وقد أعلنت قوات الائتلاف عن بدء الهجوم المضاد الذي طال انتظاره لتحرير الرقة وهي تقاتل من أجل تحرير الموصل. ويعيد هذا التركيز المتجدد على “داعش” تشتيت الانتباه على التهديد الأكبر الناشئ وبعيد المدى الذي يشكله تنظيم القاعدة. وينتهج التنظيم استراتيجية عالمية تقوم على نشر قواته في الحركات والميليشيات المحلية. وفي اليمن يسعى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى تقوية وبناء قاعدة دعمه من خلال التركيز على القتال المحلي.
معهد “كريتيكال ثريتس” الأمريكي:
يشكل توسيع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لقاعدته الشعبية وملاذاته الآمنة تهديداً للأمن القومي الأميركي. وكان مدير الاستخبارات القومية الأميركية، دانيل كوتس قد أدلى بشهادته في شهر أيار (مايو) الماضي والتي جاء فيها أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية “حافظ على الموارد والقوى العاملة والملاذات الآمنة والنفوذ المحلي والقدرات التشغيلية لكي يستمر في تشكيل تهديد”. وتواصل البيانات التي يصدرها قادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية إدراج الولايات المتحدة وحلفائها كأهداف مما يشي بأن المجموعة ما تزال تنظر إلى نفسها على أنها تشن حرباً على الغرب. وتدعم المجموعة الجهود الخارجية لتنفيذ هجمات صغيرة النطاق. وقد شجع أمير تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قاسم الريمي في بيان له في أواخر شهر أيار (مايو) الماضي أنصار التنظيم في الغرب على النهوض كجزء من جيش إسلامي عالمي. وبالإضافة إلى ذلك ذكر مسؤولون في الاستخبارات الأميركية أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نقل قدرة إخفاء المتفجرات في أجهزة ألكترونية إلى الحركات التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال وسورية. ويهدف التركيز الحالي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على عملياته المحلية إلى توسيع قاعدته من أجل دعم هجماته الخارجية في المستقبل.
خلقت الحرب علي اليمن ظروفاً مكنت تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من التوسع. وقد استولي الحوثيين والموالون للرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح (شيعي المذهب) على الكثير من البلد في أواخر العام 2014 وأوائل العام 2015 مبعدين حكومة هادي ... وتدخل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية منذ أواخر شهر آذار (مارس) من العام 2015 لإعادة حكومة هادي إلى سدة السلطة. وفي الغضون تباطأت عمليات محاربة الإرهاب وبدأت الحكومة بالانهيار في جنوب اليمن عندما أعطى التحالف الذي تقوده السعودية وحكومة هادي الأولوية للحرب ضد اليمنيين. وقد انتهز تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة التركيز على القتال ضد تكتل الحوثي - صالح ليسيطر على ثالث أكبر مدينة ميناء في اليمن لأكثر من عام. لكن عملية بقيادة دولة الإمارات أجبرت متشددي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة على الانسحاب من المدينة - الميناء والأراضي التي كان يسيطر عليها. وتصب الحرب علي اليمن وغياب أي حل سياسي وطني للازمة النار على وقود الظروف التي سمحت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة بالصعود مجدداً.
يقاتل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مع المليشيات المحلية التي تقاتل فصيل الحوثي - صالح ويدعمها من أجل دس نفسه داخل المواطنين المحليين. وينشط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مع هذه المجموعات على خطوط المواجهة في محافظتي تعز والبيضاء. ويشارك تنظيم القاعدة هناك في هجوم مضاد بدأته حكومة هادي في أيار (مايو) 2017 للاستيلاء على شرقي مدينة تعز وانتزاعها من تكتل الحوثي - صالح ويركز تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة موارده على محافظة البيضاء الشريط الحساس بالنسبة للتنظيم منذ العام 2012 على الأقل. وهناك يساعد التنظيم المليشيات القبلية في الاستيلاء على الأراضي وكانت وزارة الخزينة الأميركية قد أدرجت محافظ البيضاء نايف سالم القيسي كإرهابي عالمي مصنف بشكل خاص في العام 2016 بسبب تسهيله تمدد واستقرار تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في البيضاء. ويصنع تقديم الدعم للمليشيات المحلية علاقة سمحت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بالعمل في مناطق جديدة مثل تعز وتعميق تواجده في مناطق أخرى مثل وسط اليمن.
تسوق الطبيعة التي تزداد طائفية للحرب الدعم في اتجاه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتقوي سرد هذه المجموعة بأنها المدافع عن السنة في اليمن ويتركز الصراع في جزئه الضخم على نضال القوى المحلية، ولا يقاتل معظم اليمنيين استجابة لنوازع طائفية. وتساعد التوترات الطائفية الإقليمية سرد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن الصراع اليمني. وكانت سياسات الحوثيين التي استهدفت القادة المسلمين السنة بشكل خاص قد دفعت بعض الأصوات الأكثر اعتدالاً في اليمن وساعدت في تعبئة مواطنين سلفيين. كما أن دعم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لبعض الفصائل المعادية لفصائل الحوثي - صالح مثل تلك التي في البيضاء وتعز يبني على الطبيعة الطائفية المتنامية للحرب.
تقدم المجموعة حكومة ظل وخدمات أساسية للمواطنين خلف خطوط المواجهة وتبني بذلك دعمها الشعبي. ومن المرجح أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يدير بعض المؤسسات العامة في مدينة تعز في مناطق ساعد في الاستيلاء عليها من قوات الحوثي - صالح. وكان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد حاول تقديم خدمات عامة - بما في ذلك الأمن والماء والكهرباء وحل النزاعات - والتي تفوق ما تقدمه حكومة هادي عندما سيطر التنظيم على أراضٍ في العامين 2011 و2015. ويدعي بعض مواطني مدينة المكلا التي حكمها تنظيم القاعدة عبر وكلاء من نيسان (أبريل) 2015 وحتى نيسان (أبريل) 2016 بأنهم يفضلون المعيشة تحت حكم تنظيم القاعدة على العيش في ظل الفساد المستشري لحكومة الرئيس هادي وتزيد عدم قدرة حكومة هادي على تقديم الخدمات أو دفع الرواتب من منظومة تجنيد التنظيم ودعمه الشعبي.
يشن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حالياً حملة لمنع القوات الأمنية من تأسيس سيطرة تستطيع الحد من حرية الحركة. وينفذ التنظيم بشكل رئيسي نوعين من الهجمات في المحافظات الجنوبية: هجمات صريحة على القوات الأمنية المدعومة من دولة الإمارات ؛ وعمليات اغتيال سرية لمسؤولين عامين. وقد تمكن معدل مرتفع من هجمات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من طرد القوات الأمنية المدعومة من دولة الامارات إلى خارج شمالي محافظة أبين في جنوب اليمن في وقت مبكر من العام 2017، مما أتاح مزيداً من حرية الحركة أمام التنظيم بين مناطق دعمه في البيضاء وأبين. وينفذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حالياً حملة مشابهة في منطقة دوعن في محافظة حضرموت الشرقية. ومن المرجح أن يكون تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤولاً عن سلسلة من الاغتيالات بحق مسؤولين عامين وقادة قبائل مقاومة في جنوب اليمن ، مشابهة لحملة نفذها في العامين 2012-2013 ضد قادة قبليين كانوا قد ساعدوا في طرد التنظيم من الأراضي التي سيطر عليها. وينفذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هذه الاغتيالات بشكل سري من أجل المحافظة على علاقاته القبلية ومن أجل التخفيف من حدة ضربة ارتدادية شعبية.
يصور تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أعماله على أنها تصب في بوتقة خدمة المواطنين المحليين، وهو يعمل من خلال الممارسات التقليدية والعادات المحلية للحد من تنفير القبائل. ويختار التنظيم الأهداف والهجمات بعناية للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين بحيث تكون عملياته محتملة لدى المواطنين المحليين، ولا يغيب عن البال أن الاختيار الحذر لأهداف المجموعة يصنع الفرق بينه وبين “داعش” في اليمن وهي حقيقة يؤكدها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة في انتقاده الموجه ضد “داعش”. ويستفيد هذا التنظيم من هذا الاختلاف من حيث ظهوره كمجموعة سلفية - جهادية معتدلة تنطوي على المزيد من الأمل وأقل خطورة بالنسبة للمواطنين المحليين. ويحاول تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أيضاً التخفيف من جدية التهديد الذي تشكله عمليات مكافحة الإرهاب التي تنفذها الولايات المتحدة ودولة الإمارات للحفاظ على دعمه القبلي. وكان التنظيم قد ادعى بأنه انسحب من المكلا في نيسان (أبريل) من العام 2016 لغاية حماية المواطنين المحليين من قتال دموي ومكلف. كما فاوض التنظيم على شروط وبنود حماية القبائل من عمليات مكافحة الإرهاب من خلال التخلي عن هجماته الخارجية من أجل الحفاظ على حريته في الحركة.
قد تتسبب تكتيكات مكافحة الإرهاب التي تستخدمها الولايات المتحدة والإمارات في ضربة ارتدادية من صفوف بعض المواطنين اليمنيين. وثمة قبائل تنظر إلى عمليات محاربة الإرهاب على أنها مكلفة كثيراً على مجتمعاتها وغالباً ما تعرب عن حنقها بسبب الافتقار للدعم الذي يتلقونه لقتال تنظيم القاعدة. وقد فقد التحالف الذي تقوده السعودية الفرصة لدعم موجة من التعبئة القبلية المعادية لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في شرقي اليمن في آذار (مارس) من العام 2017. ورسخت العمليات الأميركية المشاعر المعادية لأميركا في مناطق يقتل فيها أفراد من القبائل في هذه العمليات. كما أفضت عمليات محاربة الإرهاب الأميركية إلى تحريك الزخم لصالح قوات الحوثي - صالح في أماكن مثل محافظة البيضاء حيث يعتبر تنظيم القاعدة القوة الرئيسية التي تدعم القتال ضد الحوثيين. ويحتج المدنيون بين الفينة والأخرى ضد القوات الأمنية المدعومة من دولة الإمارت والتي يقولون إنها تعتقل تعسفياً وتعذب وتخفي الشباب المتهمين بالإرهاب. ولذلك يؤطر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هجماته على القوات المدعومة من الإمارات كنوع من الانتقام من انتهاكاتها لحقوق الإنسان ولغاية استقطاب الدعم لقضيته.
لن تؤدي حملة عسكرية ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى إلحاق الهزيمة به. ولا يكمن مصدر قوة تنظيم القاعدة هناك في سيطرته على شريط أو في قدرته على شن هجمات وهي أهداف عمليات مكافحة الإرهاب المتواصلة. وإنما يستمد التنظيم القوة من علاقته المستدامة مع المواطنين المحليين وهو يظل مركزاً على حماية هذه العلاقة. وقد مُني التنظيم بهزائم عسكرية من أجل الحفاظ على الدعم الشعبي في حالات متعددة مثل الانسحاب من أبين في العام 2012 والمكلا في العام 2016. وربما يكون رفع وتيرة العمل العسكري الأميركي ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في العام 2017 قد أضعف قدرة التنظيم على العمل في المدى القريب، لكن إطالة أمد الحرب الأهلية تحفظ له الظروف التي تمكنه من إعادة تأسيس نفسه.
على الولايات المتحدة العمل على تكييف نفسها مع الظروف المتغيرة التي شكلتها الحرب علي اليمن والتي أتاحت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية استغلالها من أجل وضع المجموعة على مسار الهزيمة الأبدية. وسوف يوسع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مناطق دعمه طالما بقيت الحرب مستعرة ضد اليمن . ويجب على الولايات المتحدة أن تبادر إلى تأطير سياسة التحالف بقيادة السعودية لغاية التوصل إلى تسوية سياسية لأنهاء العدوان العسكري وتركيز جهد التحالف على التصدي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وسوف تمكِّن تسوية سياسية دائمة اللاعبين اليمنيين من التركيز على توفير الحكم الرشيد ومقاتلة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. كما سوف يفضي الحل السياسي إلى الحد أيضاً من اعتماد كل من حكومة هادي والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية على المليشيات التابعة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والتي يغضان الطرف عنها حالياً. ومن شأن حل سياسي شامل أن يدفع قدُماً بتحقيق الأهداف الأمنية القومية الأميركية في المنطقة من خلال إزالة بعض الظروف التي يستغلها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لتوسيع مناطق دعمه وملاذاته الآمنة.
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني - صحيفة الغد
المزيد في هذا القسم:
- ارتفاع ضحايا تفجير عدن إلى أكثر من 110 قتلى وجرحى وتنظيم داعش الإرهابي يتبني التفجير المرصاد نت - متابعات أعلن تنظيم الدولة الاسلامية داعش الارهابي تبنيه تفجير معسكر الصولبان بمديرية خور مكسر شرق محافظة عدن جنوب البلاد. واستهداف التفج...
- أكثر من 18 خلية إرهابية تنشط في مدينة عدن... عدن على صفيح ساخن! المرصاد نت - متابعات تصاعد حدة التوترات والخلافات وما رافقها من تحشيدات عسكرية واتهامات سياسية وحملات إعلامية متبادلة بين فرقاء مرتزقة ومليشيات التحالف السعود...
- قيادي جنوبي: هروب هادي ودور القاعدة في عدن حسين زيد بن يحيى القيادي البارز في الحراك الجن... في حديث خاص للعالم :- اتهم قيادي في الحراك الجنوبي في اليمن الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بانه اصبح العوبة بيد القوى التكفيرية التي تأتمر باجندات سعود...
- محمد عبد السلام : الابتزاز المتكرر والمستفز للشعب في لقمة عيشه والتبشير بانهيار اقتصادي يح... أعتبر الناطق باسم حركة أنصار الله"الحوثيين" محمد عبد السلام بيان وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي الرفض للإعلان الدستوري ليس مفاجئاً ولا جديد في مواقف ...
- أفول نجم «الانتقالي»: «التحالف» يفرض عبدالملك في عدن! المرصاد نت - متابعات تبدو ملامح التهدئة المفروضة من «التحالف» بين «المجلس الانتقالي» من جهة وحكومة هادي من جهة أخرى واضحة بعد وصول رئي...
- ميليشيات الانتقالي تداهم منازل قيادات كبيرة في سقطرى المرصاد-متابعات داهمت ميليشيات المجلس الانتقالي التابعة للامارات، السبت، منزل محافظ سقطرى المُعيّن من هادي، رمزي محروس، الكائن في مدينة حديبو عاصمة الأ...
- الإمارات تتحرك خفية لتشكيل “نخبة مأربية” و”حزام أمني” لتعز المرصاد نت - متابعات في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإماراتي تحركاته العسكرية في محافظة شبوة لاستكمال فرض سيطرته على بقية المناطق التي تتواجد فيها حقول الن...
- تجدّد الاشتباكات في عدن وموجةُ الاغتيالات تتوسّع وتستهدفُ النساء! المرصاد نت - متابعات تجاوَزَ التوترُ في محافظة عدن المستوى الذي كان يعتبر فيه مؤشراً على تجدّد الصراع بينهما ودخل خلال الأيّام الماضية مستوىً أعلى بات فيه الص...
- اليمنيون يربحون بالضربة القاضية بالاستفتاء المليوني... وكيري إلى السعودية المرصاد نت - متابعات يصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى السعودية تحت عنوان البحث عن حلّ سياسي سريع في اليمن على إيقاع فشل المحاولات العسكرية السعودية في ...
- وفد دولي إلى عدن للوقوف أمام خيارات الجنوبيين ذكرت مصادر مطلعة أن وفدا رفيع المستوى يضم مسؤولين و دبلوماسيين دوليين سيصل عدن في النصف الأول من شهر أكتوبر القادم. وقالت المصادر إن الوفد سيقف أمام المشهد في ...