المرصاد نت -صهيب عنجريني
طُويت أمس صفحة «ولاية دمشق» التابعة لتنظيم «داعش» المتطرف في شكل نهائي فيما أعلن الجيش محافظتي دمشق وريفها «محافظتين خاليتين من الإرهاب». وتتجه الأنظار إلى محافظة درعا بصفتها مؤشراً أساسيّاً لما يمكن أن يؤول إليه المشهد السوري في خلال الشهور المقبلة في ظل استمرار الوضع في الشمال مضبوطاً وفق توافقات «أستانا» التي تعدُ بتطورات «إيجابيّة» مقبلة
لا شيء مفاجئٌ في ما شهدته العاصمة السوريّة أمس. ويمكن القول إنّ إعلان العاصمة وريفها محافظتين تحت سيطرة الجيش بالكامل جاء بمثابة «إشعار» رسميّ ببدء مرحلة جديدة في المشهد السوري مرحلة كان الانعطاف نحوها أمراً مسلّماً به منذ انطلاق معركة غوطة دمشق الأخيرة. وكان من المنتظر أن تُعلن هزيمة «الرايات السود» في جنوب دمشق مع بداية شهر رمضان وفقاً لخطط الجيش السوري ولا تُشكّل الأيام الخمسة فارقاً كبيراً لا سيّما أنّ اليومين الأخيرين كانا شبهَ خاليين من المعارك إفساحاً للمجال أمام التحضيرات اللوجستيّة لإخراج بقايا المسلّحين وفق «صيغة استسلام لا اتفاق» على ما يؤكّده مصدر أمنيّ رفيع .
ويأتي خلوّ محافظتي دمشق (1599 كلم مربع) وريف دمشق (18.032 كلم مربع) من أي وجود عسكري مناوئ للدولة ليكمل ما بدأته اتفاقات حمص وحماة الأخيرة، ويمنح الجيش وحلفاءه أكبر رقعةٍ متصلة تخلو من المجموعات المسلّحة بمختلف مسميّاتها منذ سبعة أعوام. وعلى رغم الفاتورة الباهظة التي سدّدتها البلاد من ضحايا ونزف ديموغرافي وأكلاف اقتصاديّة ومجتمعيّة هائلة، فإنّه في حسابات العسكرة يعني أنّ الأمور اليوم «أفضل» حتى مما كانت عليه في عام 2012 من وجهة نظر دمشق. ولا تقتصرُ مقوّمات «الأفضليّة» على تنكيس كل الرايات «الفصائليّة» في أجزاء واسعة من البلاد، بل تتسع لتشمل انخفاض عدد اللاعبين الإقليميين القادرين على لعب ورقة «أمن العاصمة» بما تمثّله من رمزيّة، ومغادرة كلّ رافضي سلطة الدولة المركزيّة إلى أطراف البلاد الشماليّة. وإذا ما قُوّض للاتفاقات (غير المعلنة) التي تمخّضت عنها الجولة التاسعة من «أستانا» قبل أيّام، فمن المنتظر أن يشهد الشمال بدوره تطوّرات قريبة تتيح المزيد من التقاط الأنفاس لدمشق.
ويتحفّظ مصدر سوريّ رفيع عن الإدلاء بأي توضيح يخصّ «أستانا» ويكتفي بالقول إنّ «كلّ الأمور على خير ما يرام وسيتذكّر السوريون طويلاً هذه السنة (2018) بصفتها سنة الخواتيم». ومن شأن الأيّام القليلة المقبلة أن تقدّم مؤشراتٍ على المسار الذي ستسلكه مجريات جنوب البلاد في ظلّ مواصلة الجيش استعداداته اللوجستيّة تحسّباً لاحتمال فتح جبهة درعا من جديد. وفي خلال الأسبوعين الأخيرين حظي ملفّ درعا بحضور كبير على طاولات معظم القوى المنخرطة في المسألة السوريّة. وتدور نقاشات ومفاوضاتٌ شائكة وراء الأبواب المغلقة سواء في ذلك ما يدور بين أطراف «حلف دمشق» وما يدور بين موسكو وكلّ من واشنطن وعمّان وباريس وحتى تل أبيب.
وتشير معطيات متقاطعة إلى أنّ دمشق تسعى إلى الخروج بمكتسبات ميدانيّة من أي توافق تنجح موسكو في الوصول إليه مع اللاعبين المؤثرين في جبهات الجنوب. ويعني ذلك عدم الاكتفاء باتفاق موضعي يُدخل الجنوب في حالة «ستاتيكو» فحسب بل يتضمن رسم خطوط سيطرة جديدة وضمانات بإعادة فتح المعابر الحدوديّة مع الأردن تحت سلطة الحكومة السوريّة.
وتسيطر المجموعات المسلّحة على قرابة 2500 كلم مربع من مساحة محافظة درعا فيما يسيطر الجيش على قرابة 1200 كلم مربع تأخذ شكل لسان يمتّد من غباغب (ريف درعا الشمالي) إلى مدينة درعا (مركز المحافظة). وإضافة إلى درعا تنحصر سيطرة المجموعات المسلّحة في أجزاء من محافظة القنيطرة (380 كلم مربع)، وفي قاعدة التنف تحت غطاء أميركي إضافة إلى مثلث «مورك، كفر زيتا، اللطامنة» في ريف حماة الشمالي. كما تنتشر مجموعات مسلّحة في مناطق «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي بمساحة 2250 كلم مربع، ومناطق «غصن الزيتون» (عفرين ومحيطها) بمساحة 2280 كلم مربع. وتخضع أجزاء واسعة (5400 كلم مربع) من محافظة إدلب لسيطرة مجموعات معظمها «جهاديّة»، وتتصل بها حوالى 100 كلم مربع من ريف اللاذقية الشمالي.
فيما يسيطر الجيش وحلفاؤه على قرابة 650 كلم مربع من ريف إدلب الجنوبي الشرقي علاوة على بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين. وتتنازع «جبهة تحرير سوريا» و«جبهة النصرة» السيطرة على قرابة 2500 كلم مربع من مساحة محافظة حلب (الريف الغربي والشمالي الغربي). وما زالت هذه الخاصرة تشكّل مصدر خطر على سكّان حلب وتواصل المجموعات استهداف المدينة بقذائف وصواريخ مستمرّة. وتفيد معلومات بأنّ «حركة نور الدين زنكي» قد تلقّت أخيراً تحذيراً تركيّاً بضرورة «ضبط هذا المحور في شكل تام» بصفتها المجموعة الأكبر نفوذاً في ريف حلب الغربي وتضمّن التحذير تلويحاً بـ«رفع الغطاء عن مناطقها وإخراجها من قائمة التفاهمات المتفق عليها مع موسكو».
«داعش» بلا «ولايات»
خروج عناصر «داعش» في شكل نهائي من دمشق ومحيطها أفضى إلى خسارة التنظيم المتطرّف «ولاية دمشق». ونتيجة ذلك باتت تسمية «الولايات» أشبه بـ«حالة رمزيّة» تحضر في بيانات التنظيم ووسائل إعلامه فحسب. ويقتصر الوجود الميداني لـ«داعش» في الوقت الراهن على ثلاثة جيوب أصغرها لا تتعدى مساحته 250 كلم مربع في محافظة درعا وأكبرها جيب كبير في البادية (نحو 7500 كلم مربع) هو ما تبقى من «ولاية البادية». إضافة إلى جيب ثالث شرق الفرات بمساحة تقارب 5000 كلم مربع هو بقايا «ولاية الخير». فيما تسيطر «قوات سوريا الديموقراطيّة» على ما يقارب 40.000 كلم مربع محافظة بذلك على كونها ثاني قوّة مسيطرة في الجغرافيا السورية.
المزيد في هذا القسم:
- ترامب: كان لدينا أعظم اقتصاد في العالم ونحن اليوم في خطر جسيم المرصاد-متابعات انتقد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، "اقتصاد" الرئيس جو بايدن، ملقيا باللوم عليه لدفع الولايات المتحدة إلى "الركود وخاطب الرئيس ا...
- واشنطن تطمئن البشير: لحلّ سياسي داخلي ! المرصاد نت - مي علي مع دخول احتجاجات السودان شهرها الثالث كشفت الولايات المتحدة موقفها الرافض لمطلب إسقاط النظام الذي توحّدت حوله أحزب المعارضة لكنها في المقا...
- الجيش العربي السوري يستعيد 85 % من أراضي دير الزور المرصاد نت - متابعات بعد الهزائم التي تعرّض لها تنظيم داعش الارهابي من قبل الجيش العربي السوري وحلفاؤه في محافظة دير الزور بات أكثر من 85 % من الأراضي في المح...
- "فورين بوليسي": يجب منع السعودية من تصدير الفكر المتطرف! المرصاد نت - متابعات قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية في مقالة للكاتب جون حنا إن الولايات المتحدة فشلت في منع تصدير السعودية الفكر الوهابي المتطرف الى العالم ...
- مركز القوة الناعمة على حافة الجزيرة..من سيخلف السلطان قابوس ؟ المرصاد نت - متابعات في ستينات القرن التاسع عشر وفي الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تخوض فيه حربا أهلية وحشية كانت الإمبراطورية العمانية قد بلغت ذروتها. في م...
- إيران تسخر من «فقاعة» ماكرون: لا تفاوض على اتفاق جديد المرصاد نت - متابعات لم يأت الرد الإيراني على قمة البيت الأبيض بغير المتوقع بالنسبة لطهران لا تفاوض على أي ملف تكميلي فضلاً عن الاتفاق نفسه. وسط هذا التعقي...
- القسام: سنواصل الإعداد ليلا ونهارا فوق الأرض وتحتها حتى دحر الاحتلال المرصاد نت - متابعات قالت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" مساء أمس السبت إنها ستواصل الليل بالنهار عملاً وإعداداً ...
- فرنسا : الجيش في مواجهة «السترات الصفر» وعقدة إضرابات 1948 ! المرصاد نت - متابعات قرار الحكومة الفرنسية اللجوء إلى الجيش لمساندة قوات الشرطة المستنفرة لمواجهة أعمال الشغب التي تقع على هامش تظاهرات «السترات الصفر&r...
- كتاب تاريخ في السعودية يصف المقاومة ضد "الإحتلال" بـ"الإرهاب"! المرصاد نت - متابعات أقرت وزارة التعليم السعودية، الثلاثاء بوجود كتاب تاريخ تعتمده بعض المدارس في المملكة يصف أعمال المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي...
- موسكو والصين تعرقلان توسيع العقوبات ضد بيونغ يانغ المرصاد نت - متابعات أجهضت الصين وروسيا محاولة الولايات المتحدة إضافة بنك روسي وكيانَين كوريَّين شماليَين إلى «القائمة السوداء» في أحدث خطوة تظهر ...