التهديد الأميركي لإيران انتقام من انتصار محور المقاومة

المرصاد نت - متابعات

إثنا عشر عاماً مضت منذ انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان على العدوان الصهيوني الأميركي الذي امتد 33 يوماً (12 تموز/ يوليو عام – 14 آب/ أغسطس عام 2006) فيIran Usa2018.7.30 معركة هي الأطول بين الجيوش العربية والكيان الصهيوني تمكّن خلالها حزب الله برئاسة السيّد حسن نصر الله الأمين العام من تلقين الكيان الصهيوني درساً في كيفيّة الشعور بمذاق الهزيمة وهو النصر الثاني للمقاومة بعد انسحاب الكيان الإسرائيلي من جنوب لبنان في الخامس والعشرين من شهر أيار/ مايو عام 2000 عندما انسحب الجيش الصهيوني من الجنوب المُحتل من دون الدخول في أية مفاوضات.

 خلال حرب العام 2006 يمكن القول إن المقاومة اللبنانية انتصرت على الصهيونية والاستكبار العالمي والرجعية العربية في وقتٍ واحد، وكان العنوان الرئيس لجريدة "الوفد" المصرية خلال الأيام الأولى للحرب مُعبّراً عن قناعات الشعب العربي بأسره "الشعوب مع لبنان والحكومات مع إسرائيل" فزادت شعبية المقاومة ورفضت الشعوب حديث وزير الخارجية السعودي الراحل عن أن الحرب تهوّر وطيش، كما رفضت نفس الشعوب بفطرتها الإسلامية الفتوى الوهّابية للشيخ السعودي "عبد الله بن جبرين" التي قال فيها "لا يجوز مساعدة أو حتى الدُعاء للمقاومة الإسلامية في لبنان بالنصر على إسرائيل" وهو الأمر الذي فهمناه ضمناً بأنه يجوز الدُعاء للصهاينة والاستكبار العالمي بالنصر وأنه يجوز مساعدتهم ضد المقاومة لأنهم من شيعة أهل البيت وهي الفتوى الطائفية التي لم ينظر إليها أحد لأن الخطاب السياسي للمقاومة في لبنان خطاب إسلامي عام ينحاز للمُستضعفين في فلسطين وفي كل بقعةٍ إسلامية، ولكن الغرض مرض والعرب لا يمتلكون قرارهم وهو الأمر المُخزي المُدهش الذي حدا بالمندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة "نيكي هايلي" أن تُعاير بغرورٍ وصلافةٍ وتكبّر يوم 24 تموز/ يوليو 2018 الدول العربية والإسلامية بسبب المُساعدات للفلسطينيين مُعتبرة أن تلك الدول تتحدّث كثيراً عن دعم فلسطين من دون أن تقدّم مساعدات كافية وأنه على بُعد آلاف الأميال عن الفلسطينيين الذين لهم احتياجات حقيقية لا ينتهي الحديث بإسمهم وتدّعي دولة بعد أخرى تضامُنها مع الشعب الفلسطيني، ولو كانت تلك الكلمات تفيد المدارس والمستشفيات وشوارع بلداتهم، لما واجه الشعب الفلسطيني مثل هذه الظروف الصعبة التي نناقشها هنا والكلام رخيص" وهو حديث خارج المنطق والمألوف فأميركا تدّعي أنها تساعد الفلسطينيين والعرب والمسلمون لا يفعلون ولكن طالما اليأس العربي والعجز الإسلامي وصل إلى مداه فلا نستغرب مثل تلك الأحاديث المُنافية للذوق وأن تتّفق مع المنطق الاستعماري.

المهم بعد إثني عشر عاماً من الانتصار على الصهيونية جرت مياه كثيرة في النهر اندلعت مؤامرات كثيرة على الدول العربية تحت مُسمّى ثورات الربيع العربي من أجل تقسيم المنطقة العربية للتفرّغ لدول المقاومة والغرض في النهاية رأس المقاومة في إيران والجنوب اللبناني ثم بدأوا بالدولة السورية بنفس أساليب الفتاوى السياسية الطائفية  ثم بالغطاء السياسي الغربي المُخادع، لقد دخل إلى سوريا ما يزيد عن مائة ألف إرهابي من كل الجنسيات مدعومين مالياً وعسكرياً ومعنوياً وبالفتاوى الدينية الوهّابية الطائفية الغريب أن دولاً إسلامية وعربية ساهمت في الحرب المفروضة على سوريا مثل تركيا وقطر والسعودية ودافعت إيران وحزب الله عن الكيان السوري حتى تحقّق النصر للدولة السورية صحيح أن الدولة الروسية ساهمت في دعم الشعب والنظام السوري بقيادة الرئيس بشّار الأسد ولكن يبقى الدعم الإيراني ومعه المقاومة اللبنانية عاملين رئيسيين في النصر السوري لأنه دعم روحي قبل أن يكون عسكرياً وهو ما يظل يُحسَب للمقاومة في الأصل الإيراني والفرع اللبناني.

في المقابل نجد هجمة شرسة من الدولة الأميركية ضدّ الجمهورية الإسلامية تارة بالخروج من الاتفاق النووي مع إيران ثم التهديد بمنع إيران من تصدير نفطها وهو ما رفضه الشعب الإيراني والمقاومة في لبنان الذي ظلّ تحت الحصار منذ نجاح الثورة حتى الآن.

المُضحِك أنه وخلال المواجهات الكلامية الأخيرة بين قادة الجمهورية الإسلامية ورئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب تجنّب الأخير من ذِكر المقاومة الإسلامية اللبنانية أو ذِكر حزب الله مُطلقاً رغم تجاوزات رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتينياهو ضدّ المقاومة وهذا التغييب الأميركي للمقاومة نراه في الواقع ناتِجاً من شعورٍ داخلي بالخوف من حدوثِ حربٍ مع المقاومة إذا حدثت مواجهات عسكرية مع إيران إذا نفّذ ترامب تهديداته ومنع تصدير النفط الإيراني اعتباراً من يوم 4 تشرين الثاني|نوفمبر 2018، فلا يمكن الدخول الأميركي ــ الصهيوني ــ الخليجي في حرب مع إيران من دون الدخول في حسابات معقّدة مثلاً في كيفية تحييد المقاومة في الجنوب اللبناني فلا تتدفّق الصواريخ على الجليل وفي كل ركن من الأرض الفلسطينية المحتلة، ومع ذلك لا ننسى أن الصهيونية والإمبريالية مهدّت لخطوات لمُحاصرة المقاومة في لبنان مهّدت بتجييش إعلامي لتشويه حزب الله والأمين العام نفسه، ثم قامت جامعة الدول العربية يوم 11 آذار/ مارس 2016 بإصدار قرار باعتبار حزب الله جماعة إرهابية بحيث عندما تنطلق الحرب مع حزب الله وحده لا تجد مَن يساعده ولو على المستوى النظري فيمكن محاصرته سياسياً، وطبعاً دينياً بفتاوى الطائفية ولا ننسى اعتقال السعودية لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من أجل تفجير الوضع اللبناني من الداخل وهو ما  فشلت فيه خاصة بعدما جاءت الانتخابات اللبنانية بما لا يتّفق مع الهوى السعودي الأميركي الصهيوني.

وفي النهاية ومن خلال هذا كله لا نغفل أن المقاومة في لبنان لم تيأس حتى في أوج اندلاع الحرب السورية ضد الإرهاب والاستكبار فتمرّنت على القتل المباشر كما أن المقاومة طوّرت من نفسها خلال الأعوام الماضية عسكرياً وميدانياً كما تتلقّى الدعم من قوى المقاومة، كما ظلّت العقيدة الإيمانية مغروسة في نفوس المقاومين ويمكن الجزم بأن التشويه المُتعمّد للمقاومة وأمينها العام خلال السنوات السابقة سيتلاشى لو حدث عدوان على إيران أو المقاومة فالشعوب تثق في من يُعادي الكيان الصهيوني ولا تتهاون مع من يُهادنه، ولذلك كان حديث السيّد حسن نصر الله في يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الماضي مناسباً لفطرة الشعوب المسلمة عندما أكّد على أن خطاب المقاومة هو خطاب الإسلام وخطاب الإسلام لا يقتل ولا يحرق ولا يدمّر ولكنه يرفض الظلم والاحتلال كما يرفض الخيانة والخونة أيضاً والأمل دائماً عند المؤمنين الذين يرجون من الله رغم الألم ... ما لا يرجوه عدوه..

قراءة : علي أبو الخير - كاتب مصري.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية