المرصاد نت - متابعات
تبدو «رؤية 2030» التي أطلقها ولي العهد السعودي لتحديث اقتصاد بلاده مُعرّضة لمخاطر كبيرة قد تجعلها على طريق نكسة فعلية من شأنها إطاحة أحلام الأمير الشاب. أسباب متعددة تكمن خلف ذلك التقدير الذي لم يعد الخبراء الاقتصاديون مترددين في تصديره لكن أبرزها يظلّ العجز عن تحقيق الطرح العام الأولي لشركة «أرامكو» الذي كان يؤمل أن يدفع السعودية إلى مصافّ عمالقة العالم.
«مزيج من الغطرسة واللامبالاة والإفراط». بهذا وصفت شبكة «بلومبرغ» في تقرير قبل أيام الخطة السعودية لطرح شركة «أرامكو» النفطية للاكتتاب العام. وصفٌ يبدو في مكانه تماماً بالنظر إلى جملة معطيات تراكمت خلال الفترة القصيرة الماضية لتؤكد أن حجر الرحى في «رؤية 2030» ومعه بقية العناصر في «مفخرة» ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باتت أشبه بـ«الزومبي» مع فارق أن ليس ثمة ما يشبه «السحر» هنا لتحريكها.
في الـ19 من شهر تموز/ يوليو الجاري أكدت «أرامكو» ما كانت قد ذكرته وكالة «رويترز» من أنها تتطلع إلى شراء حصة استراتيجية في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، والمملوكة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 70%. سرعان ما تعززت إثر ذلك الشكوك في إمكانية تحقق الطرح العام الأولي الذي صار شبه محسوم ترحيله إلى عام 2019 وسط تقديرات لخبراء اقتصاديين بأنه في حال عدم إتمامه السنة المقبلة، فستكون تلك بمثابة نكسة لـ«رؤية 2030».
حاول الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو» أمين الناصر تمويه الهدف من وراء «صفقة سابك» بقوله إن الأخيرة سيكون لها تأثير على الإطار الزمني لخطة طرح «أرامكو» للاكتتاب. لكنّ مسؤولين كباراً في شركته كانوا أكثر صراحة منه بقولهم لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن «الكل على يقين تماماً بأنه (أي الاكتتاب) لن يحدث» قبل أن تبرز أمس قراءة لـ«بلومبرغ» تصف «صفقة سابك» بأنها «الخطة ب» لدفع صندوق الثروة السيادي السعودي إلى مصاف العمالقة العالميين ما يعني أن «الخطة أ» (الطرح العام الأولي) أضحت حظوظها ضعيفة وأن الباب بات مفتوحاً على «خطة ج» يتصدّر الدين أدواتها.
وفقاً لـ«بلومبرغ» لا يزال صندوق الاستثمارات السعودي يأمل الاستحواذ على أكثر من تريليوني دولار بحلول 2030 رغم أن طرح «أرامكو» للاكتتاب «يبدو أنه تعرقل ولم يسر كما كان مخططاً له». وانطلاقاً من ذلك يبحث الصندوق بدائل أخرى من بينها بيع ما يصل إلى 70% من «سابك» التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 100 مليار دولار، لـ«أرامكو»، بما يسمح بضخّ 70 مليار دولار في رأسمال الصندوق. وإلى جانب «سابك» يمكن الصندوق بيع حصصه في الشركات السعودية الأخرى المدرجة وأهمها «الاتصالات السعودية» و«البنك الأهلي التجاري».
لكن من دون إدراج «أرامكو» في البورصات العالمية سيكون أمام الصندوق السيادي السعودي «طريق طويل» - كما تقول لـ«بلومبرغ» المستشارة في معهد صناديق الثروات السيادية (SWF) راشيل بيتر - قبل أن يصبح أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم وفق ما يطمح إليه محمد بن سلمان. وهو طموح يزداد الانطباع، يوماً بعد يوم بأنه معرّض للتلاشي، بالنظر إلى الخطة المتعجلة التي وُضِعَت للطرح العام الأولي، والتي يغلب عليها الاستخفاف بالمستثمرين العالميين الذين باتوا متشككين في أن ذلك الطرح سيعود عليهم بالفائدة. وعلاوة على الخطأ في التقييم وتحديد الجدول الزمني جاءت استجابة السعودية للضغوط الأميركية في اتجاه كبح أسعار النفط ودفعها نحو مسار انحداري لتزيد الأمور تعقيداً؛ على اعتبار أن الرياض تحتاج من أجل الحصول على تقدير مرتفع لـ«أرامكو» قريب مما يتطلع إليه ابن سلمان (تريليونا دولار) إلى أسعار نفط مرتفعة.
من هنا يبدو المسؤولون السعوديون متخبطين في كيفية التعامل مع مشكلة «طرح أرامكو» التي يرد أيضاً من بين الأسباب المسوقة لها إمكانية أن يجرّ الاكتتاب إلى «عملية تدقيق غير مسبوقة» لجوهرة التاج الاقتصادي السعودي مع ما ينطوي عليه الأمر من مخاطر انكشاف عمليات غير مشروعة ربما كانت لا تزال مُخفاة إلى الآن.
«قلق أرامكو» ليس وحده ما يشغل بال ولي العهد السعودي هذه الأيام بل إلى جانبه ملفات اقتصادية متعددة بدأت ترخي بثقلها على كاهل الأمير الشاب، الطامح إلى تحديث اقتصاد المملكة وتغيير وجهها.
في مقدمة تلك الملفات أزمة التوظيف المتفاقمة التي ولّدها ترحيل أكثر من 800 ألف عامل أجنبي من دون تهيئة الأرضية لاستبدالهم. وجدت الشركات نفسها، إثر عملية الترحيل هذه والتي رافقتها إجراءات أخرى من قبيل رفع الرسوم المفروضة على الشركات التي توظف غير السعوديين مُهدّدة بالإغلاق في ظل صعوبة الحصول على موظفين من السكان المحليين الذين «يترددون في قبول وظائف ضعيفة الأجور وذات وضع متدنٍّ» بعدما «اعتادوا العمل المريح في القطاع الحكومي ومزايا البطالة السخية» وفق ما ورد في تقرير حديث لموقع «بيزنس إنسايدر».
معضلة يضاف إليها تراجع الاستثمار الأجنبي إلى أدنى مستوياته منذ 14 عاماً، وهو ما حمل سلطات ابن سلمان على تكثيف العمل في اتجاه جذب الشركات العالمية، من طريق التخطيط لإنشاء صندوقين استثماريين بأكثر من 18 مليار دولار وضخ مليارات الدولارات في شراكات في مجال الترفيه.
المزيد في هذا القسم:
- عدوى سجون الإمارات السرية تنتقل من اليمن إلى إرتريا! المرصاد نت - متابعات من تدخُّلٍ في شؤون الدول إلى ابتزازات من خلف ستارة المشهد السياسي تنتشر سجون الإمارات السرية داخل أراضيها وخارجها، غير آبهةٍ بتحذيرات أمم...
- صفقة أسلحة ضخمة للسعودية تعزز الإقتصاد الأمريكي المرصاد نت - متابعات كشف مسؤول بالبيت الأبيض عن قرب استكمال سلسلة من صفقات الأسلحة للسعودية تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار وذلك قبل أسبوع من زيارة الرئيس الأم...
- "بلومبرغ": باريس تتوقع عودة ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة المرصاد-متابعات رجح مسؤولون فرنسييون أن يتولى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أو شخص مشابه له في نهجه السلطة في الولايات المتحدة، بعد الانتخابات الرئاسية...
- فلسطين : تفاهمات التهدئة وتحييد المقاومة عن «صفقة القرن» المرصاد نت - متابعات ارتفعت في الأيام القليلة الماضية احتمالات التوصّل إلى اتفاق للتهدئة بين غزة والكيان الإسرائيلي. ومن شأن هذه التفاهمات أن تؤدي، بصورة مباش...
- تركيا في «القمة الإسلامية»: لا يمكن الوثوق بمستقبل مكة! المرصاد نت - متابعات لم تخرج القمة الإسلامية التي عقدت في اسطنبول بأكثر مما خرج به الاجتماع الوزاري العربي: كلام كثير حول جرائم إسرائيل وتعهد باللجوء إلى الأم...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى! المرصاد نت - متابعات اقتحم قرابة 300 مستوطن منذ ساعات صباح اليوم باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية مشددة من قوات الاحتلال منذ صباح اليوم. وأفادت مصادر محلية ...
- السعودية تعيش حالة من الصدمة.. والسبب؟ المرصاد نت - متابعات مع مرور الوقت تحولت أحلام وخطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى كوابيس متعددة هذه الخطط التي بدأت في العام 2016 حين أعلن عن رؤيته الاق...
- بغداد: سنشتري «أس 400» وتنويع الخيارات لا يُرضي واشنطن! المرصاد نت - متابعات مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري زار مستشار الأمن الوطني العراقي رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض العاصمة الروسية موسكو حيث التقى الأمين الع...
- «الشورى الإيراني يصنّف البنتاغون والقوات الأميركية بـ«الإرهابية! المرصادنت - متابعات اعتمد مجلس الشورى الإيراني، قانوناً طارئاً، يصنّف وزارة الدفاع الأميركية والقوات الأميركية على أنها «قوى إرهابية» في خطوة تعتبر رداً على ا...
- الولايات المتحدة تبيع أسلحة للسعودية مجددا وترامب كذب على الناخبين المرصاد نت - متابعات أكثر الكذب هو ذلك الذي يسبق الانتخابات وأثناءها وما بعدها هذا ما قاله أوتو فون بيسمارك، رجل الدولة والسياسي البروسي والمستشار الألماني ال...