المرصاد نت - متابعات
أوحى خطاب رجب طيب إردوغان أمس بأن تركيا تخشى تراجع قضية جمال خاشقجي في سلّم الأولويات قبل أن تكون أنقرة قد نالت ما تتمنّاه من ثمن لـ«تمويت» القضية. وهي خشية وجدت مبرّراً لها في دخول الموقف الأميركي دائرة «اللاجديد» ما حمل إردوغان على الانتقال من التلميح إلى التصريح مجاهِراً بالقول إن «الأدلة بيدنا ولسنا مستعجلين»
دخلت قضية الصحافي السعودي المقتول جمال خاشقجي طوراً من البرودة والرتابة مع خفوت المواقف الأميركية في هذا الإطار وتراجع الهجمة الأوروبية أيضاً. وحده الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، كان يصعّد خطابه ضد السعودية، مُلوّحاً لها بما يمتلكه من أدلّة لم يُكشَف النقاب عنها إلى الآن. وهو تلويح يبدو مُوجّهاً للأميركيين أكثر منه للسعوديين وخصوصاً أن واشنطن انتقلت إلى مرحلة تَسِمها ثقة أكبر في التعامل مع الأزمة، مُولّدة لدى الأتراك قلقاً من احتمال تجاوز مطالبهم، و«إخراجهم من المولد بلا حمّص». وبعدما ملأ الأوروبيون الفضاء توعّداً بمعاقبة السعودية بدأ انسلالهم شيئاً فشيئاً من القضية عبر قول أحد كبارهم إنه «لا علاقة لبيع السلاح بخاشقجي».
ولم يصدر عن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عقب اجتماعه بمديرة المخابرات المركزية، جينا هاسبل، أول من أمس، تعليق على ما ورده من أدلة قيل إن هاسبل اطلعت عليها في تركيا. لكن وزير الخارجية مايك بومبيو تولّى تظهير الموقف مجدداً حرص بلاده على حفظ علاقاتها مع السعودية. وقال بومبيو في تصريحات إذاعية، «(إننا) سنقوم بالأمرين في آن واحد، حماية مصالحنا ومحاسبة المسؤولين» مضيفاً إن وزارته «بدأت إجراء تحقيقات لمحاكمة المسؤولين أو معاقبتهم» وأنه «إذا ثبتت المسؤولية، فإنه لن يكون بإمكان أيّ من هؤلاء الأشخاص السفر إلى الولايات المتحدة». تصريحات تشي بأن إدارة ترامب غير مستعدة للمضيّ أبعد من ذلك في ترتيب عواقب على جريمة قتل خاشقجي على رغم أن الرئيس قال إنه سيترك للكونغرس أمر معاقبة السعودية وأن وزير خارجيته قال إن خطوة منع السفر «لن تكون كلمتنا الأخيرة في هذه القضية».
وما يعزّز القراءة المتقدمة هو حديث نائب مساعد وزير الدفاع للشؤون الدولية كاتي ويلبرجر عن الخطاب المنتظر لوزير الدفاع جيمس ماتيس غداً أمام مؤتمر «حوار المنامة» الأمني الذي انطلق أمس في البحرين. إذ أشار ويلبرجر إلى أن خطاب ماتيس سيؤكد التزام الولايات المتحدة بمساعدة الحلفاء على «إعادة الاستقرار لمنطقة تشوبها الفوضى» مضيفاً إن الوزير الأميركي سيخاطب المؤتمرين بأن «استمروا في اعتبار الولايات المتحدة شريكاً أمنياً مختاراً لكم... يمكنكم الاعتماد علينا والاعتماد على وجودنا على المدى الطويل».
هذا الاندفاع الأميركي نحو الخليج، على رغم تداعيات قضية خاشقجي يمثّل عنصر إقلاق للأتراك، الذين لا يريدون «تمويت» القضية قبل الاستحصال على ثمنٍ يرون أن الفرصة مناسبة لجنيه. ولعلّ ذلك القلق هو ما يتبدّى في خلفية التصعيد الذي لجأ إليه أمس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متجاوِزاً الأسئلة إلى مواقف حادّة وتهديدات صريحة. وبعدما اكتفى في خطابه الأخير أمام البرلمان بانتقاد تبدّل الرواية السعودية مراراً، ذهب إردوغان إلى وصف التصريحات السعودية الأولى بشأن مقتل خاشقجي بـ«المضحكة والصبيانية» معتبراً أنها «لا تتوافق مع جدية الدولة». ولم يخفِ زعيم حزب «العدالة والتنمية» حقيقة أنه يناوِر في تعامله مع الحادثة إذ أكد أن «لدينا معلومات ووثائق أخرى ولكن لا داعي للتعجّل... إن غداً لناظره قريب»، في ما قد يُقرأ تلويحاً بإماطة اللثام عن أدلّة على مستوى من الخطورة، من شأنها مفاقمة إحراج واشنطن والرياض. وعلى سبيل تصعيد الضغوط أيضاً توجّه إردوغان إلى السعوديين بالقول: «إذا كنتم تريدون إزالة الغموض، فالموقوفون الـ 18 هم النقطة المحورية في التعاون بيننا.
وإذا كنتم لا تستطيعون إجبارهم على الاعتراف بكل ما جرى فسلّموهم إلينا لمحاكمتهم». دعوة تولّى وزير العدل عبد الحميد غُل إسباغ مزيد من الجدّية عليها، بقوله مساء أمس إن بلاده تنتظر استجابة الرياض لمطلبها تسليم المشتبه فيهم إلى نيابة اسطنبول حتى تتمّ محاكمتهم هناك. وكانت وزارة العدل التركية قد أرسلت طلب التسليم بعد تلقّيها أسماء المشتبه فيهم من نيابة اسطنبول، إلى وزارة الخارجية بهدف نقله إلى السلطات السعودية. وترافق ذلك مع الإعلان عن زيارة للنائب العام السعودي سعود المعجب يوم غدٍ الأحد لاسطنبول.
ويأتي تصاعد الضغوط التركية على السعودية، في وقت خفتت فيه حدّة المواقف الأوروبية إزاء قضية خاشقجي، وهو ما يولّد خشية لدى أنقرة من تراجع القضية في سلّم الأولويات مع ما يعنيه الأمر من انعكاسات سلبية على تكتيكاتها السياسية. وفي أعقاب تلويحها بعقوبات ضد السعودية في حال ثبوت تورّطها في مقتل خاشقجي وصفت فرنسا الدعوة إلى وقف مبيعات الأسلحة الأوروبية للرياض بأنها من «باب الديماغوجية البحتة». واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في براتيسلافا أن بيع السلاح لا «علاقة له بخاشقجي لا يمكن خلط الأمور بعضها ببعض» مضيفاً إنه «لا بد من رد أوروبي في كل المجالات ولكن بعد التثبّت من الوقائع» ما يوحي بأن باريس بدأت تتخذ مساراً تراجعياً، على رغم أنها منذ وقوع الحادثة لم تبارح دائرة التهديدات الفضفاضة.
المزيد في هذا القسم:
- الاحتلال يحول مدينة الخليل الى سجن كبير! المرصاد نت - متابعات فرضت قوات الاحتلال الاسرائيلي حصارا شاملا على مدينة الخليل في الضفة الغربية وأقامت حواجز على مداخل البلدات المحيطة بالمدينة بهدف القاء...
- رئاسيات تونس تحتدم .. «النهضة» و«النداء» على خط السباق ! المرصاد نت - متابعات تنتهي غداً في تونس آجال تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، لكن لا يزال المشهد الانتخابي ضبابياً. وفي خطوة غير مسبوقة، ق...
- أوباما يعارض مقاضاة السعودية بشأن اعتداءات 11 سبتمبر المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عشية زيارته إلى السعودية معارضته مشروع قانون ينظر فيه الكونغرس ويجيز للقضاء الأميركي محاكمة مسؤول...
- حرق الجنديين التركيين ... رسالة طلاق وفضّ شراكة مع تركيا المرصاد نت - يحيي دبوق إحدى أهم نتائج استعادة مدينة حلب أنها ثبّتت في وعي أعداء الدولة السورية قصورهم وعجزهم عن إسقاطها هو واقع جديد يفضي بدوره إلى نتائج فرعي...
- الاحتلال الإسرائيلي يمنع أي تواصل مع الأسرى المضربين المرصاد نت - متابعات أكدت زوجة القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي المحامية فدوى البرغوثي الثلاثاء ان الاحتلال الإسرائيلي منع المؤسسات الدولية مثل الصليب الأحم...
- "حوار الاستانة" .. هل انتهت الحرب في سوريا؟ المرصاد نت - متابعات لم تفلح كافّة المؤتمرات الدوليّة السابقة في وقف النزيف السوري القائم منذ أكثر من خمس سنوات لكن التبدّلات الدوليّة والإقليمية والميدانية ا...
- الجزائر: إعلان أسماء وزراء الحكومة الجديدة! المرصاد نت - متابعات أعلن المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية محمد السعيد بلعيد عن أسماء الوزراء المكلفين بعد قرابة أسبوع من تعيين عبد العزيز جراد على رأس الحكومة ...
- مقتل 37 من داعش بدير الزور وتواصل تقدم الجيش السوري بريف حماة حقق الجيش السوري تقدماً في الجهة الجنوبية لبلدتي كفرزيتا واللطامنة بريف حماة الشمالي بعد اشتباكات مع الجماعات المسلحة، حيث فرض سيطرته على على المداجن من الجهة ا...
- توسّع إضراب الأسرى: المقاومة تحذر من «الانفجار» ! المرصاد نت - متابعات بالتزامن مع التوتر الذي تشهده السجون الإسرائيلية ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام احتجاجاً على استمرار العدو في تركيب أجهز...
- «السلطة» في غزة: المصالحة حتمية؟ المرصاد نت - متابعات عشر سنوات مرت على الانقسام بين حركتَي «فتح» و«حماس». في تلك السنين استخدم الطرفان كل شيء في صراعهما: من مواجهات ع...