المرصاد نت - متابعات
إنها القشّة التي قد تقصم ظهر "مملكة الصمت" إنه الصحافي السعودي الذي لم يشفع له عمله السابق رئيساً لتحرير صحيفة سعودية ومستشاراً لتركي الفيصل فغادر البلاد في ظلّ حملة قمع مشدّدة ضدّ حرية الصحافة بعد تعيين محمّد بن سلمان وليّاً للعهد وكان يكتب مؤخراً في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. فكيف عبَر القمع الحدود؟.
نعم كانت "مملكة الصمت" عندما شهدت حملة قمع ضدّ معارضين واعتقلت عشرات من رجال الدين والمُثقّفين والنُشطاء لعام خلا في وقتٍ كان يجب فيه تنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية مهمة فلثلاثة أعوام مرّت على صعوده الملك السابع، لم نلمس الجديد وإن بدأت سياسات وليّ العهد تصطدم بتوجّهات والده بعد أن حوّل البلاد لمرحلة جديدة لا تتوقّف الانتقادات الداخلية والخارجية تجاهها. ففتح الباب أمام حقيقة الصراعات والنزاعات بين أفراد العائلة المالِكة التي باتت تأخذ منحى غير مسبوق في تاريخ الحُكم منذ التأسيس وتتناول حيثيّاتِها الصحافةُ الغربية قبل العربية والمحلية.
الحقيقة أن لقب "مملكة الصمت" لم يعد غير مناسب لهذه المرحلة فبين الإصلاح السياسي وإسقاط العائلة الحاكِمة تتراوح مطالب المعارضة السعودية في الداخل والخارج مطالب لم يكن الكثير يدرك أنه تقف وراءها معارضة تشتبك في الداخل مع الأمن السعودي وفي الخارج أيضاً تُستهدَف بطُرقٍ شتَّى.
قد تكون تغيُّراتٍ عدّة شهدتها المملكة في الفترة الأخيرة يمكن أن تفضي قريباً لإيصال وليّ العهد الشاب لسدّة الحُكم، يقابلها وعيٌ سياسي واضح من قِبَل هذه المعارضة التي عانت من تضييق حكومي فاضِح بدأت بخطف ثلاثة أمراء معارضين من دول أوروبية. مع اختطاف وقمع معارضة داخل الأسرة الحاكِمة للعام الثاني فسبق أن بثَّت "بي بي سي" الفيلم الوثائقي لتفاصيل الاختطاف السابق حمل عنوان: "مختطفون.. الأمراء السعوديون المفقودون" وقدَّم أدلّة وشهاداتٍ تُثبت أنه قد تم خطف الأمير سلطان بن تركي والأمير تركي بن بندر والأمير سعود بن سيف النصري في الفترة ما بين أيلول/سبتمبر 2015 وحتى شباط/فبراير 2016، من قِبَل السلطات السعودية.
في الوسط هناك ملف يظهر ويختفي وفق تفاهم "أميركي سعودي" إنه حقوق الإنسان في السعودية، والذي يُعدّ من الملفات والقضايا المنسيّة وشبه المُغيّبة في هذا البلد فحقوق المرأة، وحرية التعبير، والنزاهة في نظام القضاء، والتسامُح الديني، ما تزال شعارات تستخدمها السلطات لتضليل الرأي العام حيث قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في وقتٍ سابقٍ إن حال حقوق الإنسان في السعودية وعلى الرغم من الإصلاحات التي أعلنتها المملكة بعد توليّ الملك سلمان تزداد سوءاً وأكّدت أنها ترفض السماح لسجّل المملكة المروّع في مجال حقوق الإنسان بالمرور من دون أن يلاحظه أحد مشيرة إلى أن حملة قمع المجتمع المدني وحرية التعبير في المملكة مستمرة بلا هوادة.
فالواقع أن البلاد تستغلّ قانون محاكمة الإرهاب لتوجيه تهم غامِضة إلى المدافعين عن حقوق الإنسان أمام محكمة "سيّئة السمعة". فعشرات الكتّاب والمحامين والمُدافعين عن حقوق الإنسان يقبعون وراء القضبان في المملكة لمجرّد ممارسة حقّهم في التعبير. ويأتي ذلك بعد إصدار خمسة خبراء حقوقيين في الأمم المتحدة بياناً ندّدوا فيه بما سمّوه نمطاً مثيراً للقلق بالمملكة من الاعتقالات التعسّفية الواسعة والمُمنهَجة واحتجاز أكثر من ستين رجل دين وكاتباً وصحفياً وأكاديمياً وناشطاً منذ سبتمبر/ أيلول الماضي بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. وفي تقريرها، ذكرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR) أن 146 شخصاً أُعدِموا في المملكة خلال 2017 مع استخدام السلطة عقوبة الإعدام كأداة للإرهاب يعني أنه لابدّ من الإبلاغ عن هذا الانتهاك، خاصة حين يكون هناك افتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة أو استخدام الإعدام كأداة سياسية ما يشكّل مصدراً رئيساً للقلق".
في الوسط تبقى الكارثة لا يمكن تجاهلها، فقد اعتبرت الأمم المتحدة أن أسوأ القرارات التي اتّخذها وليّ عهد السعودية منذ تولّيه منصبه بجانب وزارة الدفاع هو قرار الحرب على اليمن، كما تقول إن هذه الحرب خلّفت أسوأ أزمة إنسانية على مرّ التاريخ. وتصاعدت في الآونة الأخيرة الضغوط على المملكة لوقف الانتهاكات والقصف المستمر على مدنيِّين في اليمن. ومن حرب اليمن إلى تقليص دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر ثم نشاطات هيئة الترفيه ثم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى اعتقالات العُلماء والدُعاة.
يبقى أن السعودية الجديدة زاخِرة بقدرٍ مثيرٍ للعَجَب من التناقضات. فقد بدأت السلطات القضائية في المملكة تنفيذ محاكمات سرّية أفرزت مطالب بإعدام دُعاة ورجال دين بارزين وما يثير الغرابة أن تلك التغييرات تأتي في سياق عملية تحوُّل صُمّمت بشكلٍ رئيس لا لتمكين المجتمع؛ وإنما لاقتناص أكبر قدر من السلطة وتكديسها في مجموعة يتزعّمها وليّ عهد طامح إلى قلب كل شيء في البلاد، ولإنتاج نظام جديد يبدو برّاقاً لكنه أقلّ فاعلية وأكثر استبداداً على الأرجح، وهو ما يترك تساؤلاً عن قدرته على إزاحة أبيه أو إنهاء الأب تهوُّر نجله وإن ظهر عاجزاً.. فهل تكتمل بداية النهاية بخلع الملك لتأتي الحماية لوليّ العهد الملك المُنتَظر مقابل تنازلات لا يعلم مداها أحد.. إنها حقاً أحداث لا تسمع عنها إلا في جمهوريات الموز.. لا في "ممالك الصمت".
محمد عبد الرحمن عريف - كاتب وباحث في تاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية
المزيد في هذا القسم:
- روسيا ترغب بضم سريع للمناطق الأوكرانية بعد الاستفتاء وتطورات متسارعة في دونيتسك المرصاد-متابعات عبّر الكرملين اليوم الجمعة عن رغبته في ضم سريع للمناطق الأوكرانية التي انطلقت فيها عمليات استفتاء وصفتها كييف وحلفاؤها بغير الشرعية، في حين ت...
- الجيش وحلفاؤه يقودون «داعش» نحو المعركة الأخيرة المرصاد نت - صهيب عنجريني لقراءة مسارات معارك تحرير البادية السورية تلزم خمس خرائط لخمس محافظات. يتقدم الجيش العربي السوري وحلفاؤه على محاور عدة متباعدة ...
- مقتل شخص وإصابة آخرين بإطلاق نار على كنيس في كاليفورنيا! المرصاد نت - متابعات أعلنت الشرطة الأميركية مقتل شخص وإصابة 3 آخرين في إطلاق مسلح النار على كنيس شمالي سان ديغييو بولاية كاليفورنيا. وذكرت وسائل إعلام محلية ...
- السيد نصرالله: الأمريكيون والصهاينة يستغلون الإحتجاجات في لبنان! المرصاد نت - متابعات قال الأمين العالم لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن الاميركيين يتدخلون باي تحرك يحصل في العالم هم يسارعون الى محاولة استغلال التحركات الشعب...
- قصف إسرائيلي على موقع عسكري بسوريا المرصاد نت - سانا أفاد مصدر عسكري لوكالة سانا السورية بأن طيران الاحتلال الإسرائيلي أقدم عند الساعة 45ر18 على إطلاق صاروخين من داخل الأراضي المحتلة على أحد مو...
- أزمة الشرق الأوسط .. الاسباب والحلول المرصاد نت - متابعات لا يعاني الشرق الاوسط من فوضى وعدم الاستقرار فقط بل يعيش حالة من اتساع الاضطراب والاختلال نتيجة لسياسات الولايات المتحدة الامريكية في الم...
- منظّمة «إيشر»: البحرين والسعوديّة تستخدمان قوانين «مكافحة الإرهاب» ضدّ النشطاء والحقوقيّين عبّرت منظّمة الخدمة الدوليّة لحقوق الإنسان «إيشر»، عن قلقها من تفاقم استخدام قوانين مكافحة الإرهاب وتدابير لتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان، مطالبة الدول الدي...
- لافروف: مجلس الأمن سيناقش اليوم الأنشطة البيولوجية العسكرية الأمريكية قرب حدود روسيا المرصاد-متابعات أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مجلس الأمن الدولي بطلب من موسكو سيناقش، اليوم الجمعة، الأنشطة البيولوجية العسكرية الأمريكية خارج حدود ...
- بيونغ يانغ: لن ننزع السلاح النووي ما لم تغيّر واشنطن حساباتها ! المرصاد نت - متابعات لم يدم «شبه الوفاق» الأميركي ــ الكوري الشمالي طويلاً إذ سرعان ما عاد التوتّر إلى علاقة البلدين وسط تجاذبات جديدة كان آخرها ت...
- غراهام من تل أبيب: قلقون من تكامل حزب الله والجيش العربي السوري المرصاد نت - يحيى دبوق حملت زيارة وفد من أعضاء الكونغرس الأميركي لتل أبيب وجولته شمالاً على الحدود اللبنانية والسورية إضافة إلى التصريحات والموقف اللافتة الصاد...