عدوان إسرائيلي واسع على سوريا ..غارات نهارية وليلية من سماء لبنان !

المرصاد نت - متابعات

في خطوة تصعيدية لافتة شن جيش العدو فجر اليوم غارات على مناطق متفرقة من محيط دمشق وجنوب سوريا. وحتى الثانية من فجر اليوم كان طيران العدو ينطلق من فوق Damascuas2019.1.21الاراضي اللبنانية وينفذ عدة غارات تصدّت لها وحدات الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري. وقالت مصادر في دمشق ان بعض الصواريخ اصابت اهدافا في اكثر من منطقة بينما نجحت الدفاعات الجوية في تدمير عدد من الصواريخ. وترافق القصف مع استنفار اسرائيلي كبير في منطقة الجولان المحتل حيث فعّلت قوات الاحتلال منظومة صواريخ الباتريوت باتجاه صواريخ سورية مرت فوق الجولان.

واعلن جيش الاحتلال مجموعة من الاجراءات بينها اغلاق مناطق التزلج في جبل الشيخ.

وأدعي ناطق باسم جيش العدو أن الغارات استهدفت «أهدافا تابعة لقوة القدس الإيرانية في الأراضي السورية» محذراً «الجيش السوري من محاولات مهاجمة إسرائيل أو قواتنا». وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) فجر اليوم أن «الدفاعات الجوية السورية تتصدى لأهداف معادية في سماء دمشق وتسقط عددا منها». وأوضحت أن «العدوان الذي تتعرض له سورية (يتم) من فوق الأراضي اللبنانية» من دون إعطاء معلومات حول المواقع التي استهدفها العدوان.

الي ذلك أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن استشهاد 4 عسكريين سوريين وإصابة 6 آخرين جراء العدوان الإسرائيلي مشيرة إلى أن العدوان تسبب في أضرار محدودة وجاء على 3 دفعات باستخدام صواريخ جوية.

وأعلن مركز حميميم العسكري أن الدفاعات الجوية السورية دمرت أكثر من 30 صاروخ كروز وقنبلة موجهة أطلقتها إسرائيل وتصدت الدفاعات الجوية السورية لأربع موجات من الصواريخ الإسرائيلية وأسقطت عدداً منها. وأن التصدي للصواريخ الإسرائيلية تركز خصوصاً في محيط منطقة الكسوة وأجواء القنيطرة.

مصدرٌ عسكري من جهته أشار إلى أن العدوان هو الأوسع وامتد حتى محافظة السويداء فيما أكدت مصادر عسكرية إسقاط عشرات الأهداف المعادية.

هذا وسُمع صوت دوي الصواريخ وأصوات الدفاعات الجوية في محيط العاصمة دمشق حيث إن جزء من القصف الصاروخي الإسرائيلي جاء من فوق الجولان المحتل ومضادات أرضية كثيفة تصدت له وأن طيران استطلاع إسرائيلي حلق فوق الجولان السوري المحتل والجيش الاسرائيلي أطفأ مرصد جبل الشيخ. كما سلط جيش الاحتلال كشافات ضوئية في مواقع محتلة في الجولان كتل أبو الندى وتل الفرس.

وأفاد مصدر في لبنان بأن طائرات إسرائيلية حلقت على علو منخفض فوق البقاع بالتزامن مع الانفجارات في سماء دمشق بالإضافة لتحليق مكثف لطائرات التجسس الإسرائيلية في أجواء قرى القطاع الشرقي جنوب لبنان. وقال الاحتلال الإسرائيلي إن سلاحه الجوي قصف ما يزعم أنها "أهداف لفيلق القدس الإيراني داخل سوريا" متبنياً بذلك الغارات على دمشق.

ونفى الناطق باسم جيش الاحتلال إطلاق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي صواريخ اعتراضية في شمالي الأراضي المحتلة في حين أكدت ذلك وسائل إعلام إسرائيلية مضيفة أنه على ضوء تقدير الوضع تقرر عدم فتح موقع حرمون للتزلج اليوم الاثنين.

وكانت سوريا شهدت أمس اعتداءً إسرائيلياً هو الأول من نوعه من حيث التوقيت لكونه وقع في منتصف النهار على خلاف الاعتداءات الليلية التي نُفّذت سابقاً. وأطلقت الطائرات الإسرائيلية عدداً من الصواريخ باتجاه نقاط ضمن حرم مطار دمشق الدولي وبعض قواعد الدفاع الجوي التي تحمي أجواء دمشق الجنوبية. وتمكّنت الدفاعات الجوية السورية من صدّ عدد من الصواريخ، فيما لم تُعلن وزارة الدفاع السورية وقوع إصابات أو أضرار في المواقع المستهدفة. وسبقت الاعتداء الإسرائيلي عودة أجواء التوتر إلى العاصمة دمشق إثر انفجار عبوة ناسفة على الأطراف الجنوبية الشرقية للمدينة. وعقب الانفجار أغلقت عدة مداخل إلى المُتحلّق الجنوبي بعد أنباء عن كشف عبوة أخرى زُرعت على الطريق نفسه.

الى ذلك وفي موازاة وداع الرئيس الأميركي دونالد ترامب جثامين عسكريي بلاده الذين قتلوا الأربعاء الماضي في الشمال السوري واحتفال نظيره التركي رجب طيب أردوغان ـــ عبر الهاتف ـــ مع جنود بلاده بالذكرى الأولى لعملية «غصن الزيتون» التي انتهت باحتلال منطقة عفرين لا يزال مصير منبج ومناطق شرق الفرات معلّقاً في انتظار نتائج عدد من اللقاءات المهمة.

ففيما تبحث وزارتا الدفاع الأميركية والتركية التفاصيل التقنية اللازمة لإنجاز تصوّر متكامل لمشروع «المنطقة الآمنة» تعوّل تركيا على موقف روسي واضح حيال خطواتها المرتقبة في المناطق الحدودية شمال شرق سوريا خلال زيارة أردوغان لموسكو بعد غد. وتشير تصريحات رسمية وأحاديث أوساط إعلامية تركية إلى أن أنقرة ليست غافلة عن الحسابات الروسية التي تعوّل على دفع تفاهمات إدلب في سياق النقاش عن شرق الفرات وهي تُدرك أن خططها لسوريا ما بعد الانسحاب الأميركي تمرّ ــ حتى الآن ــ من بوابة تفاهماتها مع موسكو.

وعلى رغم التعثّر في مسار محادثات الحكومة السورية والجانب الكردي المسيطر في شرق الفرات والضغوط المستمرة على دمشق ولا سيما الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة لا يزال الموقف الرسمي السوري ملتزماً الحوار مع رفض اعتبار مشروع الانسحاب الأميركي أمراً واقعاً إلى حين تحقّقه. وتحمل الاعتداءات الإسرائيلية في هذا التوقيت بعداً حساساً في سياق انتظار موعد الانسحاب الأميركي من سوريا. فالتصعيد الإسرائيلي الذي يتستر بحجج «الوجود الإيراني» في سوريا لا ينفصل عن رؤية تيار أميركي واسع بضرورة تأجيل الانسحاب حماية لمصالح إسرائيل وتحجيم نفوذ إيران.

وفي سياق متصل كان لافتاً أن زيارة عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام إلى أنقرة انتهت بتصريحات منه تدين بشكل أو بآخر الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية وتحثّ على «تنسيق» الانسحاب المرتقب مع تركيا بشكل كامل. ويوم أمس أعاد الرئيس التركي على مسامع نظيره الأميركي المطالبة بحسم ملف منبج وفق «خريطة الطريق» الأميركية ـــ التركية للمدينة.

وأضحت مصادر أن أردوغان أبلغ ترامب استعداد بلاده لتولي حفظ الأمن في منبج من «دون إضاعة الوقت». ويندرج الاتصال والعرض التركي المتجدد في إطار استغلال تفجير منبج الذي تسبب في خسارة أميركية هي الأكبر، دفعة واحدة، في سوريا. فترامب الباحث ــ بشكل رئيس ــ عن حلّ يقلّل الفاتورة المادية والبشرية الأميركية قد يُبدي اهتماماً بتسريع تنفيذ «خريطة منبج» والتفرغ لمقترحه بإنشاء «منطقة آمنة» شرق الفرات.

ومن الطبيعي أن يكون موقف موسكو في التعاطي مع مخرجات التفاهمات الأميركية ـــ التركية مهماً لنجاحها على المدى الطويل. وفي هذا السياق رأى مدير مركز «سيتا» للدراسات في أنقرة برهان الدين دوران في مقال لموقع «دايلي صباح» أن الأتراك حريصون على «تأمين إجماع» عبر الحديث مع كلّ من موسكو وواشنطن معتبراً في الوقت نفسه أنه «لا يوجد سبب يجعل بوتين يعارض الإدارة التركية للمنطقة الآمنة... لكنه قد يسعى إلى توسيع المفاوضات (مع تركيا) لتشمل إدلب».

وبالتوازي تستضيف موسكو اليوم المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسن قادماً من لقاء مع «هيئة التفاوض» المعارضة في الرياض على أن يعاود زيارة دمشق بعد بحث ملف «اللجنة الدستورية» مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

ماذا بين دمشق وكردها؟Afrain sy2019.1.21

ومن ناحية ثانية ثمة أواصر لا تنقطع بين الكرد ودمشق صحيح أنه حدثت أمور كثيرة باعدت بينهما وخاصة بعد التدخّل الأميركي في شرق الفرات لكن القطيعة غير مُمكنة وكيف لسوريٍّ أن يقبل أو يتخيّل قطيعة على هذا الصعيد لا شكل ولا وجه لسوريا من دون كردها. هذا أمر بديهي تقريباً في تقديرات وحسابات السياسة في دمشق حتى إذا ما ذهب أصحاب الرهانات الخاطئة بعيداً في الارتهان للأميركي فإن إكراهات الحدث تُعيدهم إلى البداهة إياها.

يعيش كرد سوريا أحلك لحظات وجودهم على مدى قرن تقريباً، فقد كانوا قريبين من أن يعلنوا دولة، ولكنهم اليوم قريبون جداً من التدمير على يد تركيا وقوات موالية لها، ليسوا مُهدَّدين بخسارة المشروع/الحلم فحسب وإنما خسارة كل شيء تقريباً تدمير وقتل وتشريد للسكان وإحلال آخرين محلّهم من المرتزقة الشيشان والأوزبك والعرب والترك وغيرهم و"درس عفرين" ماثِلٌ للعيان والأذهان أو يُفترض أن يكون كذلك. وصحيح أن الكرد كسبوا الكثير من الدعم والتأييد في معركتهم ضد "داعش" لكنهم تقريباً بلا دعم أو تأييد في معركة تركيا ضدّهم.

وهذا يجعل الكرد في مأزقٍ جدّي، بل مأزق وجودي بالفعل. والقيادات الكردية أكثرها يُدرك ذلك لكن سوء التقدير وضيْق الخيارات والضغوط التركية تجعلهم أقل قدرة على التعاطي مع الموقف بالجدّية والسرعة المطلوبتين عِلماً أن أقرب السُبل وأقلّها تكلفة للكرد هو الاتفاق مع دمشق، وهي أمام تحديات مركّبة:

 -   حجم المخاطر من تركيا مدعومة برهانات أميركية.
  -  والمخاطر من الكرد المدعومين أو المؤملين بوعود أميركية أيضاً،

ثمة أمر مُلغِزٌ بين دمشق وكردها إذ تحدّث فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري عن أن الأمور مع الكرد أصبحت "في خواتيمها" و"إذا كان بعض الكرد يدّعي أنه جزء لا يتجزّأ من الدولة السورية ومن شعب سوريا فهذه هي الظروف المواتية".. لكن في الوقت الذي ترقَّبَ فيه السوريون الإعلان عن اتفاق تغيّرت الأمور فجأة وانقلبت المواقف العلنية للكرد وخرجت القِياديّة الكردية إلهام أحمد تقول إن المفاوضات فشلت بسبب "إصرار النظام السوري على سياسته القديمة واشتراط فرض سيطرته على المنطقة بحجّة وحدة الأراضي السورية". (14-1-2019). فما الذي "عدا مما بدا"؟!

تقول دمشق للمفاوضين الكرد إن الأجندات والقلوب مفتوحة، وكل الأمور مُمكنة؛ حتى أكثر المطالب غرابةً وتطرّفاً، يمكن البحث عن صِيَغ تحقّق المطلوب، لكن في سياق عملية مراجعة وإعادة بناء للنُظم والقوانين والتشريعات والسياسات بما في ذلك الدستور وقوانين الحُكم المحلي أو الإدارة المحلية والانتخابات، وما أن تكون الأمور دفعة واحدة وفي الوضع الراهن للبلد فهذا دونه صعوبات كثيرة. وتقول دمشق لهم أيضاً إن ما يطلبوه اليوم هو نفسه ما يمثّل ذريعة لدى تركيا للتدخّل في الشمال؛ ولا معنى لأيّ مطلب أو رهان يمكن أن يخلّ بسيادة الدولة وبوحدة أراضيها.

لدى دمشق وكردها مدارك تهديد تجاه تركيا، وكيف أن الأخيرة كسبت –حتى الآن- في رهان المفاضلة بينها وبين الكرد أميركياً وكيف أن واشنطن تحاول "المُباعَدة" بينها وبين روسيا وإيران. وهكذا فإن التفاهم بين واشنطن وأنقرة،

  -  يمثل تهديداً بالفعل لجهة تمكين الأخيرة من الاعتداء على شرق الفرات خلافاً لتفاهماتها مع موسكو وطهران.
  -  ولكنه يمثل فرصة أيضاً، لجهة تعزيز العلاقة بين دمشق وكردها وسيصبح الكرد قوّة مُضافة لدمشق بالمعنى السياسي والعسكري؛ كما يعزّز موقف الأخيرة ومعها موسكو وطهران في مطلب استعادة الدولة السورية السيطرة على إدلب وشمال غرب حلب من تركيا والقوات الموالية لها. لكنها فرصة على تخوم الحرب.

تحاول واشنطن ضبط الموقف بين حليفيها تركيا والكرد، مخافةَ أن يخرج أحدهما أو كلاهما عن إرادتها وقد اقترحت إقامة "منطقة آمنة" بالمعنى العسكري حلم أردوغان القديم. وقد وافق الكرد على ذلك من حيث المبدأ على أن تكون بإدارة دولية. ومن المرجّح أن تعمل واشنطن على تكييف الموقف. وإذا تمكّنت من ذلك، فسوف يمثّل مقترحها المذكور "مخرجاً مناسباً" لها ولحليفيها اللذين لا يطيقان عنها فراقاً! ولو أنه "مَخرَج" إن تم، فمن المرجّح أن يكون مؤقتاً.

جاء قبول الكرد بمقترح إقامة "منطقة عازِلة" سريعاً وبلا تقدير تقريباً، هذه الأمور يفترض أن تُبحث قبلاً مع دمشق، وكذلك مع موسكو وطهران. وقد ارتدّ الكرد عن الاتفاق مع دمشق استجابةً لكلمةٍ واحدةٍ صرّح بها ترامب وهي أن واشنطن لن تتخلّى عن حلفائها عِلماً أن دمشق اليوم أكثر انفتاحاً تجاه مطالب وتصوّرات الكرد.

موقف دمشق مؤلم إلى أبعد الحدود ماذا تفعل إذا عاد الكرد إليها مُجدّداً بعد أن يخيب رهانهم على أميركا مرة أخرى وهل يمكنهم أن يعودوا إليها قبل فوات الأوان، وكيف يمكن أن تثق بهم بعد أن قدِموا إليها ثم ارتدّوا عنها، مرة بعد أخرى.

لا أحد في دمشق يفكّر بالقطْع مع الكرد مهما كانت رهاناتهم وسوف يتمّ استقبالهم فيها كلما أرادوا التواصل مع الدولة، الدولة دولتهم أيضاً وكثير من الكرد يقاتل في صفوف جيشها، ويعمل في مفاصلها من أدنى مراتبها إلى أعلاها. ثمة ما يحيل إلى ظاهر  وباطن في علاقة الكرد بدمشق ظاهر التنافر والاختلاف وباطن التقارُب والتوافق المطلوب فقط قليل من الهمّة والإقدام وقَدْر قليل من التدبير العقلاني للموقف!.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية