المرصاد نت - متابعات
شهدت الأيام الماضية تصاعد حدّة التظاهرات السلمية في السودان واتسع نطاقها. وفي الوقت الذي يسعي فيه البشير إلى الدعم الخارجي والذى ظهر من خلال زياراته الخارجية حيث كانت لدول عربية بدأت بسوريا ثمّ قطر ثمّ مصر وهناك زيارة مُرتقبة للكويت وزار وفد سعودي الخرطوم أكّد دعمه للبشير وضخّ استثمارات سعودية في السودان لعلاج الوضع الاقتصادي هناك وفق مصادر وأنباء أكّدت حصول السودان على مليار دولار وديعة من قطر.
وأكّدت مصر على دعمها لاستقرار السودان وأراد البشير أن يكسب دعم مصر لنظامه وتأثير مصر على الاتحاد الأفريقي حيث رئاستها له. في الوقت الذي انضم فيه لحركة الاحتجاج السودانية التي بدأت بالشباب العديد من الأحزاب والحركات منها حزب الأمّة وحركة تحرير السودان للمُطالبة برحيل البشير.
عن أسباب هذه الاحتجاجات التي بدأت منذ 19 من كانون الأول/ديسمبر 2018 (من مدينة "عطبرة" التي تقع إلى الشمال الشرقي على بُعد 310 كيلومترات من العاصمة الخرطوم)، كانت في جوهرها لأسباب اقتصادية أدّت إلى تدهور قيمة الجنية السوداني (الدولار يساوى 62 جنيهاً سودانياً)، فالدولة التي تعرف بسلة غذاء العرب تستورد كميات كبيرة من القمح؟ والدولة التي مساحتها 1.8 مليون كم متر مربع وعدد سكان 38 مليون نسمة تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة؛ فكانت الأسباب المباشرة للاحتجاجات شكّلت المصاعب الاقتصادية، وتحديداً قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ومُعاناة الشعب السوداني من غلاء الأسعار وعدم وفاء الدخل بالحاجات الضرورية؛ إذ أضيفت إلى مُعاناة الوقوف في طوابير الخبز والوقود، مشكلة الازدحام في المصارف من أجل الحصول على النقود. ورغم كل هذه المآسي كان النظام السوداني مُنصباً على تعديل الدستور حتى يسمح للبشير بولاية أخرى ابتداء من عام 2020.
وتستمر الاحتجاجات الشعبية المُطالبة بتنحي الرئيس السوداني عمر حسن البشير (هشتاغ #يسقط_بس)، والتي سقط فيها عدد من القتلى (37) برصاص قوات الأمن، بحسب منظمة العفو الدولية، من دون ظهور مؤشّرات على نهايتها أو تجاوب السلطات مع مطالبها. ولقد بدأت الاحتجاجات تتحوّل من مرحلة "العفوية" إلى مرحلة فيها قدر من التنظيم؛ إذ حاول "تجمّع النقابات المهنية" (غير الرسمي) والذي أعلن عن قيامه بعد اندلاع الاحتجاجات (يشمل الأطباء والمهندسين والصيادلة والمحامين وأساتذة الجامعات والصحافيين وغيرهم)، تنظيم مسيرة إلى القصر الجمهوري في 25 كانون الأول/ديسمبر الماضي لتسليم رسالة يُطالب فيها الرئيس بالاستقالة إلا أن القوات الأمنية فرّقت المسيرة.
أمّا الموقف الدولي من الثورة السودانية فكان توافقاً دولياً بشأن دعم النظام السوداني من كل القوى الإقليمية والدولية. ولكن لا يبدو أن أية دولة تدعم الانتفاضة الشعبية؛ إذ تخشى السعودية والإمارات من سقوط النظام الذي يُقاتل إلى جانبهما في اليمن والمعروف أن السودان من الدول القليلة التي وافقت على طلب سعودي بإرسال قوات برية إلى اليمن للمُشاركة في القتال ضد اليمنيين. وكذلك خشية الدول العربية من ثورات الربيع العربي بعد أن فشلت هذه الثورات وعانت معظم شعوبها من أوضاع صعبة جعلتهم يتمنّون أوضاع ما قبل 2011م.
من جهة أخرى يحظى النظام السوداني بدعم تركي واضح؛ نتيجة العلاقات القوية التي أنشأها مع أنقرة وخاصة خلال السنوات القليلة الماضية. كما أن قطر لا تدعم أيّ عمل يقود إلى إسقاط النظام الذي رفض الانضمام إلى الحصار على الرغم من الضغط السعودي. ويبدو أن محور روسيا - إيران يؤيّده أيضاً ولا سيما بعد زيارة الرئيس السوداني الأخيرة لدمشق؛ حيث كان أول زعيم عربي يزور سوريا منذ اندلاع الأزمة السورية،. يُضاف إلى ذلك أن النظام يتمتّع بعلاقات قوية مع الصين التي وقفت إلى جانبه منذ وصوله إلى السلطة في حزيران/يونيو 1989، في وقت لا تبدو فيه واشنطن مُتحمّسة لأية موجة جديدة من التغييرات في المنطقة، في وقت تحسّنت فيه علاقاتها بالنظام في الخرطوم بعد حل أكثر القضايا التي دفعتها إلى عزله وفرض عقوبات عليه وعلى رأسها قضايا دعم الإرهاب ومشكلة الجنوب الذي انفصل عام 2011.
والأمر يتوقّف على موقف الجيش وعلى إمكانية التوصّل إلى صيغة توافقية يتنازل فيها البشير عن السلطة وتتشكّل بموجبها حكومة وحدة وطنية (تشارك فيها قوى المعارضة) تُدير البلاد إلى مرحلة انتقالية تُعِدّ خلالها لحوار وطني ودستور جديد وانتخابات تمهّد الطريق نحو تحوّل ديمقراطي حقيقي في البلاد. غير أن كل الدلائل تشير إلى أن هذه الشروط لم تتوافر بعد لضمان الوصول إلى هذه النتيجة وتجنيب البلاد المزيد من العنف والفوضى لأن الانظمة العسكرية لا تقبل بالديمقراطية ولنا في التاريخ عِبَر.
ولكن الثلاثاء الماضي أفرجت السلطات السودانية عن مائة معتقل من مُعتقلي الاحتجاجات الأخيرة لتهدئة الأوضاع في الوقت الذي طالب فيه الشباب بتنحي البشير . ودعوات للزحف نحو القصر الرئاسي وأحزاب سياسية سودانية ترفض ترشّح البشير لفترةٍ رئاسية تالية عام 2020 ولاتزال الساحة السودانية ساخِنة لم تهدأ بعد.
البشير يكشف عن توجه لتأليف لجنة إعداد لمسودة الدستور الدائم للسودان
الي ذلك كشف الرئيس السوداني عمر حسن البشير اليوم الخميس عن توجه حكومي لتأليف لجنة لإعداد مسودة الدستور الدائم للبلاد تتولى رئاستها شخصية قومية مقبولة لدى كل الأطراف.
البشير تعهد بإطلاق سراح كل الصحافيين المعتقلين لدى جهاز الأمن وحل جميع القضايا المتعلقة بالصحافة والاعلام. ويقدر نشطاء بأن عدد الصحفيين في السجن 16. كما أكد الرئيس السوداني أن باب الحوار مفتوح مع أي جهة لتحقيق السلام وإخراج البلاد من الأزمات السياسية والاقتصادية. وكان البشير قال في نهاية عام 2018 إن بلاده تتعرض لمحاولات الابتزاز الاقتصادي والسياسي من الدول الكبرى وذلك بعد أسبوع من اندلاع احتجاجات في البلاد.
وتفجرت الاحتجاجات، التي بدأت يوم 19 كانون الأول/ديسمبر، بسبب زيادة الأسعار والقيود على السحب النقدي وغيرها من المصاعب الاقتصادية لكن تركيزها تحول إلى حكم البشير المستمر منذ 30 عاماً. ويقول نشطاء في مجال حقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 45 قتلوا بينما تقدر الحكومة عدد القتلى بـ 30 بينهم 2 من أفراد الأمن.
قراءة : صالح محروس محمد - باحث وكاتب مصري
المزيد في هذا القسم:
- الجزائريون يرفضون دعوة الرئيس الانتقالي إلى الحوار ويطالبون برحيل رموز النظام! المرصاد نت - متابعات أكد الحراك الشعبي الجزائري في الجمعة السادس عشر رفضه الحوار وإجراء انتخابات في ظل بقاء رموز النظام في السلطة وجدد الحراك رفضه دعوة الرئيس...
- فرنسا : شمّاعة «الإرهاب» طلباً للتهدئة وجولة خامسة من الاحتجاجات اليوم ! المرصاد نت - عثمان تزغارت هل تشهد احتجاجات فرنسا مزيداً من التصعيد والتأزم، خلال الجولة الخامسة من تظاهرات «السترات الصفراء» المرتقبة اليوم؟ أم هل ...
- الرئيس بشارالأسد يكلف وزير الكهرباء بتشكيل حكومة جديدة المرصاد نت - متابعات أصدر الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء 22 يونيو/حزيران، مرسوما بتكليف المهندس عماد محمد ديب خميس بتشكيل الحكومة السورية الجديدة، بحسب ...
- ماذا يعني كلام بوتين عن ضرورة سحب القوات الأجنبية من سوريا؟ المرصاد نت - نور الدين أسكندر يصر رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استغلال زياراته إلى موسكو لإطلاق المواقف ضد إيران ونفوذها في الشرق ال...
- "داعش" يعلن مقتل البغدادي رسمياً ومعارك ضارية في تلعفر المرصاد نت - متابعات قال مصدر محلي عراقي اليوم الثلاثاء بأن تنظيم "داعش" اعلن في بيان مقتضب جدا مقتل زعيمه الملقب ابو بكر البغدادي وتحدث عن قرب اعلان اس...
- السعودية بعد قرار ترامب: يداً بيد مع إسرائيل حتى «كَسْر» إيران المرصاد نت - متابعات تنبئ المواقف الخليجية التي صدرت في أعقاب قرار دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي بأن التقارب الذي بدأ منذ أشهر بين دول الخليج وإسرائ...
- المجلس الأعلى لليبيا يستنكر إنشاء الإمارات قاعدة جوية فيها المرصاد نت - متابعات استنكر المجلس الأعلى للدولة المنبثق عن اتفاق الصخيرات السياسي إنشاء دولة الإمارات قاعدة عسكرية لها بمنطقة "الخروبة" شرق مدينة المرج...
- أهم الأحداث والتطورات في سورية لهذا اليوم الأربعاء 17-09-2014 حماة تمكن الجيش السوري من تأمين طريق محردة ـ السقيلبية والسيطرة على تل الملح غرب محردة وعلى بلدة كفرهود الواقعة بين تل الملح والتريسمة شمال غرب حماة في ظل تق...
- دول أوبك تتوصل إلى اتفاق تاريخي لتخفيض إنتاجها المرصاد نت - متابعات أعلنت الدول المصدرة للنفط مساء الأربعاء في الجزائر التوصل إلى اتفاق تاريخي ينص على تخفيض إنتاج النفط إلى مستوى يتراوح بين 32,5 و33 مليون ...
- مشاورات أطلسية تسبق ثلاثية سوتشي: بيدرسن يواصل مشاورات الدستورية المرصاد نت - متابعات قبل يوم على انطلاق قمة «ثلاثي أستانا الضامن» في سوتشي الروسية يجري وزراء دفاع «حلف شماليّ الأطلسي» مشاورات تغطّي ...