المرصاد نت - متابعات
نجح بنيامين نتنياهو في تصدير الصورة التي أرادها في وارسو. ودّ ولقاءات ووحدة صوت ضد إيران. هذا هو حاله مع ممثلي الدول الخليجية الذين دشّنوا أمس على الملأ طوراً أكثر تقدماً من أطوار التطبيع الجاري على قدم وساق. أوصل مندوبو الممالك والإمارات رسالة واضحة مفادها أنهم مستعدون للذهاب إلى أبعد مدى في التعاون مع واشنطن وتل أبيب من أجل كسر شوكة طهران. لكن الحقيقة التي أعادت تأكيدها فعاليات «وارسو» هي أن هذا المشروع، الذي تُشكل تصفية القضية الفلسطينية العمود الرئيس فيه، لا يفتأ يواجه عقبات على مستويات متعددة، تجعل عمليات التحشيد الأميركية المتواصلة في إطاره أقرب ما تكون إلى الظواهر الصوتية.
لم يعد الأمر مجرّد تسريبات أو تأويلات أو تحليلات. رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو جنباً إلى جنب صقور الدبلوماسية الخليجية. لقاء حيّ بالصوت والصورة يعفي السعوديين والإماراتيين والبحرينيين من عبء النفي والتمويه والإيهام.
عملياً أخرج هؤلاء العلاقات من السرّ إلى العلن لكن تدشينها سيكون «في وقته» وفق ما بشّر به وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة. نتنياهو بدا أكثر المغتبطين بالمؤتمر الذي انعقد على مدار يومين في العاصمة البولندية وارسو. بالنسبة إليه شكّل المؤتمر «منعطفاً تاريخياً». كيف لا وقد أبصر التطور غير المسبوق في مستوى التقارب الخليجي ـــ الإسرائيلي النور وبات يُجهَر به على رؤوس الأشهاد.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي «اقتحم» قبل أيام كعبة المسلمين ليكرّس نفسه «خادماً لحرمَيهم الشريفين» أوفد إلى وارسو وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير فيما أرسلت الإمارات التي دخلت الأسبوع الماضي طوراً جديداً من التطبيع تحت شعار «التقارب بين الأديان» وزير خارجيتها أيضاً عبد الله بن زايد. أما البحرين، التي طالما مثلت بالنسبة إلى السعودية «عصفور الكناري في منجم» التطبيع فمَن لِمَهمة من هذا النوع سوى وزير خارجيتها الذي له قصب السبق في التودّد إلى الإسرائيليين؟ وخلف هؤلاء جميعاً وزير خارجية لا يكاد يفارق مقرّ إقامته في الرياض يجول ويصول بوصفه ممثّل اليمن. خالد اليماني لم يجد حرجاً في ملاصقة نتنياهو بل ومنحه مكبّر الصوت ليصدح بالتحريض ضد إيران. إنها «لحظة تشرح القلب» كما سمّاها جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط تجلّي بوضوح مرة جديدة التموضع الاستراتيجي الذي يُراد لليمنيين أن يؤخذوا إليه وهم الذين لا تخلو ساحة من ساحاتهم من شعارات التضامن مع فلسطين ونصرتها.
قد تكون تلك المشهدية هي «الإنجاز» الوحيد لمؤتمر وارسو الذي اجتهدت الولايات المتحدة بشخص وزير خارجيتها مايك بومبيو في التحشيد له. «إنجاز» يفترض أن تعقبه خطوات أكثر جرأة على طريق رصّ الصفوف الإسرائيلية والخليجية في مواجهة إيران، والدفع بـ«صفقة القرن» الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية قدماً من دون أن يكون تحقيق أيّ من الهدفين مضموناً.
صحيح أن مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر أبلغ المجتمعين في العاصمة البولندية نية إدارة دونالد ترامب إعلان بنود «صفقة القرن» بعد الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في 9 نيسان/ أبريل المقبل، إلا أن الخطة الأميركية لا تزال تواجه عقبات كبيرة، على رأسها رفض الأطراف الفلسطينيين كافة التعامل معها. وهذا ما كرّره أمس المتحدث باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نبيل أبو ردينة حيث قال إن «الطريق الوحيد إلى السلام هو التفاوض مع القيادة الفلسطينية»، في حين كتب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات على «تويتر» متسائلاً: «مكافأة الاحتلال، وقرار إلغاء مبادرة السلام العربية وقرارات قمة الظهران مقابل ماذا؟».
أما على مستوى تشكيل تحالف ضد إيران كان أُعلن أنه سيحمل اسم «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» (ميسا) أو «الناتو العربي» فلا تبدو الأمور أفضل حالاً. على رغم محاولات مايك بومبيو التسويق لما سمّاه «عهداً جديداً من التعاون» وحديثه عن أن «أي دولة لم ترفع صوتها لتنكر الحقائق الأساسية التي توافقنا عليها جميعاً بشأن إيران والخطر الذي تشكله» إلا أن كلمة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس جاءت لتظهّر حجم الهوّة بين واشنطن وشركائها الغربيين في ما يتصل بكيفية التعامل مع إيران.
لم يتورّع بنس عن مهاجمة الدول الأوروبية التي «تمرّدت» على العقوبات الأميركية وتجرّأت على إقرار آلية خاصة للتجارة مع طهران واصفاً ذلك بأنه «إجراء غير حكيم» ومعتبراً أنه «سيؤدي إلى تعزيز موقع إيران وإضعاف الاتحاد الأوروبي وإحداث شرخ أكبر بين أوروبا والولايات المتحدة». ودعا بنس الأوروبيين إلى الانسحاب من الاتفاق النووي مهدّداً بأن العقوبات الأميركية «ستصبح أشد وطأة» إلا إذا «غيّرت طهران سلوكها الخطير والمزعزع للاستقرار». وهو ما لوّح به أيضاً بومبيو الذي اعتبر «(أننا) نحتاج إلى مزيد من العقوبات ومزيد من الضغط» على الجمهورية الإسلامية.
لكن الأوروبيين ظلّوا يغرّدون في سرب مغاير إذ بعدما امتنعوا عن تسجيل مشاركة رفيعة المستوى في مؤتمر وارسو وأرسلوا بأغلبهم ممثلين من الصف الثاني جاءت مواقفهم لتصبّ في غير ما تشتهيه واشنطن حيث شددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، على أن «مواصلة العمل على تطبيق الاتفاق النووي كاملاً هي أولوية»، فيما أكد الدبلوماسي الألماني نيلسن آنن أن «أوروبا ليست منقسمة حيال قضية إيران» وأنها «تدعم الاتفاق النووي».
واعتبر دبلوماسي أوروبي آخر لم يشأ الكشف عن هويته أن «كل ما يهدف إلى دفع إيران للتصعيد وخصوصاً في النووي سيكون خطأ كبيراً نرفضه بشدة». وحده بنيامين نتنياهو كان يساوق التحريض الأميركي من غير أن يلقى استجابة سوى من «وزراء خارجية دول عربية كبرى تحدثوا بقوة ووضوح ووحدة غير عادية ضد التهديد المشترك الذي يشكله النظام الإيراني» على حدّ تعبيره.
لكن هؤلاء يبدون أعجز عن تشكيل ائتلاف وازن بوجه إيران، في ظلّ الخلافات المتعددة الأوجه في ما بينهم وتفاوت رؤاهم ومصالحهم. ولعلّ انعدام القابلية هذا يتبدّى في خلفية تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذي لا يفتأون يشددون على أن مؤتمر وارسو «فارغ ومعدوم النتائج» مثلما كرّر أمس الرئيس حسن روحاني خلال قمة سوتشي التي جمعته بنظيرَيه الروسي والتركي في حين اعتبرت روسيا على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبيزيا أن ما جرى في العاصمة البولندية «طريق خاطئ للغاية».
خطوة... بخطوة!
جميع الدول الخليجية حضرت مؤتمر وارسو. حتى الكويت شاركت عبر نائب وزير خارجيتها خالد الجار الله في حين أرسلت قطر رئيس دبلوماسيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ما بين يومَي الأربعاء والخميس تنوّعت اللقطات والمواقف التي تظهر حجم الودّ بين الجانبين. وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو عبّر عن ذلك بوضوح بقوله تعليقاً على مائدة جمعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمسؤولين الخليجيين مساء أول من أمس: «كان الزعماء العرب والإسرائيليون في الغرفة نفسها يتشاركون وجبة الطعام ويتبادلون الآراء». و
سبق تلك المائدة لقاء بين نتنياهو ووزير خارجية عمان يوسف بن علوي في مقرّ إقامة الأول. أما نجم الفعاليات بامتياز فكان وزير الخارجية في حكومة هادي خالد اليماني الذي حاول التخفيف من وقع ما قام به بقوله إن ثمة «أخطاء بروتوكولية». لكن تعليق المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات كان واضحاً إذ قال: «لم يكن ميكروفون نتنياهو يعمل فقام وزير الخارجية اليمني بإقراضه» مضيفاً أن «نتنياهو رد مازحاً بشأن التعاون الجديد بين إسرائيل واليمن: خطوة بخطوة».
اليمن يتبرّأ من اليماني
أثارت مشاركة وزير خارجية حكومة هادي الموالية للرياض خالد اليماني، في مؤتمر وارسو وظهوره جنباً إلى جنب رئيس الوزراء الإسرائيلي ينيامين نتنياهو سيلاً من ردود الفعل المندّدة. ووصف المكتب السياسي لـأنصار الله ذلك الظهور بأنه «قمة في الانحطاط والعمالة معتبراً أنه «يظهر الإفلاس الأخلاقي والقيمي لدى حكومة المرتزقة ورعاتها» مشدداً على أن «وارسو لا يمثل الشعب اليمني بل يعتبر خروجاً عن قيمه ومبادئه».
كما أصدر التيار الوطني الحر بيان إدانه واستنكار لمحاولة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي والمؤتمرات المشبوه التي تشوه عظمة الشعب اليمني المساند للقضية الفلسطينية كما دعي كافة المكونات السياسية الوطنية لرفض التطبيع مع الكيان الإسرائيلي من قبل نزلاء الفنادق .. ورفض التيار الوطني الحر محاولة إستخدام إسم الجمهوريه اليمنيه من قبل دول العدوان عبر المدعو عبدربه منصور هادي القابع في فنادق الرياض والذي لا يمثل الشرعيه والدستور اليمني وذلك من خلال جر اليمن للتقارب مع الكيان الصهيوني والتطبيع معه من خلال اللقاءات والمؤتمرات المشبوهه التي يشارك فيها مسؤولين صهاينه..
وعدّ «المؤتمر الشعبي العام» من جهته «ما أقدمت عليه ماتسمي بالشرعية جريمة لا تغتفر وتستدعي من مختلف القوى الوطنية موقفاً قوياً وصارماً» مؤكداً أن «خطوة المدعو اليماني لا تعكس مواقف الشعب اليمني التاريخية والقوية والصلبة إزاء الصراع مع العدو الإسرائيلي». واعتبر «التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري» «خطوة اليماني خيانة وطنية وتعبيراً عن تحالف الشر الذي يعمل على تدمير اليمن» فيما رأت «أحزاب اللقاء المشترك» أنه «جيء بالمدعو اليماني لاختزال الموقف اليمني لمصلحة كيان الاحتلال الإسرائيلي».
مواقف فلسطينية مندّدة
أجمعت فصائل المقاومة الفلسطينية على رفض مؤتمر وارسو واعتباره «حلقة جديدة في سياق مشاريع تصفية القضية الفلسطينية». ورأى المتحدث باسم حركة «حماس» حازم قاسم، في بيان أن «المؤتمر خدمة تقدمها الإدارة الأمريكية للمصالح الإسرائيلية فقط، عبر محاولة دمج دولة الاحتلال بالمنظومة الإقليمية»، مضيفاً أن المؤتمر يأتي في سياق «تهميش الحقوق الفلسطينية وجعل إيران كعدو للمنطقة بدل الاحتلال وزيادة الانشقاقات في الشرق الأوسط». وعدّت «حركة الجهاد الإسلامي» مؤتمر وارسو «فصلاً جديداً من الخداع والتضليل لإغراق العالم العربي والإسلامي في الفتن والصراعات مقابل تأمين جبهة العدو الإسرائيلي» مستنكرة «المشاركة العربية في هذا الاجتماع وما صاحبها من لقاءات ومصافحات علنية وسرية مع قادة العدو الصهيوني» وداعية «الفصائل الفلسطينية إلى التوحد من أجل التصدي لتلك المشاريع».
المزيد في هذا القسم:
- النزعة العسكرية للدول الخليجيّة: هل تنعكس داخليّاً؟ المرصاد نت - متابعات يتّجه المشهد الخليجي نحو العسكرة شيئاً فشيئا ورغم أن بعض دول مجلس التعاون تنأى بنفسها عن هذا النهج إلا أن الثنائي الصاعد الإمارات وقطر إض...
- عشر حقائق استراتيجية بعد تحرير حلب وقبل تنصيب ترامب المرصاد نت - متابعات دشّن تحرير حلب من الإرهابيين مرحلة جديدة من الصراع في سوريا وعليها بل من الصراع في الإقليم وعليه لا غلوّ في القول إنّ إعلان وقف إطلاق الن...
- قطر تعد بمواصلة تسليح الارهابيين بسوريا حتى لو أنهى ترامب دعمهم المرصاد نت - رويترز أعلنت قطر انها ستواصل تسليح الارهابيين في سوريا حتى لو أنهى ترامب دعمهم لكن الدوحة اوضحت بانها لن تذهب "بمفردها" في ذلك بل لا بد من موافقة...
- برعاية تركية .. رئيس الموساد يلتقي بوزيري خارجية السعودية وقطر متابعات : كشف الخبير الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان عن زيارة لرئيس الموساد الإسرائيلىلعقد لقاء سري مع بعض وزراء خارجية الدول المشاركة في قمة المؤتمر الإسلامي. ...
- كيف أسّس انتصار تموز لنهاية الاعتماد الأميركي على حروب "إسرائيل"؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين المساعي الإسرائيلية الحثيثة في المراهنة على أن تتولّى أميركا بنفسها الحرب على إيران تكشف أن أميركا لم يعد بوسعها بعد انتصار تموز، ال...
- "داعش" يعلن مقتل البغدادي رسمياً ومعارك ضارية في تلعفر المرصاد نت - متابعات قال مصدر محلي عراقي اليوم الثلاثاء بأن تنظيم "داعش" اعلن في بيان مقتضب جدا مقتل زعيمه الملقب ابو بكر البغدادي وتحدث عن قرب اعلان اس...
- الديموقراطيون «يجازفون» بمرشّحهم: جو بايدن في وضعٍ حرج! المرصاد نت - متابعات سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى حشد مؤيّديه في مواجهة تحقيقٍ أطلقه نواب ديموقراطيون على خلفيّة سوء استخدام مزعوم للسلطة قد يمهّد لمس...
- تقرير أممي يفضح بن سلمان وبن زايد والتجسس على المنظمات الحقوقية! المرصاد نت - متابعات نشرت مؤسسة "سكاي لاين" الدولية يوم أمس السبت تقريراً تطرقت فيها للمحاولات السعودية والإماراتية للتجسس على موظفي منظمة العفو الدولية ونشطا...
- نيران وحالة ذعر بعد انفجار بمحطة كهرباء جنوب القاهرة ذكرت مصادر مصرية ان انفجارا وقع صباح اليوم الجمعة، في محطة كهرباء في منطقة الجيزة جنوب العاصمة القاهرة، بالقرب من البوابة الأولى لمنطقة حدائق الأهرام ومنطقة تجن...
- «المهرّجون» يعكّرون قمّة الحكام العرب: «يكفيكُم كذباً» المرصاد نت - متابعات الأزهار في كل مكان. الحدائق والشوارع العامة في أجمل حلة. حتى الأشجار تنبتُ بين ليلة وضحاها. مرحباً بك، أنت لست في كوكب اليابان، أنت في تو...