المرصاد نت - محمد العيد
تشهد الجزائر اليوم حدثاً مفصلياً باجتماع البرلمان بغرفتَيه للتصويت على شغور منصب رئيس الجمهورية ما يعني تثبيت الاستقالة التي تقدم بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للمجلس الدستوري في الثاني من نيسان/ أبريل الماضي. ومن غرائب هذا الحدث أن أحزاب الموالاة التي كانت تساند بقوة، قبل شهرين من اليوم الولاية الخامسة لبوتفليقة هي نفسها التي ستصوّت في البرلمان على رحيله من الحكم بعد إعلان أحزاب المعارضة مُجتمعة مقاطعتها هذا الاجتماع لأنها ترفض كما ذكرت في بياناتها تزكية رئيس مجلس الأمة رئيساً للدولة وإعطاءه شرعية بحضورها بينما هو مرفوض من الحراك الشعبي.
وفي وقت انتظر فيه الحراك، بعد الجمعة الأخيرة استجابة لمطالبته برحيل «رموز النظام» من الواجهة تسير الأمور عكس ذلك تماماً إذ يُنتظر أن يُنصَّب اليوم رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح كرئيس مؤقت للدولة. وطُرحت أسماء في الأيام الأخيرة على رأسها صالح قوجيل (أحد مجاهدي الثورة الجزائرية زمن الاستعمار الفرنسي) لتعويض بن صالح في رئاسة مجلس الأمة تمهيداً لتنصيبه رئيساً للدولة لكن هذا الأمر لم يتم وهو ما يمكن تفسيره بأن قيادة الجيش لم تشأ التدخل في هذا المسار. وتشير مصادر في مجلس الأمة إلى أن بن صالح ليس بالشخصية العنيدة أو المقاومة التي يُمكنها أن تواجه رفض الجيش له وهو ما يشير إلى وقوع ترتيبات قبل الوصول إلى هذه اللحظة. وتتحدث المصادر عن أن بن صالح كان لا يُحبّذ في الأصل تولّي هذه المهمة بسبب ظروفه الصحية؛ إذ يعاني الرجل منذ فترة من مرض مزمن قلّل بشكل واضح من نشاطاته كما أنه لا يريد أن يُصبح في مرمى الحراك الشعبي الذي كان واضحاً في المطالبة برحيله.
وينبئ ترابط الأحداث الأخيرة بأن قيادة الجيش تريد أن تصل إلى حلّ يكون في إطار الدستور الحالي، مع ترك هامش مناورة يسمح لها بالخروج عن الدستور إذا اقتضت الحاجة. فرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، لم يظهر بشكل رسمي وعلني منذ البيان الأخير للجيش في 2 نيسان/ أبريل الذي أُعلنت استقالة بوتفليقة عقبه مباشرة وكان بإمكانه التدخل عقب تظاهرات الجمعة الأخيرة الرافضة بشكل واضح لأن يكون رئيس مجلس الأمة الحالي رئيساً للدولة، لكنه لم يفعل وأجّل إطلالته الرسمية إلى اليوم بعد أن يكون بن صالح قد أصبح بفعل الدستور رئيساً مؤقتاً للدولة. وهذا ما يشير بحسب متابعين إلى أن رئيس الأركان يريد اختبار ورقة بن صالح، من دون أن يكون في الواجهة كمساند له ثم في حال تصاعد الحراك الشعبي الرافض لبقائه، قد يتدخل لفرض حل سياسي، بعد أن يكون الحل الدستوري قد استُنفذ تماماً.
لكن هذه الطريقة في معالجة الأزمة تجد لها انتقادات واسعة على الرغم من تصاعد شعبية رئيس أركان الجيش بعد قراراته الأخيرة إذ إن الدفع بعبد القادر بن صالح كرئيس للدولة قد تكون له تبعات وخيمة على الوضع الحالي بسبب الرفض القاطع للحراك الشعبي له. وسيدفع ذلك إلى تصعيد غير مسبوق من المتظاهرين سيُعقّد من الأزمة السياسية. وقد تتحول قيادة الجيش بفعل ذلك، إلى أحد أطراف الأزمة بدل أن تدفع إلى الحل. ولا يبدو أن المراهنة على عامل الوقت لإضعاف الحراك مُجدية في وقت يستعدّ فيه الكثير من النقابات لإضرابات واسعة إذا ما بقيت الأمور على حالها. وتُحاول أحزاب المعارضة جاهدة الإقناع بضرورة تبني حل سياسي من خلال الذهاب إلى فترة انتقالية تقودها شخصية وطنية تقوم بتعيين حكومة كفاءات وطنية لتسيير المرحلة، وترتيب ظروف إجراء انتخابات نزيهة يتم على أساسها تسليم السلطة.
ويعود رفض قطاع واسع من الجزائريين تطبيق المادة 102 بحرفيتها إلى كونها لا تضمن تحقيق مطالب التغيير الجذري للنظام. فهذه المادة تفرض الذهاب إلى انتخابات رئاسية في ظرف ثلاثة أشهر، بإشراف الحكومة الحالية التي تمنع أيضاً تعديلها أو إقالتها. ويثير الوزير الأول الحالي نور الدين بدوي المخاوف انطلاقاً من أنه كان وزيراً للداخلية وأشرف على الانتخابات الرئاسية لسنة 2014م والانتخابات التشريعية لسنة 2017م وانتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة في أواخر 2018م والتي احتجّت كل أحزاب المعارضة على مصداقية نتائجها واتهمت وزير الداخلية بتزويرها بما يخدم مُحيط الرئيس. ولا يُمكن، على هذا الأساس استئمان بدوي على انتخابات رئاسية تأتي بعد حراك شعبي نادى بتمكين الجزائريين لأول مرة في تاريخهم من حرية اختيار رئيسهم المقبل، من دون أن تتدخل أي جهة في النظام لفرض هذا الرئيس.
وما بات يثير المخاوف كذلك، عودة مظاهر الدولة الأمنية في الأسبوع الأخير بمنع ناشطين نقابيين من التظاهر واعتقالهم ومنع صحافيين من التجمع واعتقال ناشطين حقوقيين، على غرار المحامي صالح دبوز قبل يومين. ويشير بعض المعلومات إلى أن السلطات ترفض أيّ تجمعات في أيام الأسبوع عدا يوم الجمعة وهو ما بات يتأكد من خلال تفريق كل التظاهرات والمسيرات في اليومين الأخيرين وآخرها وقفة عمال التلفزيون الجزائري.
المزيد في هذا القسم:
- وزير الخارجية التركي: لن نسلح الأكراد ولن نسمح بعودتهم لمواجهة داعش في كوباني مولود تشاووش أوغلوعلق وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على دعوة مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستفان دي ميستورا، للسماح للأكراد السوريين بالعودة إلى عين ا...
- نيوم ووادي السيلكون.. مشاريع طموحة ستُفشلها مغامرات السعودية المرصاد نت - متابعات زيارة الأمير السعودي محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية منتصف عام 2016 وخصوصاً إلى "وادي السيليكون" نتج عنه توقيع اتفاقية لتوطين هذ...
- معارك سبها الليبية: جمر الجنوب يستعر المرصاد نت - متابعات أدّت مواجهات عسكريّة في مدينة سبها أمس وهي أكبر مدن الجنوب الغربيّ في ليبيا إلى سقوط ثلاثة قتلى و20 جريحاً. وتشهد المنطقة التي تعيش عل...
- هجوم على الأكاديمية العسكرية في كابل بعد يومين على تفجير دام المرصاد نت - متابعات بعد يومين على تفجير دام أوقع مئات القتلى والجرحى وتبنته حركة طالبان هاجم انتحاريين فجر اليوم الاثنين مقرّ الأكاديمية العسكرية في العاصمة ...
- وزير الخارجية الأمريكي يبدأ زيارة للإمارات والسعودية المرصاد نت - متابعات يقوم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بزيارة إلى الإمارات والسعودية في الثامن والتاسع من يونيو/حزيران الحالي لإجراء محادثات حول الأوضاع...
- اسرائيل تخطف المئات من أطفال اليهود الذين قدموا من اليمن المرصاد نت - متابعات تشهد إسرائيل مجددا ضجة واسعة بعدما طافت على السطح مسألة اختفاء أو إخفاء مئات الأطفال اليهود من أصل يمني وصلوا كمهاجرين مع عائل...
- الجيش السوري يستعيد بلدة الدخانية بريف دمشق وتفجيرات في الحسكة شرق البلاد استعاد الجيش السوري السيطرة بشكل كامل على بلدة الدخانية ومناطق عدة محيطة بها في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بعد ان كبد المسلحين خسائر كبيرة. في هذه الاثناء، وقعت...
- أسبوع "الأبارتيد" بين هيمنة إسرائيلية وضعف عربي ! المرصاد نت - متابعات أسبوع "الأبارتيد" الإسرائيلي هو سلسة سنوية من المحاضرات والتظاهرات التي تقام في شهر آذار/ مارس في العديد من الجامعات حول العالم. بدأت فعا...
- برهم صالح رئيساً للعراق وعادل عبد المهدي رئيساً للوزراء المرصاد نت - متابعات أنتخب مجلس النواب العراقي برهم صالح رئيساً للعراق وأدى اليمين الدستورية بعد فوزه بـ 219 صوتاً وأعلن التلفزيون الرسمي العراقي أن "الرئيس ب...
- ليبيا :«جمود» ميداني في طرابلس والحراك الدبلوماسي سيد الموقف ! المرصاد نت - متابعات ارتفع عدد القتلى والجرحى والمهجرين في ليبيا مع استمرار المعارك في مناطق جنوب طرابلس أمس. وفيما يواصل المبعوث الأمميّ تحركاته لإيجاد مخرج ...