أنقرة تحتجّ على «انتهاكات أستانا»...والجيش يثبّت نقاطه في ريف حماة!

المرصاد نت - متابعات

بعد غياب تصريحات أنقرة الرسمية حول تطورات محيط إدلب خرج وزير الدفاع التركي ليحتجّ على «انتهاك اتفاق أستانا» من قِبَل القوات الحكومية فيما عجزت الفصائل المسلّحة عن استعادة ما Aleppo2019.5.11كسبه الجيش السوري الذي عزز حضوره وتمهيده لتنشيط محاور هجوم جديدة..

لم تتغير خريطة السيطرة الميدانية في ريف حماة الشمالي على رغم الاشتباكات العنيفة التي اندلعت أمس وما رافقها من قصف جوي ومدفعي مكثّف. ونجح الجيش السوري في احتواء الهجمات المضادة التي استهدفت عدّة محاور، كان أعنفها باتجاه بلدة كفرنبودة. تعويل الفصائل المسلحة على استعادة السيطرة على البلدة بالتوازي مع إعلانها تشكيل غرفة عمليات مشتركة اصطدم بزخم دفاع الجيش الذي بادر إلى استهداف محيط البلدة وخاصة بلدة الهبيط لمنع استخدامه كمنطلق لهجمات واسعة.

ولا يحمل القصف الأخير طابعاً دفاعياً فقط، بل يمكن تجييره لمصلحة أي تقدم محتمل يستهدف الوصول إلى خان شيخون وحصار جزء واسع من مناطق سيطرة الفصائل بين مورك وكفرزيتا واللطامنة. ويمكن الركون إلى أن مرحلة أولى اختُتمت أمس بتثبيت النقاط المحررة ومنع سقوطها بعد هجومين معاكسين ليبقى توسيع نطاق الهجوم أو تركيزه نحو عمق «جيب إدلب» خاضعاً لحسابات ميدانية وسياسية متغيّرة.

التطورات الميدانية على الأرض استجلبت تصريحات تركية بعد طول غياب فخرج وزير الدفاع التركي خلوصي أكار من مقرّ قيادة عمليات قوات بلاده العاملة في شمال غرب سوريا، ليؤكد ضرورة «وقف هجوم» القوات الحكومية ومحاولتها «توسيع مناطق سيطرتها بشكل يخالف اتفاق أستانا». وأضاف الوزير التركي الذي كان برفقة رئيس الأركان وقائد القوات البرية إن على «قوات النظام الانسحاب إلى الخطوط المحددة وفق أستانا» لافتاً إلى أن الهجمات «تشكل خطراً على نقاط المراقبة التركية». واختتم حديثه بالإشارة إلى تعويل بلاده على روسيا «لاتخاذ تدابير فعالة وحاسمة لوقف الهجمات... ومنع الانتهاكات لاحقاً».

واللافت في كلام أكار تأكيده أن رد فعل بلاده سيكون عبر القنوات الروسية، إلى جانب استحضاره «صيغة أستانا» في مقابل تجاهله الحديث عن «مذكرة التفاهم» الموقعة في سوتشي؛ إذ تنص الأخيرة صراحة على شرعية وضرورة محاربة التنظيمات (الإرهابية ومن يقف في صفّها) التي ترفض الامتثال للمذكرة وتمتنع عن سحب السلاح الثقيل.

وجاء الكلام التركي الأول من نوعه بعد انطلاق جولة المعارك الأخيرة بالتزامن مع انعقاد جلسة مغلقة في مجلس الأمن الدولي لنقاش التطورات في إدلب ومحيطها. وتقاطعت تصريحات ممثلي الدول الحليفة للولايات المتحدة الأميركية (11 ممثلاً) حول ضرورة وقف التصعيد فيما نحت البعثة الفرنسية (مثلاً) إلى التشديد على ضرورة «تفادي حلب جديدة بأي ثمن» والإشارة إلى أن تكرار ذلك «يعني كارثة إنسانية... وتدميراً لأفق العملية السياسية». وأوضحت المعطيات التي خرجت عقب الجلسة أن روسيا عارضت إصدار «موقف مشترك» حول إدلب وفق الصيغة المطروحة من الدول الغربية. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر دبلوماسية قولها إن مناقشة حادة جرت بين مندوبي روسيا والولايات المتحدة حول «استهداف المستشفيات».

ومنذ مطلع مايو أيار شهد ريف حلب الشمالي ومناطق شمال حماه وجنوب إدلب تصعيداً لافتاً ووصل التصعيد ذروته يوم السبت 4 مايو. ففي ريف إدلب الجنوبي تم استهداف نقاط للجيش التركي بقصف مدفعي مركَّز ما استدعى تدخّل المروحيات التركية لإخلاء المنطقة ونقل الجرحى والقتلى.

سارعت وكالة الأناضول التركية إلى تصعيد المشهد الإعلامي عبر اتهام الجيش السوري وإطلاق صفة الإرهاب على القوات الحليفة له :( إن الموقع جرى استهدافه بالمدفعية من قِبَل قوات النظام والإرهابيين الأجانب المدعومين من إيران ).

ما جرى في ريف إدلب سُمِعَ صداه في ريف حلب الشمالي والذي يشهد مؤخراً تصعيداً عسكرياً لم يشهده منذ احتلال الجيش التركي لعفرين في 18 آذار 2018، حيث كانت ذروة التصعيد يوم السبت 4 مايو وذلك عندما تحرّكت مجموعات من الفيلق الثالث المدعوم تركياً باتجاه مواقع سيطرة الجيش السوري وحلفائه على محور أعزاز مرعناز منغ (شرقي طريق حلب - عفرين ) وعلى محور الشوارغة أبين ( غربي طريق حلب - عفرين ) مسبوقاً بتمهيد من المدفعية والدبابات التركية.

تقدّمت قوات الفيلق الثالث ووصلت إلى مرعناز لتتقدّم إثرها قوّة عسكرية تركية (في سيناريو مُكرَّر لعملية احتلال عفرين حيث توضع عناصر الفصائل السورية المعارضة في المقدّمة ومن خلفهم يكون الجيش التركي ) و ما أن وصلت القوّة التركية إلى مرعناز حتى عاجلها الجيش السوري وحلفاؤه بقصف غزير مدروس من عدّة اتجاهات، غزارة القصف فرضت تحرّكاً معيناً على القوّة التركية وحلفائها ما أدّى إلى وقوعهم في حقل ألغام، سارع الجنرالات الأتراك إلى نقل الصورة عن الكمين للقيادة التركية، وتم فتح خط ساخن من الاتصالات بين تركيا وروسية وإيران وسوريا، أفضت بعد تدخّل روسي إلى وقف القصف على مرعناز لتمكين الأتراك من سحب جرحاهم وقتلاهم، على أن تعود خارطة ريف حلب الشمالي كما كانت قبل 4 أيار/مايو.

اللافت إلى هذا التصعيد في شمال حلب إضافة لجنوب إدلب وشمال حماه جاء بعد أيام من انتهاء الجولة الثانية عشر من محادثات الأستانة وما شهدته تلك الجولة من ضغوط روسية إيرانية على الجانب التركي الذي لم يف بتعهّداته السابقة حتى الآن هذه الأجواء عبَّر عنها رئيس وفد الحكومة السورية بشّار الجعفري ( المعضلة في اجتماعات أستانا تتمثل في عدم جدّية الجانب التركي في تنفيذ تعهّداته مشيراً إلى أن تركيا تحتل أربعة أضعاف مساحة الجولان المحتل).

التركي في مرحلة ما بعد الأستانة أراد الاستمرار في التهرّب من تنفيذ أيّ تعهّد وافق عليه سابقاً في محاولة منه للحفاظ ( أقلّه مرحليا") على حال الستاتيكو التي تشهدها الأزمة السورية منذ احتلال عفرين واتفاق الغوطة في مارس آذار من العام الماضي، بينما دمشق وحلفاؤها يضغطون باتجاه حسم الأمور، لذا يصحّ وصف هذا التصعيد العسكري بأنه استمرار لآستانة 12 و ما فيها من مفاوضات و رسائل، و لكنها هنا رسائل نارية . .. الأيام القادمة ستكشف نتيجة هذه الرسائل النارية والتي حتماً لن تنهي الأزمة السورية  ولكنها قد تكون حاسمة وكاشفة لجهة الفصل بين مَن يُجيد فعلاً لغة الرسائل النارية وبين مُتوهِّم يلعب بالنار.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية