المرصاد نت - متابعات
طالبت شخصيات جزائرية بارزة القيادة العسكرية بإطلاق حوار صريح ونزيه مع الأحزاب السياسية وممثلي الحراك الشعبي لايجاد حل توافقي للأزمة في البلاد.
وفي بيان لهم طالب وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي واللواء المتقاعد رشيد بن يلس والوزير السابق علي يحيى عبد النور بالاستجابة لمطالب المتظاهرين وبدء مرحلة انتقالية توضع خلالها الآليات والتدابير اللأزمة لإجراء انتخابات مستقلة ونزيهة.
وحذّر البيان من حالة الانسداد السياسي ومن توترات إقليمية تفاقمه مضيفاً أن "حالة التوتر القائم في محيطنا الإقليمي وهذه الحالة الناجمة عن التمسك بتاريخ الرابع من يوليو (تموز) القادم، لن تؤدي إلا إلى تأجيل ساعة الميلاد الحتمي للجمهورية الجديدة فكيف يمكن أن نتصور إجراء انتخابات حرة ونزيهة ترفضها من الآن الأغلبية الساحقة من الشعب، لأنها من تنظيم مؤسسات ما زالت تديرها قوى غير مؤهلة معادية للتغيير والبناء".
هذا وناشد عبد الله جاب الله رئيس تكتل قوى المعارضة في الجزائر المؤسسة العسكرية بالاستجابة لمبادرة الشخصيات الثلاثة التي دعتها إلى فتح حوار وطني مع الطبقة السياسية.
يأتي ذلك بعد مطالبة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني رئيس البرلمان الجزائري بالتنحي في حين استجوب القضاء رئيسي الوزراء السابقين في قضايا فساد قبل إطلاق سراحهما وسط تظاهرات جديدة.
الشرطة الجزائرية كانت قد منعت المتظاهرين من الوصول إلى منصة البريد المركزي لرفع شعارت تطالب برحيل بقية رموز النظام. وأغلقت الشرطة منافذ العاصمة الجزائرية وحجزت لافتاتٍ تدعو للفتنة.
ويواصل الجزائريون حراكهم الرافض لاستمرار رموز النظام السابق في الحكم، وذلك بالتعبئة الواسعة أيام الجمعة في كل المحافظات والمدن على رغم أجواء الحَرّ الشديد التي كانت تتوقع السلطات أن تؤدي إلى تراجع حجم التظاهرات. وبدت جلية مرة أخرى القطيعة بين المواطنين ومؤسّستَي الرئاسة والحكومة إذ إن المتظاهرين جددوا رفضهم المطلق بقاء الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ووزيره الأول نور الدين بدوي في منصبَيهما على اعتبار وجودهما أحد الأسباب الرئيسة لرفض انتخابات 4 تموز/ يوليو المقبل التي سيشرف عليها هذان المسؤولان المحسوبان على نظام الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة ما يجعلها في نظر المواطنين «مزورة مسبقاً».
اللافت أن الجزائريين في جمعة أمس الثالثة عشرة منذ بدء الحراك الشعبي وفي التي سبقتها تجاوزوا تماماً مسألة رحيل بن صالح وبدوي المنتهية بالنسبة إليهم وتوجهوا مباشرة إلى رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي يرونه صاحب السلطة الفعلية في البلاد متهمين إياه بـ«عرقلة الحلّ السياسي ومحاولة فرض انتخابات يرفضها الشعب». وذهبت هتافات بعض المتظاهرين إلى حدّ وصف قايد صالح بأنه «خان الحراك»، مع تأكيدهم أنهم يميزون بين قائد الجيش وبين أفراد الجيش. جراء ذلك تبلورت مخاوف خلال الأسبوعين الأخيرين من وجود مناورات يقودها رأس العسكر لفرض هذه الانتخابات من أجل إعادة بسط نفوذ النظام السابق عبر وجوه جديدة بما يبقي الجيش حاكماً فعلياً من وراء الستار. وهو ما تصدت له الشعارات الجديدة التي بات يرفعها المتظاهرون: «دولة مدنية لا عسكرية»، «جمهورية لا ثكنة»، «قايد صالح ارحل» «لا توجد انتخابات أيها العصابات».
ويظهر أن السلطات العسكرية باتت تضيق بهذه التطورات ولذلك شهدت العاصمة غلقاً محكماً لكل مداخلها ما صعّب حياة القادمين إليها سواء للتظاهر أو لقضاء مصالحهم. كما تعاملت الشرطة بعنف مع المتظاهرين في ساحة البريد المركزي في قلب العاصمة وأرادت بكل الوسائل تفريقهم ومنع تجمعهم في هذا المكان الذي اكتسى مع الوقت رمزية كبيرة وصار معقلاً للمناوئين لقائد الجيش وطريقته في إدارة مرحلة ما بعد بوتفليقة. في المقابل لا يخلو المشهد من مؤيدين لقايد صالح، كنوع من العرفان له على عمليات المحاسبة لكبار المسؤولين السابقين، وأيضاً لاعتقادهم بأن الرجل يواجه لوبيّات داخلية وخارجية فرنسية بالخصوص تعمل على إدخال البلاد في حالة فوضى عبر الدفع إلى الفراغ الدستوري. لكن هذه المساندة يبدو أثرها محدوداً في الشارع، وتتركز في مواقع التواصل الاجتماعي ولدى أحزاب وشخصيات سياسية انقلبت من مساندة بوتفليقة إلى رئيس أركان الجيش، على غرار حزبَي السلطة البارزَين: «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديموقراطي».
في خضمّ ما يجري يلتزم قايد صالح الصمت المطبق منذ بدء شهر رمضان وهو الذي تعوّد أن يتوجه إلى الجزائريين أيام الثلاثاء بخطاب جزؤه الأكبر سياسي. ويبدو ذلك وفق متابعين ناتجاً من «ارتباك في صفوف قيادة الجيش» إزاء الوضع في ظلّ رفض الشارع الانتخابات في هذه الظروف ما يعني أن المغامرة بتنظيمها ستكون خطأً قاتلاً قد يحوّل الجيش إلى خصم للشارع وهذا من أسوأ السيناريوات. لذلك يجري العمل وفق بعض المصادر على طرح «خطة بديلة بإمكانها تلبية مطالب الحراك الشعبي وإعادة مصالحة الجزائريين مع قيادة العسكر بما يضمن انتقالاً سلساً ومأموناً للسلطة». وتُطرح في هذا الإطار فكرة فتح حوار يكون فيه الجيش طرفاً مع مكونات الطبقة السياسية والحراك الشعبي للتوافق على أسماء معينة يمكنها أن تقود مرحلة انتقالية قصيرة، تسمح بتهيئة الظروف لإجراء انتخابات رئاسية بإشراف هيئة مستقلة محايدة. وعملياً بدأ الحراك الشعبي يقدم بعض الأسماء مثل أحمد طالب الإبراهيمي وهو وزير الخارجية السابق الذي يشير مقربون منه إلى أنه «لا يرفض تقديم خدمة في آخر حياته عبر رئاسة المرحلة الانتقالية» لكن هذا الاسم يبقى بعيداً عن الإجماع في ظل ارتباطه بالتيار الإسلامي واعتباره لدى آخرين «وجهاً قديماً من وجوه النظام».
بموازاة المأزق السياسي يصنع جهاز القضاء الحدث الإعلامي في البلاد، بعد شروعه أول من أمس في الاستماع لنحو 60 مسؤولاً سابقاً في نظام بوتفليقة يتقدمهم الوزيران الأولان السابقان، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال بتهم تتعلق باستغلال النفوذ وتقديم امتيازات غير مشروعة والتمويل الخفي للأحزاب السياسية وذلك في قضية رجل الأعمال النافذ علي حداد الذي أدلى باعترافات جرّت هؤلاء المسؤولين إلى المساءلة. لكن الجزائريين منقسمون في نظرتهم إلى هذه الإجراءات بين من يراها «عملية محاسبة حقيقية تصبّ في خانة تطهير البلاد من بقايا النظام الفاسد» وبين من يقول إنها «مسرحية لتحوير الأنظار عن المطالب الرئيسة» في ظلّ عدم تمتع العدالة باعتراف نقابة القضاة بغياب الاستقلالية في عملها وبالنظر إلى القوانين التي تمنح الوزراء السابقين شبه حصانة تعطّل محاسبتهم.
المزيد في هذا القسم:
- تناغم عدائي يجمع السعودية والإمارات وإسرائيل ضد لبنان المرصاد نت - متابعات يمارس التحالف الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي ويضم السعودية والإمارات مع إسرائيل ودول أخرى مهامه على الواقع ح...
- لعبة مصر الذكيّة مع السعوديّة ! المرصاد نت - متابعات لم يعد الخلاف السعودية المصري سحابة صيف يبدو أن هناك قناعة راسخة لدى الجانبين على المضي بمواقفهما حتّى النفس الأخير. بالأمس قطعت المحك...
- مسيرات مليونية للشعب الايراني بذكرى انتصار الثورة ! المرصاد نت - متابعات خرج الملايين من الإيرانيين في مسيرات ضخمة جابت شوارع كافة المحتفظات الإيرانية ومدنها وقراها وكذا في العاصمة الإيرانية طهران احتفالا بالذك...
- إنهيار العولمة والرأسمالية في عام 2016 المرصاد نت - الوقت تواجه العولمة عوائق عديدة وضعها أمامها النظام الرأسمالي ولم يعد أي منهما قادرا على إزالة هذه العوائق التي أخذت تتسبب بتصدعات وانفلات اقتصاد...
- سوريا : أنطلاق جولة جديدة من محادثات أستانا اليوم المرصاد نت - متابعات تنعقد اليوم جولة جديدة من المحادثات السورية في العاصمة الكازخية أستانا بعد غياب الطرفين السوريين عنها منذ أواخر العام الماضي. الأشهر ا...
- قراءة ما بين السطور في الإتفاق الروسي-الأمريكي بشأن سوريا المرصاد نت - متابعات بعد مضي ست سنوات من الحرب وسفك الدماء والأزمة في سوريا ومقاومة القوات المسلحة للبلاد ضد الجماعات الإرهابية ونجاحها في هزيمة هذه الجماعات ...
- الـ«لاءات» تحاصر تيريزا ماي: بروكسل ترفض إعادة التفاوض ! المرصاد نت - متابعات تبنّى البرلمان البريطاني أمس في جملة تعديلات غير ملزمة للحكومة إعادة التفاوض مع الأوروبيين وعدم الخروج بلا اتفاق. وإن كان الاتجاه الذي دع...
- إندونيسيا : زلزال لومبوك يحصد عشرات الأرواح المرصاد نت - متابعات أعلنت الوكالة الوطنية لمواجهة الكوارث في إندونيسيا اليوم ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال الذي ضرب جزيرتي لومبوك وبالي إلى 91 قتيلاً بعدما أشار...
- عملية جرود عرسال: إجماعٌ على شرعية نشاط حزب الله المحلي والإقليمي؟ المرصاد نت - متابعات لم تكن نتائج عملية عرسال وما خلَّفته من أثار محلية لبنانية إلا إكمالاً لمسار محور المقاومة في تحقيق انجازاته الإقليمية. لكن الطابع الل...
- فلسطين : المقاومة تتأهّب... و«حماس» و«الجهاد» إلى القاهرة المرصاد نت - هاني إبراهيم أبقت المقاومة الفلسطينية على جاهزيتها تحسّباً لأي عملية عسكرية إسرائيلية غادرة خصوصاً مع تلميح بنيامين نتنياهو إلى مرحلة ثانية من ال...