أنقرة ترفض عرض أمريكي لشرقيّ الفرات واجتماعات في عمّان لاستنهاض العشائر!

المرصاد نت - متابعات

لا توافق بين واشنطن وأنقرة على تفاصيل مشروع «المنطقة الآمنة». هذا ملخّص ما رشح عن سلسلة الاجتماعات التي عقدها ممثل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السورية والمبعوثQasad2019.7.25 الأميركي إلى «التحالف الدولي» جايمس جيفري في تركيا خلال الأيام القليلة الماضية. الزيارة اللافتة في توقيتها لم تكن مفتاحاً لحلحلة عُقد التوافق على مصير مناطق شرقيّ الفرات الحدودية، بل مناسبة جديدة لتثبيت التباينات الأميركية ـــ التركية. ولأن هذه التباينات تتخطى ملف شمال شرق سوريا إلى مصالح إقليمية واستراتيجية يبدو تحقيق التفاهم على حلّ يرضي الطرفين ويناسب تموضعهما وتحالفاتهما معلّقاً إلى حين. وتؤدي خطوات واشنطن المتسارعة لتنفيذ مشروع «القوات المتعددة الجنسيات»، بالشراكة مع «قوات محلية» دوراً بارزاً في دفع أنقرة إلى استخدام ورقة التهديد بالتصعيد العسكري وتجييش بعض القوى «المحلية» ضد خط «قوات سوريا الديموقراطية» في محاولة لتعجيل حسم عملية التفاوض.

وأعلنت أنقرة أمس بوضوح أن ما حمله جيفري من عروض جديدة «لم يكن مرضياً». وذكّر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو بالتباطؤ الأميركي المقصود في تطبيق «اتفاق منبج» مشيراً في الوقت نفسه إلى أن التأخير في التوافق على «المنطقة الآمنة» قد يدفع بلاده إلى إطلاق تحرك عسكري. وكشفت مصادر وزارة الخارجية التي تحدث إليها عدد من وسائل الإعلام التركية أن «العرض المقدم من جيفري أقلّ (إرضاءً لأنقرة) من المقترح الأولي الذي قدمه الرئيس دونالد ترامب والذي كان يفترض إنشاء منطقة آمنة بعمق يصل إلى 30 كيلومتراً». وأضافت تلك المصادر أن الجانب الأميركي قدّم تصوراً لجدول أعمال يمتد لفترة طويلة، وأن طول المدة ولّد خوفاً من تكرار ما جرى خلال تنفيذ «خريطة الطريق» الخاصة بمنبج، من تعثّر. وعن الفريق العسكري المشترك الذي قيل إنه يعمل على دراسة تفاصيل هذا الملف، أشارت المصادر إلى أن «ما يجري بحثه على هذا المستوى هو مقترحات الدوريات المنسّقة أو المشتركة، ونقاط المراقبة المحتملة».

وأوضح وزير الخارجية جاويش أوغلو أن «الأمر المختلف (عن جولات التفاوض السابقة) أن هناك أفكاراً جديدة حول هوية من سيجري إشراكهم في (حماية) المنطقة الآمنة، والدوريات المشتركة»، مضيفاً في الوقت نفسه أن «أشد المواضيع حساسية بالنسبة إلى أنقرة، عمق تلك المنطقة الآمنة وإبعاد حزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب الكردية منها... ولم نتوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا». وبيّن أن «مقترح الولايات المتحدة الجديد لإقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا يشبه إلى حدّ كبير النموذج المتبع في منبج»، مشيراً إلى أن «خريطة منبج لم تتحقق بالكامل على الرغم من مرور أكثر من عام على الاتفاق بشأنها».

وشدد على الحاجة إلى التفاهم في أقرب وقت ممكن، لأن تركيا «نفد صبرها». وبالتوازي، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن للمبعوث الأميركي، إن إنشاء «المنطقة الآمنة» لن يحصل إلا من خلال خطة تلبي تطلعات أنقرة. وجاء ذلك خلال اجتماع عقده قالن مع جيفري، أمس، في المجمع الرئاسي التركي. وشدد قالن خلال اللقاء، على «أولويات الأمن القومي» لبلاده بنحو واضح، على حد ما نقلت عنه وكالة «الأناضول». وتعكس التصريحات التركية، أمس، غياب الثقة بالمشاريع الأميركية المستجدة، استناداً إلى العقبات التي واجهت التعاون في ملف منبج (وسواه)، والوعود بسحب «وحدات حماية الشعب» الكردية منها.

إلى جانب ما رشح من موقف تركي لافت إزاء التصور الأميركي لملف «المنطقة الآمنة»، تحدث جاويش أوغلو عن احتمال إعلان تشكيل «اللجنة الدستورية» خلال الأيام المقبلة، قائلاً إنه ناقش ذلك في آخر اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وأضاف أن الأطراف «توافقت على صيغة 4+2 لحل معضلة ممثلي المجتمع المدني» مشيراً إلى أنه «حُيِّدَت الخلافات الحاصلة حول أعضاء اللجنة، ويجري العمل على النظام الداخلي لها، وكيفية عملها». ولم تقتصر المكالمة مع لافروف على ملف «الدستورية» إذ لفت وزير الخارجية التركية إلى أنه طلب من موسكو «وقف الهجمات التي تستهدف منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب».

وقال مسؤولون في الجيش التركي اليوم الخميس إنّ مسؤولين من تركيا والولايات المتحدة سيواصلون إجراء محادثات بشأن المنطقة الآمنة المزمعة في شمال سورية بعد يوم من تحذير أنقرة من أنها ستشنّ عملية عبر الحدود إذا لم يتمّ التوصل لاتفاق.

وقالت تركيا أمس الأربعاء إنّ "صبرها نفد" مع الولايات المتحدة بشأن المنطقة الآمنة. وأضافت أن واشنطن تعرقل التقدم مثلما فعلت مع خارطة طريق متفق عليها لتطهير مدينة منبج من "وحدات حماية الشعب الكردية" التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية. وقال المسؤولون إنّ نحو ألف من مقاتلي "وحدات حماية الشعب" ما زالوا في منبج على الرغم من الاتفاق مع واشنطن على تطهير المنطقة، وأضافوا أنّ ما كانت تنتظره تركيا لم يتحقق.Kaard2918.7.25

 إلى ذلك عززت "قوات سورية الديمقراطية"(قسد) مواقعها العسكرية على الحدود مع تركيا فيما ذكرت مصادر كردية أن قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة تقوم بإنشاء نقطة مراقبة جديدة على الحدود وذلك بعد تزايد حديث تركيا عن إمكانية قيامها بعملية عسكرية في شرق الفرات بغية إقامة المناطق الآمنة. وقالت مصادر محلية إن تعزيزات "قسد" شملت ذخائر وأسلحة ثقيلة وعربات مدرعة إضافة إلى رشاشات ثقيلة ومتوسطة وصلت إلى قرية المنبطح قرب مدينة تل أبيض شمالي الرقة قادمة من القاعدة العسكرية في بلدة عين عيسى.

وكان الجيش التركي استهدف بالرشاشات دورية تابعة لـ"قسد" في قرية المنبطح أمس الأربعاء. وأرسلت "قسد" الاثنين الماضي تعزيزات إلى منطقتي فويلان و زعزوع، تضم نحو 70 عنصراً من المشاة وآليات مزودة برشاشات متوسطة. كما استقدمت " قسد" خلال الأيام القليلة الماضية تعزيزات عسكرية من الرقة وريف دير الزور إلى خطوط التماس في مدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي. بالتزامن ذكر موقع "باسنيوز" الكردي أن قوات التحالف الدولي أقامت نقطة مراقبة جديدة على الحدود السورية مع تركيا ضمن منطقة تسيطر عليها مليشيات "قسد" شمالي الحسكة.

ونقل الموقع عن مصدر كردي سوري قوله اليوم الخميس إن "التحالف الدولي ينشئ نقطة مراقبة جديدة قرب بلدة الدرباسية على الحدود مع تركيا بعد إطلاق الجانب التركي عدة قذائف على رأس العين وريفها، أخيراً" مضيفاً أن "تعزيزات جديدة لقوات "قسد" والتحالف الدولي وصلت إلى الدرباسية وإلى قرى في ريف رأس العين الغربي". وأشار إلى "تمركز قوات منها ضمن أحياء رأس العين ووضع القناصة في المباني العالية".

وأوضح أن "الهدف من إقامة نقطة مراقبة جديدة للتحالف الدولي هو ردع الجانب التركي عن القيام بعملية عسكرية في شمال شرق سورية، إذ إن التهديدات التركية مترافقة بتحضيرات فعلية وتعزيزات كبيرة" وتأتي تلك التطورات بعد أيام من إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أن عملية عسكرية ستبدأ شرقي نهر الفرات إذا لم تقم منطقة آمنة في شمال سورية، وإذا استمرت التهديدات التي تواجهها بلاده.

«اجتماعات عمّان» الأميركية: استنهاض العشائر

يتواصل الحراك الإقليمي والدولي في إطار الإعداد لمشروع «المنطقة الآمنة» و«القوات المتعددة الجنسيات» الذي تعمل إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب على إنفاذه، بالتوازي مع نشاط أميركي لافت يستهدف وضع استراتيجية لمحاربة الوجود الإيراني في سوريا وإضعاف نفوذها الإقليمي. ولا تخرج الخطوات الأميركية عن ترتيب الأولويات التي حددها مسؤول الملف السوري في إدارة ترامب جايمس جيفري وعلى رأسها العمل على «إخراج إيران من سوريا». وفي موازاة النقاش الأميركي ـــ التركي المستمر حول مستقبل مناطق شرقيّ الفرات بعد مدة قصيرة من الكشف عن استعداد قوات فرنسية وبريطانية لمشاركة أوسع في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، تحاول واشنطن جرد أوراقها التي يمكن استثمارها.

آخر التحركات الأميركية استضافته العاصمة الأردنية عمّان التي شهدت الأسبوع الماضي اجتماعاً واسعاً، ضمّ مسؤولين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين مع قوى وشخصيات معارضة سورية، بهدف «قراءة» واقع الوجود الإيراني في سوريا واختيار الوسائل الأفضل لمواجهته. وكشفت مصادر مقرّبة من شخصيات حضرت الاجتماع الذي انعقد في أحد فنادق العاصمة أن «الاجتماع ضمّ شخصيات معارضة في أغلبها من محافظتَي دير الزور وحلب». وبينت المصادر أن الجانب الأميركي «ركز على ضرورة الحصول على بيانات عسكرية وأمنية عن حجم وجود إيران وحزب الله في سوريا والعمل على إخراج صيغة مناسبة لمحاربته بما يمكّنه من دفع إيران إلى الانسحاب». ولفتت المصادر إلى أن «واشنطن تريد تحديد ما إذا كانت هناك حاجة لعمل عسكري من عدمها، وحجم هذا الجهد إن كان مطلوباً وذلك وفق البيانات التي كلّفت مجموعات من المجتمعين الحصول عليها بالتعاون مع شخصيات موجودة في الداخل السوري». وأكدت المصادر أنه «اتُّفق على عقد اجتماع لاحق، لتحديد الأولويات حينها».

وانسجم هذا التحرك مع تصريحات إعلامية لافتة لرئيس «مجلس دير الزور العسكري» أحمد الخبيل المعروف بلقب «أبو خولة»؛ إذ وصف الأخير القوات الإيرانية الموجودة في سوريا بأنها «الوجه الآخر لداعش» وأنها مع القوات الحكومية السورية «قوات احتلال». وأكد «استعداد القوات (مجلس دير الزور العسكري) لتحرير دير الزور وإعادة المهجّرين إليها، حينما يكون الظرف مناسباً».

وتترافق هذه التطورات مع إجراءات تسعى السعودية إلى تمريرها على الأرض، بعدما اتُّفق عليها خلال زيارة الوزير السعودي، ثامر السبهان، لدير الزور، واجتماعه مع شخصيات سياسية وعسكرية وعشائرية. وتبدو خطوة إحياء «قوات النخبة» التابعة لـ«تيار الغد» بزعامة أحمد الجربا، ودمجها مع «مجلس دير الزور العسكري»، واحداً من أهم تلك الإجراءات التي تعمل الرياض على إنجاحها بهدف خلق قوة عربية تكون قادرة على تنفيذ عمل عسكري موجّه ضد إيران في سوريا، في حال رفض «قوات سوريا الديموقراطية» المشاركة فيه. وتكشف معلومات عن وجود بعض قيادات «قوات النخبة» السابقين في ريف دير الزور الشرقي وبدء تنسيقهم مع أعداد من المقاتلين لإعادة تنظيم الصفوف تحضيراً لخطوة الاندماج مع «مجلس دير الزور العسكري».

ولا يبدو أن هذه الخطوة تلقى ترحيباً من قيادة «قسد»، التي قالت عدة مصادر إنها لم تُبدِ ارتياحاً لسلسلة الاجتماعات التي عقدها السبهان خلال زيارته الأخيرة مع شخصيات عشائرية بحضور رئيس «مجلس دير الزور المدني»، خاصة أن تلك الشخصيات حمّلت السبهان مطلب انسحاب المكونات الكردية في «قسد» من أراضي دير الزور وتسليمها لـ«أهل المنطقة». ورأت بعض المصادر أن هذا الاستنكار من «قسد» تظهّر عبر بعض الإجراءات التي اتبعتها أخيراً والتي يبدو أنها تهدف إلى الحدّ من صلاحيات «مجلس دير الزور المدني» من خلال الإيعاز إلى كافة الحواجز والنقاط العسكرية بإلغاء المهمات الصادرة عن المجلس وعدم التعامل معها.Syriain2019.7.25

توازياً مع ما سبق بدأت تركيا والولايات المتحدة محادثات لإنشاء «منطقة أمنية» في شمال سوريا، وفق بيان لوزارة الدفاع التركية. الأخيرة قالت إن «مسؤولين عسكريين من البلدين بدأوا اليوم في أنقرة العمل معاً على إنشاء منطقة أمنية ستقام بنحو منسّق في شمال سوريا»، مضيفة أنّ من المقرر إجراء مزيد من المحادثات خلال الأيام المقبلة. وجاء الاتفاق بعد اجتماع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار والمبعوث الأميركي جايمس جيفري. وبعد ساعات على زيارة قائد القيادة الأميركية الوسطى كينيث ماكينزي عين العرب (كوباني)، أُطلقت قذيفتان صاروخيتان من داخل مناطق سيطرة «قسد» باتجاه الأراضي التركية (ليل أمس الأول) وتحديداً ولاية شانلي أورفه. وأدّت القذائف وفق وسائل الإعلام التركية إلى إصابة 6 مدنيين، جرى إسعافهم وزارهم والي شانلي أورفه، عبد الله أرين، في المستشفى. وردّت القوات التركية المتمركزة على الحدود على نقاط تقابل مكان سقوط القذائف، من دون أن يتطور هذا التصعيد إلى اشتباكات متواصلة.

اللاجئون السوريون في تركيا: أردوغان يزايد على إمام أوغلو!
لا تزال أصداء الإجراءات التي أعلنتها تركيا بخصوص اللاجئين السوريين في مدينة إسطنبول وبقية المدن، تلقي بظلالها على مئات الآلاف من المواطنين الهاربين من أتون الحرب في سوريا. وجاءت تعليمات بلدية إسطنبول الجديدة، الثلاثاء الماضي، لتزيد من غموض مصير هؤلاء. فالبلدية أصدرت تعليمات تتضمّن إجبار اللاجئين السوريين المسجّلين وفقاً لقانون الهجرة التركي في محالّ إقاماتهم في مدن أخرى غير إسطنبول على الرجوع إلى تلك المحافظات فوراً حتى لا يتعرضوا لخطر الترحيل من البلاد بالكامل. وبيّنت السلطة المحلية في بيان أصدرته الإثنين، أن 522 ألفاً و381 أجنبياً يقيمون حالياً في إسطنبول بموجب بطاقات إقامة صادرة عن الجهات الرسمية، مضيفة أن العدد الإجمالي للأجانب المقيمين في إسطنبول يبلغ مليوناً و69 ألفاً و860، في حين يبلغ عدد سكان إسطنبول نحو 15 مليون نسمة. القرار الجديد يقضي بإجبار ما لا يقل عن 200 ألف سوري في إسطنبول على العودة إلى المدن التركية الأخرى التي سجلوا فيها إقاماتهم قانونياً.

ويرجع «زحف» اللاجئين السوريين إلى إسطنبول بالذات، إلى كونها العاصمة الاقتصادية للبلاد، وفيها تتوافر فرص العمل وآفاق التجارة والمشروعات، إضافة إلى الموجة الشعبية التي خلقها وجود مئات الآلاف من العرب ما جعل بعض الأحياء في إسطنبول أقرب إلى طابع الأحياء العربية والسورية على وجه الخصوص، ومنح السوريين شعوراً بأنهم يعيشون في بلادهم الأصلية. في المقابل، سبّبت «الغيتوات» السورية في الكثير من الأحياء في إسطنبول حالات صدام مع الأتراك، وخاصة الأكراد منهم، ما خلق توتراً بين السوريين والأتراك لم يكن موجوداً من قبل. تُضاف إلى ما تقدّم «الأضرار» الاقتصادية التي يراها التركي نتاجاً لـ«فوضى» التعامل مع السوريين في إسطنبول، ومنها زيادة أسعار الخدمات وإيجارات المنازل والسيارات وأسعار المواصلات، بمعدلات لم تكن موجودة، على الأقلّ قبل خمس سنوات. فعلى سبيل المثال زاد إيجار الشقق في إسطنبول بشكل كبير حتى في بعض الأماكن ذات المستوى الاجتماعي المتوسط لتبلغ قيمة إيجار شقة من غرفتين وصالة إلى ما يعادل 400 دولار وهو رقم «خرافي» بالنسبة إلى سكان إسطنبول من الأتراك وهذا لا ينفي أن هناك معدلات إيجارات رخيصة بالطبع.

لكن في الواقع وبحسب روايات سوريين منهم صحافيون وتجار ورجال أعمال وطلاب، فإن قرار الحكومة التركية المفاجِئ حسْمَ ملف اللاجئين السوريين لم يكن في الحسبان، ما يجيز الاعتقاد بأن تركيا بدأت تتعامل مع هذا الملف «كورقة سياسية» وفق ما يقول صحافي سوري مقيم في إسطنبول. مع ذلك، يلفت أحد الصحافيين السوريين الذين حضروا لقاء وزير الداخلية التركي مع ممثلين عن الإعلام العربي في إسطنبول إلى أن ما يقارب مليوناً و200 ألف سوري يعيشون في إسطنبول وحدها فقط، منهم 500 ألف سوري بلا هويات وبلا أوراق قانونية ويشكلون ضغطاً على الحكومة التركية التي لا تريد إحراجاً لهم إذا ما طبّقت القانون ضدهم.

ويرى سعيد أمينو وهو صحافي سوري مقيم في تركيا ويقترب من الحصول على الجنسية التركية من جهته أن هزيمة بن علي يلدرم في الانتخابات البلدية في إسطنبول هي التي عجّلت في فتح ملف اللاجئين السوريين معتبراً أن نجاح أكرم إمام أوغلو كان من أسبابه الاعتماد على «فزاعة السوريين» في إسطنبول والمحال العربية التي ترفع أرقاماً وأسماءً عربية، بحجة أن ذلك يهدّد عراقة إسطنبول وتاريخها وتراثها. ويوضح أمينو أن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم حتى يضمن عدم «تلاعب» إمام أوغلو بملف اللاجئين مرة أخرى ليزيد من شعبيته في مواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان، ويهيّئ المناخ له لمنافسة الرئيس التركي في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2023م اضطر إلى أن يستخدم هو الورقة نفسها لكي ينهي ملف اللاجئين، بدلاً من أن يستخدمها إمام أوغلو ضد اللاجئين وضد الحزب الحاكم.

وبهذا الإجراء الذي قامت به حكومة أردوغان، بحسب صحافي سوري آخر يعمل في مؤسسة إعلامية قطرية، فقد «قطعت الطريق على إمام أوغلو تماماً، للمتاجرة بملف اللاجئين لدى جمهوره من المعارضة التركية». ويشير الصحافي المذكور إلى أن تركيا تضغط على الاتحاد الأوروبي بطبيعة الحال بهذا الملف، ما يساعدها على الحصول على المزيد من الدعم المالي لوقف زحف اللاجئين السوريين إلى أوروبا وهو ربما ما ستكشف عنه الأيام المقبلة. من زاوية أخرى فإن وجود 500 ألف سوري في إسطنبول من دون أذونات عمل ولا إقامات عمل، يهدر على الأتراك وفق ما يلفت إليه أحد المقيمين مئات الآلاف من الدولارات سنوياً بسبب عدم تقنين الأوضاع الخاصة بهؤلاء السوريين ما يدفع حكومة أردوغان إلى تحريك هذا الملف أيضاً.

رغم ذلك كله ثمة محاولات «تسوية» تقوم بها الحكومة التركية ممثلة بمستشار أردوغان ياسين أقطاي الذي قال في تصريحات قبل أيام إن هناك مساعي لحل أزمة اللاجئين السوريين بشكل ودي وبعيداً عن إجراءات الترحيل التي حدثت من دون الدخول في تفاصيل.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية