المرصاد نت - محمد العيد
حمل خطاب رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، أمس، مفاجآت غير سارة لـ«هيئة الوساطة والحوار» التي يقودها رئيس «المجلس الشعبي الوطني» سابقاً (الغرفة الأولى للبرلمان) كريم يونس إذ رفض قايد صالح «تدابير التهدئة» التي كان قد نادى بها أعضاء الهيئة كشرط لتهيئة المناخ للحوار. وقال: «تجدر بي الإشارة إلى بعض الأفكار المسمومة التي بثّتها العصابة (تسمية باتت تطلق على رجالات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة)، وتبنّاها بعض الأصوات التي تدور في فلكها، والمتمثلة في الدعوة إلى إطلاق سراح الموقوفين الموصوفين زوراً وبهتاناً بسجناء الرأي كتدابير تهدئة بحسب زعمهم. وعليه، أؤكد مرة أخرى أن العدالة وحدها من تُقرر، طبقاً للقانون، بشأن هؤلاء الأشخاص الذين تعدّوا على رموز ومؤسسات الدولة وأهانوا الراية الوطنية، ولا يحق لأي أحد كان أن يتدخل في عملها وصلاحياتها ويحاول التأثير على قراراتها».
يشير كلام قايد صالح إلى من باتوا يُعرفون في الجزائر بـ«سجناء الراية الأمازيغية»، وهم الذين تم اعتقالهم في التظاهرات بسبب حملهم هذه الراية التي كانت مسموحة في بداية الحراك الشعبي، قبل أن يصدر قائد الجيش في إحدى خطبه أوامر بمنعها. كما يتضمن كلامه إشارة إلى قضية القائد التاريخي في الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي، لخضر بورقعة الذي تم سجنه أخيراً بسبب تصريحات له عُدّت «مساساً» بالمؤسسة العسكرية وهو الأمر الذي لم يستسغه كثيرون يطالبون بإطلاق سراحه فوراً، معتبرين أن قضيته سياسية بامتياز.
كذلك رفض قايد صالح اشتراط «هيئة الوساطة والحوار» فكّ التدابير الأمنية حول العاصمة في أيام التظاهر، ووصف هذه الدعوة بـ«المشبوهة وغير المنطقية» معتبراً أن هذه التدابير تهدف إلى الوقاية وتفادي اختراق المسيرات. ويُعاني آلاف الجزائريين، أيام الجمعة، من صعوبة الوصول إلى العاصمة، بفعل الحواجز الأمنية الكثيرة المنصوبة عند كل مداخلها ما يجعل من حركة التنقل في هذا اليوم جحيماً، حتى لأولئك الذين لا يشاركون في المسيرات.
يضع خطاب قايد صالح رئيس الدولة المؤقت، عبد القادر بن صالح، في حرج شديد لكون الأخير تعهد خلال لقاء تنصيب «هيئة الحوار» بالنظر في تحقيق هذه الشروط. وأكد بن صالح، حينها، أنه مستعد لدعوة العدالة إلى «دراسة إمكانية إخلاء سبيل الأشخاص الذين تم اعتقالهم لأسباب لها علاقة بالمسيرات الشعبية»، و«النظر في إمكانية تخفيف النظام الذي وضعته الأجهزة الأمنية لضمان حرية التنقل، حالما لا يؤثر ذلك على مستلزمات الحفاظ على النظام العام وحماية الأشخاص والممتلكات أثناء هذه المسيرات».
وتثبت هذه التطورات وفق مراقبين ضعف هامش المناورة لدى رئيس الدولة المؤقت، في مقابل هيمنة المؤسسة العسكرية، وهو ما يجعل القرار في نهاية المطاف بيدها. واللافت أن خطاب رئيس أركان الجيش تضمن إشادة بالحوار، لكن في الحدود المسموح بها، بحيث يجب أن يقتصر على الانتخابات الرئاسية وتهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها في أقرب الآجال، من دون أن يخضع، كما قال، لـ«أسلوب وضع الشروط المسبقة التي تصل إلى حدّ الإملاءات».
تبقى الأنظار مشدودة إلى موقف منسق «هيئة الحوار»، كريم يونس، الذي نبّه قبل ثلاثة أيام إلى أنه لا يمكن الانطلاق في الحوار إذا لم تتمّ إجراءات التهدئة التي حصرها في إطلاق سراح معتقلي الحراك، وفكّ التضييق على العاصمة، وفتح الإعلام العمومي على المعارضة، والعمل على تغيير الحكومة. وكان يونس متمسّكاً بعذر أن هذه الإجراءات ستأخذ بعض الزمن، لكنها ستُنفذ في الأخير ما دام رئيس الدولة قد تعهد بها، لكن المعطيات تغيرت تماماً اليوم بعد خطاب رئيس أركان الجيش، المُعاكس تماماً لخط سير الرئاسة.
وعدا تجاهل السلطة لشروطه، يواجه كريم يونس ضغطاً كبيراً من الشارع والمعارضة الرافضة للطريقة التي تشكّلت بها «هيئة الحوار» إذ رفع العديد من المتظاهرين، في يوم الجمعة الأخير، لافتات تتهم يونس بالانخراط في أجندة السلطة التي تُحاول بحسبهم تزيين واجهتها بحوار شكلي، في حين تنفّذ في الخفاء أجندتها الرامية إلى إعادة تجديد النظام في انتخابات رئاسية على المقاس. وأدى ذلك بيونس إلى طلب نجدة العديد من الشخصيات للانضمام إلى «هيئة الحوار» لكن من دون جدوى فقد رفض كل من رئيس الحكومة سابقاً، مولود حمروش ووزير الخارجية سابقاً أحمد طالب الإبراهيمي والمحامي والحقوقي الناشط في الحراك مصطفى بوشاشي والعديد من الأسماء التاريخية أن يكون لهم أي دور في عمل هذه الهيئة.
ويُرجّح كثيرون أن يُقدّم يونس ــــ الذي اشتهر بمعارضته للولاية الثانية للرئيس السابق بوتفليقة ــــ استقالته من «هيئة الحوار» نظراً إلى طبعه الذي يرفض الخضوع للأمر الواقع. كذلك، تُرجَّح استقالة الخبير الاقتصادي صاحب النظرة المعارضة لهذه الهيئة إسماعيل لألماس ما سيجعل مصير مبادرة الحوار، التي كان هدفها فكّ الانسداد السياسي في البلاد، معلّقاً.
المزيد في هذا القسم:
- جيبوتي.. تزاحم قوى العالم بحثاً عن النفوذ في "باب المندب" المرصاد نت - متابعات الحرب في إفريقيا حرب الصراع على الموارد والثروات. أما عندما نتكلم عن جيبوتي فهذا الأمر لا يتعلق بها لا من قريب ولا من بعيد فهي لا تملك أس...
- «الشرعنة» الأميركية للمستوطنات: هذا هو الواقع فاقبلوه! المرصاد نت - متابعات يكفي تصريح واحد من الإدارة الأميركية حول مسألة من المسائل الفلسطينية الحسّاسة، كالقدس والاستيطان، حتى تغرق الوكالات ووسائل الإعلام باستهج...
- أهداف أمريكا من فرض عقوبات جديدة على روسيا المرصاد نت - متابعات بعد وصول "دونالد ترامب" إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض ظنّ الكثيرون بأن علاقات واشنطن وموسكو ستتخذ منحىً آخر يختلف عمّا كان في عهد الرئي...
- القدس أمانة.. بعض الدول بدأت تحذو حذو واشنطن...من يوقف العاصفة؟! المرصاد نت - متابعات مازال العالم يترقّب موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتبعات هذا الحدث على طبيعة العلاقات القادمة بين الدول، وفرز المواقف بين مؤيد وم...
- لماذا اختفى خليفة بن زايد .. تسريباتٌ تكشفُ تفاصيلَ الانقلاب الصامت في دولة الإمارات المرصاد نت - المراسل نت تساؤلاتٌ تُطرَحُ بشكلٍ يومي على المستوى الخليجي والعربي- خصوصاً الداخل الإمَـارَاتي - عن الاختفاء الغامض لرئيس الدولة “خليفة ...
- الرئيس الأسد يبحث مع لافرنتييف جهود الحل السياسي ومستجدات الحرب على الإرهاب! المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس بشار الأسد مواصلة الجهود لإحراز تقدم على المسار السياسي ولاسيما في ما يتعلق بتشكيل لجنة مناقشة الدستور وآليات وإجراءات عملها و...
- عاصمة أوروبية ترفع العلم الفلسطيني فوق مبنى بلديتها بشكل رسمي المرصاد نت - متابعات قررت العاصمة الايرلندية دبلن وبشكل رسمي رفع العلم الفلسطيني فوق مبناها تضامنا مع الشعب الفلسطيني ومعاناته من ممارسات الاحتلال الوحشية. ...
- قناة إماراتية تبث تقريراً خطيراً بالأرقام يؤكد ان السعودية تقترب من الإفلاس المرصاد نت - متابعات كشفت قناة إماراتية أن السعودية قد تتجه لخفض قيمة الريال مقابل الدولار بسبب تآكل احتياطاتها المالية جراء انهيار أسعار النفط وتراكم مستحقات...
- تونس: تنافس حاد في الانتخابات التشريعية اليوم! المرصاد نت - متابعات بدأ التونسيون اليوم الأحد التصويت لانتخاب برلمانهم الثالث منذ عام 2011م ويختار التونسيون من بين 15 ألف مرشح 217 مقعداً ضمن أكثر من ألف و5...
- الحريري يطيح النأي بالنفس: مبايعة السعودية في كل شيء! المرصاد نت - متابعات في تموز وآب 2006 كان لبنان يتعرّض لأقسى حربٍ إسرائيلية. المقاومة تواجه العدّو الصهيوني تحت أنظار ما يُسمّى «المجتمع الدولي» ا...