ليبيا : غسان سلامة تحت نيران «الوفاق»وحفتر يجهز لهجوم وشيك على طرابلس!

المرصاد نت - متابعات

منذ توليه مهمة رئاسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا منتصف عام 2017م اتُّهم غسان سلامة عدة مرات بالانحياز إلى أحد طرفي الصراع. وتزايدت الاتهامات مع انطلاق هجوم قوات المشير خليفةSalmah2019.78.1 حفتر على طرابلس في الرابع من نيسان/ أبريل. وفيما كان محور شرق ليبيا مصدر أغلب الحملات على سلامة تعرّض الرجل أمس لسيل من الاحتجاج أيضاً من مؤسسات حكومة «الوفاق» المتمركزة في طرابلس غرب البلاد.

بدأ الأمر مع تسليم رئيس المجلس الرئاسي لـ«الوفاق» فائز السراج سلامة «مذكرة تتضمن احتجاجاً على ما ورد من مغالطات في إحاطته لمجلس الأمن حول الوضع في ليبيا» وفق بيان صادر عن المجلس. تلا ذلك بيان آخر صادر عن وزارة الداخلية رأى أن «الإحاطة (خضعت) لتوازنات سياسية على حساب كشف الحقيقة والموضوعية» ما جعلها بمثابة «إخفاق من البعثة الأممية». بيان الوزارة المطوّل فنّد وجوه ذلك «الإخفاق» في إحاطة المبعوث ومن أهمها ما اعتبره «المساواة» بين حادثتَي اختطاف قوات حفتر مدير إدارة الرقابة الغذائية في طرابلس محمد عمر المشاي واختطاف النائب البرلماني سهام سرقيوة في شرق البلاد.

ودافعت الوزارة عن موقفها بالقول إنّ اختطاف المشاي هو في واقع الأمر «استيقاف من جهة ضبط قضائي»، وقد أُحيل على النائب العام الذي قرر «الإفراج عن المتهم مع استمراره في التحقيقات» في حين أن عضو البرلمان تتمتع بحصانة «وهي اليوم مجهولة المصير» (اختطفت سرقيوة من منزلها وتعرض زوجها لاعتداء جسدي وذلك بعد عودتها من اجتماع برلماني ليبي في القاهرة منتصف الشهر الحالي وإدلائها بتصريحات اعتبرت فيها أن «جماعة الإخوان المسلمين حزب مثل أي حزب آخر»).

نقطة الاحتجاج الثانية في بيان الوزارة تتعلق بما أورده سلامة عن قتل حراس تابعين لحكومة «الوفاق» عدداً من المهاجرين المحتجزين في مركز تاجوراء وذلك لمنعهم من الهروب بعد تعرض المركز لقصف جوي من قِبَل قوات حفتر. إذ اعتبرت الوزارة هذا الزعم «افتراءً وليس له أساس من الصحة» استناداً إلى سجلات الوفاة وتقارير الطب الشرعي وتحقيقات مكتب النائب العام، وجميعها متوافرة لدى البعثة الأممية.

بدورها أصدرت «رئاسة أركان الجيش» بياناً أكثر شدّة، تناولت فيه «زعم» المبعوث الأممي وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات «الوفاق»، وطلبت من سلامة مدّها بـ«قائمة بالمتطرفين والإرهابيين حسب تصنيف الأمم المتحدة»، وهددته في حال عدم استجابته بملاحقته قانونياً باعتبار ما ورد على لسانه «محاولة لتشويه الجيش الليبي وحكومة الوفاق الوطني».وذهب البيان أبعد من ذلك باتهامه سلامة بتبني «ما يرد على لسان مسؤولي القوات المعتدية على الحكومة الشرعية والعاصمة الذين وصل بهم الأمر إلى اتهام رئيس المجلس الرئاسي بالإرهاب والتطرف».

أما المجلس الأعلى للدولة وهو هيكل استشاري منبثق من اتفاق الصخيرات ومركزه في طرابلس فقد قال في بيان أول من أمس إنه «يعمل على إعداد ردّ كتابي يُقدّم إلى الأمين العام والدول الأعضاء في مجلس الأمن يبيّن ما جاء في هذه الإحاطة من مغالطات» خاصة «مع ما تثيره من شكوك حول حيادية عملها (البعثة)، والانحراف الواضح عن الدور المنوط بها». وحتى عشية أمس لم يُنشر الرد الكتابي للمجلس ويبدو أن مردّ ذلك خلافات بين أعضائه خاصة وأن بعضهم أعلنوا في تصريحات إعلامية نيتهم المطالبة برحيل سلامة.

وتُعدّ هذه الحملة الأبرز على المبعوث الأممي في غرب ليبيا، حيث كان يتعرض سابقاً لتهم من شرق البلاد بالانحياز إلى حكومة «الوفاق» وردّ بعضها على لسان خليفة حفتر نفسه. وقبل انتقال الاحتجاج إلى مؤسسات «الوفاق»، كانت الانتقادات تجاه سلامة ترد على لسان قيادات من الميليشيات التي تقاتل إلى جانبها والتي يتبنى بعضها موقفاً متشدداً تجاه المسار السياسي برمته ولا يرى حلاً في الاحتكام إلى المفاوضات أو الدبلوماسية.

فيما لا يزال مسرح المعركة جنوب العاصمة الليبية طرابلس يشهد تبادلاً للضربات الجوية ورغم الهدوء الحذر في مختلف محاور القتال على الأرض إلا أن مصادر مطلعة تتحدث عن استعدادات في صفوف قوات حكومة الوفاق ومليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لمعركة جديدة تتوسع خلالها رقعة الاشتباك.

وكشفت مصادر مطلعة عن استعداد حثيث من قبل طرفي القتال، لشن هجوم واسع قد يؤدي لتوسع رقعة المعركة لتشمل مناطق جديدة. وكشف مصدر برلماني موال لحفتر من طبرق عن استعداد قيادة قوات حفتر لإطلاق "ساعة صفر" جديدة تهدف لتنفيذ عملية واسعة باتجاه طرابلس، مرجحاً أن يكون موعدها أول أيام عيد الأضحى. ونفى المصدر علمه بالتفاصيل العسكرية للهجوم المقبل لكن معلوماته تؤكد الاستعداد لشن هجوم وشيك يعد له حفتر بشكل دقيق.

وكشف المصدر بعض التفاصيل قائلاً "يتم الإعداد لهجوم جوي مكثف بعد وصول دعم عسكري جديد، من ضمنه ست طائرات إماراتية مسيرة"، مشيراً إلى أن الحملة الجوية ستستهدف مصراته وسرت ومواقع الجيش في غريان وجنوب طرابلس. وأكّد المصدر أن قادة حفتر يعولون بشكل كبير على تدمير أهداف ومراكز هامة لقوات حكومة الوفاق تزامناً مع تقدم على الأرض.

ورجّح المصدر أن يتمكن حفتر من التقدم في مواقع جديدة لكنه لفت في المقابل إلى أن "طموح حفتر في السيطرة الكلية على طرابلس تراجع بشكل كبير" موضحاً أنّ "هدفه يتوقف على السيطرة على مواقع جديدة جنوب طرابلس وحولها لا سيما منطقة القربولي شرق طرابلس والزاوية غربها"ويبدو أن عزم حفتر على إطلاق حملة عسكرية جديدة باتجاه طرابلس معلومة ليست غائبة عن قوات حكومة الوفاق التي أعلنت بدورها التحشيد العسكري.

وأعلن قائد المنطقة العسكرية الغربية التابعة لقوات الجيش بقيادة حكومة الوفاق اللواء أسامة جويلي عن اتخاذ قواته إجراءات، وصفها بـ"غير المتوقعة" تحسباً لهجوم جوي على العاصمة طرابلس. وأشار الجويلي، خلال مقابلة مصورة نشرتها عملية "بركان الغضب" إلى أن الهجوم الجوي الوشيك على طرابلس "خارجي" في إشارة لإمكانية مشاركة طيران أجنبي في العملية المقبلة. وذكر الجويلي أن معلومات استخباراتية أشارت إلى استعدادات لشن ضربات جوية من خلال استقدام جهات خارجية مؤكداً استعداد قيادة الجيش لصد أي هجوم وأن الهجوم "سيكون له ردة فعل وإجراءات مضادة غير متوقعة".

بالتزامن أكّد أحد القادة الميدانيين بقوات حكومة الوفاق في محور وادي الربيع، لـ"العربي الجديد" وجود استعدادات كبيرة لاقتحام منطقة ترهونة وعملية أخرى تتجه للسيطرة على قاعدة الجفرة. ووجهت قوات حكومة الوفاق ضربة جوية الجمعة الماضية، لقاعدة الجفرة تمكنت خلالها من تدمير مركز رئيسي لتسيير طائرات وتدمير طائرة نقل عتاد عسكري ومقاتلين بالإضافة إلى قتل عدد من المرتزقة الأفارقة الذين يقاتلون في صفوف حفتر.

وفيما تعد ترهونة المحاذية لطرابلس في جنوبها الشرقي القاعدة الأولى لهجوم حفتر على الأرض باتجاه طرابلس، تعد قاعدة الجفرة، الواقعة على بعد 550 كيلومترا جنوب غرب طرابلس، المركز الرئيسي لقيادة عملياته على طرابلس بعد سقوط غريان، نهاية الشهر الماضي، كما تتواجد فيها مراكز إطلاق وتسيير طائرات إماراتية دون طيار تستهدف مواقع الجيش.

إلى ذلك أعلن المركز الإعلامي لغرفة علميات "الكرامة" التابع لقوات حفتر شنّ غارات جوية أول أمس الثلاثاء على مواقع لقوات حكومة الوفاق في محور عين زاره وفي مدينة غريان. بينما أكّد مكتب الإعلام الحربي التابع لحكومة الوفاق، استهداف سلاح الجو "تجمعات لمليشيات حفتر في الكازيرما والكايخ وما بعد الأحياء البرية بمحور المطار جنوب العاصمة". وعلى الرغم من إعلان طرفي القتال شن ضربات جوية إلا أن أيا منهما لم يشر إلى اشتباكات على الأرض خلال الساعات الماضية.

وخلفت الحرب التي أطلقها حفتر على طرابلس منذ إبريل/نيسان الماضي أكثر من ألف قتيل فيما تجاوز عدد الإصابات 5 آلاف جريح بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية