ليبيا : مجزرة جديدة ترتكبها قوات حفتر ودعوات إلى تحقيق أممي

المرصاد نت - متابعات

تعرضت مدينة مرزق، مساء أول من أمس، لقصف جوي من طائرات مسيّرة استهدف تجمعاً لعدد كبير من الناس اختلفت الروايات حول طبيعته بين من يقول إنه حفل زفاف ومن يقول إنه مناسبةMazrak2019.8.6 عزاء. الثابت في الموضوع مقتل وجرح العشرات. وفي ظلّ غياب الأعداد الرسمية للضحايا تشير تقديرات إلى سقوط ما بين 20 و41 قتيلاً، وأكثر من 60 جريحاً.

في وصفها للقصف قالت قوات حفتر عبر مركزها الإعلامي إن طائراتها «تستهدف بضرباتها العصابات التشادية المدعومة من تنظيم الإخوان الإرهابي المعتدية على مرزق». وتعتمد قوات حفتر باستمرار حجّة وجود تشكيلات من المعارضة التشادية المسلحة في جنوب ليبيا لتبرير تمددها هناك أو لاستهداف معارضين ليبيين من ذوي البشرة السوداء خاصة المنحدرين من قبائل التبو.

من ناحيته أصدر المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» في طرابلس بيان تنديد بالقصف. وجاء في البيان أن «المجلس الرئاسي يحمّل ميليشيات حفتر المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان وكل ما شهدته المدينة من اعتداءات وانتهاكات في فترة سابقة». وطالب «بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهما وإجراء تحقيق» ودعا «حكماء المنطقة وشيوخها إلى الاحتكام للعقل وأن ينتبهوا إلى ما تستهدفه ميليشيات حفتر من إشعال الفتنة والنزاعات بين المكونات الاجتماعية في المدينة».

ودخلت قوات حفتر إلى مدينة مرزق في شهر شباط/ فبراير الماضي، بعد خوضها معارك دامية مع «قوة حماية الجنوب» التي يتزعمها قيادي من قبائل التبو يدعى حسن موسى. دخول أدى بسرعة إلى نشوب صراعات داخل المدينة، بين أغلبية السكان المنتمين إلى التبو، وأنصار قوات حفتر المنتمين إلى قبائل أخرى. وبعد أيام من استكمال السيطرة على مرزق، اندلعت أعمال انتقامية أدت إلى حرق نحو 90 منزلاً. ويمثّل حرق بيوت الخصوم عرفاً قبلياً في جنوب ليبيا وشرقها يهدف إلى تهجير الأعداء. وفي ردّ فعل على هذه التطورات أعلن حينها ممثلو التبو في برلمان شرق البلاد تعليق عضويتهم وأصدرت النائبة رحمة أبو بكر أدم بياناً قالت فيه إن قوات حفتر استعانت بـ«ميليشيات قبلية متحالفة مع جيش تحرير السودان (ميليشيا تنحدر من دارفور)»، ووصفت ما يحصل بـ«التطهير العرقي لمكوّن التبو».

ويُعدّ قصف أول من أمس امتداداً لهذه التوترات حيث صارت التشكيلات العسكرية المختلفة داخل المدينة متجذّرة ضمن مكوناتها القبلية التي توفر حاضنة اجتماعية لها. ويبدو أن قوات حفتر كانت تريد استهداف عناصر من «قوة حماية الجنوب» لكن الأمر انتهى بقصف تجمّع يحوي عدداً كبيراً من المدنيين. ووقعت آخر هجمات تلك القوة التابعة لـ«الوفاق» في منتصف نيسان/ أبريل، حيث استهدفت «قاعدة تمنهنت الجوية» جنوب البلاد وسيطرت عليها لساعات، قبل أن تنسحب منها.

وليست هذه المرة الأولى التي يخطئ فيها الطيران التابع لقوات حفتر أهدافه، إما لسوء تقدير أو لإيصال رسالة قوة. بداية هذا الشهر، قصفت طائرات مسيّرة مركزاً لإيواء المهاجرين غير النظاميين في ضاحية تاجوراء شرق طرابلس ما أدى إلى مقتل 60 مهاجراً وجرح نحو 130. وبرّرت قوات حفتر العملية باستهداف مخزن للذخيرة مجاور لمركز الإيواء، لكن الأمم المتحدة قالت إنها أمدّت طرفي القتال بإحداثيات دقيقة لجميع مراكز إيواء المهاجرين لتجنّب تعريضها للقصف.

وفي السياق دان المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة القصف المتكرر الذي يتعرض له مطار معيتيقة في العاصمة طرابلس. وأكد سلامة في بيان له أن تكرار القصف يعد أحد أشكال العنف الذي يستهدف المدنيين خلال النزاع الدائر في البلاد مجدداً دعوته أطراف النزاع في ليبيا إلى الدخول في هدنة مع حلول عيد الأضحى.

ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الإثنين، إلى التحقيق في القصف الجوي على مدينة مرزق جنوبي ليبيا وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة إلى العدالة بما يتفق وسيادة القانون. وأعربت البعثة في بيان عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تفيد باستمرار أعمال العنف في مرزق، بما في ذلك تعرض المدينة لعدد من الضربات الجوية ليلة أمس والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العديد من الضحايا المدنيين.

وأكدت أن الهجمات العشوائية تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقد ترقى إلى جرائم حرب، مضيفة أنها تتواصل مع جميع الأطراف في مرزق وتراقب الوضع بشكل فعال من أجل الوقوف على الحقائق.

وفي وقت سابق قال الاتحاد الأوروبي إن القصف الجوي على مدينة مرزق "قد يرقى إلى أن يكون جريمة حرب" وذكرت المفوضية الأوروبية في بيان أن "الهجمات العشوائية ضد المناطق السكنية ذات الكثافة السكنية العالية قد ترقى لجريمة حرب ويجب وقفها فوراً" وأضافت: "يجب تقديم مرتكبي جرائم الحرب ومن ينتهكون القانون الدولي الإنساني إلى العدالة من أجل محاسبتهم" ودعا البيان جميع الليبيين لدعم مقترح المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غسان سلامة، المتمثل بإعادة إطلاق المفاوضات السياسية وتنفيذ هدنة قبل عيد الأضحى.

وبهذا الصدد أعلن مجلس الأمن الدولي دعمه التام لدعوة سلامة من أجل التوصل إلى هدنة بمناسبة عيد الأضحى الذي يحل الأسبوع المقبل وشدد المجلس في بيان على ضرورة "التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والعودة العاجلة إلى عملية سياسية بوساطة الأمم المتحدة".

وقال المجلس إنه يدعم بشكل تام دعوة سلامة في 29 يوليو/ تموز الماضي، إلى إعلان هدنة بين الطرفين بمناسبة عيد الأضحى، على أن تكون مصحوبة بتدابير لبناء الثقة بين الطرفين تشمل تبادل الأسرى ورفات القتلى وأضاف أن "السلام والاستقرار الدائمين لن يتحققا في ليبيا، بما في ذلك إنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة، إلا من خلال حل سياسي" وشدد على "أهمية سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية".

الأمم المتحدة دعت في 30 تموز/ يوليو الماضي إلى هدنة في ليبيا. وفي إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي قال سلامة إن ليبيا تحولت إلى ساحة لتجريب الأسلحة وإعادة استعمال الأسلحة القديمة، متهماً دولاً أجنبية بتسهيل دخول كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة إلى البلاد.

وتجددت الاشتباكات في ليبيا في أوائل شهر تموز/ يوليو الماضي وخاصة في شارع الخلاطات جنوب العاصمة طرابلس وأعلن الجيش الليبي بقيادة حفتر في 129 أيار/ مايو الماضي تقدمه على محاور عديدة في العاصمة على قوات حكومة الوفاق.

وفي سياق آحر غادرت السفينة "أوشن فايكينغ" التي استأجرتها منظمتان حقوقيتان ميناء مرسيليا جنوب فرنسا ليل الأحد الإثنين متجهة إلى المياه الواقعة قبالة سواحل ليبيا للقيام بأول مهمة لها في مجال إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين حيث من المتوقع أن تبلغ السفينة وجهتها في غضون يومين إلى ثلاثة أيام.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية