سوريا.. تطورات الميدان ومصير الاتفاق التركي الأميركي !

المرصاد نت - متابعات

رغم انتهاء المفاوضات التركية الأميركية التي استمرت ثلاثة أيام حول إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا لكن لم يتم الكشف عن المحتوى الكامل للاتفاقيات التي توصل إليها الجانبان وما تم syria army2019.8.16اعلانه فقط هو أن الطرفين اتفقا على إنشاء مركز عمليات مشترك في الأراضي التركية "للتنسيق وإدارة المنطقة الأمنية المخطط لها" في شمال شرق سوريا. وبالرغم من الاتفاق الاميركي التركي الا ان هناك مازالت خلافات عميقة تهدد هذا الاتفاق واول هذه التحديات هي مساحة المنطقة الامنية المزعومة فبينما تقدر واشنطن عمق المنطقة ما بين 5 إلى 14 كيلومترا تصر تركيا على أن تتراوح المساحة ما بين 30 و40 كيلومترا.

ويمكن التأكد من هذه الخلافات عبر ما صرح به وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، بعد المفاوضات التركية الاميركية العسيرة، حيث قال اكار : "ان تركيا تصر على المنطقة الأمنة في سوريا بعرض 30-40 كيلومترا وأضاف أن تركيا مستعدة للعمل بشكل مستقل لإنشاء المنطقة الآمنة، وقال إن لدى أنقرة "خططا بديلة". في المقابل اكد وزيرالدفاع الأميركي مارك اسبر أن بلاده ستمنع القوات التركية من التوغل في مناطق شرق الفرات. وهذا لا يحول، أبداً، دون عقد صفقة على حساب الأكراد، بتلك القيادات التي دأبت على دفعهم الى المتاهة.

كما يختلف الجانبان بشأن مصير القوات الكردية في المنطقة حيث يرى الخبراء ان الاكراد احد تحديات الاتفاق الاميركي التركي وان الاكراد هم مجرد وقود تكتيكي في معركة لن يحصد منها الأميركيون والأتراك سوى الهباء وفقا لمقال الكاتب الصحفي نبيه براجي.

واكد براجي: "اردوغان يعلم ان الكانتون الكردي ممنوع. غير أن أجهزة استخباراته لاحظت أن ثمة قوة عسكرية كردية قد تشكلت على الحدود التركية، وهذه لا تتعاطف، وجدانياً فحسب، مع تطلعات عبدالله أوجلان، بل انها تتعاطف معه ميدانياً. الأتراك لا يتحملون الخنجر في الخاصرة. المحادثات التركية ـ الأميركية تتمحور حول نزع الأسلحة الثقيلة من قوات سوريا الديمقراطية وابعاد بعض القيادات التي عرفت باتجاهاتها الراديكالية."

هذا فيما يرى خبراء أتراك أن واشنطن تريد استخدام المنطقة الآمنة كورقة مساومة لضمان وضع وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة منها، فعوضا عن التعاون مع تركيا، تأمل الولايات المتحدة في الحفاظ على الوضع الراهن شرقي الفرات وضمان شرعنة سيطرة القوات (الكردية) السورية على الأراضي الخاضعة لها.

ويبدو أن لدى الأميركيين رؤية استراتيجية طويلة الأجل للمنطقة، وسوف تلعب وحدات حماية الشعب دورا رئيسيا في هذا المشروع الإقليمي الأميركي، كما يشير المؤلفون الأتراك.

وفي هذا السياق اعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من اميركا انها ترغب في ان تكون مساحة المنطقة الامنة المزعومة 5 كم فقط حيث طالب الناطق باسم ما يسمى "مجلس منبج العسكري" التابع لـ"قسد" شرفان درويش بتكليف قوات محلية بمهمة حماية المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في شمال سوريا. هذا وتعارض دمشق هذا الاتفاق بشكل قاطع وتصفه بانه يعد اعتداء على سيادة سوريا ووحدة أراضيها وانتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

ولكن بغض النظر عن التحديات التي قد تجعل الاتفاق الاميركي التركي الاخير في مهب الريح ،هناك لاعب اساسي يمكن ان يقلب كل موازين اللعبة وهو الجيش السوري الذي في طريقه للسيطرة على المناطق التي تؤدي الى ادلب وبهذا سيكون موقف تركيا صعبا جدا لانها تدعم المجموعات المسلحة هناك.

وفي هذا السياق اعلنت وزارة الدفاع السورية سيطرة الجيش العربي السوري على قرى كفر عين وخربة مرشد والمنطار وتل عاس في ريف محافظة إدلب الجنوبي وهي المحافظة التي يتحصن بها عدد من التنظيمات الإرهابية.

كما احكمت وحدات الجيش العاملة في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي سيطرتها التامة على كل من "تل سكيك وبلدتي سكيك والهبيط"، لتقترب بذلك من مدينة خان شيخون الاستراتيجية بالنسبة لفصائل المعارضة في ريف إدلب الجنوبي حيث يقول المحللون ان السيطرة على بلدة الهبيط التقدم الأبرز في معركة ادلب تمهيدا لتحرير كامل مناطق ادلب الجنوبية. وفي حال اكتمال الطوق والتقاء القوات في بلدة خان شيخون ستكون جميع مواقع المسلحين جنوبا ً محاصرة بالكامل.

وتكتسب مدينة خان شيخون أهمية إستراتيجية كبيرة نظرا لإشرافها على الطرق الحيوية ما يجعل منها نقطة وصل بين أرياف إدلب الشرقي والغربي والشمالي كما تعد السيطرة عليها الخطوة الأولى في إعادة فتح الطريق الحيوية التي تصل بين العاصمة الاقتصادية حلب والسياسية دمشق ومن الناحية العسكرية فإن سيطرة الجيش العربي السوري على خان شيخون ستمهد الطريق أمام قواته لتحقيق مكاسب وإنجازات كبيرة على الأرض باتجاه التح وكفرسجنة ومعرة النعمان شمالاً حيث تتمركز عقدة الطرق الدولية السورية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.Turkiya2019.8.16

فصل الشمال الغربي السوري.. تركيا تستعجل وروسيا تحذر

على الرغم من اعلان الولايات المتحدة الاميركية وتركيا عن اتفاق لاقامة منطقة آمنة في شمال غرب سوريا الى ان الموضوع لايزال نقطة خلاف بين البلدين. وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو قال أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعد بأن تمتد المنطقة الآمنة 20 ميلا مع إخراج المقاتلين الأكراد منها، مؤكدا ان أنقرة لن تتحمل أي تأخير أميركي بشأن إقامة منطقة الآمنة.

وقال اوغلو: "أن تأسيس مركز عمليات مشتركة بين أنقرة وواشنطن، يعد خطوة أولى لإنشاء المنطقة الأمنة. يجب أن يكون الأميركيون أولا صادقين ويجب أن يفهموا أن تركيا لن تتحمل أي أساليب تأخير".

وفي وقت أعلنت به وزارة الدفاع التركية أن أعمال إنشاء مركز العمليات المشتركة قد بدأت بولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا، اعلن البنتاغون أن الاتفاق بين تركيا واميكا سيتم تنفيذه بشكل تدريجي، مشيراً الى أنّ بعض العمليات ستبدأ قريباً. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية شون روبرتسون إن واشنطن جاهزة لتنفيذ بعض الانشطة مع متابعة المحادثات مع الأتراك حول التفاصيل.

الاتفاق التركي الاميركي لم يلق اي ترحيب من روسيا حيث حذرت الخارجية الروسية من محاولات لفصل شمال شرق سوريا، مؤكدة ضرورة حل المشاكل في تلك المناطق على أساس سيادة سوريا وبواسطة الحوار بين دمشق والأكراد.

وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية: "من دواعي القلق استمرار محاولات لما يبدو أنه فصل شمال شرق سوريا. لا نزال نقف مع تحقيق الاستقرار والأمن طويلي الأمد في شمال شرق سوريا عبر تأكيد سيادة سوريا وإجراء حوار مثمر بين دمشق والأكراد باعتبارهم جزءا من الشعب السوري".

الاتفاق الذي تم التوصل اليه الأسبوع الماضي بين أنقرة وواشنطن، يهدف الى انشاء منطقة عازلة بين الحدود التركية والمناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وهي قوات مدعومة من واشنطن لكن أنقرة تعتبرها منظمة ارهابية.

طبول الحرب قرعت طويلا، الجيش السوري يتقدم نحو الحسم

تحولات مفصلية في المشهد السوري تترجمها الآلة العسكرية السورية. قواعد اشتباك جديدة رسمت بالحديد والنار، تشي بأن ريفي حماه الشمالي وإدلب الجنوبي سيؤسسان لما هو أبعد من الانتصار السوري، والإنجازات العسكرية الاستراتيجية التي حققها الجيش السوري في ريف إدلب الجنوبي، تفتح الباب واسعاً أمام المزيد من المُنجزات، لا سيما أن السيطرة على بلدة الهبيط الإستراتيجية ستكون نقطة انطلاق إلى مدينة خان شيخون، والوصول إلى الطريق الدولي دمشق – حلب – حماه.

"شق الطريق الى خان شيخون"

يدق الجيش العربي السوري أبواب مدينة خان شيخون الاستراتيجية وكبرى مدن ريف إدلب الجنوبي وذلك بعد تحريره عددا كبيرا من القرى والبلدات، أبرزها الهبيط وكفر عين وتل عاس وأم زيتونة وخربة مرشد والمنظار وسكيك، كما استعاد السيطرة على بلدتين حرش عابدين ومغر الحنطة . ليضع خان شيخون بين فكي كماشة من جهتي الشرق والغرب، وهي التي تبعد نحو 4 كيلومترات فقط من مناطقه حيث لم يعد يفصله عنها غير مناطق زراعية.

ويعتمد الجيش العربي السوري تكتيكاً عسكرياً بأبعاد استراتيجية، حيث أن عزل القرى في ريفي حماه الشمالي وإدلب الجنوبي، وقطع التواصل الجغرافي فيما بينهم، سيؤدي إلى فقدان الفصائل الإرهابية المتواجدة في تلك القرى والبلدات، زخمها الهجومي وقدرتها على تأسيس أي هجوم واسع.

لا سيما أن سلاحي الطيران السوري والروسي يرصدان بدقة أي تجمعات للمسلحين تكون منطلقاً لأي هجوم أو محاولة تسلل، وبالتالي بات واضحاً ان الاستراتيجية العسكرية التي يعتمدها الجيش السوري قد حققت نجاحاً لجهة فرض قواعد اشتباك جديدة، يحصد من خلالها منجزات عسكرية تأتي ضمن توقيت سياسي بارز.

"الجماعات الإرهابية تسبح ضد التيار"

وفي ظل النجاحات العسكرية الكبيرة التي يحققها الجيش العربي السوري ضد التنظيمات الإرهابية في ريف إدلب. استهدفت إحدى الطائرات الحربية السورية يوم الأربعاء بصاروخ مضاد للطيران أطلقته جماعة إرهابية، في منطقة التمانعة، جنوب إدلب. واكد مصدر عسكري سوري إن الطائرة التي كانت مكلفة بمهمة تدمير مقرات "جبهة النصرة" الإرهابية في منطقة "التمانعة" تعرضت لإصابة بصاروخ مضاد للطيران. مضيفا ان الصاروخ "أطلقته التنظيمات الإرهابية المسلحة المنتشرة في تلك المنطقة ما أدى إلى إسقاط الطائرة، وما يزال مصير الطيار مجهولا".

هذا الاستهداف ما هو الا محاولة بائسة تقوم بها الجماعات الارهابية لرفع معنويات مقاتليها الذي اصابهم اليأس وباتوا ينتظرون مصيرهم المحتوم وفي ذات السياق ولنفس الهدف قامت "هيئة تحرير الشام" الارهابية (النصرة سابقاً) بإجراء تغييرات واسعة في تشكيلاتها وقياداتها وذلك بتأسيس قطعات عسكرية جديدة وتعيين قيادات عليها .

وأعلنت الهيئة عبر بيانات صادرة عنها عن تأسيس "لواء الجنوب" والذي يضم كلاً من (كتائب حماة، وكتائب درعا)مقررة تعيين "أبو حسين الشامي" قائداً لـ"لواء الجنوب وجيش أبي بكر الصديق"، وهي كتائب تتبع للجناح العسكري في الهيئة. كما قالت الهيئة إنها اختارت "أبو بكر مهين" قائداً لـ"لواء الشرق وجيش على بن أبي طالب".Qasad2019.8.16

ووفق البيانات الصادرة ومتابعين لشؤون الهيئة، فإن الإجراءات الجديدة جاءت تحضيراً للمعارك القادمة، بسبب الهزائم التي تعرضت لها في ريف حماه الشمالي، وتقدم الجيش السوري الكبير في المنطقة. ورغم كل ذلك تتساقط تباعا وبشكل دراماتيكي اهم مواقع الارهابيين إستراتيجيةً في الارياف المذكورة، ما يكشف عن تغييراً ميدانياً جذرياً ينتظر تلك الجبهة الحساسة، والتي تمثل نقطة ارتكاز اساسية لعملية تحرير ادلب ومحيطها.

ويبقى ما حققه حتى الان الجيش العربي السوري من تقدم عاملا اساسيا في معركة تحرير ادلب ومحيطها بالكامل وكل استعادة سيطرة وتحرير لاي بلدة او موقع او تل، يضاف الى مسيرة تحرير كامل الجغرافيا السورية الاكيدة والثابتة والتي سوف تتحقق حتما باذن الله.

أميركا توجه ضربة قاصمة لـ'قسد' وتبيعها لصالح تركيا!
كشفت مصادر محلية كردية بريف الحسكة في سوريا أن "ما يسمى "المنطقة الآمنة" المزمع إقامتها على الحدود السورية التركية من قبل الجيش الأمريكي وجيش تركيا ستكون في المنطقة الممتدة بين مدينة رأس العين شمالي الحسكة و مدينة تل أبيض شمالي الرقة بمسافة تصل إلى 100 كم".

وتابعت المصادر ان " من خلال الاتفاق الأمريكي – التركي ستنسحب "الوحدات الكردية" مع سلاحها الثقيل من هذه المنطقة وبعمق يصل إلى 20 كيلومترا وسيتم إنشاء نقاط مراقبة تحت إشراف قوات "التحالف الدولي" بمشاركة القوات التركية" .

وأشارت المصادر إلى أن "هذه المنطقة ستكون بمثابة ضربة قاسية لمشروع "الإدارة الكردية" في شمال شرق سوريا و هي في النتيجة وقوف أمريكا بصف حليفتها في حلف الناتو تركيا وتخليها عن حليفتها قوات "قسد" المدعومة منها" .

وأوضحت المصادر أن "وفداً من مجلس "سوريا الديمقراطية " (مسد) وصل إلى دمشق منذ يومين فيما توجه وفدان مماثلان إلى موسكو والقاهرة لبحث تطورات الوضع الراهن ومستقبل المنطقة بعد الاتفاق الأمريكي التركي لإنشاء مركز تنسيق مشترك لإقامة المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا".

وقالت السلطات التركية إن وفدا أمريكيا وصل إلى إقليم شانلي أورفا، جنوبي البلاد، لبدء العمل على إنشاء مركز عمليات مشترك لتنسيق إقامة "منطقة آمنة" مزمعة في سوريا. يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن في وقت سابق عن القيام بعملية عسكرية في شمال سوريا مشيرا إلى أنها ضرورية للحفاظ على أمن تركيا وهو ما اعترض عليه وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، مؤكدا أن الولايات المتحدة ستمنع مثل هذا الهجوم .

 

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية