المرصاد نت - مي علي
صحيح أن رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، لعب على أوتار السياسة جيداً عندما اختار جنوب السودان أول بلد لزيارة خارجية له ثم أتبعها بمصر (دول الإقليم) ومن بعدها الأمم المتحدة وفرنسا كأول بلد في أوروبا لكنه لم يشطّ بعيداً في تأخير زيارة السعودية والإمارات، لتنال من جولته المشتركة مع رئيس «المجلس السيادي» الفريق عبد الفتاح البرهان أسئلة كثيرة عن طبيعة ومغزى الزيارة التي ضمّت رجلين لا تجمعهما الملفّات الداخلية.
ولذلك استغرب دبلوماسيون زيارة أرفع مسؤولَين في البلد للسعودية واصفين المشهد بـ«غير المعتاد في العلاقات الدبلوماسية بين الدول». يقول مصدر دبلوماسي إن دعوة حمدوك والبرهان إلى السعوية والإمارات برغبة من هذين البلدين تظهر نيتهما التقرّب من الرّجلين على حد سواء وكي لا تحسب دعوة أحدهما من دون الآخر تحيّزاً إلى المكوّن العسكري من دون المدني أو العكس.
ووفق «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية (واس) عقد الملك سلمان جلسة مباحثات الأحد الماضي مع البرهان وحمدوك وأبدى فيها «تمنياته للسودان بدوام الاستقرار والازدهار» فيما عبّر البرهان عن «اعتزاز بلاده بمواقف المملكة مع السودان وحرصها على أمنه واستقراره». ولا يكاد أن يختلف اثنان على أن التدهور الاقتصادي هو الدافع الرئيس وراء قبول حمدوك دعوة الرياض والبحث فيها عن فرص لدعم مباشر للوقود أو بالقروض وكذلك غير المباشر (فتح فرص استثمارية) إذ أن الوفد المرافق له (وزراء الخارجية والمالية والصناعة والتجارة ومدير المخابرات) يظهر هذا التوجّه.
كذلك لم يمضِ وقت كثير على حديثه مع وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عن حاجة الخرطوم إلى «استثمار حقيقي» بدلاً من المنح والهبات حتى وجد نفسه مضطراً إلى التنازل والسفر إلى الرياض لطلب الدعم على الأقل في الوقت الراهن.
وتعاني الحكومة الانتقالية التي مرّ شهر على أدائها اليمين الدستورية ضغوطات كبيرة نتيجة التلكؤ في تقديم رموز النظام السابق إلى المحاكم وتأخّرها في تصفية الوزارات والمؤسسات من منسوبي النظام السابق كما أن ملف القصاص في الضحايا الذين سقطوا أثناء الثورة قد ينفجر في وجه حمدوك في أي لحظة ولاسيما مع ظهور جثامين عدد من الشهداء كانوا ضمن قائمة المفقودين منذ مجزرة فضّ الاعتصام في باحة القيادة العامة للجيش في الثالث من حزيران/يونيو الماضي.
ولذلك قد لا ينفع كثيراً تركيز الرجل على إنشاء سياسة خارجية «تحكمها المصالح المشتركة» خاصة مع استمرار الأزمات الاقتصادية والعقوبات الأميركية. وبرغم استفهامات الثوار حول زيارة رئيس الوزراء إلى الرياض وأبو ظبي اللتين سعتا إلى إجهاض الثورة والالتفاف عليها بواسطة العسكر فإن الدعم الكبير الذي يحظى به حمدوك قد يوفر له حصانة تجعل تحركاته حالياً أمراً مقبولاً لدى الشارع.
ولا يخفى أن السعودية والإمارات قد يكون لهما دور في إقناع الولايات المتحدة برفع البلاد عن «قائمة الإرهاب»، والأهم مساعدته في إلغاء ديونه التي فاقت الخمسين مليار دولار، فضلاً عن الحاجة إلى استرداد الأموال المنهوبة على يد رموز النظام السابق ممن أودعوا أموالاً طائلة في البنوك الغربية والآسيوية. وفور انتهاء الاجتماع أعلنت الخارجية السعودية أن الرياض ستعمل على رفع اسم السودان من «قائمة الدول الراعية للإرهاب» وأن المملكة تعمل على إقامة عدد من المشاريع في السودان وأنها تسعى لدعمه في المحافل الدولية وتوفير بيئة الاستثمار والتوسّع الزراعي.
ولذلك لا يستبعد دبلوماسيون أن إبرام صفقة بين الرياض والخرطوم يعني حتماً بقاء القوات السودانية في اليمن. كما لا يستبعدون أن يكون بحث مستقبل تلك القوات الدافع الرئيس وراء الدعوة المشتركة للرجلين إذ أن هذه القضية أحدثت خلافاً كبيراً بين المكوّنين المدني والعسكري فيما ترتفع أصوات كثيرة في الشارع للمطالبة بسحب تلك القوات والابتعاد عن سياسة المحاور ما تسبب في قلق بالغ لدى السعوديين والإماراتيين علماً أن البرهان سبق أن زار الرياض منفرداً قبل تشكيل الحكومة.
المزيد في هذا القسم:
- الاقتصاد والاستثمار في أوكرانيا.. أول ضحايا الأزمة مع روسيا المرصاد-متابعات كييف – يبقى سيناريو الغزو الروسي لأوكرانيا في دائرة الاحتمال، وتبقى النوايا الروسية حبيسة الكرملين في هذا الصدد؛ لكن الحديث عنه، والتصعيد ...
- تونس : صراعات السلطة تشتد... برعاية قناة «نسمة» المرصاد نت - متابعات منذ فشل الموقعين على اتفاق قرطاج في تجديد بنوده وانقسامهم حول بقاء أو رحيل حكومة يوسف الشاهد انتقل الصراع من المؤسسات السياسيّة إلى الإعل...
- الأزمة الخليجية.. المرسوم والمُعدّ في خارطة استهداف المنطقة. المرصاد نت - متابعات الصراع القطري السعودي بخلفيّته القبلية المُتجذّرة بأبعاد متخلّفة تنبعث منها رائحة العفونة متعدّدة الأهداف والتي تخدم كل مشاريع الهيمنة وا...
- الاموال السعودية في مهب الرياح الترامبية نحو تنفيذ المشاريع الصهيونية المرصاد نت -خاص في كل مرة تريد أمريكا تنفيذ مخطط معين في منطقة الشرق الاوسط فأنها تعتمد بشكل رئيس على النظام السعودي والانظمة الخليجية لتمويل تنفيذ مخططها الت...
- أموال « داعش»... كم تبلغ؟ وكيف حصل عليها؟ المرصاد نت - متابعات الحصول على الأموال وحركتها وتمويلها أو تصريفها هو أبرز المسكوت عنه في تأسيس التنظيم الإرهابي الذي سُمي إعلامياً بـ«داعش» و...
- تمرّد عسكري في الخرطوم .. الوضع الأمني تحت السيطرة! المرصاد نت - متابعات توازياً مع تعثر واضح على المستويين السياسي والاقتصادي، ينضمّ البعد الأمني إلى المشهد المضطرب في السودان، في ظلّ اندلاع صراع بيني داخ...
- خطة إماراتية وسلام مع “إسرائيل” ثمناً لتسليم بن سلمان عرش السعودية المرصاد نت - ميدل إيست آي تقوم دولة الإمارات المتحدة بتقديم النصيحة والمشورة إلى ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» حول كيفية الحصول على ...
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تتبنى عملية القدس تبنت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" العملية التي نفذها غسان وعدي أبو جمل على كنيس يهودي، في حي هارتوف بالقدس. وقالت مصادر صحفية إن منفذا العملية الفدائية هما غ...
- تصعيد إقليمي حول ليبيا: لا إرهاب ولا حكم عسكر! المرصاد نت - حبيب الحاج سالم ردّت قطر أول من أمس على اتهامات مصر إليها وإلى تركيا بتقديمها دعماً لميليشيات ومنظمات متطرفة في ليبيا. لكن وقائع الأعوام الماضية ...
- الأسرى الفلسطينيون يكملون أسبوعهم الأول في الإضراب! المرصاد نت - متابعات يستعد الأسرى الفلسطينيون لاستكمال أسبوعهم الأول من إضرابهم عن الطعام ضمن "معركة الكرامة-2" التي يخوضونها وسط سعي إدارة السجون إلى محاولة ...