الحراك الشعبي يتواصل والجيش اللبناني يعمل على فتح الطرقات!

المرصاد نت - متابعات

يعمل الجيش اللبناني والقوى الأمنية على فتح الطرقات المقطوعة من قبل المتظاهرين في العديد من المناطق اللبنانية. وتتواصل التجمّعات وقطع الطرقات ليومها الحادي عشر في بعض Lebnanao2019.10.27المناطق اللبنانية وقد أقدم الجيش اللبناني على إعادة فتح العديد من الطرقات عند أطراف العاصمة ومداخلها وسط دعوات إلى مواصلة التظاهر اليوم ولا سيما في وسط بيروت.

وفي منطقة البداوي شمال لبنان أصيب أمس عدد من عناصر الجيش اللبناني والمتظاهرين خلال محاولة الجيش فضّ إشكال بين معتصمين قطعوا الطريق ومواطنين حاولوا المرور بسياراتهم.

قيادة الجيش قالت في بيان لها إنه لدى تدخل قوة من الجيش لفض الإشكال تعرضت للرشق بالحجارة وللرمي بالمفرقعات النارية الكبيرة ما أوقع 5 إصابات في صفوف عناصرها عندها عمدت إلى إطلاق قنابل مسيّلة للدموع لتفريق المواطنين واضطرّت لاحقاً بسبب تطور الإشكال إلى إطلاق النار في الهواء والرصاص المطاطي حيث أُصيب عدد من المواطنين بجروح".

وفي السياق أعلن عدد من المتقاعدين العسكريين المشاركين في الاعتصام في ساحة الشهداء في وسط العاصمة اللبنانية عن فك خيمة الاعتصام الخاصة بهم تمهيداً لمغادرتهم الساحة. واعتبر المتقاعدون العسكريون أن مشاركتهم كانت لأجل مطالب اجتماعية ولا يقبلون المشاركة بشتم أحد رجال السياسة أو المطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية.

هذا وأعلنت لجنة للإعلام في التيار الوطني الحر أنه سيتم يوم الإثنين الإعلان عن إنجاز الخطوات القانونية والنيابية اللازمة لرفع السرية المصرفية عن حسابات وزراء التيار ونوابه. وكان قد أعلن وزير الدفاع الياس بو صعب أنه سيتقدم الإثنين المقبل بطلب لرفع السرية عن حساباته المصرفية وحسابات زوجته وولديه التزاماً بطلب الرئيس عون من جميع الوزراء رفع السرية عن حساباتهم.

الجيش يحاذر فتح الطرقات بالقوّة: جعجع يريـد الدم

كما في كلّ مرّة تمر فيها البلاد باستحقاق داخلي كبير يقف الجيش اللبناني أمام امتحان صعب. فبين واجب حفظ أمن اللبنانيين وحمايتهم ومحاذير الصدام مع أي فئة داخلية من الشعب، يسير الجيش فوق حقل ألغام في لحظة مفصلية من عمر لبنان والمنطقة.

وفي الظرف الحالي تزداد الأمور تعقيداً، تحت ضغط الشارع والكباش السياسي القائم في الخلفية، فضلاً عن المحاذير الأميركية والغربية والتي تؤثّر إلى حدٍ ليس بقليل في خيارات الجيش.
في التوصيف، منذ اليوم الأوّل لانطلاق الحركة الشعبية عشيّة جلسة الحكومة الشهيرة (16 أكتوبر 2019) بدا الإرباك واضحاً على عمل الأجهزة الأمنية والعسكرية، مع غياب القرار السياسي. وحين اتسعت رقعة الاحتجاجات في البلاد في اليوم التالي وما بعده، بدا واضحاً حرص الأجهزة الأمنية والعسكرية وتحديداً الجيش، على عدم الصدام مع المتظاهرين وترك موجة الغضب تمرّ من دون خسائر.

اليوم، وبعيداً عن الرؤية السياسية التي وضعها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه أول من أمس بات واضحاً لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية الأجندات السياسية الداخلية والخارجية التي تستغل جزءاً يسيراً من الغضب الشعبي لتصفية الحسابات وتسجيل النقاط، مع وجود أعداد كبيرة من المواطنين الغاضبين، من غير الحزبيين، اندفعوا إلى الشارع بعد بؤس متراكم.
إلّا أن التظاهر شيء وتعطيل الحياة شيء آخر. فالبلاد مشلولة اليوم ليس بفعل التظاهرات و«الخضّة» السياسية فحسب، بل بفعل قطع أبرز الطرقات الرئيسية، ولا سيّما الطريق الساحلي من بيروت إلى الشمال، وفي بيروت، عند نقطتين مهمّتين، هما مستديرة الشيفروليه وجسر الرينغ بالإضافة إلى التهديد المستمر بقطع طريق الجنوب من خلدة إلى السعديات إلى الناعمة إلى مدخل إقليم الخروب.

ماذا تفعل القوى العسكرية والأمنية؟ في اجتماع أمس بين قادة الأجهزة وقائد الجيش العماد جوزيف عون جرى الاتفاق على العمل على فتح الطرقات، بالتدريج، «من الأسهل إلى الأصعب»، واشتراك الأجهزة الأمنية كافة في هذا العمل. ومع أن هذا الأمر مسؤولية قوى الأمن الداخلي المكلفة قانوناً بالأمن الداخلي، إلا أن الجيش مكلّف أصلاً بدعمها بقرار صادر عن مجلس الوزراء في عام 1990.

وعلى هذا الأساس انطلقت أمس دوريات الجيش والأمن العام وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة في أكثر من اتجاه، لفتح الطرقات مع قرار واضح بعدم استعمال القوّة. وهذا القرار ينبع من عدّة محاذير: أوّلاً لا يرغب نصر الله والرئيس ميشال عون في استعمال القوّة القاتلة لفتح الطرقات لاقتناعهما بأن رئيس القوات سمير جعجع «يركب» موجة الغضب الشعبي لكنّه ليس وحيداً في جل الديب والزوق بل مع مواطنين لا صلة لهم به وهو يبحث عن هذا الصدام الأهلي مع الجيش، منتظراً وقوع الدم.

ثانياً، تدخّل السفراء الغربيون والسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد وأوصلوا رسائل إلى الرؤساء وقيادة الجيش بأن قيام الدولة بـ«قمع المتظاهرين السلميين» ستردّ عليه الولايات المتحدة بعقوبات مؤذية للمسؤولين حتى لو كان أولئك يقطعون أوصال البلاد من بيروت إلى الشمال والجنوب.Biruat2019.10.27

ثالثاً، توحي أجواء المؤسسة العسكرية بأن الجيش يعتمد سياسية النفَس الطويل بهدف كسب الوقت بانتظار حلّ سياسي قبل التحرك الميداني على اعتبار أن القوات اللبنانية تنسحب من الشارع في حال الضغط عليها سياسياً وتحديداً من الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري وهو ما يعوّل عليه الجيش بدل الدخول في صدام تسعى إليه القوات في ظلّ تلطّيها بمتظاهرين آخرين. فضلاً عن أن أي محاولة لفتح الطرقات بالقوّة أدت إلى زيادة أعداد المتظاهرين كما حصل قبل أيام في الزوق كما لاحظ الجيش. وبحسب المعلومات فإن النائب جورج عدوان وعد قائد الجيش جوزيف عون بـ«المساعدة» على فتح الطرقات في الزوق وجل الديب وكأن القوات تقوم بدور «المصلح» لا المحرّك الأساسي لواقع قطع طريق بيروت ــــ الشمال وشلّ جبل لبنان الشمالي.

إلّا أن هذا الأمر بات ينعكس تململاً داخل مسؤولي التيار الوطني الحرّ وقاعدته من قائد الجيش مع تمايز واضح لموقف رئيس الجمهورية الذي يحاول الحفاظ على التوازن بين مصلحة التيار ومصلحة الجيش. لكن هذا «الزغل» بين جوزيف عون والوزير جبران باسيل ليس وليد ساعته إنما امتداد لسلسلة من التباينات أساسها خشية باسيل من تحوّل عون مرشحاً جديّاً لرئاسة الجمهورية وطموح قائد الجيش الذي بدأت تتبلور معالم هذا الطموح لديه، على قاعدة «يحقّ له». وأخذ هذا التنافس غير المعلن بين الطرفين أشكالاً عديدة، منذ بدأ الحديث عن التقشّف داخل الجيش وخفض جزء من مخصصات العسكريين والضباط وصولاً إلى ما حصل أخيراً في قضيّة توقيف كنعان ناجي وهجوم وزير الدفاع الياس بو صعب على قيادة الجيش ومديرية المخابرات من هذه الخلفية.

لكن بمعزلٍ عن الأسباب والتبريرات التي يقدمها الجيش إلّا أن النتيجة تبقى واحدة وهي استمرار قطع الطرقات على مئات آلاف اللبنانيين الذين يستعملون طريق الشمال ــــ بيروت، واستمرار جعجع بممارسة الابتزاز السياسي. وهذا الأمر بدأ يولّد أسباباً لصدام لبناني ــــ لبناني وتحديداً مسيحي ــــ مسيحي في حال استمراره على غرار ذلك الذي كاد يندلع أمس في الشيفروليه عندما نزل أنصار التيار الوطني الحرّ لفتح الطريق. فحين تغيب المؤسسات، وتحديداً الجيش يلجأ كلّ طرفٍ إلى تنفيذ ما يراه مناسباً بالقوّة، كما يلوّح التيار الوطني الحرّ بـ«النزول إلى الأرض»، محاكياً مطالب مئات الآلاف الذين يتضررون كل يوم من قطع الشريان الرئيسي من الشمال إلى بيروت. فهل ينتظر الجيش حصول صدامات بين القوى السياسية حتى يتحرك ويفتح الطرقات لضبط الأمن بدل «قمع المتظاهرين»؟ ربّما.

لا تعديلَ وزاريّاً ولا حكومةَ أمر واقع
لم تهدأ البلاد منذُ أسبوعين. لا الحراك في الشارع «نفّس» ولا السلطة استراحت فيما يحمِل كل يوم سؤالاً عن مآلات الوضع المُتدحرج في اتجاه الفوضى وآفاق الوضع المحلي، ولا سيما أنه ليسَ معزولاً عن الوقائع الكبرى في المنطقة، ولو أن البعض يتصرّف على خلاف هذا النحو. الهبّة التشرينية ختمت ليلتها العاشرة، بتراجع عن التوقعات العددية «المليونية» للتظاهرات لكن على وعد بحشود كبرى اليوم. في المقابل، تمضي السلطة في ارتباكها وسط تعامل أطرافها من منطلق عدم الرغبة في إدخال البلاد في الفراغ والمجهول. ويتعزز هذا الارتباك مع صعوبة بتّ فكرة التعديل في الحكومة أو تغييرها في ظل الخطّ الأحمر الذي رسمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول الفراغ وإسقاط العهد. وفيما كان أهل السلطة يتمسّكون بخيار عدم الذهاب إلى أي خطوة تنفيذية من نوع إسقاط الحكومة من دون ضمان تفاعل الشارع معها إيجاباً، فإنهم من جهة أخرى كانوا يبحثون مع الجهات الأمنية إمكان فتح الطرق المقطوعة مع الحذر من المدى الذي سيبلغه أي اصطدام مع المتظاهرين.

وبينما تواصلت الاعتصامات في عدد من الساحات في العاصمة بيروت وعدد من المدن والقرى عُقد صباح أمس اجتماع ضم كلاً من قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا حيث تم الإشراف على خطط العمليات المتعلقة بفتح الطرقات وتوزيع المهام على القوى المشتركة. وبحسب المعلومات تقرر مشاركة كل الأجهزة في خطة فتح الطرقات لتجنيب الجيش «الإحراج» وتحميله وحده المسؤولية. انتشار القوى الأمنية في مختلف المناطق نجَم عنه عمليات كر وفر حصلت مع المتظاهرين ولا سيما في المناطق التي أصرّ فيها المواطنون على افتراش الطرق كما في «الرينغ» و«الشيفروليه» في بيروت.

أما على الجانب السياسي فتوالت في الساعات الماضية تقارير عن مصير الحكومة في ظل الموقف الغامض للرئيس سعد الحريري. إذ فتح اجتماع المكتب السياسي لتيار «المستقبل» السؤال حول إمكانية استقالة الحريري ولا سيما أن القيادي في التيار مصطفى علوش خرج بعدَ لقاء مع رئيس الحكومة وتحدث من «بيت الوسط» قائلاً: «هناك ثمن سياسي يجب أن يدفع للبنانيين، وهناك انتقال حتماً في السلطة إما تغيير حكومي جذري وإما حكومة جديدة قد لا يكون الحريري رئيسها». وتابع علوش إن «الساعات الأربع والعشرين المقبلة ستكون حاسمة لأننا حريصون على الوضع النقدي وعلى الليرة ولا نريد الانتقال الى حالة أخرى وترك البلد بالفوضى». مصادر في التيار أكدت أن «المكتب السياسي ناقش هذا الأمر وفهم أن الرئيس الحريري قدم طرحاً بتبديل وجوه وزارية؛ أولها جبران باسيل ومن ثم الوزراء: علي حسن خليل، محمد شقير وجمال الجراح فيما لا يمانع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط استبعاد الوزير وائل أبو فاعور.

وسينتظر الحريري 48 ساعة قبل اتخاذ أي قرار». وأكدت المصادر أن «علوش الذي صرّح بهذا الكلام بعد جلسة جمعته بالرئيس الحريري فور انتهاء اجتماع المكتب السياسي لا يُمكن أن يكون قد اجتهد من رأسه» من دون جزم ما إذا كان الحريري سيتقدم باستقالته فيما لو رُفض طرحه. من جهة أخرى، أكدت مصادر مطلعة أن «لا تعديل وزارياً في الأفق وأن حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر يرفضون حكومة أمر واقع تحت ضغط الشارع والذهاب الى الفراغ» كما أن أحداً «لا يضمن عودة الحريري لترؤس حكومة جديدة في حال الاستقالة».

ولفتت المصادر الى أن «الحريري يهدف من التعديل إلى استبعاد باسيل فيما الأخير يقرن خروجه من الحكومة بخروج الحريري منها»، مشيرة إلى أن «الحريري لن يستقيل إلا إذا طلب إليه الأميركيون ذلك وحتى الآن لا معلومات بأنه يتعرض لضغط سوى في موضوع عدم التعرض للمتظاهرين». وبعد تردد معلومات عن إبلاغ الحريري كل مَن يعنيهم الأمر أنه لن يتأخر عن تقديم استقالته عند سقوط أي نقطة دم كان لافتاً ما جرى في منطقة البداوي يومَ أمس حيث حاولت قوّة كبيرة من الجيش فتح الأوتوستراد الدولي، الذي يربط طرابلس بالمنية وعكار وصولاً إلى الحدود السورية وحصل تدافع مع المحتجين الذين رموا العسكريين بالحجارة فأطلقت قوة الجيش النار باتجاههم، ما أدى الى سقوط جرحى اثنان منهم أصيبا في البطن. وبعدَ ذلك أوقف الجيش «قائد محور البداوي»، عامر أريش قبل أن يتم إطلاق سراحه رغم كونه مطلوباً بعدد من المذكرات العدلية. ما جرى في البداوي والذي انعكس سلباً على عدد المتظاهرين في ساحة النور في طرابلس، يطرح الكثير من الأسئلة وخاصة لجهة استسهال إطلاق النار على المتظاهرين، حتى لو أنهم رشقوا الجيش بالحجارة.

وفيما طالب الحريري الجيش بفتح تحقيق لكشف ما جرى أصدرت قيادة الجيش بياناً قالت فيه: «على إثر إشكال وقع في منطقة البداوي ــــ طرابلس بين مجموعة من المعتصمين على الطريق وعدد من المواطنين الذين حاولوا اجتياز الطريق بسياراتهم، تدخلت قوة من الجيش لفضّ الإشكال فتعرضت للرشق بالحجارة وللرمي بالمفرقعات النارية الكبيرة ما أوقع خمس إصابات في صفوف عناصرها عندها عمدت القوة إلى إطلاق قنابل مسيلة للدموع لتفريق المواطنين واضطرت لاحقاً بسبب تطور الإشكال إلى إطلاق النار في الهواء والرصاص المطاطي حيث أصيب عدد من المواطنين بجروح. وقد استقدم الجيش تعزيزات أمنية إلى المنطقة وأعاد الوضع إلى ما كان عليه، وفتح تحقيقاً بالموضوع».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية