المرصاد نت - متابعات
بعد مرور أكثر من عشرين يوماً على «التفاهم العسكري» بين «قسد» والحكومة السورية تحت مظلة الرعاية الروسية وما شابهُ من محاولات عرقلة أميركية متكرّرة واصل الجيش العربي السوري انتشاره على الحدود الشمالية مع تركيا انطلاقاً من القامشلي حتى مشارف رميلان في أقصى الشرق السوري. كذلك سيّرت القوات التركية والروسية دورية مشتركة ثانية بالتزامن مع تصريحات الرئيس التركي التي اعتبر فيها أن القوات الكردية لم تنفذ الانسحاب بعد.
أتمّت وحدات «حرس الحدود» في الجيش العربي السوري انتشارها على امتداد 60 كلم انطلاقاً من الشريط الحدودي في القامشلي وشرقاً في تسعة مواقع، مروراً بالقحطانية والجوادية ومعبدة. وتركّزت نقاط الجيش الجديدة في عدد من قرى وبلدات الشريط الحدودي، منها دير غصن وكرديم فوقاني وعتبة وتل الحسنات وتل السيد وملا عباس والقحطانية وتل جهان وتل خرنوب. ويكتسب انتشار الجيش السوري في تلك المناطق أهمية استراتيجية، لجهة أنها تقع في مواقع غنية بالنفط ما يمهّد لبدء استعادتها من قبل الدولة السورية، خصوصاً في ظل السعي الأميركي المحموم للسيطرة على كل حقول النفط في المنطقة الشرقية. ويُتوقع أن يستكمل الجيش السوري انتشاره باتجاه المنطقة الممتدة من الجوادية حتى عين ديوار في ريف المالكية في أقصى الشمال الشرقي ليُكمل بذلك انتشاره على طول الحدود الشمالية لمحافظة الحسكة بمسافة تتجاوز 230 كلم من المالكية على الحدود الشرقية حتى أطراف مدينة رأس العين. وفي هذا السياق أكد مصدر عسكري سوري أن «انتشار الجيش العربي السوري على امتداد مدينة القامشلي حتى 60 كلم شرقاً يأتي لحماية سكان المناطق الحدودية من الاعتداءات التركية ومنع تكرار مأساة عفرين ورأس العين». ولفت المصدر إلى أن «الجيش انتشر في مناطق مهمة اقتصادياً بهدف تأمينها من أي احتلال والحفاظ على الموارد الاقتصادية للبلاد».
الانتشار الجديد للجيش العربي السوري توازى مع استئناف الجانب الروسي دورياته في المنطقة ما بين القامشلي والقحطانية تمهيداً لتسيير دوريات مشتركة مع الجانب التركي في المنطقة ذاتها في وقت لاحق. كذلك تمّ تسيير دوريات «روسية ــ تركية» مشتركة في منطقة عين العرب وريفها للمرة الأولى أمس بهدف «مراقبة» انسحاب «قسد» من المنطقة بحسب ما ينص عليه «اتفاق سوتشي» بين موسكو وأنقرة بخصوص المنطقة الآمنة.
في موازاة ذلك دفع الروس بتعزيزات جديدة باتجاه مدينة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي لإنشاء قاعدة عسكرية مهمّتها الإشراف على تطبيق الاتفاقات غير المباشرة التي ترعاها موسكو بين الأتراك من جهة و«قسد» والحكومة السورية من جهة أخرى. وقد غابت أمس الدوريات الأميركية عن المنطقة في ظلّ معلومات تتحدث عن قرب إخلاء واشنطن نقاط لها غربي مدينة الحسكة باتجاه آبار النفط والغاز في مدينة الشدادي جنوبيّها.
وفي السياق أعلن مسؤول أميركي، في تصريح نقلته عنه وكالة «فرانس برس» أن عدد قوات بلاده الموجودة في سوريا «لا يزال مستقراً تقريباً عند أقل من ألف عنصر بقليل بينما يتواصل الانسحاب» بعد ثلاثة أسابيع من إعلان الرئيس دونالد ترامب انسحابها. وكان وزير الدفاع مارك إسبر قد قال في وقت سابق لدى سؤاله عن المهمة الأميركية لحماية حقول النفط السورية، إن «الهدف هو منع تنظيم داعش وغيره من اللاعبين في المنطقة من الوصول إليها». إلا أن هذا الأخير لم يحدد «اللاعبين الآخرين» كما لم يوضح أي مسؤول آخر في البنتاغون إن كان يقصد الحكومة السورية وحلفاءها بينما يبدو أنه كان يقصدهم.
في هذه الأثناء كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يؤكد أن المقاتلين الأكراد لم ينسحبوا بالكامل من المنطقة الحدودية المشتركة بين تركيا وسوريا طبقاً للاتفاق الموقّع في هذا الصدد (سوتشي). وقال أردوغان إنه «لم يتمّ تطهير هذه المناطق من الإرهابيين. لم يتم إخراج الإرهابيين من تل رفعت أو منبج»، اللتين يسيطر عليهما الجيش السوري اليوم مضيفاً أن «أميركا لا تزال مع الأسف تسيّر دوريات مع إرهابيي وحدات حماية الشعب هذا غير مقبول». وتساءل أردوغان عن تفسير «إجراء أميركا دوريات (مشتركة) مع منظمات إرهابية في تلك المنطقة على الرغم من أنهم اتخذوا قراراً بالانسحاب» مؤكداً أن «هذا ليس ما اتفقنا عليه». وأضاف أن من غير المؤكد بعد إذا كان سيمضي قدماً في زيارة واشنطن المقررة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر موضحاً أنه سيتخذ القرار بعد اتصال بنظيره الأميركي دونالد ترامب.
أما في جنيف حيث يجتمع أعضاء اللجنة الدستورية السورية فقد اعتبرت جينيفر فينتون المتحدثة باسم المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون في تصريح إلى وكالة «الأناضول» أن الاجتماع «يتقدم بشكل إيجابي». وقالت فينتون إن هذا الأمر «يسعد الأمم المتحدة كما أن بيدرسون سعيد بسير الاجتماعات». وأضافت أن «الأطراف اتفقوا في أقل من أسبوع على مدوّنة السلوك التي طرحها بيدرسون كما تم التوافق على لجنة الصياغة المكوّنة من 45 عضواً بين الحكومة والمعارضة ومنظّمات المجتمع المدني». ولفتت إلى أن «الأطراف السوريين اتفقوا على جدول أعمال بقية الاجتماعات وتسير الأجواء بإيجابية، وحقق الأطراف تفاهمات في مواضيع عديدة خلال فترة قصيرة».
الأميركيون يريدون «نفط الشرق»
ينتظر أهل شرقي الفرات مصير الاتفاقات التي تسعى موسكو إلى إنجازها مع أنقرة، لتطبيق مراحل جديدة من «اتفاق سوتشي»، توازياً مع استمرار واشنطن في عرقلة الجهود الروسية الهادفة إلى خفض التصعيد ودخول الجيش السوري إلى المنطقة وذلك عبر تسيير دوريات في مناطق خاضعة للاتفاق. فبعد استكمال «التحالف الدولي» سحب آلياته وعناصره من ريفي حلب والرقة كلياً وعبورها إلى الحدود العراقية عبر معبر «اليعربية ـــ الوليد» تابع الأميركيون تسيير دوريات لليوم الثالث على التوالي في المنطقة ما بين القامشلي والمالكية في الشمال الشرقي والتجوال في عدد من آبار النفط والغاز. وتهدف هذه الدوريات إلى تكريس جزء من القوات الأميركية في سوريا وهو ما أعلنه الرئيس دونالد ترامب صراحة تحت عنوان «حماية آبار النفط».
كذلك عزّزت واشنطن من حضورها في مناطق الحقول النفطية في ريف دير الزور الشمالي الشرقي وسرت أنباء عن اعتزام «التحالف» بناء قاعدة في بلدة الصور شمال دير الزور لتكون قاعدة رئيسية لهم في المحافظة. في المقابل انخفض النشاط الروسي باستثناء تسيير دوريات في عين العرب في ريف حلب مع معلومات عن اجتماعات روسية ــــ تركية متواصلة لإنجاز ترتيبات أمنية تتعلّق بانتشار الجيش العربي السوري على طريق «حلب ــــ الرقة» الدولي. كما انخفضت وتيرة المعارك بين «قسد» وفصائل «الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة أمس مع دخول دفعة ثانية من الجيش العربي السوري من ريف الرقة إلى الحسكة وتوجّهها لتعزيز نقاط انتشار الجيش في أرياف رأس العين والشريط الحدودي مع تركيا. أما «قسد»، فأعلنت صدَّ هجوم واسع لـ«الوطني»، على طريق «حلب ـــ الحسكة» الدولي، من محور سلوك إضافة إلى صدّ هجمات مماثلة على قرى شمال عين عيسى في ريف الرقة الشمالي.
في غضون ذلك تتواصل انتهاكات الفصائل المسلحة المدعومة تركياً بحق سكان القرى والبلدات التي سيطروا عليها في ريفي الحسكة والرقة وسط معلومات عن عمليات سلب ونهب واسعة مع حالات إعدام ميدانية للمدنيين بتهم مختلفة. تزامن ذلك مع إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدء تشكيل لجان لدراسة المقترح التركي بإنشاء منطقة آمنة للسكان في الشمال السوري. ودفع الإعلان «الإدارة الذاتية» إلى إدانة هذه الخطوة في مؤتمر صحافي داعية «الأمم المتحدة إلى تجاهل مقترح دولة الاحتلال التركي في توطين عوائل المرتزقة» كما دعتها إلى «تشكيل لجان تقصّي حقائق للاطلاع على ممارسات تركيا ومرتزقتها، وانتهاكاتهم بحق المدنيين».
انتهاكات تركية... وارتياح لوجود الجيش العربي السوري
داخل مركز إيواء في بلدة صفيا في ريف الحسكة تحتضن سيدة من قرية الأميرط في ريف رأس العين طفلها قائلة إنها لا تعرف شيئاً عن عائلتها التي تركتها عرضة للقصف المدفعي التركي ورصاص المسلحين بعد أن هاجموا قريتهم ما دفعها مع غالبية سكان القرية إلى الفرار باتجاه الحسكة. أما الشاب محمد فيقول إنه غادر رأس العين بعد احتلالها من الجيش التركي والمسلحين، مضيفاً: «تعرّضت منازل المدنيين للسلب والنهب والسرقة المتعمدة من الفصائل المسلحة التي دخلت المنطقة». وتابع: «شاهدت بعيني كيف يسرقون ممتلكات الناس». وفي مركز الإيواء نفسه في صفيا ثمة طالبة يسجّل الصحافيون والمصورون الموجودون حديثها: «حتى صابون المنازل سرقوه لم يتركوا لنا شيئاً في منازلنا». تتمتم وتدير وجهها ثم تعود: «اتصلوا بي من البلدة اليوم وقالوا لي إن المسلحين سرقوا كل رؤوس الماشية والبقر والدجاج والأدوات الكهربائية والمنزلية... لقد دمّرونا، الله لا يسامحهم». ومع تعدّد الشهادات عن حجم الانتهاكات تداولت مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات صوتية لقادة فصائل في «الجيش الوطني»، يتبادلون فيها الاتهامات بالسرقة والنهب في المناطق التي سيطروا عليها.
على المقلب الآخر يتجمّع عشرات المدنيين حول آليات للجيش العربي السوري في بلدة أبو راسين في ريف رأس العين ليعلنوا ترحيبهم بالجيش عبر هتافات مختلفة. وأثناء استطلاع مجموعة من الصحافيين لآراء السكان المتجمعين لاستقبال الجيش يصرخ أحد الرجال: «الحمد لله، اتصلت بأولادي الآن وطلبت منهم العودة مع دخول الجيش فلم يعد هناك داعٍ للنزوح». أما أحمد وهو أحد سكان أبو راسين فيشرح سبب بقائه في البلدة: «كنا نشعر بالخوف الشديد. تحمّلنا المعارك والقصف لكي لا تنهب منازلنا» ولكن اليوم «نشعر بالأمان، وأنا متأكد منذ الغد أنه سيبدأ سكان البلدة بالعودة إليها، لأن وجود الجيش يعطينا الأمان». يحدّثك الناس هنا عن مشهد أرتال الجيش وهي تدخل البلدة والبلدات المجاورة. ويخبرك أحدهم بأن هذا المشهد «كان حلماً لسكان البلدة وقد تحقّق».
المزيد في هذا القسم:
- الصورة الحقيقية للتوتر الأوروبي التركي: بعض الأسرار والحقائق! المرصاد نت - متابعات تصاعدت حدة التوتر بين تركيا والدول الأوروبية والتى وصلت الى ذروتها نهاية الأسبوع الماضي. لكن لهذا التصعيد أسرار وحقائق يمكن أن تكون أساسا...
- الاستراتيجية الأمريكية في العراق: داعش أو الاحتلال ! المرصاد نت - متابعات نشر الكاتب الأمريكي المخضرم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ملخّصاً عن الاستراتيجية الأمريكية التي يجب اتباعها في العراق وحاليّاً وفي...
- لماذا يغضب آل سعود من العرب ويبتلعون إهانات واشنطن؟ المرصاد نت - متابعات عجيب أمر هذه الأسرة الحاكمة في الجزيرة العربية تشمر عن ساعديها وتطلق قذائفها وإرهابها الإعلامي والديني تجاه كل ما يمت إلى العروبة والإسلا...
- لبنان: هدوء حذر يسود مخيم عين الحلوة بعد اغتيال عنصر من حركة فتح! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني بأن الهدوء النسبي يعم مخيم عين الحلوة جنوب لبنان بانتظار نتيجة الاتصالات الجارية وذلك بعد مقتل أحد عناصر حركة فتح في مخيم ...
- انطلاق قمة العشرين وسط مظاهرات واحتجاجات مناهضة لها المرصاد نت - متابعات تستقبل مقاطعة هامبورغ بالمانيا اليوم الجمعة قمة مجموعة العشرين الاقتصادية التي تنعقد في هامبورغ في يومي 7 و8 من الشهر الحالي. وستناقش ...
- مسنة سعودية تتعرض لتعذيب وحشي في سجون الاعتقال بالسعودية لهذه الأسباب المرصاد-متابعات كشف حساب معتقلي الرأي السعودي، على موقع التدوين الأصغر “تويتر”، اليوم الجمعة، مأساة إمارة سعودية في سجون الاعتقال بالمملكة.وقال حساب مع...
- الهند واليابان تواجهان ترامب: نحو «التوحد ضد السياسات الحمائية» المرصاد نت - متابعات اختتم رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي زيارة إلى العاصمة اليابانية طوكيو استمرت ثلاثة أيام التقى خلالها نظيره شينزو آبي. وتطرقت محادثات ا...
- ارتفاع مستوى التأهب الأمني في فرنسا بعد هجوم ستراسبورغ ! المرصاد نت - متابعات كشفت وسائل إعلام فرنسية اليوم تفاصيل جديدة عن منفّذ هجوم إطلاق النار في ستراسبورغ، الذي أسفر مساء أمس عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 12 آخرين...
- انتهاء معاهدة الأسلحة النووية رسمياً: دعوات إلى تمديد «ستارت» ! المرصاد نت - متابعات أعلنت الولايات المتحدة وروسيا رسمياً انتهاء معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة مع تبادلهما الاتهام بالمسؤولية عن انهيار هذه الاتفاقية الثنائ...
- الكاتالونيون يواصلون الاحتجاج: هل تُعيد مدريد فرض الطوارئ؟ المرصاد نت - متابعات ليس من المعروف ما ستؤول إليه التظاهرات التي تشهدها كاتالونيا والتي تصاعدت بشكل كبير أمس في خامس أيامها وسط «إضراب عام» وتظاهرة كبيرة في م...