تحشيد عسكري متضادّ: واشنطن تنشئ قاعدتين جديدتين بالحسكة!

المرصاد نت - متابعات

تستعدّ قوات أميركية للتمركز في قاعدتين عسكريتين جديدتين في منطقة قريبة من حقول النفط في الشمال الشرقي لسوريا. وبحسب مصادر محلية فإن الولايات المتحدة التي تملك 5 قواعد Syria USA2019.11.16عسكرية في محافظة الحسكة بدأت أعمال إنشاء قاعدتين جديدتين في منطقتين مختلفتين في الحسكة. وخلال اليومين الماضيين عَبَرت قافلتان عسكريتان أميركيتان إلى الأراضي السورية عبر معبر اليعربية قادمة من العراق ودخلت إلى مدينة القامشلي. وفيما تمركزت القافلة الأولى المكوّنة من 20 آلية عسكرية ما بين مدرّعات وشاحنات في بلدة القحطانية شرقي مدينة القامشلي على بعد 6 كلم من الحدود التركية وصلت القافلة الثانية إلى قرية حيمو غربي القامشلي على بعد 4 - 5 كلم من الحدود التركية. وتقع المنطقتان المذكورتان اللتان شرع الجنود الأميركيون في أعمال إنشاء القاعدتين الجديدتين فيهما ضمن حدود الحزام الذي تُسيّر فيه القوات التركية والروسية دوريات برية مشتركة. ولا يخرج الانتشار الأميركي فيهما عن مهمّة تطويق حقول النفط إذ هما تضمّان بالفعل حقولاً نفطية. ومع الانتهاء من بناء القاعدتين سيرتفع إجمالي القواعد الأميركية في الحسكة إلى 7 قواعد ونقاط عسكرية في الشمال و13 قاعدة ونقطة عسكرية في سوريا. كما أنه بفضل هذه القواعد العسكرية ستتمكن القوات الأميركية من بسط سيطرتها على حقول النفط وإبقاء وجودها وتعزيزه على الحدود التركية.

في المقابل أعلن الجيش الروسي، أمس، أنه نشر في قاعدة عسكرية له في مدينة القامشلي مروحيات وصواريخ أرض ــــ جو في المنطقة التي كان يتمركز فيها الأميركيون قبل انسحابهم الأخير، ثم عودتهم أمس إلى التمركز في محيطها عبر قاعدتين جديدتين. وقال قائد القاعدة الكومندان تيمور خجاييف لوكالة الأنباء الرسمية الروسية «تاس» إن هذه القاعدة التي تُسمّى رسمياً «مكتب القيادة الجوية» ستنظّم «عمليات تحليق متواصلة (...) لحماية الأراضي والدفاع عنها». وأضاف خجاييف إن «مروحيات قتالية عدة وصلت إلى القاعدة» موضحاً أنها «ستقدم الدعم للشرطة العسكرية الروسية التي تقوم بدوريات مشتركة مع الجيش التركي في هذا القطاع». وبثّ التلفزيون الروسي «زفيزدا» التابع لوزارة الدفاع، لقطات لوصول المروحيات الثلاث إلى القامشلي، يظهر فيها أيضاً النظام الدفاعي المضادّ للطائرات «بانتسير» ما يُعدّ تطوراً لافتاً؛ إذ من خلاله تُدخل موسكو دفاعات جوية متوسطة إلى منطقة لا تعدّ ضمن مجالها الجوي الكامل بل تتداخل فيها مع مجالين جويين تركي وأميركي.

في سياق متصل أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أمس أن الولايات المتحدة قررت في نهاية المطاف الإبقاء على حوالى 600 عسكري في سوريا على الرغم من رغبة الرئيس دونالد ترامب في وقف «الحروب التي لا تنتهي». وأوضح إسبر أنه يتحدث عن شمال شرق سوريا حصراً حيث كلّف ترامب وزارة الدفاع الأميركية «حماية حقول النفط». وأشار إلى أن هذا العدد قد يتغير وخصوصاً «إذا قرّر الحلفاء الأوروبيون تعزيز عديدهم في سوريا» مبيّناً أنه «إذا انضمّ إلينا الأوروبيون على الأرض فقد يسمح لنا ذلك بإعادة نشر مزيد من القوات هناك».

لكن في المقابل لا يبدو إلى الآن أن الأوروبيين يتجهون نحو تلبية رغبة واشنطن؛ إذ أعلن الأمين العام لحلف «الناتو» ينس ستولتنبرغ أن الخلافات بين أعضاء الحلف في شأن شمال سوريا لا تزال قائمة. وقال ستولتنبرغ، خلال اجتماع وزاري للدول الأعضاء في «التحالف الدولي» في واشنطن إن «الوضع في شمال سوريا لا يزال غير مستقرّ ومعقداً. ومن المعروف أن هناك خلافات بين الحلفاء في الناتو عندما يدور الحديث عن الوضع هناك». وأضاف ستولتنبرغ إنه «في الوقت ذاته نحن متفقون على ضرورة الحفاظ على ما تم إنجازه في ما يخصّ عدونا المشترك داعش، ودعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق حل سياسي ثابت».

العين على نفط القامشلي ودير الزور!
لا يكاد يمرّ يوم إلا ويؤكّد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن حركته الخارجية لا تمتّ، غالباً بصلة للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية. فليس من قرار اتخذه حظي بموافقة الجمهوريين، فكيف بالديموقراطيين؟ وهو لا يكاد يخرج بموقف حتى يلحقه بموقف مناقض له وهكذا دواليك. فبعدما كان يهدّد بتدمير الاقتصاد التركي بسبب صفقة صواريخ «أس 400» عاد وأعطى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، المبرّر للصفقة بتحميل الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، مسؤوليتها.

وبعدما حذر أنقرة من مهاجمة شمال سوريا عاد ومنحها الضوء الأخضر قائلاً للأكراد إنه لن يدافع عنهم ومن ثم عاد وحذّرها من التعرّض لهم. وبعد قرار الانسحاب من سوريا عاد وأكد بقاء 600 جندي أميركي لحماية آبار النفط في شرقها بالتعاون مع «قوات الحماية» الكردية. وهكذا، في ذروة إهانته لإردوغان في رسالته «الحمقاء» الشهيرة إليه في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ها هو يلتقيه مجدداً في البيت الأبيض الأربعاء الماضي بعدما رفض لقاءه ثنائياً على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الفائت. وقد كان لافتاً أن إردوغان الذي لم يردّ على رسالة ترامب «المهينة» حمل معه الرسالة وأعادها إلى ترامب شخصياً، في خطوة قد تكون غير مسبوقة في العلاقات الدولية.

انسحاب الولايات من سوريا باستثناء مناطق نفطية كان إعلاناً لفشل السياسة الأميركية في سوريا. لكن ترامب لا يأبه لذلك، ويضع الانسحاب في خانة حماية أرواح الجنود الأميركيين وإعادتهم إلى بلادهم أحياء لكسب أصوات الناخبين. وترامب يبقي جنوداً في مناطق نفطية ليطرق، من باب المال والاقتصاد آذان الرأي العام الأميركي الذي يستسيغ ويؤيد كلّ ما يضخ أموالاً إضافية تخلق له فرص عمل جديدة بعيداً عن القضايا والشعارات القومية الكبرى والتي جاء من يُسخّفها.

وفي هذا السياق بالذات، تصبّ تغريدة المرشح الديموقراطي للرئاسة، جو بايدن، الذي اتهم ترامب بأنه «يُغلّب مصالحه الشخصية على المصالح الوطنية الأميركية، كما أنه أعطى الضوء الأخضر لإردوغان لتطهير عرقي ضد الأكراد الذين ساعدونا لإلحاق الهزيمة بداعش». الرئيس الذي كان قد كال لإردوغان شتى الانتقادات والصفات السلبية استقى في لقائه معه من القاموس كلّ ما يمكن أن يقال في مديح شخص آخر. ومفردة «عظيم» تحتلّ مكاناً ثابتاً في تصريحات ترامب وقد أغدق منها على إردوغان في أكثر من قضية من التعاون في قتل أبو بكر البغدادي إلى الموقف من اللاجئين والتحالف ضمن حلف «شمالي الأطلسي»... إلخ.

بعد تنفيذ عملية «نبع السلام» وتخلّي الولايات المتحدة عن الأكراد، انفتح المجال واسعاً أمام تحسين العلاقات المتوترة بين أنقرة وواشنطن. ففي الأساس، بدأ الخلاف بين البلدين في عهد باراك أوباما بسبب دعم واشنطن للأكراد في سوريا، ولم تكن تركيا هي البادئة به. وعندما انتفى هذا الدعم، انحصر الخلاف في مسائل، لعلّ أبرزها العلاقات العسكرية بين تركيا وروسيا والتي بلغت ذروتها مع صفقة صواريخ «أس 400». قد يكون المتابع بحاجة إلى مفسّر أحلام ليتبيّن ماذا كانت محصّلة لقاء ترامب ــــ إردوغان في البيت الأبيض؛ ففي كل قضية تم تناولها كانت المواقف تتراوح ذات اليمين وذات الشمال. اهتمّ ترامب كثيراً بالعلاقات التجارية بين البلدين، فهي تمنحه دعاية هو بحاجة إليها في موسم الانتخابات، وهي التي تمنحه امتيازات داخلية.

وقد وعد ترامب برفع حجم التجارة بين البلدين من 20 مليار دولار حالياً إلى 100 مليار دولار خلال سنوات قليلة. كذلك، احتلّ موضوع شراء تركيا صواريخ «أس 400» الروسية حيزاً مهماً في المحادثات. ومن خلال تصريحات ترامب، فهو يسعى، ما دامت الصفقة أُنجزت ووصل قسم منها إلى تركيا، إلى ألّا تستعمل تركيا الصواريخ وأن تبقى في صناديقها! يعمل ترامب بمبدأ الاستدراك لذا لا مانع لديه من التخلّي عن عقوبة منع تسليم تركيا طائرات «أف 35» المتطورة، والتي كانت واشنطن قد توقفت عن تسليمها. فبيع الطائرات وجلب الأموال أفضل من منعها ومن ذهاب تركيا إلى شراء طائرات «سوخوي 57» الحديثة جداً.

العقلية التجارية التي تتقدّم على ما عداها من أولويات «وطنية»، دفعت بصحيفة «جمهورييت» ليكون عنوانها الرئيسي أمس الخميس هو «دبلوماسية التاجر». ولمحت صحيفة «قرار» إلى ارتباط الزيارة ببدء عملية عزل ترامب، الذي أراد إظهار نجاحاته الدبلوماسية والتجارية من خلال الاتفاق مع تركيا على كثير من المسائل. لكن ترامب لا يغفل استغباء الأميركيين بالإشارة إلى عوامل «وطنية» في علاقاته الجديدة مع إردوغان بقوله: «إن تركيا حليف مهم للغاية في حلف شمالي الأطلسي، ودورها مركزي في الشرق الأوسط، هي التي تملك ثاني أكبر جيش في الحلف بعد الولايات المتحدة». يدرك إردوغان أن ترامب يريده في الحملة الانتخابية إلى جانبه، لذا أعطى ترامب إردوغان، برأي «واشنطن بوست»، ما لم يعطه رئيس أميركي آخر.

أيضاً شكّل قرار الاعتراف بالإبادة الأرمنية في مجلس النواب حيّزاً مهماً من المحادثات. وفي هذا الإطار، اقترح إردوغان على ترامب أن يتحدث أمام مجلس الشيوخ، لكن ترامب اقترح عليه في المقابل أن يعقد مؤتمراً صحافياً بحضور بعض الشيوخ، لينتهي الأمر عند هذا الحدّ. وإذ أكد الرئيس التركي أنه مصمّم على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة بما ينسجم مع الرابطة المتجذرة بينهما فهو استغلّ حاجة نظيره الأميركي إليه بدعوته إلى تسليم الداعية فتح الله غولن المتهم بتزعم الحركة الانقلابية في 15 تموز/ يوليو 2016م مستغرباً كيف يملك غولن أراضي بمساحة 400 دونم في الولايات المتحدة يستخدمها لتمويل الإرهاب ودعمه. واعترف إردوغان بأن لا نتيجة مرضية في مسألة غولن.USA Army2019.11.15

كذلك حاول الرئيس التركي منع ترامب من إقامة علاقات وثيقة مع مظلوم عبدي كوباني قائد قوات «قسد» بتقديمه إلى ترامب وثائق وتقارير سرية صادرة عن وكالة الاستخبارات الأميركية نفسها بخصوص انتماء عبدي إلى حزب «العمال الكردستاني» المصنف إرهابياً لدى واشنطن كما أنقرة. وتساءل إردوغان أمام ترامب كيف يمكن للأخير أن يقترح لقاء بين رئيس دولة مهمة وزعيم لمنظمة إرهابية. ودافع في لقاءات صحافية لاحقة عن حق تركيا في طائرات «أف 35»، قائلاً إن ثمن العقد هو ملياران و400 مليون دولار وقد دفع منها مليار و400 مليون دولار ومع ذلك لم تتسلم تركيا أي طائرة حتى الآن.

وبخصوص مسألة اللاجئين السوريين، دعا ترامب الأوروبيين إلى تحمل مسؤولياتهم. واللافت أنه سأل إردوغان: «ألا يمكنك أن تأخذهم كمواطنين في تركيا؟» أي توطينهم، فأجاب إردوغان: «نحن نوطّن العديد منهم مثل الأطباء والمحامين والمهندسين والمعلمين». وإذ لم يشر إردوغان إلى العلاقة مع النظام في سوريا فقد فاجأ الصحافيين الأتراك المرافقين له بالقول: «إن تركيا لا مطمع لها في نفط سوريا. لكن كما تعلمون هناك نفط في دير الزور وفي القامشلي وهو من النوعية الرديئة. ونحن سنقدم اقتراحاً لأميركا وروسيا بأن تستخدم أموال نفط هاتين المنطقتين في إعادة إعمار سوريا» من دون أن يوضح ما إذا كان ذلك خاصاً بـ«المنطقة الآمنة» أو بشكل عام متجاهلاً بالطبع أن نفط دير الزور والقامشلي هو ملك الدولة السورية على رغم أن معظمه يقع تحت سيطرة قوات «قسد» وأن من يملك حرية التصرف به وبكل حبة تراب في سوريا وما فوقها وما في باطنها هو الدولة السورية حصراً وليس أي جهة أخرى حتى لو كانت روسيا فكيف بتركيا وأميركا؟!

الجيش العربي السوري يستكمل انتشاره على الحدود مع تركيا بطول 200 كم

انتشرت قوات الجيش العربي السوري على الحدود مع تركيا في محافظة الحسكة بدءاً من ريف رأس العين غربا وصولاً إلى بلدة عين ديوار بريف المالكية شرقا بطول أكثر من 200 كم. وأفادت وكالة "سانا" السورية الرسمية بأن وحدات الجيش بدأت عملية انتشار جديدة، الخميس، استكمالا للتحرك الذي انطلق في محافظة الحسكة والجزيرة السورية في 13تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وكانت وحدات من الجيش العربي السوري الجيش السوري بدأت بعملية عسكرية على المحور الجنوبيّ الشرقيّ لمحافظة إدلب آخر معاقل تنظيم "جبهة النصرة" وحلفائه في شمال غرب سوريا.

وأوضحت الوكالة أن عمليات انتشار الجيش العربي السوري شملت مناطق واسعة من محافظة الحسكة والرقة وريف حلب الشمالي الشرقي "وذلك لمواجهة أي اعتداء على الأهالي وتأمين الحماية لهم تحت العلم الوطني".

وذكرت "سانا" أن عملية الانتشار اليوم الجمعة انطلقت من بلدة الجوادية إلى المالكية بريف محافظة الحسكة باتجاه الشمال الشرقي، حيث انتشرت وحدات من قوات حرس الحدود في 6 نقاط هي قرى المريجات والبستان وسويدية غربية وشمسية وحب الهوى وعين ديوار في أقصى الشمال الشرقي، وبذلك تكون قد استكملت انتشارها على الحدود مع تركيا بدءاً من ريف رأس العين الشمالي الشرقي في الغرب، وصولاً إلى بلدة عين ديوار بريف المالكية بطول أكثر من 200 كم.

وبدأت وحدات الجيش عملية انتشار جديدة اليوم الجمعة استكمالاً لعملية انتشار سريعة بدأها الجيش العربي السوري في محافظة الحسكة والجزيرة السورية في الثالث عشر من الشهر الماضي شملت مناطق واسعة من محافظة الحسكة والرقة وريف حلب الشمالي الشرقي، وذلك لمواجهة أي اعتداء على الأهالي وتأمين الحماية لهم.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية