المرصاد نت - بيروت حمود
لو أريد اختصار مسيرة 32 عاماً من عمر الأسير السوري المُحرَّر، صدقي المقت، لأمكن وصفها بالعناد... العناد في كونه بطلاً لا يساوم ومناضلاً يبدع في المقاومة مرّة تلو أخرى... في كونه يستأصل السجن من جسده بمجرّد أن يصبح حراً من قيده، وفي أنه لا يهنأ له عيش طالما أن العدو يحتلّ أرضه ويستميت في دعم الجماعات الساعية في خراب سوريا. ذلك ما أدركه المقت سريعاً، وبادر في فضحه وهو ما أدخله السجن مرة أخرى عام 2015. لكنه أمس خرج إلى الحرية بشروطه... لا بشروط الاحتلال!
تَحرّر الأسير السوري، صدقي المقت (53 عاماً)، أمس، من سجون الاحتلال ومعه رفيقه أمل أبو صالح (26 عاماً). حريةٌ يبدو مذاقها هذه المرة مختلفاً. ففي عام 2012م أنهى حكماً كانت قد أنزلته محكمة العدو بحقه لمدة 27 عاماً. أُطلق سراحه يومها عند مقام اليعفوري الواقع جنوبي قرية مجدل شمس في وادٍ سحيق نهاية السفوح الجنوبية لجبل الشيخ. خطوةٌ أرادت سلطات العدو من خلالها كبح الاحتفاء بحرية مَن يُعتبر أقدم الأسرى السوريين في سجونها، وقد فوجئ ذووه يومها باتصال من السلطات تخبرهم فيه بأن ابنهم أطلق سراحه وعليهم تسلّمه من المقام، ليصلوا ويجدوه وحيداً قبل أن يَبلغ النبأ قرى الهضبة المحتلة التي خرجت بلداتها في مسيرات للاحتفال بحريته.
هذه المرّة لم يستطع غربال الاحتلال تغطية شمس حرية المقت. فقد أفرجت سلطات العدو عنه راضخةً لشروطه بالعودة إلى مجدل شمس مسقط رأسه، لا إبعاده ولو كان إلى وطنه الأم سوريا. رضوخٌ جعل الإفراج كما يقول المقت «ممزوجاً بالانتصار؛ فهو لحظة حرية انتصرت فيها الإرادة السورية وإرادة كلّ الشرفاء على العدو الذي أراده إفراجاً بشروط، لكننا تمكّنا من تحطيم إرادته في مقابل تحقيق إرادتنا ونيل الحرية في مسقط رأسنا الجولان». وينفي المقت أن «تكون هناك أيّ صفقة مشبوهة من وراء الإفراج عنه وعن أبو صالح» موضحاً أن «كلّ ما في الأمر هو أنه كان هناك قرار بالإفراج عنّا إلى وطننا سوريا وذلك يعني إبعادنا غير أننا رفضنا. ومساء أول من أمس حضر مسؤولان من وزارة الحرب الإسرائيلية إلى السجن وأبلغاني بالإفراج عني إلى مسقط رأسي في الجولان لا إبعادي إلى سوريا». وانطلاقاً من ذلك يتوجّه الأسير المُحرّر إلى رفاقه الأسرى الفلسطينيين بدعوتهم إلى أن «يرفضوا رفضاً قاطعاً الإفراج عنهم بشروط الإبعاد أو غيرها وعلى المفاوضين التمسّك بشرط التحرير المشرّف غير المشروط. فمن حق الأسير أن يعود إلى بيته وأبنائه وعائلته، لا إلى حيث يشاء الاحتلال له أن يعود».
وكانت سلطة السجون في دولة الاحتلال قد أصدرت أول من أمس بياناً قالت فيه إنه «استكمالاً لقرار الحكومة وبالتنسيق مع الجيش سيُطلَق سراح الأسير الجنائي أمل أبو صالح اليوم (أول من أمس)، وغداً (أمس) من المنتظر إطلاق سراح الأسير الأمني صدقي المقت، قبل انتهاء محكوميتهما». وادعى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من جهته، أن «الحكومة صادقت على إطلاق سراح أسيرَين سوريَّين كبادرة سياسية وحسن نية في أعقاب استرداد جثة الجندي زخريا باومل الذي قتل في معركة السلطان يعقوب عام 1982م من سوريا إلى إسرائيل». لكن ما يجدر التنبيه إليه، هنا، هو أن حكومة العدو كانت قد حاولت في وقت سابق ترحيل ابنَي الجولان المحتل إلى بلدهما الأم سوريا إلا أن الأسيرين رفضا حينها العرض الذي تبلور بوساطة روسية، وأصرّا على الرجوع إلى مجدل شمس. إصرارٌ دفع الحكومة الإسرائيلية إلى إجراء تصويت سري قبل حوالى أسبوعين، أسفر عن إلغاء شرط إبعادهما إلى سوريا، كما ذكرت «القناة 13» الإسرائيلية.
المقت المتحدّر من أسرة سورية مناضلة، كان من أوائل «الجولانيين» الذين أنشأوا تنظيم حركة المقاومة السري في الجولان في الثمانينيات متأثراً ورفاقه بالمشاهد البطولية للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية بوجه الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م وهي السنة ذاتها التي عمّت فيها التظاهرات قرى الهضبة المحتلة، حيث واجه شعبها الأعزل جيش العدو رافضاً سلخه عن سوريا. ومع المقت وشقيقه بشر، وعاصم الولي، والشهيدين هايل أبو زيد وسلطان الولي أبصرت المقاومة في الجولان المحتل النور، فراح مقاتلوها يُكبّدون الجيش الإسرائيلي الخسارة تلو الأخرى، وأهمّها ما جرى في عملية «بئر الحديد» التي فُجّرت فيها مخازن أسلحة. وفي مطلع عام 1985م بدأ الاحتلال باعتقال شباب الجولان، ومن بينهم المقت ورفاقه، الذين تمّ سجنهم بتهمة المقاومة.
أمس استقبل أهالي الجولان ابنهم بهتاف «الجولان سورية ومش ناقصها هوية» قبل أن ينشدوا النشيد الوطني السوري، فيما خاطبهم المقت بأن «سلطات العدو أرادته تحريراً مشروطاً، فأرناده حرية بلا قيد أو شرط» مضيفاً إن «الإرادة الحرة في سوريا وفلسطين ولدى كلّ شرفاء وأحرار العالم قد انتصرت». وخلال جولة له في قرية مسعدة، تَوجّه بتحية إلى «الشعب العربي السوري البطل وجيشه، وللرئيس بشار الأسد»، متابعاً «(أننا) لا ننسى أصدقاءنا الأوفياء، ولذلك نتقدّم بأحرّ مشاعر العزاء والوفاء إلى الدماء الزكية التي سالت على أرض العراق وتَمثّلت في استشهاد الفريق قاسم سليماني ورفاقه. هذه الدماء التي سالت لحمايتنا... سنبقى أوفياء لها... تحية من القلب إلى رجال المقاومة اللبنانية وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله ولشعب فلسطين البطل الذي نتقاسم معه رحلة المعاناة الطويلة، وإلى المقاومة الفلسطينية أيضاً».
أما الأسير المُحرّر أمل أبو صالح، فهو كان قد اعتُقل عام 2015م بتهمة قتل «جريح سوري» أثناء محاولة سلطات الاحتلال نقله إلى أحد مستشفياتها. ووفقاً لرواية شهود من قرية مجدل شمس للواقعة فإن أهالي القرية هبّوا في حينها لمهاجمة السيارة الإسرائيلية التي كانت تحمل جريحاً من تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابية إلى مستشفى قريب من الحدود. وقد اعتُقل على إثر الحادثة عشرات الشبان قبل أن يُطلق سراحهم ويُحكَم على أبو صالح بالسجن سبع سنوات.
المزيد في هذا القسم:
- انطلاق مفاوضات جديدة بين المجلس العسكري السوداني والمعارضة! المرصاد نت - متابعات انطلاقت مفاوضات جديدة اليوم بين المجلس العسكري السوداني والمعارضة بشأن المرحلة الانتقاليّة واتفق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيي...
- المقاومة تردّ على التصعيد الإسرائيلي .. رسالة الردع أقوى من الحرب! المرصاد نت - متابعات في تصعيد إسرائيلي جديد منح «الكابينت» (المجلس الوزاري الأمني المصغر) جيش العدو «الضوء الأخضر» للرد على صواريخ الم...
- أول دعوى لحجز أموال السعودية يوم الاثنين والحكومة الأمريكية مشلولة لحماية النظام السعودي المرصاد نت - متابعات قال المغرّد السعودي الشهير مجتهد على موقع 'تويتر' إن إقرار قانون جاستا والذي يسمح لمواطنين رفع دعاوى قضائية ضد حكومات أجنبية قد وضع مصير ...
- الجيش العربي السوري يقضي علي أحلام أردوغان المرصاد نت - متابعات تقترب الأزمة السورية من دخول عامها السابع ولم يزل الجيش العربي السوري صامداً كجبل الشيخ كثر اللاعبون والساسة أُرسلت مجموعات إرهابية تح...
- “داعش” يفجر منارة سنجار الاثرية وعدد من المنازل المحيطة بها كشف مصدر محلي في محافظة نينوى، الاحد، ان تنظيم “داعش” فجر منارة سنجار الاثرية مع عدد من المنازل المحيطة بها في القضاء. وقال المصدر ، ان “تنظيم داعش اقدم، الي...
- لبنان في مواجهة إسرائيل: من معه ومن يحيّد نفسه؟ المرصاد نت - هيام القصيفي تطرح التهديدات الإسرائيلية مسألة تأمين غطاء دولي وإقليمي يحمي لبنان من أي اعتداء بري أو بحري. في ظل التقاطعات الإقليمية يطرح السؤال ...
- الولايات المتّحدة الأمريكية: عجزٌ في الميزانيّة وإصلاحات مثيرة للجدل المرصاد نت - متابعات صعد عجز الميزانية الأمريكية للسنة المالية الماضية إلى 666 مليار دولار بنسبة 13.6٪ مقارنة مع السنة السابقة لها بحسب تقرير لوزارة الخزانة ال...
- هجومان في ليبيا وتونس: «داعش» يستعيد حضوره المرصاد نت - متابعات شهدت تونس وليبيا عمليتين إرهابيتين يُعتقد أن تنظيم «داعش» وراءهما رغم انحساره خلال السنوات الماضية ما يشي بأن التنظيم يحاول ا...
- السودان : «العسكري» يلوّح بالقوة... و«التغيير» تستعدّ لأسوأ الاحتمالات ! المرصاد نت - متابعات تتجه «قوى الحرية والتغيير» إلى تعزيز دفاعاتها في محيط ميدان الاعتصام في الخرطوم في ظلّ تتالي المؤشرات إلى نية المجلس العسكري فضّه بالقوة ...
- قيود إسرائيلية على دخول المصلين الى الاقصى فرضت الشرطة الإسرائيلية قيوداً على دخول المصلين لاداء صلاة الجمعة في المسجد الاقصى المبارك، وذلك غداة مواجهات في القدس الشرقية المحتلة. وقالت الناطقة باسم الشر...