المرصاد نت - متابعات
المشهد الذي سَجّلته الكاميرات في القدس المحتلة أمس هو أشبه بـ«كرنفال» ذي طابع سياسي، أكثر منه إحياء لِما يفترض أنها ذكرى «مجزرة بحق الإنسانية». فبعد مناوشات إعلامية تقصّدتها إسرائيل مع بولندا على مدى الشهور الماضية، لتحويل «الاجتماع الدولي» في هذه المناسبة إلى القدس لم يخفِ بنيامين نتنياهو فرحه بهذا الجمع الكبير من قادة الدول، ساعياً الى ترسيخ المدينة المقدسة «عاصمة لإسرائيل». وفي خضمّ الاستعراض واللقاءات الثنائية والزيارات التي قام بها رؤساء دول إلى مدن فلسطينية وأماكن مقدسة وحتى إقامة نصب تذكارية... استغلّ نتنياهو المشهد لدعم موقفه داخلياً كقائد قوي يجب أن ينتخبه الجمهور وليشنّ هجوماً على إيران التي صارت في نظره «أكثر دولة معادية للسامية» في العالم.
ينطوي عقد مؤتمر «المنتدى الدولي حول الهولوكوست» في مدينة القدس المحتلة، بحضور أكثر من أربعين من قادة الدول، على غير رسالة في أكثر من اتجاه داخلي وخارجي، لكن توقيته الداخلي ــــ الانتخابي يشكّل بالنسبة إلى رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، ورقة دعاية يستطيع من خلالها الترويج لدى الجمهور لمكانة إسرائيل الدولية في ظلّ قيادته في صورة يحتاج إليها نتنياهو في مرحلة مفصلية يواجه خلالها أكثر من تحدٍّ قضائي وانتخابي. وفي الوقت الذي ينبغي فيه الفصل بين السياقات الموضوعية لأيّ موقف أو خطوة سياسية أو عملانية تُقدِم عليها إسرائيل وبين توظيفها الانتخابي والسياسي الداخلي، تبدو رسائل هذا الحدث ببعدَيها الانتخابي والفلسطيني، الأكثر حضوراً لدى الجمهور الإسرائيلي والشعب الفلسطيني. فالأول ينظر إلى المنتدى كاحتفال دولي بمناسبة تخصّ تاريخه ومستقبله في ظلّ قيادة نتنياهو في حين أن الثاني يراها غطاء دولياً على المجازر التي ارتكبها الاحتلال في ماضيه وحاضره وحتى ما قد يكون مستقبلاً.
في هذا الإطار رأى الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين خلال المراسم الخاصة بمناسبة «تحرير معسكر الإبادة النازي أوشفيتز»، في مؤسسة «ياد فاشيم» في القدس أمس، أن هذه المناسبة هي «من أجل عدم نسيان ما جرى مع أبناء هذا الشعب، وضمان عدم تكراره»، متجاهلاً ما قام ويقوم به جيشه من مجازر بحق الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب. ودعا ريفلين المجتمع الدولي إلى الوقوف في وجه ما سمّاها العنصرية واللاسامية، مستغلّاً هذا «الاجتماع الدولي» لإضفاء الشرعية على الجرائم التي ينفذها كيانه بحق الفلسطينيين.
بالتوازي شكّل المنتدى مناسبة لتوجيه قادة العدو بوصلة الاهتمامات نحو التهديد الذي تمثله إيران على إسرائيل، إذ استغلّ نتنياهو المناسبة لإطلاق مواقف تتصل باللحظة السياسية الإقليمية فقال إن «الشعب اليهودي استخلص العبر من الكارثة»، وإنه «يأخذ التهديدات بالقضاء عليه على محمل الجدّ»، في إشارة إلى التهديد الذي يشكّله محور المقاومة بدءاً من إيران وصولاً إلى فلسطين. وأضاف إن «جوهر قيام دولة إسرائيل يرتكز على هذا الأمر: لن تقع محرقة أخرى. بصفتي رئيس وزراء إسرائيل هذا أهم التزاماتي» متابعاً: «يساورني القلق لأننا لم نرَ بعد موقفاً موحّداً وحازماً ضدّ النظام الأكثر معاداة للسامية على هذا الكوكب نظام يسعى علناً إلى تطوير أسلحة نووية وإبادة الدولة اليهودية الموحدة والوحيدة». كما قال إن «إسرائيل تحيّي الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب ونائبه (مايك) بنس لتصدّيهما لطغاة طهران».
بنس استغلّ من جهته الكلمة ليعلن تعهّد الولايات المتحدة «الوقوف إلى جانب إسرائيل كما كانت الحال منذ 1948» معتبراً أنه «يجب على الجميع الوقوف في وجه إيران». وبعد الاحتفال، كشف، خلال اجتماعه بنتنياهو في السفارة الأميركية المنقولة إلى القدس، أن ترامب وجّه دعوة إلى نتنياهو ومنافسه في الانتخابات، بيني غانتس، لزيارة واشنطن الأسبوع المقبل، وذلك «لمناقشة خطة البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط»، في إشارة إلى «صفقة القرن». وسريعاً، تلقف نتنياهو الدعوة قائلاً: «أعتقد أن الرئيس (ترامب) يسعى إلى منح إسرائيل السلام والأمن كما تستحق، وبالتالي أقبل بسرور دعوته».
كذلك ألقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين كلمة رأى فيها أن «الهولوكوست تُعدّ جرحاً لم يندمل ومأساة يجب أن تبقى في ذاكرتنا»، بعدما قال خلال لقائه ريفلين إن «40٪ من ضحايا المحرقة النازية كانوا من يهود الاتحاد السوفياتي السابق» مضيفاً: «الجيش الأحمر (السوفياتي السابق) لم يحرر فقط معسكر الإبادة، بل قدّم مساهمة حاسمة في النصر على النازيين». وكان نتنياهو وبوتين قد أقاما، أول من أمس، نصباً تذكارياً لضحايا حصار لينينغراد في القدس المحتلة. كما عقد الاثنان اجتماعاً خلُص فيه بوتين إلى أن «زيارته» من شأنها أن «تعزز العلاقات الثنائية»، مخاطباً مضيفه بما يهمّ الأخير أن يُسمِعه الجمهور الإسرائيلي: «نعمل بشكل منتظم مع رئيس الحكومة (نتنياهو)» في وقت نُقِل فيه عن مسؤولين في ديوان نتنياهو أن «تقدّماً كبيراً» حدث في قضية السجينة الإسرائيلية لدى موسكو نعاما يسسخار، وذلك «بفضل العلاقات القريبة والشخصية» بين الرجلين.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرأى أنه «لا يمكن استخدام المحرقة لتبرير الانقسام» مضيفاً إنه «لا يملك أحد حق استحضار موتاه لتبرير أيّ كراهية معاصرة» في إشارة إلى إيران من دون ذكرها. وتساءل ماكرون: «أيّ دلالة أجمل من رؤيتنا هنا مجتمعين وموحدين والاضطلاع بعمل مفيد لمكافحة الإنكار والنقمة أو خطابات الانتقام؟».
«تضامن» سعودي بالمناسبة
في حلقة جديدة من حلقات مسلسل التطبيع السعودي الجاري على قدم وساق مع العدو الإسرائيلي، زار الأمين العام لـ«رابطة العالم الإسلامي»، الشيخ محمد العيسى، معسكر اعتقال اليهود إبان الحرب العالمية الثانية في أوشفيتز في بولندا، بالتزامن مع إحياء ذكرى «الهولوكوست». ونشر حساب «إسرائيل بالعربية»، التابع للخارجية الإسرائيلية، مقطع فيديو للعيسى، وهو يؤمّ الصلاة في وفد من المشائخ المسلمين في المعسكر. وأدرجت الرابطة، في بيان على موقعها، زيارة أوشفيتز في إطار «التنديد بكلّ عمل إجرامي أيّاً كان مصدره وعلى أيٍّ كان ضرره وأثره، وأن هذه هي قيم الإسلام».
ويشكّل هذا الموقف امتداداً لمواقف العيسى ورابطته، والتي تتستّر بغطاء «الحوار بين الأديان» و«الانفتاح» من أجل تكريس العدوّ كياناً طبيعياً في المنطقة، وتصوير العلاقات معه أمراً بديهياً. وسبق للعيسى، الذي كان وزيراً للعدل في السعودية عام 2007، أن أجرى مقابلات مع وسائل إعلام إسرائيلية، لم يتورّع فيها عن وصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب. كما سبق له أن شارك في العديد من المحافل التي جمعته بحاخامات صهاينة، فضلاً عن دأبه سنوياً على المشاركة في إحياء ذكرى «المحرقة»، سواءً بزيارته أمكنة «تُخلّدها»، أو بتصريحات وكتابات له عبر المنابر الغربية والإسرائيلية.
المزيد في هذا القسم:
- ذي غارديان : تيريزا ماي تتحفّظ على نشر تقرير عن تمويل التطرف المرصاد نت - متابعات أفادت صحيفة «ذي غارديان» بأن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لا تزال تتحفّظ على نشر تقرير عن تمويل «التطرف» ف...
- قريباً .. الغاء منصب رئيس الوزراء في تركيا وتعزيز سلطات اردوغان المرصاد نت - متابعات اعلن وزير المياه والغابات التركي فيصل اروغلو ان منصب رئيس الوزراء في تركيا سيلغى في اطار الاصلاح الدستوري المرتقب لاقامة نظام رئاسي يعزز ...
- ليبيا : تعذّر الحسم الميداني السريع: «غزوة» حفتر... إلى أين؟ المرصاد نت - متابعات قرار المشير خليفة حفتر بدفع من المحور الإماراتي ـــ السعودي ـــ المصري حسْمَ الصراع الدائر في ليبيا عسكرياً لمصلحته ارتبط بقناعته وحلفائه...
- قالن: تصريحات بايدن ضد أردوغان تزيد صورة أميركا سوءا المرصاد-متابعات قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن تصريحات المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن حول تركيا تزيد صورة الولايات المت...
- الجبير: النفط ليس سلاحا يطلق النار ولا نستخدمه ضد الولايات المتحدة المرصاد-متابعات قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، إن المملكة لا تقوم بتسييس النفط ولا القرارات المتعلقة به، مشددا على أن النفط ليس سلاحا. و...
- بالأرقام..قيمة التسويات التي دفعها معتقلو "ريتز كارلتون" في السعودية المرصاد نت - متابعات أقفلت السلطات السعودية ملف اعتقال العديد من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال بتهم الفساد والذي فتحته في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. أ...
- مقتل إسرائيليَين في عملية إطلاق نار في الضفة المرصاد نت - متابعات أعلن جيش العدو الإسرائيلي أن رجلاً وامرأة إسرائيليَين قتلا في عملية إطلاق نار قام بها فلسطيني فيما أصيبت امرأة أخرى اليوم في منطقة صناعية...
- السيسي يستبق إعادة انتخابه... بقرارات غير شعبية! المرصاد نت - جلال خيرت تستعد الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات اقتصادية غير شعبية تتمثل في تطبيق تحريك للأسعار في غضون شهرين وذلك في خطوة نوقشت في اجتماع مطوّل ع...
- وفد إسرائيلي في واشنطن لبحث اتفاق عدم اعتداء مع دول الخليج! المرصاد نت - متابعات وصل وفد إسرائيلي إلى واشنطن، اليوم الإثنين، لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق «عدم اعتداء» مع دول الخليج العربي وفق ما أعلنه وزير خارجية العد...
- بسبب رفض الجزائر لاتهام حزب الله بالارهاب.. الخليج يدعم المغرب ضدها في قضية الصحراء المرصاد نت - متابعات أكد مجلس التعاون الخليجي في القمة التي انعقدت الأربعاء الماضي بالرياض بمشاركة المغرب دعمه للرباط في قضية الصحراء الغربية. ورفض على لسا...