المرصاد نت - متابعات
مع ساعات الصباح الأولى من يوم أمس، تَمكّن الجيش السوري من استعادة السيطرة على كامل مدينة سراقب الاستراتيجية، جنوبي شرقي مدينة إدلب بعد عدّة محاولات لاقتحام المدينة في الأيام السابقة. وهاجم الجيش وحلفاؤه المدينة من عدة محاور من الجهتين الشرقية والجنوبية. وبعد اشتباكات استمرّت لساعات، انسحب مسلّحو الفصائل من سراقب، ليتقدّم الجيش إليها ويفرض سيطرته عليها بالكامل ويلقي القبض على المسلحين الذين كانوا لا يزالون فيها.
وبالتزامن مع السيطرة على المدينة، اندفع الجيش في أقصى ريف إدلب الجنوبي، في محيط مدينة كفرنبل، مستعيداً السيطرة على بلدة حزارين المجاورة بالإضافة الى بلدتَي كفرموس وكوكبة. وكانت لافتة مشاركة الطائرات الحربية الروسية في استعادة السيطرة على سراقب وخصوصاً في الساعات الأخيرة من العملية حيث قصفت الطائرات عدة أهداف للمسلحين في محيط المدينة، وفي عمق محافظة إدلب. مشاركةٌ جاءت بعد استنكافٍ استمرّ ليومين لتؤذن بانتهاء الصمت الروسي على تقدّم المسلحين المدعومين من أنقرة.
ولاحقاً أعلن الجيش الروسي أن وحدات الشرطة العسكرية التابعة له دخلت سراقب «نظراً إلى أهمية ضمان الأمن وحرية حركة النقل والمدنيين على الطرق السريعة M4 وM5» وربما يُعدّ الإعلان الروسي الأخير مؤشراً إلى تقدّم ما في المفاوضات بين موسكو وأنقرة. إذ من المستبعد أن تكون روسيا قد نشرت شرطتها العسكرية في سراقب من دون إبلاغ تركيا بذلك والتوافق معها عليه، وخصوصاً أنه، طوال يوم أمس، لم تُسجّل أعمال عسكرية تركية واسعة في المنطقة بل سُجّل انخفاض كبير في وتيرة القصف المدفعي والصاروخي وعبر الطائرات المسيّرة ما قد يدلّ على أن تفاهماً أوّلياً تُرجم هدوءاً في الميدان، وتغيّراً في السيطرة.
وفي انتظار اللقاء الذي سيجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، الخميس في موسكو جدّد الطرفان تأكيد «ثوابتهما» في ما يتعلق بالشمال السوري، مع جرعة أدنى من التصعيد الكلامي. وقال إردوغان أمس في خطاب في أنقرة: «سأذهب إلى موسكو الخميس لمناقشة التطورات (في سوريا) مع بوتين. وآمل أن يتخذ (الرئيس الروسي) التدابير الضرورية مثل وقف إطلاق النار».
في المقابل رفع إردوغان من حدّة تصريحاته تجاه الدول الأوروبية مشيراً إلى أنه «بعدما فتحنا أبوابنا، تلقّينا العديد من الاتصالات الهاتفية قالوا لنا أغلقوا الأبواب. لكنني قلت لهم لقد تمّ الأمر... عليكم الآن أن تتحمّلوا نصيبكم من العبء». وفي هذا الوقت لا تزال المساندة الغربية لتركيا محصورة في الإطار الكلامي، من دون خطوات فعلية تعبّر عن نيات دعم جدية. ولفت وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أمس إلى «(أننا) نُنسّق مع الأمين العام لحلف الناتو بشأن التصعيد في الشمال السوري ومستعدون لتطورات الأمور مستقبلاً» مستدركاً بأنهم «لن يقدّموا دعماً جوياً لتركيا في إدلب». واستباقاً لزيارة إردوغان لموسكو، حطّ وفد أميركي رفيع، أمس، في العاصمة التركية، لبحث تطورات الأوضاع في إدلب. وضمّ الوفد مبعوث الرئيس دونالد ترامب الخاص إلى سوريا جيمس جيفري ومندوبة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة كيلي كرافت.
وفي مقابل التصريحات التركية الهادئة حول الدور الروسي في سوريا والحديث عن السعي للتوصّل إلى اتفاق جدّدت الرئاسة الروسية على لسان المتحدث باسمها ديمتري بيسكوف تأكيدها أن «موقف موسكو من الأزمة السورية لم يتغير أبداً وهو الموقف نفسه الذي ذكره مراراً وتكراراً كلّ من: الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف وكذلك وفد الخبراء المشترك الذي تحادث في الأيام الأخيرة مع زملائه الأتراك». وقال بيسكوف: «نحن ملتزمون باتفاقات سوتشي وندعم سوريا في الحرب ضدّ الإرهابيين. كما نعلّق أهمية كبيرة على التعاون مع الشركاء الأتراك». وأضاف إن «العسكريين على اتصال دائم والأهم من ذلك سنركّز جميعنا على المفاوضات بين بوتين وإردوغان». من جهته شدّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية على أن «أهمّ آلية لحل الأزمة السورية هي مسار أستانا وسنسعى لعقد اجتماعها القادم على جناح السرعة» مشيراً إلى أن «القمة الإيرانية التركية الروسية في إطار أستانا تحظى بأهمية فائقة، ولا بدّ من الاهتمام بمطالب دمشق».
واشنطن: لا دعمَ جويّاً
قالت الولايات المتحدة اليوم إنها تبحث تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية الخاصة بالملف السوري وأوضح وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، في إفادة صحافية في البنتاغون: «تبحث الولايات المتحدة تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للناس في سوريا. هذا أمر تباحثت بشأنه مع وزير الخارجية مايك بومبيو». ولفت إلى أن بلاده تبحث زيادة المساعدات الإنسانية إلى تركيا، نظراً إلى تطورات الأوضاع في سوريا. وحين سؤاله عن إمكانية تقديم دعم جوي لعمليات الجيش التركي في شمال غرب سوريا، أجاب إسبر بالنفي.
نشاط «إنساني» لحلفاء أنقرة
أرسلت واشنطن وفداً رفيع المستوى إلى تركيا، لبحث التطورات الأخيرة في إدلب، يضم المبعوث الأميركي الخاص بالشأن السوري، جيمس جيفري، ومندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت. وقال بيان للبعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن كرافت «ستشدد خلال زيارتها على الحاجة الماسة للوصول الإنساني العابر للحدود، الذي تأذن به الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المجتمعات السورية والمشردين الذين يكافحون دون إمدادات أو مأوى ملائم في درجات الحرارة المتجمدة».
ومن المقرر أن تلتقي كرافت، خلال زيارتها، مسؤولي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات غير الحكومية الذين يعملون في الملف الإنساني؛ إلى جانب الاجتماع مع كبار المسؤولين الأتراك في أنقرة.
واستقبل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس الأثنين، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن. وأفاد جاويش أوغلو عقب اللقاء الذي جرى في أنقرة، في تغريدة على «تويتر»: «تبادلنا معلومات مع المبعوث الأممي إلى سوريا بشأن عملية درع الربيع، الماضين فيها بكل عزيمة».
كذلك يزور وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، تركيا، اليوم الثلاثاء، لإظهار الدعم لجهود أنقرة للتفاوض على التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في سوريا، وفق ما قال مكتبه.
وقال راب في بيان إن «تركيا في مقدمة بعض من أصعب وأخطر التحديات التي نواجهها مع مواصلة الحكومة السورية والقوات الروسية تصعيد العنف على حدودها... كنا واضحين في تنديدنا بأفعال الجيش السوري في إدلب وسنواصل إبداء القلق بشأن انتهاكاته الصارخة للقانون الدولي».
مهلة استسلام لمسلّحي الصنمين: لا تراجع عن الحسم
وفي الجنوب تعود العمليات العسكرية إلى ريف درعا بعد عامين على بدء التسويات في المنطقة. وعلى رغم ما شهدته الفترة الماضية من خروقات متكرّرة شملت عمليات خطف وقتل لعناصر أمنية وضباط في الجيش السوري وأشخاص متعاونين مع الحكومة فضلاً عن هجمات على الطريق الدولية وخطف للمسافرين عليها، إلا أن الجيش السوري لم يقرّر الحسم في المنطقة، ولم يدخل في عملية جدّية فيها حتى أول من أمس، حيث أكدت مصادر عسكرية «العزم على الحسم وتأمين المنطقة الجنوبية، بغية التفرّغ للمنطقة الشمالية».
وقالت مصادر ميدانية مطلعة أن «وجهاء الصنمين رفضوا التواصل مع المسلحين لحضّهم على الاستسلام، ودعوا الجيش للاستمرار في عمليته، بينما أشرف الطرف الروسي بشكل مباشر على التفاوض مع المسلحين، طالباً إليهم الموافقة على الخروج من الصنمين إلى طفس إلا أنهم رفضوا الإذعان حتى ساعة متأخرة من ليل أمس». وأوضحت المصادر أن خيار ترحيل المسلحين إلى طفس يهدف الى «ضمان إبعادهم عن الطريق الدولي وحصرهم بمنطقة ريفية بعيدة عن المراكز الأمنية، وخصوصاً أن المسلحين الموجودين في طفس يتبعون القائد السابق نفسه الذي قُتل في بداية العملية العسكرية مع 10 مسلحين آخرين». وأشارت إلى أن «التدخل الروسي أتى عقب قيام الجيش السوري بإعطاء المسلحين مهلة 10 ساعات لحسم خيارهم بالاستسلام أو مواصلة العملية للقضاء عليهم».
وكانت العملية الأمنية قد انطلقت من محاور عدّة فجر يوم الأحد، عبر قوات برية مدعومة بآليات مدرّعة اقتحمت مقارّ تابعة للمسلحين في القسم الشرقي من مدينة الصنمين. وتلفت المصادر العسكرية إلى أن «أهالي المدينة ساهموا في تحديد مواقع المسلحين»، مؤكدة أن «لا تراجع عن قرار الحسم في الصنمين». وتضيف في حديث إلى «الأخبار» إن «القرار اتُّخذ بإعادة الأمان الكامل إلى درعا وريفها، والتعامل مع أيّ تحرّك للمسلحين المتفرّقين داخل البلدات والقرى بالطريقة المناسبة»، مشددة على أن «العملية ردّ ملزم على خروقات المسلحين وعدم التزامهم باتفاقات التسويات». وتسعى القيادة العسكرية، عبر هذه العملية المحدودة، إلى إعادة ثقة أهالي المنطقة الجنوبية بقدرة الدولة على حفظ أمنهم، كما تهدف إلى إفشال مخطّط كان يعدّه المسلحون لتوتير الأوضاع داخل الريف، وتشتيت قوة الجيش في معارك متفرقة جنوب البلاد. وتستمرّ الاشتباكات العنيفة التي يخوضها الجيش داخل المدينة، مستخدماً الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما يحاول المسلحون استهداف آلياته بقذائف من نوع «RPG» لم تُسلَّم للجان المصالحة خلال التسويات. وحتى ليل أمس، كان الجيش قد تمكّن من تمشيط 60% من المدينة، وحصار حوالى 200 مسلح في جزء أخير منها.
لا إجابة لـ«فزعة» المسلّحين
«فزعة يا شباب»! بهذه العبارة الشهيرة، ناشد المسلحون المحاصرون في الصنمين، عبر أجهزة اللاسلكي، سكانَ بلدتي إنخل والحراك القيام بعمليات أمنية لتخفيف ضغط الجيش السوري عليهم. لكن مناشداتهم تلك لم تلقَ أيّ تجاوب، إذ بقيت إنخل، الجارة القريبة للصنمين، هادئة وبعيدة عن كلّ مجريات جارتها. لكن استجابة لـ«الفزعة» سُجّلت من قِبَل مسلحي بلدة طفس في الريف الغربي، والذين هاجموا مركز تدريب للجيش السوري وخطفوا عنصرين منه. وفي الريف الشرقي لدرعا، قطع بعض المسلحين الطرقات، وخرجوا في تظاهرات تطالب بإيقاف العملية الأمنية. إلا أن هذه التحركات ظلّت دون توقعات مسلحي الصنمين. وتؤكد مصادر أمنية جنوبية، لـ«الأخبار»، أن «الحاضنة الشعبية الكبيرة للمسلحين، والتي كانت في المنطقة قبل سنوات، قد تلاشت بشكل شبه كامل. وما جرى هو حالات فردية لمجموعات صغيرة ومتفرّقة من المسلحين، سيشملها خيار الحسم وإعادة الأمان لدرعا ومحيطها بشكل كامل، في وقت لاحق».
المزيد في هذا القسم:
- "داعش" بقي حيا حتى الآن بفضل الولايات المتحدة ! المرصاد نت - متابعات تطرقت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" إلى ما نشره الاقتصادي الأميركي الشهير جيفري ساكس عن "داعش" وسبب بقائه حيا حتى الآن. جاء في مقال الص...
- حذر صيني وارتياح أميركي: اتفاق التجارة يُعزّز مكاسب ترامب! المرصاد نت - متابعات يقابل الحذرَ الصيني إزاء اتفاق المرحلة الأولى التجاري الذي أتاح إرساء هدنة تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم ارتياحٌ أميركي عبَّرت عنه ت...
- روسيا والحلفاء في سوريا .. تباين لا أفتراق المرصاد نت - متابعات تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن الهدف الجديد الذي وضعه العدو وحلفاؤه العرب في سوريا. والذي يتركز على سبل إنهاء الوجود ال...
- "بغداد بخير" .. في مواجهة إشاعات "داعش" "الكرادة .. الاعظمية .. مدينة الصدر، رصافة و كرخ.. الكل بخير، رغم ما يحصل"، عبارة تضمنتها حملة أطلقها ناشطون لمواجهة إشاعات طالما صدرت لتربك وضع العاصمة من باب ...
- حشود ضخمة وغطاء شعبي لمشروع مقاومة الاحتلال الأميركي! المرصاد نت - متابعات شهدت بغداد أمس أكبر استفتاءٍ شعبي يعلن رفض بقاء قوات الاحتلال الأميركي في العراق. الشعارات التي تجاوزت الموقف الى الدعوة للعمل من أجل تحق...
- السبسي و«النهضة»: من القطيعة إلى العداوة ! المرصاد نت - متابعات منذ أشهر توترت العلاقة بين حركة «النهضة» ورئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي لكن هذا الأسبوع كان استثنائياً إذ شهد انتق...
- ارتفاع ديون السعودية من44 بليون الى 274 بليون خلال 20 شهر المرصاد نت - متابعات زاد حجم الديون السعودية المباشرة القائمة على الحكومة خلال 20 شهراً من 44.3 بليون ريال إلى نحو 274 بليون ريال بنهاية آب/ أغسطس الماضي ف...
- 29 قتيلاً في أقلّ من 24 ساعة: خطاب ترامب «يثمر» جرائم كراهية ! المرصاد نت - متابعات 29شخصاً على الأقل، قتلوا في الولايات المتحدة، خلال الساعات الـ 24 الماضية في هجومين منفصلين وقعا في ولايتَي تكساس وأوهايو. الهجوم الأول و...
- دعم واشنطن للجماعات الإرهابية في سوريا؛ حقيقة أم ماذا؟! المرصاد نت - متابعات سبع سنوات عجاف مرت على الشعب العربي السوري ولا يزال هذا الشعب صامداً في وجه المؤمرات التي تحاك ضد بلده كاشفا بصموده وجبروته الستار عن أقذ...
- تركيا : حملة الشعارات تتواصل... والتحديات الاقتصادية المرصاد نت - متابعات كما كان متوقعاً اتخذ مرشّح «حزب الشعب الجمهوري» المعارض محرّم إينجه من «يكفي T A M A M» شعاراً لحملته الانتخابية ...