حلب وجهنم طاولة جنيف.. لهذه الأسباب حلب تحترق

المرصاد نت - حلب

كان تصريح محمد علوش كبير مفاوضي وفد “الهيئة العليا للمفاوضات” المنبثق عن مؤتمر أقيم بالرياض وبدعم سعوديAlpooe2016.4.30.2


كان بمثابة اعلان رسمي بالعودة إلى الحرب رغم سريان اتفاق وقف الاعمال القتالية “الهش” أصلاً.
حاول علوش وهو من يمثل “الصقور” في وفد “الهيئة”، أن يلوح بورقته العسكرية وهو جالس على طاولة المفاوضات في جنيف، وخاصة وأنه قيادي في “جيش الاسلام”، لكن سرعان ما أعلن الوفد بأكمله تعليق مشاركته في المفاوضات، ربما لما شعر به من قوة لدى الطرف الحكومي السوري وخاصة بعد التقدم الكبير الذي حققه على الأرض بدعم الحلفاء قبيل بدء الجولة الاولى من جنيف3 ، بينما بدت فصائل المعارضة ضعيفة تتهاوى وتخسر أغلب معاقلها.

محاولة قلب طاولة جنيف من قبل “الهيئة” لم تكن اعطباطية فمن المؤكد أنهم حصلوا على ضمانات معينة بخصوص التسليح والدعم العسكري الذي قالوا انهم لم يحصلوا عليه منذ مدة طويلة عدا عن أن الدول الداعمة لهم كالسعودية وتركيا، استشعرتا خطراً وشيكاً قد يهدد نفوذها في حلب وخاصة بعد عدة تصريحات من أطراف سورية وروسية حول قرب انطلاق معركة السيطرة على كامل حلب مايعني فقدانهم كل شيء في سورية، وخاصة حلب التي تعد منفذ امداد الفصائل المسلحة الأخير تقريباً، بعد ادلب.

قبل العودة إلى جنيف واتخاذ “الهيئة” قرارها باستكمال المفاوضات يجب عليها أن تحقق شيئاً على الارض، وإلا فلن تعود إلى الطاولة كونها لاتملك مركز قوة على الارض، وحلب قد تعيد لها ذلك، من وجهة نظرها، وخاصة وأن حلب حالياً خارج إطار أي اتفاق دولي بخوص التهدئات والهدن، نتيجة سيطرة “النصرة” و”داعش” على أغلب المناطق هناك مايعني أن الجماعات المسلحة الأخرى هناك خارج أي معادلة سياسية.

سابقاً شن الجيش العربي السوري والقوات الرديفة هجوماً لقطع الطريق التي تعرف بـ “الكاستيلو” والتي تصل من خلالها الإمدادات إلى الأحياء الشرقية من حلب حيث ينتشر المسلحون هناك وحالياً يقوم الجيش بإحاطة تلك المنطقة دون دخولها ما أذعر المسلحين من ألا يتمكنوا من الانسحاب بعد تطويق المنطقة.

ويشير تحليل ميداني نشره مركز أتلانتيك كاونسل إلى أن استراتيجية الجيش السوري في الوقت الحالي لا تعمد على السيطرة على الأراضي فقط بل تركز أكثر على عزل الجماعات المسلحة في أماكن صغيرة يسهل القضاء عليها لاحقا، وخاصة بعد قطع خطوط إمداداتها وعلى الأخص مع تركيا.Halap2016.430

المنطقة الحدودية البالغ طولها 90 كيلومتراً بين أعزاز وجرابلس شمالاً والتي يسيطر عليها حالياً تنظيم “داعش” تشكل أيضاً نقطة استراتيجية بالنسبة لجميع الأطراف المقاتلة فبينما يراها الأكراد جيدة لربط عفرين وعين العرب ببعضهما البعض. تراها الأطراف المعارضة المسلحة أنها طريق جيد للإمداد من الخارج بينما تراها تركيا مشروع منطقة “آمنة” ويجب أن يتم منع الجيش العربي السوري والأكراد من الوصول اليها، ففي حال سيطر عليها الجيش وحلفاءه فستصبح المنطقة الحدودية بأكملها تحت سيطرتهم ولن يبقى لأي من الأطراف المسلحة ومنهم “داعش”، أي منفذ إلى تركيا.

وفي 4 شباط الماضي أعلنت قوات كردية تشكل رعباً لتركيا فرض سيطرتها على بلدتين شمال نبل-الزهراء هما الزيارة والخربة. وفي ضوء هذه التطورات باتوا قادرين على التقدم في الناحية الشمالية من ممر أعزاز.

حلب بالنسبة لتركيا شيء مهم جداً وضراوة المعارك هناك حالياً تدل على حجم الدعم الذي تتلقاه كل الأطراف في سبيل السيطرة على المدينة ومن تلك الاطراف أولئك الذين تدعمهم تركيا منذ سنوات في حلب والشمال السوري عموماً لإبعاد شبح وصول الأكراد أو الجيش العربي السوري إلى الحدود التركية الذي قد يعني ورقة قوية ضدها في أي مفاوضات قادمة.

روسيا تعلم أن حلب مرعبة بالنسة لتركيا لذلك تسعى لعرقلة ماتخطط له بإقامة “منطقة عازلة” إضافة إلى سعيها لقطع الحبل السري بين تركيا وجماعاتها في الشمال، إضافة إلى الرد على اسقاط طائرتها على الحدود قبل أشهر بنيران تركية.

أما استراتيجية موسكو فقد ركزت منذ ايلول الماضي بحسب معهد واشنطن للدراسات على طرد المسلحين بعيداً عن المدن الكبرى مثل حمص وحماة واللاذقية وحلب ودمشق، إضافة إلى قطع خطوط الإمداد الخارجية لهم وقد تحقق ذلك فعلاً حيث لم تعد تقع أي مدينة كبرى تحت سيطرة المسلحين بالكامل وبعد أن قطعت طريق أعزاز فقد تم الوصول إلى نصف المشوار نحو تحقيق الهدف الأخير.

حلب تشبه بنغازي في ليبيا كمنطقة استراتيجية بحسب إحدى الدراسات حيث استطاعت الجماعات المسلحة اقامة مركز ثقل وادارة خرجت منه لاحتلال باقي المدن ولهذا السبب قد تكون حلب مغرية للمسلحين، لكن الظروف في سورية مختلة، وخاصة بظل الاقتتال الداخلي بين الفصائل المعارضة نفسها لخلافات عقائدية أو لخلاف على مقرات أو مناطق، إضافة إلى اختلاف القوى الاقليمية الداعمة والمرجعيات، مايجعل من اقامة قيادة واحدة متفق عليها في حلب، للانطلاق منها نحو مناطق اخرى، أمراً مستحيل التحقق.

استعادة حلب من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه يمثل ضربة قوية للمسلحين خاصة بعد الخسائر المتتالية لهم قبيل جنيف. وفي حال سيطر المسلحين على حلب أو استمرت المعارك هناك فإن تداعيات ذلك ستمتد إلى خارج المنطقة ووفقا لصحيفة الغارديان البريطانية فإنه على الغرب أن يستعد لموجة لجوء عنيفة.

حازم عوض – صحفي فلسطيني سوري

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية