المرصاد نت - رآي اليوم
كشفت مصادر موثوقة بعض التفاصيل التي تمّ تَداوُلها بين الوفود التركية والروسية التي اجتمعت بعد لقاء الرئيسين الروسي والتركي فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان
في قصر كونستنتين في مدينة سان بطرسبورغ والتي تناولت الوضع في سورية وتفاصيل دور القوات التركية ذات الصلة بأسباب متعددة وأهداف متنوعة تخدم الطرفين وحلفائهما، مع ضمانة يقدّمها الرئيسان لحُسن تنفيذ الاتفاق.
وبحث الوفدان تفاصيل دقيقة حول إنتشار حلفائهما على الأرض وما يستطيع كل طرف – أو دولة – أن يقدم لإفشال خطط رسمتها الولايات المتحدة التي تقف عاجزة أمام أردوغان، ولا سيما أنه يتّهم إدارتها بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة – التي كادت تطيح حياته شخصياً في منتصف يوليو الماضي – من خلال توجيهه أصابع المسؤولية الى المعارض فتح الله غولن الموجود في أميركا التي ترفض حتى اليوم تسليمه الى أنقرة.
وتنصّ الاتفاقية التي أفضتْ اليها محادثات بوتين – اردوغان والتي تبعها ملحق بعد تبادُل زيارات قام بها مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى روس وأتراك على وقف حالة العداء التي أوجدتها مسألة إسقاط تركيا للطائرة الروسية «سوخوي- 24» العام الماضي على الحدود السورية – التركية وبالسماح لقوات تركيا وحلفاء لها في سورية بالدخول الى الأراضي السورية من دون أن تتعرض لضرب الطيران الروسي أو لصواريخ «أس – 400» التي نشرها الكرملين داخل سورية لإسقاط الطائرات التركية إذا اقتربت من الحدود.
ووافقت روسيا على المشروع التركي مقابل تدخل أنقرة لوقف تَمدُّد «قوات الحماية الكردية» التي أصبحت في منبج وتحاول وصل أٌقصى الشمال الشرقي بأقصى الشمال الغربي (منطقة تُعرف بعفرين) لإيجاد حلمهم بإنشاء دولة حدودية.
وحسب المصادر فإن الموافقة الروسية جاءت مقابل تعهُّد أنقرة مطاردة «داعش» على طول الحدود السورية – التركية لمنْع أي قوة أخرى بديلة (الأكراد) من الدخول الى مناطق تصبح تحت سيطرة ووجود مناوئ لأنقرة ومعادية للحكم في دمشق وخصوصاً بعدما برز للأكراد «أنياب» ضد الجيش العربي السوري في الحسكة وطرْده من داخل المدينة الى خارجها بدعم أميركي وإيعاز من واشنطن – وفق المصادر – علماً أن الأكراد كانوا يتمتعون بدعم دمشق طوال فترة سنوات الحرب وأن تمرُّدهم لم يأتِ عبثاً بل من ضمن مخطط لتقسيم سورية.
واتفقتْ روسيا وتركيا على منْع تقسيم سورية وخصوصاً أن هكذا خطوة تفتح شهية أعداء تركيا وأن روسيا لا تريد أن تتعايش مع دولة كرديّة تحكمها أميركا – رغم دعمها سابقاً لأكراد سورية – تحكمها أميركا.
وتشرح المصادر أن «روسيا يئست من تردُّد الولايات المتحدة في ممارسة نفوذها على حلفائها للإيعاز للمنظمات التي يدعمونها في سورية بالإنفصال والإبتعاد عن جبهة النصرة سابقاً (حالياً جبهة فتح الشام) إلا أن تركيا أبدت إستعدادها لهذه الخطوة وبأنها ستتكفل بسحب أكبر جزء من البساط من تحت النصرة ولا سيما في مدينة حلب».
وأثبتت تركيا فعلاً قدرتها على تنفيذ الاتفاق إذ أعلن رئيس وزرائها بنيلي يلدريم أن «الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يكون شريكاً في المرحلة الإنتقالية» (مع ابقاء الخلاف التكتيكي حول مستقبل الأسد الذي اعتبرت روسيا أنه ليس من شأنها ولا من شأن تركيا بل يعود للشعب السوري).
ونفّذت تركيا وعدها بالطلب من حلفائها على الأرض من «أحرار الشام» و«السلطان مراد» و«نور الدين زنكي» و«فيلق الشام» و«فرقة الحمزة» و«استقم كما أمرت» بعدم الانصهار مع «النصرة» (سابقاً) وعدم تشكيل فصيل واحد كما كانت الوعود قُدمت لها (للنصرة) قبل أن تعلن فك ارتباطها مع «قاعدة الجهاد في خرسان».
وطلبت أنقرة من أكثر هؤلاء – الذين يعتمدون أساساً على تركيا لإيصال الدعم العسكري والمادي والإقتصادي واللوجستي من كل حلفائهم الى شمال سورية وتسمح بمرورهم الى الداخل السوري من خلال أراضيها وتقدم لهم الدعم الطبي اللازم والاستشاري والاستخباراتي في كل معركة مفصلية – الإنضمام الى قوتها التي أدخلتها الى مدينة جرابلس لاستعادتها من دون قتال من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).
وتعهدت تركيا ايضاً عدم الالتحام أو تشكيل أي خطر على الجيش العربي السوري وأماكن وجوده والا تقترب قواتها من حلب لتشكيل دعم للمسلحين هناك ما ترك «النصرة» (سابقاً) والتنظيمات الأخرى لمصيرهم في المعركة الدائرة رحاها اليوم على جبهة الراموسة – الكليات العسكرية لتظهر تركيا وروسيا أن قوى بعينها أًصبحت وحدها تحارب في جبهة حلب ولم يعد معها إلا القوى البسيطة التي تدعمها واشنطن وحلفاؤها في منطقة الشرق الأوسط.
وإستطاعت تركيا إنتزاع موافقة واشنطن على دخولها الأراضي السورية بعد خمس سنوات من الاعتراض والرفض لأن أردوغان كان يحمل السكين من الجهة الحادة وهو تمكّن من ابتزاز واشنطن التي كانت تشعر بأن الرئيس التركي يلوّح بورقة الارتماء في أحضان روسيا ما قد يشكل خطراً على حلف شمال الأطلسي الذي يضمّ تركيا وأنه يتعين على أردوغان قبض ثمن إرضائه ليحيّد التركيز على إتهام واشنطن بدورها في الانقلاب الفاشل الأخير.
وشرحت موسكو الوضع لدمشق وقالت – حسب المصادر – إن تركيا لن تحتلّ أراضٍ سورية بل ستنفّذ عملياتها ضمن إتفاق 1999 الذي عُقد في أضنة والذي يسمح لها بضرب «حزب العمال الكردستاني» داخل سورية وأنها تريد التخلص من «داعش» في المنطقة الشمالية التي لا تريد دمشق أصلاً الوصول إليها لعدم وجود إمكانات عسكرية لدحر «داعش» في جرابلس والباب وحتى في الرقّة نفسها وطلبتْ روسيا من سورية عدم تسجيل أي اعتراض لدى الأمم المتحدة على تواجُد قوات تركية على أرضها وخصوصاً أن هذه القوات دخلت من أجل أمنها القومي الخاص لمنع قيام دولة كردية على حدودها تتسبب بانشقاق داخل تركيا – في حال قيام الدولة الكردية – وأنها سحبت قوات من حلب وأنها ستتقدّم في أراضٍ تسيطر عليها «داعش»، والنظام السوري ليس في وارد التقدم الى هذه المناطق أصلاً، وبذلك تكون تركيا قد عملت على منْع قيام دولة كردية على المدى الطويل تُنشأ في كنفها قاعدة أميركية.
وتقول موسكو إن خطوة تركيا تقضي بتقليم أظافر الأكراد الذين اعتقدوا أن أميركا تحمل العصا السحرية وأنها أوعزت بضرب الجيش العربي السوري وأنها تعمل لمصلحة انشاء الدولة الكردية، غير ملتفتين (الأكراد) الى أن أميركا ستتخلى عنهم عند أول استحقاق وستتغاضى عن مئات القتلى الكرد الذين سقطوا لطرد «داعش» من منبج ليصار الى تسليم المدينة الى حلفاء تركيا من الجيش السوري الحر وحلفائه.
وتؤكد موسكو أنها أوضحت لتركيا أنها لن تسمح بالمساس بالجيش العربي السوري وأن هناك خطوطاً حمر قد رسمت كي لا تصبح القوات الحليفة لتركيا هدفاً مشروعاً لها، وأن أي وقف مجدٍ لإطلاق النار لن يحصل في سورية إلا بالتدخل المباشر – كما يحصل الآن – للدول المعنية بالصراع في سورية كي يفرضوا الحل على الجميع من دون استثناء وتتكاتف القوى ضد مَن يعترض، بمَن فيهم الجهاديون و«داعش».
وحسب موسكو فإن تركيا لم تستطع أن تحقق أي مكسب مهمّ على أرض المعركة من خلال حلفائها ما عدا السيطرة على إدلب. ولهذا فإن تواجد الأصيل (التركي) ألغى الوكيل (تنظيمات المعارضة السورية) وأن أي إنجاز استراتيجي ضد داعش وضد النظام لم يستطع هؤلاء تحقيقه إلا بتدخل تركيا المباشر. واليوم لا تستطيع أنقرة أن تختبئ خلف المجموعات التي تعمل لديها في سورية لأن اللعب أصبح مكشوفاً اليوم على الساحة السورية.
ويبقى الأكراد – تكمل المصادر – الذين يملكون دوراً في سورية ولا بد من وجود حلّ يتناسب معهم من دون أن يصبحوا أداة لتقسيم البلاد. وبما أن الوضع في سورية يتغيّر في شكل متواصل فإن أي خلل بالاتفاق الروسي – التركي سيدفع بالدول الكبرى المتصارعة – أميركا وروسيا – لتقديم الدعم اللازم للأكراد لجرّهم الى الوحول السورية لتعود التعقيدات من جديد الى الملف السوري.
أما «داعش» فمما لا شك فيه أن انسحاب قواته من الشمال السوري وإخلاء الساحة لتركيا وحلفائها سيؤمن عدداً كبيراً من المقاتلين يستطيع «داعش» زجّهم في محاور قتالية أخرى قريبة من كويرس أو على خط البادية إلا أن هذه الهجمات المتوقَّعة هي النهائية ليس أكثر، ولكن مَن سيريح العالم من «داعش»؟
تقول المصادر إن دمشق وحلفاءها غير مستعدين لخسارة أي جندي لاستعادة الرقة فإذا أرادت أميركا ومعها الأكراد أو تركيا وحلفاؤها دق أبواب الرقة فإنهم على الرحب والسعة يستطيعون ذلك. فالوسط السوري أهمّ وشماله أكثر أهمية من ان تذهب القوات وتُستنزف في الرقة.
وهكذا فإن من المتوقع بقاء «داعش» الى حين ان يستلم الحكم مَن سيتربع على عرش الولايات المتحدة ما سيؤجل القرار في شأن مصير التنظيم الى ما بعد فبراير 2017.
المزيد في هذا القسم:
- الجعفري: لا يمكن تجزئة المعارك ضد 'داعش' المرصاد نت - متابعات قال وزير الخارجية العراقيّ ابراهيم الجعفري إن المعركة في الفلوجة ليست بمعزل عن المعركة في الموصل. وأكد الجعفري في حوار مع “الميا...
- العراق : أميركا ترفع سقف المواجهة.. لانتخابات نيابية مبكرة! المرصاد نت - متابعات في موقف حمل سقفاً سياسياً عالياً، برزت الولايات المتحدة الأميركية أمس كلاعب رئيسي يسعى إلى حرف وجهة التظاهرات المطلبية واستثمارها لمصلحة ...
- الرئيس الأسد: حادثة خان شيخون مسرحية مفبركة لتبرير الهجوم على قاعدة الشعيرات الجوية المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس بشار الأسد أن الغرب وامريكا منعوا أي وفد من الذهاب إلى سوريا للتحقيق في حادثة خان شيخون مشيرا الى الحادثة كانت مسرحية مفبركة ل...
- إصابة العشرات من شرطة نورث كارولاينا خلال التصدي لاحتجاجات المرصاد نت - متابعات تصاعد التوتر في مدينة تشارلوت بولاية نورث كارولاينا الأميركية الثلاثاء 20 سبتمبر/ أيلول ما أدى إلى إصابة العشرات من رجال الشرطة على خلفية...
- حكومة عبد المهدي لا ترضي الجميع: الخاسرون متربّصون ! المرصاد نت - متابعات كما كان المشهد عقب تسميته رئيساً للوزراء بدا كذلك عقب نيل حكومته ثقة منقوصة في البرلمان. دعم إقليمي ودولي واسع النطاق لعادل عبد المهدي قا...
- خريطة الشرق الأوسط الجديد! المرصاد نت - متابعات هناك العديد من المشاريع والخرائط التي وضعت لإعادة تقسيم الشرق الأوسط منذ سايكس بيكو لكن جورج فريدمان الاسم الأبرز في عالم التنبؤ الاسترات...
- هذا ما قاله الشهيد مصطفي بدر الدين عن معركة حلب ! المرصاد نت - متابعات الشهيد القائد مصطفى بدر الدين الذي كان من ضمن اهم من يضعون الخطط العسكرية لحزب الله والذي كان يتمتع برؤية دقيقة حول مسار الاحداث كما ي...
- المغرب و«البوليساريو» إلى برلين .. «مفاوضات مباشرة» برعاية أممية المرصاد نت - عبيد أعبيد تشير معظم التقديرات والتصريحات إلى أنّ العاصمة الألمانية برلين، تتحضر لاستقبال «مفاوضات مباشرة» بين المغرب و«البوليس...
- التصعيد الأميركي ضد إيران... قديم بقِدَم الثورة ! المرصاد نت - متابعات إن العداء الذي تكنّه الولايات المتحدة الأميركية للجمهورية الإسلامية الإيرانية قديم قدم الثورة الإسلامية التي ألحقت الهزيمة بنظام الشاه حل...
- ما هي تصورات دعاة الحرب ضد إيران ومعارضيها في أميركا؟ المرصاد نت - متابعات التكهن بوقوع حرب بين إيران والولايات المتحدة يؤرق صدقية كافة الأطراف الاميركية المنخرطة في هذا الشأن لا سيما مراكز صنع القرار الحساسة لدى...