المرصاد نت - متابعات
تعدّ سلطنة عمان أكثر دول مجلس التعاون توازناً واتزانا فقد نجحت مسقط بقيادة السلطان قابوس بن سعيد خلال العقود الماضية في تجنيب البلاد أيّ توتّرات أمنية سياسيّة واقتصادية
كتلك التي عصفت بدول مجلس التعاون بدءاً من الأزمة الاقتصاديّة العالميّة عام 2007 مروراً بما يسمى بالربيع العربي وبعد مظاهرة الخليجية المحدودة وليس انتهاءً بالازمة الخليجية مع قطر سواءً السابقة عام 2014 إثر سحب السفراء أو الازمة الحالية القائمة منذ أشهر.
أسباب عدّة قد تفسّر مظاهر الاستقرار العمانيّة التي بدأت توازناً مع محيطها عبر سياسة النأي بالنفس عن القرارات الخليجية المرتهنة للقرار السعودي والتي كانت نتيجة طبيعية لسنوات من الخلافات الصامتة مع الرياض، نجح خلالها السلطان قابوس في الخروج السلس الممتنع من عباءة "الشقيقة الكبرى" ليتخظى التوازن ويتّجه نحو الاتزان الذي أبعده في العديد من الملفات نحو طرف على حساب طرف آخر.
لا تنحصر مظاهر السيادة العمانيّة بالشقّ الداخلي أو الخليجي بل هناك جملة من الأسباب الإقليمية والدولية جعلت من مسقط نموذجاً يُحتذى به في المنطقة الخليجية من ضمنها:
أوّلاً: لم تستخدم السلطنة سياسة جيرانها التوسّعيّة وخاصّة تلك التي تستخدمها الرياض منذ عقود، والدوحة وأبو ظبي خلال السنوات القليلة الماضية. ونتيجة لهذا الامر لم تقدم السلطنة على أي خطوات كيدية في إطار أي صراع سياسي إقليمي أو دولي بخلاف السعودية والإمارات. على سبيل المثال أكّد السلطان قابوس خلال لقائه وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية محمد جواد ظريف دعم سيادة العراق ووحدة أراضيه بخلاف المواقف الضبابيّة التي صدرت عن الرياض وأبو ظبي لأسباب سياسيّة لسنا في وارد سردها وربما تكون مادة لموضوع آخر.
ثانياً: ترتبط سلطنة عمان بعلاقات متينة وقويّة جدّاً مع الجمهورية الإسلامية تطلان على مضيق هرمز التي أثنى وزير خارجيتها ظريف على على دور عمان البناء وحكمة السلطان قابوس في التعاطي مع شؤون المنطقة. لم يسأل أحد لماذا لم تشتكِ السلطنة خلال عقود من العلاقات مع ايران من أيّ تدخّل ايراني في شؤونها الداخلية بخلاف المزاعم السعوديّة والبحرينية؟ الأمر الذي يؤكد وقوف أسباب سياسيّة خلف الاتهامات السعوديّة لإيران.
ثالثاً: على العكس من ذلك، فقد ساهم قرب سلطنة عمان من ايران في تعزيز دور الأولى سياسياً واقتصاديّاً عبر التعاون القائم في مختلف المجالات. لا ننسى كيف استضافة سلطنة عمان المفاوضات السريّة التي حصلت بين ايران وأثمرت في مفاوضات جنيف حول الملف النووي ولاحقاً توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست أي أن السلطنة لعبت من خلال مواقفها المستقلّة تجاه الجار الإيراني دوراً أساسياً في أهم اتفاق تمّ ابرامه في القرن الحالي وهذا ما دفع بالرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى إجراء اتصالا هاتفي مع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان لاطلاعه على تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران بشأن برنامجها النووي. موقف ايران كان مماثلاً حيث كانت سلطنة عمان هي الدولة الأولى التي يهاتفها الرئيس الإيراني لإطلاعها على تفاصيل الاتفاق وتقدير الشكر لجهودها التي أفضت إليه. في المقابل، لم يكن هناك ثمن يمكن للسعوديّة أن تجازي به السلطنة عدا عدم قيام العاهل السعودي بزيارتها في جولته الخليجية التي شملت جميع الدول الخليجية عدا عُمان بعد رفضها لاقتراح الاتحاد الخليجي، ومن خلفه قربها من ايران.
رابعاً: ورغم ان بعض المنابر السعوديّة تتهم سلطنة عمان بالوقف في الوسط بين ايران والدول الخليجية وهو أمر قريب إلى الواقع لحدّ ما إلا أن مراقبة المواقف العمانيّة من الأزمات الإقليمية تؤكد قربها إلى المواقف الايرانية التي تصفها السعوديّة بالمتطرّفة. في سوريا شكّلت زيارة وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عمان يوسف بن علوي إلى دمشق في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2015 ولقائه بالرئيس الأسد موقفاً واضحاً من السلطنة إزاء حفظ سيادة البلاد ووحدة أراضيها ونجاح المسار السياسي في سوريا خاصّة أنها جاءت بعد سنوات من القطيعة بين دمشق والدول الخليجية.
خامساً: حتى في البيت الخليجي نفسه تبدو مواقف السلطنة أقرب إلى ايران من السعوديّة نفسها ففي حين رفضت مسقط الدخول في عاصفة الحزم وأبقت على علاقات جيّدة مع مختلف الأفرقاء اليمنيين أكّدت دعمها للخيار السياسي في اليمن تماماً كما دعت لحلّ الأزمة الخليجية عبر الأطر السياسيّة والدبلوماسيّة بعيداً عن أي نوع لعسكرة المنطقة. ليس ذلك فحسب، بل شكّلت موانئ عمان إضافةً إلى الموانئ الإيرانيّة معبراً أسياسياً للسلع التي يحتاجها الشعب القطري لمواجهة الحصار الخليجي على الدوحة.
لا شكّ أن مواقف السلطان المتّزنة أكثر منها توازناً لم ترق للملك السعودي ولا وليّ عهده كون الأخير يرفض أي دور إقليمي بارز لأي دولة في مجلس التعاون فضلاً عن استقلال قرار السياسي والسيادي عن الرياض وهذا ما نجحت مسقط في تكرسيه خلال السنوات الماضيّة من خلال سياسته المتوازيّة التي تصوّب عليها السعودية عبر منابرها الإعلامية وتصفها بـ"المنعزلة" والتي هي في الحقيقة سياسة النأي عن صراع بالوكالة لصالح أي دولة أخرى وعدم إلزام البلاد بأي موقف قد يكلفها ثمناً باهظاً لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
المزيد في هذا القسم:
- مشاركة خليجية إسرائيلية وتمرّد صينيّ تركيّ: العدوان الأميركي على إيران يتوسّع المرصاد نت - متابعات دخلت الحملة الأميركية على إيران طوراً أكثر خطورة مع وضع كل العالم تحت نير العقوبات إذا تعامل مع طهران نفطياً. حصار مطبق أعلنته إدارة دونا...
- تواصل الاحتجاجات في العراق وإسقاط صاروخ في نهر دجلة! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني في بغداد بإسقاط صاروخ في نهر دجلة قرب السفارة الأميركية بعد انطلاقه من خلف كلية السلام. يأتي ذلك فيما تتواصل الاحتجاجات ف...
- إسرائيل تشكر مصر والأردن والسلطة الفلسطينية على مساعدتها بإطفاء الحرائق المرصاد نت - رآي اليوم وجهت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جزيل الشكر لكل من سلطات النظام المصري والأردني والفلسطيني على مساعداتهم في جهود إخماد الحرائق المشتعلة ف...
- التطبيع الخليجي طَوْق نجاة "نتنياهو" في الانتخابات القادمة! المرصاد نت - متابعات صوَر العواصم الخليجية المُشرَعة أمام قادة اليمين الإسرائيلي بدءاً من تجوّل نتنياهو رئيس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ "إسرائيل" في قصور ...
- المشاورات الحكومية مستمرة .. الحريري مصرّ على الرحيل! المرصاد نت - متابعات لا تزال المشاورات الحكومية عاجزة عن مجاراة نبض الشارع الذي يغلي تحت وطأة الأزمات المالية والاقتصادية المتلاحقة. وفيما استمر المشهد الحكوم...
- نبيه بري: نتطلع لنجاح الديبلوماسية الكويتية في جمع الأطراف اليمنية متابعات : أعرب رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري عن تطلعه لنجاح الديبلوماسية الكويتية في جمع الأطراف اليمنية. وقال بري في كلمت...
- اعفاء رئيس الاستخبارات السعودية من منصبة وتعيين خلفاً له من خارج اسرة آل سعود,, اصدر عاهل مملكة ال سعود عبدالله بن عبدالعزيز مرسوماً ملكيا مساء الثلاثاء قضى فيه باعفاء الأمير بندر بن سلطان من منصبه كرئيس الاستخبارات العامة لنظام مملكة آل سع...
- سلطات الاحتلال تفرج عن الطفلة الأسيرة ملاك الخطيب أطلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم، سراح الأسيرة الطفلة "ملاك الخطيب" ١٤ عاماً بعد اختطافها لمدة شهرين من مدرستها. ويأتي إطلاق سراح الطفلة الخطيب بعد ق...
- نجل الزعيم الليبي الراحل سيف الإسلام يعود إلى السياسة! المرصاد نت - متابعات بعد سبعة أعوام على إسقاط نظام القذافي، عاد سيف الإسلام القذافي ليبرز على الساحة السياسية منافساً على «رئاسة ليبيا» على الر...
- ميدل ايست: هكذا يعيش أبناء العوامية في السعودية بعد مجيء "بن سلمان" المرصاد نت - متابعات قال موقع ميدل ايست البريطاني عندما اقتحمت قوات الأمن السعودية بلدة العوامية وهي بلدة ذات أغلبية شيعية في محافظة القطيف الشرقية في فبراير ...