إيزنكوت لموقع "إيلاف" السعودي: توافق تام ومصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية

المرصاد نت - متابعات

في سابقة في الإعلام العربي والسعودي تحديداً أجرى موقع صحيفة "إيلاف" السعودي مقابلة مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت.Ilaf2017.11.16


المقابلة التي أجريت في مكتب إيزنكوت بمقر هيئة الأركان الإسرائيلية بتل أبيب، تداولتها أكثر من وسيلة إعلام إسرائيلية مقتبسة بعضاً مما جاء على لسان إيزنكوت خاصة في ما يرتبط بالعلاقة بين الرياض وتل أبيب وقول الجنرال الإسرائيلي حرفياً إن "هناك توافقاً تاماً" بين إسرائيل والسعودية وأنها لم تكن يوماً من الأيام عدوة .

وقالت "إيلاف" على موقعها في سياق تقديمها للمقابلة إنها "مقابلة حصرية مع إيلاف هي الأولى مع صحيفة عربية" وأكد الجنرال الإسرائيلي أنه يتابع ما تنشره "إيلاف" إلى جانب اهتمامه بالإعلام العربي معبّراً بحسب الصحيفة نفسها عن "سروره بهذه الفرصة للتحدث عبر الإعلام العربي عن إسرائيل عسكرياً وسياسياً".

المقابلة تطرقت إلى أكثر من نقطة تتصل بالعلاقات السعودية - الإيرانية والتصعيد الإسرائيلي ضد طهران والأزمة السورية وحزب الله و"استقالة" رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

أبرز ما حملته المقابلة "الحصرية" مع رئيس الأركان الإسرائيلي هو ملف المصالح الإسرائيلية السعودية حيث أكد إيزنكوت أن "للسعودية وإسرائيل مصالح مشتركة ضد التعامل مع إيران"، مضيفاً أن "المخطط الإيراني هو السيطرة على الشرق الأوسط بواسطة هلالين شيعيين الأول من إيران عبر العراق إلى سوريا ولبنان والثاني عبر الخليج من البحرين إلى اليمن وحتى البحر الأحمر وهذا ما يجب منع حدوثه".

وتعتبر تصريحات إيزنكوت الأولى من نوعها لشخصية عسكرية إسرائيلية رفيعة تتحدث عن العلاقة بين تل أبيب والرياض بهذا الشكل.

وأضاف إيزنكوت لــ "إيلاف" أن "تصريحات وخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أكد على ضرورة منع البرنامج الصاروخي الإيراني والتموضع في سوريا والعراق أرى فيها بشرى للمنطقة"، مشيراً إلى أنّه "في هذا الأمر هناك توافقاً تاماً بيننا وبين والتي لم تكن يوماً من الأيام عدوة أو قاتلتنا أو قاتلناها، وأعتقد أن هناك توافقاً تاماً بيننا وبينهم بما يتعلق بالمحور الإيراني".

وفي هذا الخصوص ذكّر إيزنكوت "كنت في لقاء رؤساء الأركان في واشنطن وعندما سمعت ما قاله المندوب السعودي وجدت أنه مطابق تماماً لما أفكر به بما يتعلق بإيران وضرورة مواجهتها في المنطقة وضرورة إيقاف برامجها التوسعية".

وبعد سؤاله عن موقف ترامب من إيران رأى إيزنكوت أنه "توجد مع الرئيس ترامب فرصة لتحالف دولي جديد في المنطقة، ويجب القيام بخطة استراتيجية كبيرة وعامة لوقف الخطر الإيراني، ونحن مستعدون لتبادل الخبرات مع الدول العربية المعتدلة وتبادل المعلومات الاستخبارية لمواجهة إيران"، كاشفاً عن استعداد تل أبيب للمشاركة في المعلومات مع السعودية "إذا اقتضى الأمر" مكرراً "هناك الكثير من المصالح المشتركة بيننا وبينهم".

لا نية لنا بالهجوم على حزب الله

كما تناولت مقابلة "إيلاف" مع الجنرال الإسرائيلي الشأن اللبناني ومنها التطورات السياسية الأخيرة. فقد اعتبر إيزنكوت أن "الوضع اللبناني معقّد وخطوة الحريري بالاستقالة من الرياض كانت مفاجئة"، معتبراً أن "حزب الله بدأ يشعر بالضغط المالي وبمشاكل مادية كبيرة ونرى انحساراً في تأييده في الشارع المؤيد له وأيضاً تظاهرات في الضاحية الجنوبية، الأمر الذي لم نره سابقاً".

وأكد رئيس الأركان الإسرائيلي أيضاً ألا نيّة "للمبادرة بهجوم على حزب الله والوصول إلى حرب لكن لن نقبل أن يكون هناك تهديد استراتيجي لإسرائيل.أنا سعيد جداً للهدوء على جانبي الحدود بالرغم من محاولات إيرانية قد تؤدي للتصعيد ولكنني أستبعد ذلك في هذه المرحلة".

ودعا إيزنكوت عبر "إيلاف" أن يترك حزب الله سوريا وأن تنسحب إيران ومليشياتها من سوريا وقال "نحن قلنا علناً وبشكل هادئ وسري أننا لن نقبل بالتموضع الإيراني في سوريا، وبالأخص تمركزهم غرب طريق دمشق – السويداء ولن نسمح بأي تواجد إيراني. حذرناهم من بناء المصانع أو القواعد العسكرية ولن نسمح بذلك".

إسرائيل تحظى بتقدير من "دول معتدلة" في المنطقة

وخلال المقابلة قال رئيس الأركان الإسرائيلي إن "إسرائيل هي الآن في أفضل حالاتها العسكرية ونحظى بالتقدير من الدول المعتدلة في المنطقة" لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من وجود "مناطق توتر سريعة الاشتعال مثل لبنان والضفة الغربية وغزة وسيناء وسوريا" إلا أن "الخطر الفعلي الأكبر في المنطقة هو إيران من البرنامج النووي وبسط نفوذها في المناطق المختلفة وتفعيل أذرع تقوم بمهمات مثل حزب الله وأنصار الله والجهاد الإسلامي".

وإيران وفق إيزنكوت "تحاول تغيير قوانين اللعبة في المنطقة عن طريق نقل الخبرات وبناء مصانع الأسلحة وهم يستثمرون أموالاً طائلة في الحرب وعلى المليشيات المختلفة".

لكن في مقابل ذلك "تحاول الولايات المتحدة تقوية ودعم المحور السني المعتدل في المنطقة من دون إدخال جيوش أو قتال على الأرض" مضيفاً أن "السياسة الروسية ترى فقط المصالح الروسية في سوريا، والروس يعرفون كيفية التناغم مع كل الأطراف".

وحول تنظيم داعش الذي قال إنه انحسر والقضاء عليه "بات وشيكاً" اعتبر أنه "قد يعود نفس الفكر بأسماء وتنظيمات أخرى في سوريا وفي المنطقة".

ونفى إيزنكوت أي تعاون بين تل أبيب و"جبهة النصرة" ووصف ذلك بـ "الهراء والكلام الفارغ".

أهمية التوقيت.. و"شراكة في النضال" ضدّ إيران

من جهته قال محلل الشؤون العربية في القناة العاشرة إن مقابلة إيزنكوت مع الموقع السعودي "مهمّة جداً اتجاه العالم العربي وهو يلمّح فيها إلى تعاون ما بين إسرائيل والسعودية وإلى وحدة مصالح على العموم.

وبحسب المحلل أهميتها تكمن في هذا التوقيت بالذات الذي تقول فيه السعودية إن إيران هي "العدو الأول للعالم الإسلامي السني وإسرائيل هي ليست كياناً صهيونياً" كما كانوا يسمّونها وإنّما هي "شريك في النضال ضد إيران وضدّ عدو الأمة الإسلامية".

وأكد المحلل الإسرائيلي أن هذه الأجواء ساهمت في أن يمنح رئيس الأركان مقابلة للصحيفة السعودية وأضاف "في الواقع يقول الكثيرون في العالم العربي أن هذه المقابلة هي دليل آخر على أنّه ليس فقط إسرائيل ومصر يتعاونان وإنما أيضاً إسرائيل والسعودية عندما يكون العدو الأساسي هو إيران وساحة هذا الصدام هي كل الشرق الأوسط".

كلام إيزنكوت..غزل وتحالف بين السعودية وإسرائيل

وتأتي هذه المقابلة في وقت تحدثت فيه أكثر من وسيلة إعلامية إسرائيلية منذ فترة عن تقارب واتصالات إسرائيلية سعودية.

إذ قال موقع "المصدر" الإسرائيلي إن هناك "غزلاً وتحالفاً بين السعودية وإسرائيل يظهر عبر التحالف في الأمم المتحدة ضد "نظام" الرئيس بشار الأسد ودعوة وزير إسرائيلي لمفتي السعودية لزيارة إسرائيل".

وفي تطور لافت آخر على صعيد العلاقات الإسرائيلية - السعودية، هنّأ وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا عبر تويتر رئيس هيئة العلماء السعودية عبد العزيز الشيخ، على فتوى أخيرة أصدرها ضد قتل اليهود وضد حركة حماس.

إيزنكوت حاضرٌ في اعتداءات إسرائيل على لبنان وغزة

جدير بالذكر أنّ إيزنكوت شارك في عمليات عديدة للجيش الإسرائيلي على مرّ التاريخ والتي خلّفت عشرات آلاف الضحايا تحديداً في لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية حيث شارك في اجتياح لبنان عام 1982 وعدوان 2006 واعتداء الاحتلال على قطاع غزة  في 2008 و 2014 و 2016.

كما شارك في قمع الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية وعمليات مختلفة في الضفة الغربية والتي ما زالت مستمرة حتى الآن.

وفي عام 2008 هدد إيزنكوت عندما كان قائداً للمنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي بتدمير لبنان بشكل كبير وضرب البنى التحتية إذا أطلق حزب الله صواريخ على الأراضي المحتلة، حسب تعبيره.

حديث إيزنكوت لموقع إيلاف السعودي يغزو الإعلام الإسرائيلي

وضجّت عناوين المواقع الإسرائيلية الإخبارية بمقابلة إيزنكوت مع موقع "إيلاف" السعودي حيث كتب موقع "يديعوت أحرونوت" : "رئيس الأركان في مقابلة نادرة مع موقع سعودي: توافق كامل في موضوع إيران".

أما موقع "والاه" فعنون بدوره "رئيس الأركان في مقابلة مع صحيفة سعودية: يوجد توافق كامل بيننا في الموضوع الإيراني" وكذلك موقع "القناة العاشرة" حيث تحدث عن المقابلة بعنوان "إيزنكوت في مقابلة مع صحيفة سعودية: فرصة لائتلاف في موضوع إيران ومستعدون لتبادل معلومات".

وأيضاً مواقع "القناة 12" وصحيفة "معاريف" و"هآرتس" حيث أشار الأول إلى نيّة تل أبيب تبادل المعلومات مع الرياض بعنوان "مستعدون لتبادل المعلومات مع السعودية" فيما عنونت الثانية " إيزنكوت في مقابلة مع صحيفة سعودية: مستعدون للتعاون في الموضوع الإيراني" ثم "هآرتس" بعنوان " رئيس الأركان في مقابلة مع صحيفة سعودية: هناك توافق بيننا اتجاه إيران".

التطبيع الإعلامي مع إسرائيل..

بالمجمل لم يعد خافياً على أحد قيادة النظام السعوديّ لمشروع ترامب في المنطقة مشروع "صفقة القرن" الذي يهدف إلى تصفية القضيّة الفلسطينية عبر "إقامة العلاقات بين النظام السعودي والكيان الإسرائيلي استناداً إلى اتفاق الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية والذي تمت مناقشته مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية" وفق نصّ الرسالة التي بعثها وزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

الصفقة قد بدأت بين الرياض وواشنطن، وفي حين تتولّى الأخيرة الشقّ الدولي لترتيب هذه القضيّة، تعمل الأولى على الشقّ الإقليمي بشكل عام والفلسطيني على وجه الخصوص ليس آخره استدعاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الرياض ومطالبته بالضغط لنزع سلاح المقاومة.

في الحقيقة تدرك الرياض ومن خلفها أمريكا وإسرائيل أن العائق الأكبر أمام ما يُسمّى بـ"صفقة القرن" يتمثّل في رفض الشارع العربي "لما تمثله القضية الفلسطينية من مكانة روحية وإرث تاريخي وديني" للشعوب العربيّة والإسلاميّة فقد اعترف الجبير في رسالته السريّة التي كُشف عنها النقاب مؤخراً أنّه "في مستهلّ تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" لن يكون التطبيع مقبولاً للرأي العام في العالم العربي".

إلا أن الآلة الإعلاميّة السعوديّة قد بدأت باللعب على الوتر العربي- الإسرائيلي في إطار سياسة قذرة تهدف لتمييع القضيّة الفلسطينية وتفريغها من محتواها وبالتالي التأثير على الرأي العام العربي. سنتعرّض في هذا المقال إلى أحد هذه النماذج.

يجب تنفيذ وعد بلفور كاملاً!

صحيفة الحياة السعوديّة نشرت أمس الأربعاء مقالاً للكاتب السعودي زياد الدريس تحت عنوان " يجب تنفيذ وعد بلفور كاملاً !" تضمّن مفاهيم خطيرة حاول الكاتب زراعتها في الرأي العام العربي.

الدريس الذي رأى أن الفئة الأخرى التي عبّرت عن غضبها في الذكرى الـ100 لوعد بلفور "أعلى صوتاً فقط بسبب أن نبرة الاحتجاج تعلو دوماً على نبرة التأييد" وليس لأنها قضيّة حق شعب بأكمله، حاول التخفيف من وطأة وعد بلفور مشيراً إلى أنّه "لم يكن في الحقيقة الخطوة الأولى لقيام دولة إسرائيل" بل الخطوة السياسيّة الأولى.

ما جعل كلام الدريس الأخير موضع الشكّ هو محاولة فصله بين وعد بلفور والطابع الديني للدولة اليهوديّة مشيراً إلى "أن إسرائيل لم تقم على أساس ديني بل نفعي انتهازي وإن بدا شعارها دينياً !" ولعله تجاهل الطابع المتشدّد للعصابات الصهيونية التي دعت لبناء وطن قومي لليهود. هذا الكلام يصبّ في خانة إبعاد الرأي العام العربي والإسلامي عن قدسيّة فلسطين وإن لم ينطقها الكاتب السعودي.

لاحقاً انتقل الكاتب إلى نصّ "الوعد" مسلّماً به وكأن احتلال الرياض وجدّة  والدمّام سيدفع الجانب السعوديّ للحديث عن شرط المحتلّ الذي لم يكتفي بالرياض وجدّة وتطالبه فقط بالانسحاب من الدمام وكأنه أمر واقع. الكاتب حاول استغلال فجوة عدم التزام الكيان الإسرائيلي بشرط " المسّ بالحقوق الدينية للجماعات الأخرى؟!" لتكريس وعد بلفور من حيث يدري أو لا يدري ليختم مقاله بالقول "فقد تم تنفيذ الوعد من دون تنفيذ شرطه !" وكأنه يدعو لتنفيذ الوعد وشرطه.

الخطوات المقبلة

ما نعيشه اليوم أوّل الغيث فإضافةً إلى الدأب السعودي على التطبيع السياسي، ستتبنّى الآلة الإعلاميّة السعوديّة في المرحلة القادمة جملة من الخطوط، نذكر منها:

أوّلاً: محاولة إظهار الصراع على أنه فلسطيني إسرائيلي وليس عربي إسلامي-إسرائيلي. وبالفعل ظهر هذا الخطّ الإعلامي منذ فترة ليست ببعيد. الصراع نشأ عربياً-إسرائيلياً وسينتهي كذلك حتّى آخر نقطة دم تجري في عروقنا.

ثانياً: سيرتفع منسوب الحديث السلام وقد تدعم السعوديّة مؤتمرات شبابيّة لهذا الغرض خارج المملكة ابتداءً ولعل هذا السلام يتجاهل كافّة الحقوق للشعب الفلسطيني سواءً قبل 1948 أو بعده قبل 1967 أو بعده.

ثالثاً: ستظهر محاولات لحرف البوصلة عن وجهتها الفلسطينية عبر البدء بمقارنة ايران وحزب الله وفصائل المقاومة مع الكيان الإسرائيلي، لينتهي الأمر.

رابعاً: هناك العديد من الحناجر ستصدح بتعابير عاطفيّة رنّانة حول آلام الشعب الفلسطيني وأن الحلّ الوحيد يكمن في السلام مع الكيان الإسرائيلي سيحاولون تقديم هذا السلام على أنّه المنقذ للشعب الفلسطيني.

خامساً: هناك من سيتحدّث عن أخوّة الفلسطينيين مع العرب وتعايشهم مع مجتعاتهم في دول الطوق. يهدف هذا النفاق لتبرير توطين الفلسطينيين حيث هم وفقاً لمشروع ترامب. وقد ظهر هذا النفاق في نصّ رسالة الجبير الذي أكّد سعي السعوديّة لتوطينهم "حيث هم فمن الممكن للمملكة الاسهام بدور إيجابي إضافي في حل قضية اللاجئين من خلال دعم اقتراحات مبتكرة وجريئة مثل:إلغاء توصية جامعة الدول العربية الذي لا يزال سارياً منذ خمسينيات القرن الماضي والداعية بعدم تجنيس الفلسطينيين بجنسية أي بلد عربي وكذلك بذل الجهود لتوزيع اللاجئين الفلسطينيين على البلدان العربية واعطائهم جنسياتها وتوطينهم فيها".

اليوم ستسعى السعوديّة لاستغلال أي حادث كبر أم صغر لتجييره في صالح مشروع التطبيع الهادف لتصفية القضية الفلسطينية.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية