سِرب كتّاب البلاط السعودي: لا لدعم القدس!

المرصاد نت - متابعات

انطلاقاً من الوعد «المُسرّب» لولي العهد محمد بن سلمان لصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاريد كوشنر بأنّ السعودية ستغطي قرار ترامب إعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل»ben salman2017.12.8 بدأ إعلاميّو «البلاط» أمس نشر تغريدات متزامنة ومتجانسة في موقع «تويتر» ركّزت في مجملها على نقطتين: أولاً أن إيران هي العدو الأول لا «إسرائيل» وثانياً التأكيد على أن الرياض لن تضحّي بمصالحها مع الولايات المتحدة لأجل القضية الفلسطينية.


كذلك كان لافتاً توجّه الكتاب والإعلاميين إلى الشباب السعودي ونصحهم بأنّ يتخلوا عن القضية الفلسطينية «بناءً على تجاربهم» زاعمين أنهم «خدعوا» بالقضية الفلسطينية طوال أعوام.
الكاتب والصحافي المقرّب من الديوان الملكي محمد آل الشيخ تساءل عن السبب الذي يدفعه إلى الدفاع عن الفلسطينيين باعتبارهم «حليف عدونا الأول والأخطر» في إشارة إلى إيران. وأكد أنّ علاقة السعودية بالولايات المتحدة «هي الأهم على الإطلاق» وصارح الشعب الفلسطيني بأنّ السعودية لن تضحي بمصالحها لأجلهم، موضحاً أنّ مصالح المملكة إذا تعارضت مع المصالح الفلسطينية فلا تنتظروا أن نقدم مصالح فلسطين على مصالح وطننا».

أما الكاتب والصحافي الجدلي والمقرّب من الديوان أيضاً تركي الحمد فركّز على دور المنظمات الفلسطينية متوجّهاً إلى الشباب السعودي ومعتبراً أنّ تلك المنظمات «خدعت» الشباب السعودي بهدف اختراقه و«إنشاء تنظيمات في الداخل السعودي لا علاقة لها بالقضية». وعاد الكاتب الذي يعتبر من رموز التيار الليبرالي في السعودية بالذاكرة إلى أيام شبابه حينما كان يعيش في الولايات المتحدة مشيراً إلى أنّ المنظمات «غسلت العقول... بأن العائق أمام تحرير فلسطين هو الدولة السعودية».

وتابع الحمد في تغريداته أنّ التنظيمات الفلسطينية تغيّرت بعد «الغفوة والشعار» في إشارة إلى الصحوة الإسلامية ورأى أنّ الشباب السعودي كان ولا يزال منذ ذلك الحين هو الهدف من دعم القضية الفسلطينية وحذّرهم من أنّ «المراد هو تقويض دولة لو زالت... زلنا...»، في إشارة إلى السعودية.

عبدالله الجنيد الكاتب البحريني النشط في الصحافة السعودية شنّ هجوماً على السلطة الفلسطينية وقواها السياسية، معتبراً أنّها «أثبتت فشلها وعليها التنحي وإعطاء فرصة لقيادات أكثر قدرة على إدارة هذا الملف»، إلّا أنّه رأى في تغريدة لاحقة أنّ قضية السعودية «الاستراتيجية الآن هي دعم تحرير الأحواز العربي المحتل»!

ودخل على الخط الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية سليمان الطريفي معيداً تغريدة تحمل صورة للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر كُتب عليها: «وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر» وعلّق عليها شامتاً وواصفاً إياه بـ«المهرج».

أمّا الكاتب في صحيفة «الرياض» يوسف أبا الخيل فقد رأى أنّ الفلسطينيين «وقفوا مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين أثناء احتلاله للكويت وكانوا يتظاهرون في مدن فلسطين ويطلبون منه أن يتحرك باتجاه السعودية» وتساءل: «إلى متى ونحن مطرقو الرأس ساكتون غاضّو البصر والسمع؟».

ّاذاً .. وجدت الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية إستراتيجية جديدة تفي بالغرض فدفنوا جسد القرار منذ ذلك العام ومنحوه شهادة وفاة تراءت أمام الأنظار الإسلامية والعربية أنظمةً وجماهيراً وأبقوا على روح القرار ومنحوه حياة خفية لها مظاهر فرعية تؤدي إلى الأصل وتجلى ذلك جلياً في التهجير والتشريد وتوسيع رقعة الاستيطان ووأد أي مولود للمقاومة حتى لو استدعى الأمر التدخل العسكري ناهيك عن تجذير سياسة "فرّق تسد" بين مختلف الفصائل الفلسطينية. ومع طوفان مايسمي بالربيع العربي جاءت أنظمة عربية جديدة على حساب أخرى وكان لواشنطن والرياض اليد الطولى في وصولها للسلطة وبالتالي لا تتحرك قيد أنملة عن مخطط املاءاتها وتوجيهاتها والتي غالباً ما تصب سلباً وجحيماً على القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني.

يرى الجميع حالياً ألّا فرق بين الإعلان من عدمه فالقدس لم تكن تملك نفسها قبل إعلان القرار وإن بدت كذلك وبدا العلم الفلسطيني مرفرفاً في افيائها فكل التعسفات الإسرائيلية جاثمة على صدرها منذ زمن وما زالت لدرجة منع المصلين من الصلاة في الأقصى وسلبهم كرامتهم وانتهاك حقهم الديني والإنساني والوطني والقومي على مرأى ومسمع من العالم، وفي المقدمة فحيح الدول العظمى وأبواق السلام ونعيق حقوق الإنسان الصاخب. لكن التطور الخطير الذي سيثمر عن هذا القرار هو الاعتراف بالكيان الإسرائيلي رسمياً من دول عربية وإسلامية سقطت أقنعتها مؤخراً.

لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي للرياض صدفة عابرة فهي الزيارة الخارجية الأولى له بعد وصوله سدة الحكم ففي صلب ابعادها وعمق أهدافها إعلان وإشهار الزواج السعودي الإسرائيلي الخفي وإضفاء الشرعية الدينية لهذا الزواج كون الرياض تعد رمزية للمسلمين بتواجد قبلة المسلمين ومشاعرهم المقدسة في أراضيها أضف إلى ذلك خلق علاقة تقارب جديدة تحت سقف حوار الأديان وهو ما أكدته زيارة ترامب للفاتيكان وإسرائيل في ذات الرحلة المكوكية. تأتي إظهار العلاقة السعودية الإسرائيلية للعلن تمهيداً للاعتراف بالكيان الإسرائيلي وتفعيل التطبيع العلني وتجسيد ذلك من خلال قرارات امريكية واسرائيلية مصيرية توافق عليها السعودية وتضغط على الدول التي تقع تحت نفوذها السياسي والعسكري والأمني واقناعها بإسلوبي الإغراء والتحذير.

خلال ثلاثة أعوام فقط أستطاع الشاب المراهق "بن سلمان" أن يتسلق من ولاية ولاية العهد السعودي مروراً بولاية العهد ووصولاً لسلطة القرار السعودي بكل أريحية مقصياً بذلك شخصيات سياسية مؤثرة لا زالت على قيد الحياة وسط جدل واسع في الوسط السعودي. هذه الاريحية منحته إياها الولايات المتحدة الأمريكية مقابل تنفيذ أجندتها وتثبيت أوراق لعبتها في الشرق الأوسط، وقد أثبت الشاب ولائه المطلق من خلال نجاحه في إثبات حسن نوايا الطاعة وترجمة ذلك في الواقع السياسي والايديولوجي والأمني ومن شواهد ذلك العدوان على اليمن والجماعات الوهابية المسلحة في العراق وسوريا ومقاطعة قطر والتحرش بالجمهورية اللبنانية.

اختيار التوقيت الحالي لإعلان قرار القدس عاصمة لإسرائيل يأتي بعد أن ضمنت السعودية لأصحاب القرار عدم ولادة أي تبعات أو ردود أفعال مناهضة ومناوئة للقرار؛ على الأقل في الأقطار التي تسيطر الرياض على سياستها وتتحكم في قرارها وهذا ثمن يدفعه "بن سلمان" ليخلف والده ملكاً للسعودية. سياسياً يتوقع الجميع ردة فعل حازمة ومسئولة من المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني وقد تعقبها تطورات يستطيع العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي استغلال بعضها واثارتها للحصول على فرصة لاستهداف الشعب اللبناني من بوابة حزب الله ذلك الكابوس الذي قظّ مضاجعهم وأرّق مقل مناماتهم.

تشن الأنظمة العائلية الديكتاتورية العميلة عدواناً وحرباً ضروس منذ ثلاثة أعوام بذريعة إعادة اليمن إلى الحضن العربي؛ ولسان حال اليمنيين: أعيدوا القدس الآن الى الحضن العربي؛ أما اليمن فهي أصل العرب ومنبع الحضارة والتأريخ منذ الأزل وليست في حاجة لحضن مترهل لم يتحرر بعد من العباءة الإمريكية والغربية. هذا الحضن المغلوب على أمره بفعل أنظمتهالرجعية الواهنة لم يستطع اليوم إبداء إي تضامن ولو نفاقاً بالشجب والتنديد ولن يكن بمقدوره الحديث عن بيان عربي أو تحديد مكان وزمان لإنبلاج قمة عربية صورية تحفظ ماء وجهه المتصبغ بالسواد

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية