المرصاد نت - متابعات
تنظر الأطراف المتصارعة في فلسطين وحولها إلى قطاع غزة ببالغ الأهمية نظراً إلى موقعها الجغرافي وواقعها الديموغرافي ومكانتها السياسية التي فرضتها حالة المقاومة فيها لكنّ أياً من هؤلاء الذين يريدون السيطرة عليها لا يرغبون في دفع فواتيرها الباهظة.
حركة «حماس» مثلاً التي حكمت غزة إحدى عشرة سنة (منذ 2007) «بأقل التكاليف» كما تقول السلطة قبل أن تتخلى عنها للأخيرة قبل شهور تريد المحافظة على كيانها داخل القطاع باعتباره معقله الرئيسي وفيه قوتها التنظيمية والعسكرية لكن من دون أن تكفل إلا عناصرها وحتى موظفوها تريد تحميل رواتبهم على السلطة/ المجتمع الدولي.
أما رام الله التي كان القطاع تحت حكمها من 1994 حتى 2007، فتريد إعادة فرض سيطرتها عليه لتكمل مشهد تمثيل الفلسطينيين في الداخل والخارج، وليكون موقفها أقوى في أي مفاوضات مقبلة لكنها على عكس ما تلتزمه الدول أو السلطات تجاه رعاياها ترغب في الجباية من المنطقة المحاصرة والمنهكة قبل أن تدفع مع الإقرار بأن هناك فاتورة اقتصادية كبيرة ستترتب على موازنتها بسبب حاجة الغزيين إلى إغاثة عاجلة وإنهاء الأزمات المتراكمة في ملفات الكهرباء والمياه والموظفين وهو ما كانت تغطيه مؤسسات دولية وعربية كثيرة «هربت» وتهرب من القطاع منذ الحرب الأخيرة عام 2014.
من جهة أخرى يرغب العدو الإسرائيلي في السيطرة على غزة وإنهاء وجود المقاومة عسكرياً فيها لكنه يعجز عن ذلك في ضوء الكلف المترتبة عنه من نواحٍ عدة وهو في الوقت نفسه يرتاح لعودة السلطة، خاصة أن القطاع يمثل سوقاً استهلاكية جيدة بالنسبة إليها ستخف القيود المفروضة عليه بحكم «فتح». أما مصر، فهي تنظر إلى غزة بجانب التعاطي الأمني والعسكري معها على أنها سوق استهلاكية كبيرة قد تعوضها خسارتها في مجال السياحة، لكنها تتخوف من أن انفتاحها الكلي عليها سيعني على الصعيد السياسي والاقتصادي ضمها إليها.
وسط كل هذه الرغبات والتحديات وصلت الأزمات في القطاع المحاصر للمرة الأولى منذ الحصار المشدد إلى منحدر خطير اقتصادياً ومعيشياً يشمل المواطنين والموظفين الحكوميين والتابعين للمؤسسات الدولية وحتى القطاع الخاص والمتفرغين في التنظيمات، خاصة «حماس» التي تعاني أزمة مالية خانقة وصلت ذروتها السنة الماضية.
مع كل ذلك تبقى صفّارة الانفجار الأخير هي التي ستطلقها «الأونروا» إذا عجزت عن دفع أموالها.
القطاع على حافة الانهيار
يشهد قطاع غزة حالة انهيار مالي ومعيشي متسارع وفق وصف مؤسسات دولية وخبراء اقتصاديين نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي وعقوبات السلطة الفلسطينية وكذلك الإغلاق المصري رغم إعلان اتفاق للمصالحة الفلسطينية واستمرار التهدئة مع العدو. وبينما ارتفعت نسب البطالة والفقر بصورة غير مسبوقة تحمل نهاية الشهر الجاري أو الشهر المقبل، أرقاماً غير متوقعة أيضاً في حال تأكُّد عجز «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) عن دفع مستحقات موظفيها أو تقديم المساعدات الغذائية والطبية.
بجانب انهيار القطاع الحكومي على صعيد موظفي حكومة «حماس» السابقة الذين لا يتقاضون إلا أقل من أنصاف رواتب أو موظفي السلطة الذين يتقاضون ثلثي راتب، ثمة آلاف الموظفين في المؤسسات الدولية والعربية التي تتلقى دعماً من الخارج وكذلك القطاع الخاص وأيضاً المتفرغون للعمل في التنظيمات والفصائل يعانون سيناريو شبيهاً. أيضاً، حذرت الغرفة التجارية والجمعيات التجمعية في غزة من انهيار العملية الاقتصادية بسبب «انعدام السيولة النقدية وحركة دوران المال من القطاع وإليه».
يورد مدير العلاقات العامة في «الغرفة التجارية لغزة» ماهر الطباع أرقاماً «غير مسبوقة»، منها أن أكثر من ربع مليون عامل غزي متعطلون عن العمل، إضافة إلى انخفاض نسبة الأمن الغذائي إلى أقل من 50%. أما القدرة الشرائية لدى المواطنين، فلا تتعدى مستويات تقدر بـ20%، ما يعني أن اهتمام الناس ينصب على توفير طعامهم اليومي وإلغاء جميع الاحتياجات الأخرى. وشهدت الواردات عبر معبر «كرم أبو سالم» مع فلسطين المحتلة، انخفاضاً بنسبة تتجاوز 40%.
وبعد التحذيرات الدولية، جاءت تحذيرات محلية على شقين: الأول يتعلق بالمؤسسات الحقوقية والمدنية وأيضاً القطاع الخاص، وهي تدخل في إطار المناشدات المعتادة، لكن التحذيرات الثانية والأكثر شدة كانت على لسان أجهزة الأمن في الأطراف المعنية إلى رؤسائها السياسيين. وتكشف مصادر في «حماس» أن الحركة أبلغت المصريين والسلطة والزوار الدوليين بأنه «لا بد من إيجاد حلول سريعة لأن الوضع على حافة الانفجار»، وأن «حماس لا تضمن تداعيات ما يمكن أن يحدث، خاصة إذا كان لدى أي طرف رهان على إخراج الناس في وجه الحركة».
من جانب آخر تتجاهل الجهات المانحة، وكذلك السلطة، مناشدات أصحاب المنشآت والمصانع، الأمر الذي انعكس عليهم سلباً وعلى سوق التوظيف، فباتوا يعيشون أوضاعاً صعبة بجانب أن كثيرين منهم ملاحقون قضائياً بسبب تراكم الديون عليهم للتجار الكبار أو البنوك، وفق ما أفاد به حمزة المصري، وهو منسق «الهيئة التنسيقية لأصحاب المنشآت الصناعية التجارية المتضررة من العدوان الإسرائيلي». وحتى إعمار البيوت لا يزال بطيئاً إذ ما تسمح إسرائيل بدخوله من الإسمنت ومواد البناء وفق الآلية الدولية GRM، هو أقل من مليوني طن ما يمثل أدنى من 30% من الاحتياجات.
وبلغت قيمة الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعية أكثر من 203 ملايين دولار، ولم يعوض إلّا على أصحاب المنشآت ذات الأضرار التي تقل عن 7 آلاف دولار. أما الخسائر «غير المباشرة» التي لحقت بالمنشآت الصناعية والتجارية، فبلغت نحو 89 مليوناً. من جهة ثانية تتبع سلطات الاحتلال سياسة خنق شديدة وجديدة على تنقل التجار الفلسطينيين بين القطاع والضفة المحتلة إذ بلغ عدد التجار ورجال الأعمال الممنوعين من التنقل أكثر من ثلاثة آلاف فضلاً عن اعتقال عدد منهم بتهمة التعاون مع المقاومة.
وبذلك كل تكتمل حلقات الحصار والانهيار في ظل معدلات بطالة هي الأعلى عالمياً رغم أن سكان القطاع هم الأعلى عالمياً في نسبة التعليم ما يعني انسداد الأفق أمام مئات الآلاف من الشباب وما يعنيه ذلك اجتماعياً ونفسياً. لكن المشهد الأكثر سوداوية هو أن تطاول أزمة شبيهة عشرات آلاف الموظفين من «الأونروا» وهو ما يعني عملياً ضرب «الخندق الأخير» لما يسمى الأمان الوظيفي في عقلية الغزيين وواقعهم.
السلطة تريد «ضريبة القيمة المضافة»!
نقلت مصادر إعلامية فلسطينية أن السلطة أصدرت مرسوماً بإعادة «فرض ضريبة القيمة المضافة على المواطنين في المحافظات الجنوبية»، ما يلغي القرار الرئاسيّ رقم 18 الصادر عام 2007، الذي ينص على إعفاء غزة منها.
ووفق مسؤول في وزارة المالية التابعة للسلطة سيُعمل بالمرسوم بدءاً من الشهر الجاري. وإذا حدث ذلك فإن إعادة الضرائب بعد غيابها لعشر سنوات ستعمّق الأزمة في غزة، خاصة أن هذه الضريبة التي تُفرض على سلع أساسية وكمالية وكذلك الاتصالات، سيدفعها المواطن لا الشركات.
وتهدف السلطة من هذه الضريبة التي كانت عام 1994 بنسبة 1% والآن أصبحت 16% إلى زيادة ما تجبيه من غزة خاصة أن «القيمة المضافة» تضخ في خزينة السلطة الآن 845 مليون دولار سنوياً.
ممثل المنظمات الخيرية في غزة يعلن القطاع منطقة منكوبة إنسانياً
الي ذلك أعلن ممثل المنظمات الخيرية في غزة أحمد الكرد "قطاع غزة منطقة منكوبة إنسانياً وبكل المقاييس" وشدّد على ضرورة القيام بإجراءات عاجلة لمنع وقوع كارثة في القطاع داعيا وسائل الإعلام إلى إيصال صرخة سكانه.
وفي تصريح صحفي اليوم الخميس حول الوضع الانساني في قطاع غزة قال الكرد أنه يجب القيام بإجراءات عاجلة لمنع وقوع كارثة في غزة مضيفا أن 95 بالمئة من مياه القطاع غير صالحة للشرب بسبب التلوث وتوقف المضخات عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء.
واشار الي نفاذ أبسط المستلزمات الطبية في مستشفيات القطاع بسبب حصار كيان الاحتلال الإسرائيلي ومنع دخول معدات الصيانة وقال أن 40 بالمئة من أطفال قطاع غزة بحاجة للرعاية الصحية.
وتابع أن 80 بالمئة من طلاب القطاع هم من العائلات الفقيرة ويحتاجون للرعاية والمساعدات الانسانية.
وأضاف ممثل المنظمات الخيرية في غزة أن "أخطر مظاهر الحصار الذي يعاني منه أهالي القطاع هو إغلاق المعابر" مطالباً "الحكومة المصرية بفتح معبر رفح بشكل دائم أمام المسافرين وإدخال المواد الضرورية لأهالي القطاع".
وأطلق الكرد حملة تحت عنوان "أنقذوا غزة" للعمل على تحريك العالم لتوفير الاحتياجات الأساسية لما يزيد عن مليوني محاصر في القطاع.
يذكر أن "إسرائيل" هدمت مطار غزة الدولي المطار الوحيد في القطاع مما زاد شدة الحصار والمعاناة
المزيد في هذا القسم:
- اليورو يهبط إلى أدنى مستوياته أمام الدولار منذ عشرين عاما المرصاد-متابعات تراجع سعر اليورو، الاثنين، إلى 0.99 دولار في ظل الغموض المحيط بآفاق الاقتصاد الأوروبي بعد إعلان مجموعة غازبروم الروسية، الجمعة، وقف إمدادا...
- الرئيس الأسد: أردوغان "أخونجي" وهو أجير صغير عند الأمريكي. المرصاد نت - متابعات اكد الرئيس بشار الأسد أن المتآمرين على سوريا فشلوا في المراحل السابقة كما فشلوا في الاعتماد على الارهابيين والعملاء في العملية السياسية ل...
- مصر : ثورة 25 يناير .. السنوات العجاف «تأكل» الثورة ! المرصاد نت - الأخبار ربما يكون مرور ثماني سنوات على «ثورة 25 يناير» وخمس سنوات «تقريباً» على خسارة الثورة معظم مكتسباتها مؤشراً خطيراً...
- كتالونيا تصرّ على الانفصال ومدريد تصعّد.. في أسوأ أزمة تمرّ بها اسبانيا المرصاد نت - متابعات تصاعد التوتر بين إقليم كتالونيا ومدريد بعد إصرار الاقليم على الانفصال وفي آخر المستجدات رفضت الحكومة الإسبانية الدعوة التي أطلقها رئيس حك...
- "أطباء بلا حدود" لقادة أوروبا: احتجاز اللاجئين في ليبيا عمل يلفُّه الفساد المرصاد نت - متابعات قالت الرئيسة الدولية لمنظمة "أطباء بلا حدود" جوان ليو إن ما يعانيه المهاجرون واللاجئون في ليبيا يجب أن يشكل صدمة للضمير الجمعي للمواطنين ...
- إيران تهدد وواشنطن تدين المرصاد - متابعات أكدت إيران السبت استعدادها للمضي قدما دون التقيد بالاتفاق النووي إذا لم تحترم بقية الأطراف التزامها، في حين حذرت واشن...
- السعودية غيّرت وجهها الجهادي وأصبحت مُحبة لليهود ومعجبة بإسرائيل! المرصاد نت - متابعات ذكر تقرير عرضته القناة "13 الإسرائيلية"، تحت عنوان "تحول المملكة" من الجهاد إلى مُحبة لليهود ومعجبة بإسرائيل أنّه "قبل عقدين في الإجمال ا...
- 25 بين قتيل وجريح بينهم أفراد من الشرطة في تفجير جديد جنوب تركيا المرصاد نت - متابعات قتل شخصان بينهما شرطي وأصيب 23 آخرين اليوم الأربعاء جراء تفجير سيارة مفخخة أمام مبنى مديرية أمن قضاء “مديات” في ولاية مارد...
- سياسة التمييز الممنهج في البحرين القطاع الاعلامي نموذجاً المرصاد نت - متابعات في فضيحة جديدة تضاف الى سلسلة فضائح التمييز الممنهج للنظام البحريني أظهرت إحصائية جديدة سلّمها وزير الإعلام البحريني علي الرميحي لأحد الن...
- "أسطورة" الموساد يكشف: منذ الستينات لم تكن السعودية عدوتنا! المرصاد نت - متابعات كشفت شخصية امنية اسرائيلية تولت مناصب رفيعة في جهاز "الموساد" وتوصلت منصب نائب رئيس الجهاز ورئيس شعبة "تفيل" للعلاقات غير الرسمية مع الدو...