واشنطن تحيي ذريعة "الكيميائي" لتعزيز تواجدها في سوريا

المرصاد نت - متابعات

تحاول الولايات المتحدة تعزيز دورها في الملف السوري عبر مسارين متوازيين: الأول طُرح على شكل وثيقة ترسم خريطة طريق لمحادثات «التسوية السياسية» المرعية أممياً Syriaa2018.2.3والثاني عبر التلويح بالرد على هجمات كيميائية مفترضة بدعم من «مؤتمر باريس» الذي خصص للضغط على دمشق وموسكو ضمن هذا الإطار


تعيد الولايات المتحدة الأميركية إطلاق تهديداتها تجاه دمشق، متذرّعة بمزاعم حول استخدام الأخيرة لأسلحة كيميائية خلال العمليات العسكرية الدائرة. الوعيد الأميركي بخيار التدخل العسكري الذي سبق وترجم على شكل ضربة محدودة طاولت مطار الشعيرات العسكري في حمص (مطلع نيسان من العام الماضي) جاء بعد سلسلة من الإجراءات الأميركية ــ الفرنسية المشتركة التي انطلقت منذ توافق الرئيسين الأميركي والفرنسي على تطويب «استخدام الأسلحة الكيميائية» في سوريا كخط أحمر لبلديهما بما يخص الملف السوري.

وأفضى الجهد المشترك إلى تشكيل «مجموعة اتصال» (دعاها إليها الرئيس إيمانويل ماكرون) ضمّت الدول الراعية للمعارضة السورية وتبلور أول إنجاز لها ضمن اجتماع إطلاق «شراكة دولية ضد الإفلات من عقاب استخدام الأسلحة الكيميائية» الذي استضافته باريس في الرابع والعشرين من الشهر الماضي وكان موجّهاً ضد دمشق وموسكو في آن واحد. المستجد في التهديدات الأميركية جاء بعد حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الفصائل المسلحة في غوطة دمشق الشرقية تتهم القوات الحكومية بقصف مواقع بغازات سامة «من نوع جديد».

إذ رددت واشنطن مصطلح «الغاز الجديد» بطريقتها عبر الإشارة إلى احتمال تطوير القوات السورية لأسلحة كيميائية جديدة وفق ما أوضح مسؤولون في الإدارة الأميركية لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية أول من أمس ليعود وزير الدفاع جايمس ماتيس ويؤكد أنّ غاز الكلور استُخدم «مرات عدة»، فيما «لا يوجد دليل» على استخدام غاز السارين.

ورأى الوزير أن الحكومة السورية «ستكون مخطئة إذا انتهكت مرة جديدة الاتفاقية حول الأسلحة الكيميائية». الدفع الأميركي بهذا المسار التصعيدي عبر الملف الكيمائي ترافق ــ كالعادة ــ مع المبادرة الجديدة التي طُرحَت في جولة محادثات فيينا الأخيرة عبر ورقة موقعة من واشنطن وحلفائها تضع إطاراً لمسار الحل السياسي المفترض عبر المحادثات المرعية أممياً. وبينما استهدفت الورقة مباشرةً الضغط على مسار مؤتمر «الحوار الوطني» في سوتشي فهي تأتي ضمن سلّة متكاملة مع التلويح بعصا «الكيميائي» في محاولة لتغيير توازنات «التسوية السياسية» المدفوعة بما يجري في الميدان.

وعلى الأرض يتابع الجيش السوري تحركه في ريفي حلب وإدلب ضمن مسار يوصل إلى طريق حلب ــ دمشق الدولي في محيط بلدة سراقب. وتمكّن أمس من السيطرة على قرى تل علوش وكفر حداد وزيارة المطخ وزمار ووريدة وتل وريدة في ريف حلب الجنوبي إلى جانب قرية تل طوقان في ريف إدلب الشرقي. ومع التقدم الأخير أنهى الجيش وجود المسلحين شرق سكة حديد الحجاز ما عدا الجيب المحاصر بين الهجان وغرب خناصر وضمن هامش أمان يمتدّ لعدة كيلومترات غرب السكة. وبذلك يضع الجيش قواته على طول خط تماس طويل على كامل الطريق الدولي بين حلب وحماه حيث تبعد أقرب نقاطه عن الطريق نحو 13 كيلومتراً مقابل بلدة سراقب.

وعلى جبهة عفرين واصلت القوات التركية عدوانها عبر قصف مدفعي وجوي كثيف استهدف عدداً كبيراً من بلدات المنطقة بالتوازي مع تصعيد في الهجوم البري باتجاه مركز ناحية راجو (غرب) في محاولة لدخولها بعد السيطرة على مركز ناحية بلبل (شمال). وفي تعليق أميركي على سقوط قذائف أطلقتها «وحدات حماية الشعب» الكردية رداً على الهجوم التركي نقلت وكالة «الأناضول» التركية عن «مسؤول رفيع» في وزارة الدفاع الأميركية قلق بلاده حيال «سقوط ضحايا مدنيين» من الأتراك مناشداً الطرفين الحرص على سلامة المدنيين.

وبالتوازي مع العمليات العسكرية أوقفت السلطات التركية 13 شخصاً إضافياً بتهمة «تأييد نص» متداول على شبكات التواصل ينتقد التدخل العسكري في عفرين. وأشار عدد من وسائل الإعلام التركية إلى أن النص المذكور صادر عن «اتحاد أطباء تركيا» الأسبوع الفائت. وأفادت وكالة «الأناضول» بأن اتهامهم هو «إضفاء صفة الشرعية على أعمال منظمة إرهابية... والتحريض على الكراهية».

الي ذلك أعلنت الحكومة الأميركية أنها سوف تسمح لنحو 7000 سوري موجود في الولايات المتحدة بموجب وضع «الحماية المؤقتة» البقاء لمدة 18 شهراً إضافياً على الأقل وذلك عوضاً عن ترحيلهم مباشرة بعدما قررت الإدارة الأميركية إلغاء قانون «الحماية المؤقتة» عندما ينتهي أجله في آذار المقبل.

ولم تصل الإدارة إلى حدّ إعادة تصنيف وضع سوريا مرة أخرى وهو ما يعني أن القرار سيفيد فقط السوريين الموجودين في الولايات المتحدة منذ 2016 أو ما قبله. وانتقد مدافعون عن اللاجئين قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب إذ أوضحت كبيرة مستشاري السياسة الإنسانية لدى منظمة «أوكسفام ــ أميركا»، ليا لينزي أن «القرار يعني أن كثيراً من السوريين الموجودين بالفعل هنا في الولايات المتحدة لن يتمكنوا من تقديم طلب للحصول على وضع الحماية المؤقتة».

وبالتوازي أقرّ النواب الألمان قانوناً يحدّ من لمّ شمل عائلات اللاجئين كان شرطاً لتشكيل حكومة ائتلافية بين المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين بعد أشهر من التعقيدات التي تلت الانتخابات. ويشكل اللاجئون الذين يشملهم القانون فئة تضم مئات آلاف الأشخاص الذين يتمتعون بوضع «الحماية المؤقتة»، وأغلبهم من السوريين. وما زال يتعين طرح القانون للتصويت في «البوندسرات» (مجلس الشيوخ)، لكن هذا الإجراء يعدّ شكلياً.

وفي الأردن أقرّت الحكومة الأردنية ومنظمات أممية أمس خطة «استجابة للأزمة السورية» للأعوام (2018 ــ 2020) بحجم تمويل إجمالي يبلغ 7.3 مليارات دولار بمعدل 2.4 مليار دولار سنوياً. وحصل الأردن في عام 2017 على 1.7 مليار دولار كمنح خارجية لتمويل «خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية» أو ما نسبته 59 في المئة من إجمالي مقدرات حاجة البلاد للعام ذاته.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية