المرصاد نت
توفيت والدة حميد ياسر (14 عاماً) في المحويت غربي البلاد بعد موت والده بخمسة أعوام فوجد نفسه وحيداً أمام تحديات كبيرة في وطن تنهشه الحرب. وحميد الذي ترك الدراسة ليعمل في سوق الخضار في مدينته يقول “أعيش أنا وأختي في منزل عمّي شقيق والدي وأعمل يومياً لأوفّر احتياجاتي واحتياجات شقيقتي الصغيرة”، مشيراً إلى أنّ “عائلتي فضّلت عدم وضعنا في ملجأ للأيتام”. يضيف الفتى أنّه يتلقى بعض المساعدات من عائلته الكبيرة “لكنّني أعدّ نفسي المسؤول عن شقيقتي لذا قرّرت العمل ورعايتها. فالدراسة تحتاج إلى مصاريف كثيرة وأنا فضّلت أن أبدأ حياتي في البيع والشراء وهي مهنة سهلة أقوم بها في حماية عمي”.
تسببت الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من أربعة أعوام في مضاعفة عدد الأيتام ومعاناتهم الأمر الذي دفع بعضاً منهم إلى ترك المدرسة والبحث عن عمل يدرّ المال. أمّا آخرون فاستقبلتهم دور الأيتام القليلة المتوفّرة في بعض المدن اليمنية الكبيرة. عبد الرحيم (12 عاماً) من بين هؤلاء وهو يعيش اليوم في دار الأيتام في صنعاء نظراً إلى عدم قدرة والدته على رعايته مع إخوته الخمسة بعد وفاة والده على إحدى جبهات القتال قبل عامَين.
يقول عبد الرحيم إنّ “أسرتي تعيش ظروفاً بالغة السوء ولا تستطيع توفير متطلبات الحياة لا سيّما التعليم. أمّا في دار الأيتام فيمكننا أن نتعلّم ونحصل على مستوى معيشة أفضل من خارجها”. ويشير إلى أنّ والدته تزوره في الدار من حين إلى آخر للاطمئنان عليه. على الرغم من أنّ عبد الرحيم يفضّل البقاء في الدار فإنّ المعطيات تؤكّد أنّ الأيتام في الدار محرمون من أمور كثيرة لا سيّما أنّ الغذاء والرعاية لم يعودا متوفّرَين كما في السابق وهو ما يتسبّب في معاناة أكثر من 700 يتيم في الدار.
في سياق متصل ترفض أسر يمنية كثيرة ترك الفتيات في دور الأيتام فيبقين بالتالي عند أقارب لهنّ في حال وفاة الوالدَين. إيمان (16 عاماً) من هؤلاء وتسكن في منزل عمّها في تعز (وسط)، بينما يعيش أخوها في مؤسسة تُعنى برعاية الأيتام في صنعاء. يقول عمّها إنّ “الفتيات عادة لا يُتركنَ في الدور بل تتكفّل عائلاتهنّ بتربيتهنّ والإحسان إليهنّ. وإيمان عندي مثلها مثل بناتي، تدرس في المدرسة نفسها التي يدرسنَ فيها وتلبس مثل ملبسهنّ ويأكلنَ جميعهنّ من وعاء واحد”. بالنسبة إليه فإنّ “الفتيان قادرون على العيش في أيّ مكان والتأقلم معه،بخلاف الفتيات”.
لكنّ فتيات يتيمات كثيرات يعشنَ في دور مخصصة لأمثالهنّ. تقول مسؤولة العلاقات العامة في “مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية” في صنعاء أماني رسام إنّ “المؤسسة أنشئت في عام 2001 بهدف استقبال الفتيات اليتيمات بشكل أساسي وتقديم الرعاية الشاملة لهنّ”. تضيف رسام أنّ “ثمّة سكناً خاصا بالفتيات وطاقم أمّهات بديلات مؤهّلات للإشراف على تربيتهنّ” مشيرة إلى أنّ “المؤسسة تعلّم الفتيات اليتيمات في المدارس الحكومية والخاصة بينما تقدّم خدمات محو الأمية لغير المتعلمات بهدف سدّ الفجوة التعليمية بين فتيات الدار”.
تتابع رسام أنّ “المؤسسة تستقبل في مساكنها 514 فتاة يتيمة إلى جانب 650 أخريات تكفلهنّ المؤسسة ويقمنَ مع أسرهنّ” موضحة أنّ “الحرب المستمرة في اليمن منذ أكثر من أربعة أعوام زادت من عدد الأيتام وفاقمت معاناتهم من جرّاء شحّ الدعم”. وتؤكد رسام أنّ “المؤسسة تهتم بالجانب النفسي لليتيمات، لا سيّما أنّهنّ بمعظمهنّ مررنَ بظروف صعبة قبل التحاقهنّ بدار الإيواء. وقد كُلّفت متخصصة نفسية لمتابعتهنّ باستمرار في السكن الداخلي وحلّ كل مشاكلهنّ” لافتة إلى أنّ “المؤسسة تكفل اليتيمات منذ ولادتهنّ وحتى تخرّجهنّ من الجامعة”.
من جهتها تقول المتخصصة الاجتماعية هند ناصر إنّ “الأيتام هم أكثر الفئات تضرراً من جرّاء الحرب التي كانت سبباً في إصابة عدد كبير من الأطفال عموماً بمشكلات نفسية عدّة لا يمكن علاجها بسهولة على المدى القريب لا سيّما أنّنا في مجتمع يخجل من العلاج النفسي”. تضيف ناصر أنّ “الأيتام بمعظمهم غير ملتحقين بالمدارس حالياً، إنّما اضطروا إلى العمل من أجل توفير متطلباتهم الأساسية” موضحة أنّ “بعضاً منهم يلجؤون إلى التسوّل وآخرين إلى السرقة”.
يفيد تقرير سابق صادر عن “مؤسسة اليتيم” بأنّ عدد الأيتام في اليمن يبلغ 1.1 مليون يتيم، 60 في المائة منهم لا يستطيعون إكمال تعليمهم، وثلاثة في المائة من ذوي الإعاقة، وأربعة في المائة يعانون مشكلات نفسية، لا سيّما الاكتئاب بينما تعاني تسعة في المائة من أمّهات الأيتام من أمراض مزمنة وإعاقات. كذلك فإنّ 70 في المائة من أسر الأيتام تفتقر إلى الخدمات الصحية الضرورية وهي غير قادرة على شراء الدواء وتحمّل تكلفة العلاج في المستشفيات. وبحسب بيانات المؤسسة، فإنّ الحرب في خلال العامَين الأوّلَين منها خلّفت نحو 80 ألف يتيم.
العربي الجديد
المزيد في هذا القسم:
- أطباء بلا حدود تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالجرب بمحافظة عمران المرصاد نت - متابعات أعلنت منظمة أطباء بلا حدود اليوم الأحد تسجيل ارتفاع في حالات الإصابة بالجرب في محافظة عمران دون أن تشير إلى أسباب هذا الارتفاع.وكانت ك...
- الصحة العالمية: ربع السكان في اليمن يعانون من سوء التغذية ! المرصاد نت قالت منظمة الصحة العالمية اليوم الثلاثاء 26 مارس/آذار 2019م إن ربع السكان في اليمن يعانون من سوء التغذية. وأوضحت منظمة الصحة العالمية، أن أكثر من ...
- الخــــــوف من زمـــــــــن الكوليــــــــــــرا .....!! المرصاد نت يـــتجول الموت بجرأة في جغرافية اليمن على مدى 1440 يوماً من العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا.. ويصحو اليمني كل يوم على موعد جديد لاحتمالات ...
- السلطات الصحية في الحديدة تطلق نداء استغاثة بسبب انتشار وباء حمى الضنك المرصاد نت وجهت السلطات الصحية في محافظة الحديدة اليوم الجمعة نداء استغاثة لإنقاذ أبناء المحافظة نيجة انتشار وباء حمّى الضنك وانعدام الأدوية نتيجة الحصار ا...
- مصر: أمين عام لجنة الانتخابات يلتقي بممثلي اليمن ضمن فريق الرقابة الدولية على الانتخابات ا... القاهرة - خاص التقى المستشار عبد العزيز سالمان الامين العام للجنة العليا للانتخابات المصرية بفريق المتابعين الدوليين لرابطة المعونة لحقوق الانسان اليمنية التي ...
- أرتفاع الأسعار يسابق انهيار الريال! المرصاد نت يواصل الريال اليمني انهياره المتسارع أمام العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية حيث سجّل الدولار ارتفاعاً قياسياً بسعر صرف تجاوز 523 ريال يمني للشرا...
- المجلس الأممي لحقوق الإنسان في جنيف يناقش جرائم السلطة اليمنية بحق مواطنيها في الجنوب شارك المرصد الجنوبي لحقوق الإنسان في جلسة عقدها المجلس الأممي لحقوق الإنسان بمدينة جنيف السويسرية مساء الامس . الجلسة كرست للوقوف أمام أوضاع حقوق الإنسان ...
- منظمة الصحة اليمنية تدشن حملتها الـ8 للتبرع بالدم المرصاد نت - صنعاء دشنت منظمة الصحة اليمنية بالتعاون مع مؤسسة المصطفى في العاصمة صنعاء اليوم الإثنين حملتها الـ8 للتبرع بالدم، رفدا للمشافي والمراكز الصحية...
- 3 مليارات و247 مليون ريال أضرار المعاهد الفنية والصناعية بمحافظة صنعاء متابعات : بلغت الأضرار المادية التي لحقت بالمعاهد الفنية والصناعية الخمسية بمحافظة صنعاءأكثر من 3 مليارات و247 مليون ريال جراء استهداف طيران العدوان السعودي ال...
- وباء الكوليرا يسجل مليوناً و450 ألف إصابة ويقتل 2900! المرصاد نت - متابعات في ظل ما يعانيه الشعب اليمني من عدوان غاشم يدخل عامه الخامس وحصار خانق كدر حياتهم تزداد اليوم معاناتهم بتفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسر...