بفوز المشير عبدالفتاح السيسي في الإنتخابات الرئاسية المصرية تكون مصر قد تمكنت من الخروج من دائرة الإحتواء الدولية لتبدأ دورها قريباً نحو قيادة الوطن العربي من جديد ولكن ليس قبل خروجها أيضاً من حالة الإستقطاب الإقليمي لاسيما العربي بالذات.
بخروج مصر من سياسة الإحتواء التي حاول الغرب أن يكرسها خلال العقود الماضية تكون أيضاً قد ضربت بفكرة الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، الذي بشرت به كونداليزا رايس، عرض الحائط. لكن هذا لا يعني بأن المؤامرة المزدوجة قد فشلت وأنتهت، فمصر تمر حالياً بأزمة إقتصادية خانقة قد تجبرها للإستسلام لمشاريع أخرى أكثر خطورة من المشروع الغربي.
خلال العقود الماضية جرى تهميش مصر بفعل عربي أكثر منه بفعل أجنبي. فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك كانت من أسواء فترات الرضوخ والركوع والإستسلام التي عاشتها مصر حيث تم خلالها التنازل عن الدور المصري العربي القومي بأكمله لاسيما في العشر السنوات الأخيرة من حكم مبارك لصالح دول البترودولار التي تصدرت المشهد دون أدنى إستحقاق سياسي أو ثقافي أو إجتماعي أو غيره وتم خلالها تفريغ الوطن العربي من أي مشاريع وطنية عربية قومية إسلامية هادفة مما جعله نهباً لمشاريع إقليمية ودولية أخرى دمرت كل شئ لا سيما المضمون الثقافي الموحد لكيان الأمة العربية، وأستبدلته بمضامين ومفاهيم إرهابية متطرفة شوهت روحانية وأصالة وعالمية البعد الثقافي الإسلامي المتسامح الذي بات الآن بحاجة إلى عمليات ترميم ونفض للغبار المتراكم عليه ولا شك أن مصر أهلٌ لذلك.
بات العرب لاسيما المسلمون منهم يعانون من موجات الكراهية في كل أنحاء العالم لدرجة تعرضهم للقتل والسحل والذبح في عديد من دول المعمورة. السبب في ذلك هو تغييب المشروع العربي الإسلامي الجامع الذي كان يستمد قوته وعنفوانه من وجود مصر الثقافة، مصر الإسلام الوسطي المتسامح في كابينة القيادة العربية. وعندما تم سرقة هذا الدور تجرجرت الأمة العربية إلى مستنقعات الوحل من قبل الذين يدعون حماية الإسلام بينما يعملون على تشويه روحية نصوصه وسمو رسالته للإنسانية جمعاء. هؤلاء هم أنفسهم ما يزالون الآن يقومون بمحاولات جر مصر مرة أخرى إلى الوضع السلبي السابق بذريعة الدعم المادي لإخراجها من أزمتها الإقتصادية الذين كانوا أصلاً هم السبب في وجودها وإستفحالها. رأس الحية الرقطاء لا تقدم الدعم لمصر حباً بها بل لأنها تعرف تمام المعرفة بأنه لو خرجت مصر من عباءتها ستنتهي هي كرأس حربة مسمومة وقوة إقليمية غادرة في الشأن العربي والقومي والإسلامي.
نيله هذا الحب الكبير من شعبه، المشير السيسي لم يكن مرشحاً عادياً ليصل إلى رئاسة مصر بالإنتخابات الرئاسية العادية. قبل أن يختاره شعبه رئيساً للبلاد تمكن السيسي من إنقاذ مصر من الدمار المحقق الذي كان الإخوان "المسلمين" يخططون له سواءٌ كان هذا التخطيط عن معرفه وسبق إصرار وترصد عدواني او عن غباء مفرط. المهم أن مصر كانت على وشك الإنهيار إما بسبب الفوضى الداخلية والحرب الأهلية أو الإرهاب. ولكن نحمد الله على خروجها من ذلك الكابوس المرعب الذي كان سينسحب بكل تداعياته إلى كامل الوطن والأمة العربية، فلقد كانت لدعوات المؤمنين الذين يحبون مصر أثراً بالغاً في إنتصارها ونجاتها من الفخ المرسوم لها.
إن المشاريع المزدوجة والمرتبكة كان لها أيضاً دوراً حاسماً في خروج مصر من الكارثة. المشروع الإخواني المدعوم قطرياً وأمريكياً، والمشروع الوهابي السلفي الإرهابي المدعوم سعودياً اللذان وصلا إلى نقطة التصادم بعد أن كانا يمران بخطين متوازيين متقاربين متحالفين ومتوائمين. تجاوز أحدهما الآخر فكان لابد للثاني من أن يضرب ضربته ويتخلص من الأول لأن إنتصار أحدهما قبل الآخر يضر بكليهما. وهذا ماصار فتغيرت المعادلة السياسية برمتها في الشرق الأوسط نتيجة لهذا الفشل. بيد أن المشروع الناجي وهو الأضرط من أخيه سيشكل خطراً قادماً على مصر إن لم تتدارك القيادة السياسية ذلك الخطر قبل فوات الآوان. ولاشك بإن حنكة ودهاء السيسي وإخلاصه لوطنه ستخرج مصر من الفخ القادم.
من خلال مراسم تنصيب الرئيس السيسي، رأينا عظمة مصر مختلفة وكأننا نراها لأول مرة، من حيث طريقة نقل السلطة من الرئيس السابق إلى الرئيس المنتخب وحفلة المراسم الراقية والرفيعة التي تمت وكأننا فجأة أنتقلنا إلى العالم المتحضر بل وأرفع. تحولت قلعة القبة من وكر شيطاني مغلق ومنغلق إلى قصر فخم يضاهي أكبر قصور الرئاسة في أكبر الدول العظمى ولإول مرة يشعر الشعب المصري والعربي أنه ملكه هو وليس ملك الشيطان.
أما المشكلة في اليمن فإن المشروعين الإخواني والسلفي المزدوجين يشكلان وجهين لعملة واحدة متمثلة في حزب التجمع اليمني للإصلاح إن سقط أحدهم تلقفه الآخر إضافة إلى وجود أحزاب إحتياط وعلى رأسهم المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترٍك بكسر الراء. ومع ذلك فإن هذه المشاريع جميعها على وشك الإنهيار أيضاً على صخرة المعادلات والتوجهات الدولية الجديدة التي لم تستوعبها بعد الأطراف المتصارعة على الساحة اليمنية ولم تستوعبها بعد المشاريع المتخلفة الماضوية ولم تستوعبها حتى من تسمي نفسها إفتراءًا النخبه. كلٌ يغني لحصالته وليس للوطن,
لذا سيسدل الستار قريباً على كل هذه المشاريع ليس في مصر واليمن بل وأيضأ في سورية وليبيا والبقية تأتي لاسيما بعد أن تمكن الرئيس الأسد من إدارة إنتخابات رئاسية ناجحة في بلاده وفوزه بالرئاسة الذي سبب إحراجاً شديد الحساسية لكل من وقفوا في خنادق المشروعين السابقين لاسيما العديد من دول الغرب. ومن الناحية الأخرى صعود نجم اللواء حفتر في ليبيا للتخلص من جحافل الإرهاب وعصاباتهم المتخلفة. والنصر آتٍ بإذن الله لا محالة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
المزيد في هذا القسم:
- هل بدأ الربيع الخليجي المرحله الثانيه من مشروع الفوضى الخلاقة ! المرصاد نت اغلب سكان الأرض يتمنى زوال نظام آل سعود الراعي الرسمي للإرهاب العالمي المقنع ( باسم الإسلام ) وأكثر المتضررين نحن أهل اليمن القابعين تحت عدوانهم الغ...
- ليس دفاعاً عن راجح باكريت ولكنها الحقيقة!! كتب أنيس منصور الحقيقة ان راجح باكريت وقع ضحية وربما أضحية بحكم معرفتي به سابقاً وعلاقتي بمكتب السفير الـ جابر،. ظل المتحكم الأول في قرار محافظة المهرة ضباط سعوديين تبع الـ ج...
- ضربة «أرامكو» وتبعاتها الإقليمية والدولية! المرصاد نت التطورات المتسارعة في الملف اليمني منذ قرابة خمس سنوات والتي أدت إلى مفاجآت كبيرة غيّرت قواعد اللعبة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، خصو...
- هل تتحكم الرباعية بخارطة القتال في اليمن ؟! بقلم : أ.محمد المقالح المرصاد نت في وقت ما من العام الماضي وصل مجاهدونا الى جبل جالس بالقبيطية بتعز ولم يكن يفصلهم سوى جبل الياس الذي يطل على قاعدة العند العسكرية أحد أهم مراكز الع...
- هل تملك السعودية مؤهلات قيادة الإقليم ؟ بقلم : عبدالملك العجري المرصاد نت ليس للسعودية ودول الخليج الإرث الحضاري التاريخي ولا أي اسهام في النهضة العربية الحديثة يؤهلها لخلافة العواصم الثلاث(القاهرة ,بغداد دمشق)التي كانت ت...
- لماذا الحساسية تجاه يوم القدس العالمي ؟ بقلم : زيد الغرسي المرصاد نت من الاهداف الحقيقية لزيارة ترامب مؤخرا الى السعودية إنهاء القضية الفلسطينية والتطبيع مع العدو الصهيوني ومن هنا تأتي اهمية يوم القدس العالمي هذا الع...
- سلسلة قضايا فساد كارثية ..الشعور بلا شعور ' الحلقة الثالثة ' ! بقلم : علي القاسمي المرصاد نت كنت قد تناولت في الحلقتين الماضيتين قضيتي فساد تعد من اكبر واخطر القضايا فساداً على المستوى المحلي إن لم تكن على المستوى العربي والعالمي، وهي من جم...
- شهادة لله والتأريخ! المرصاد نت شهادة لله والتأريخ كان لقاء جمعية ابناء ردفان 13 يناير 2006 م ثالث أيام العيد .. كان لقاء مقيل فيه الأستاذ المناضل علي منصر محمد وأعضاء اللجنة المر...
- منحة أممية لقوى العدوان .. لتحقيق مكاسب ميدانية ! بقلم : علي ظافر المرصاد نت “عيدنا جبهاتنا” ليس مجرد شعار تعبوي فارغ، بل ضرورة ملحة لإفشال مساعي تصعيد وتحشيد وتسخين قوى العدوان للجبهات في أكثر من محور ومنعهم ...
- المتغطي بأمريكا عريان المرصاد نت ثمة صراع من أجل البقاء وآخر من أجل السيادة فتضيق حلقات وتتوسع أحريات تبعاً لنوعية الصراع المحموم، فتنشأ مؤسسات وهيئات ومنظمات في دول العالم المتقدم...