تفاصيل الخلاف السعودي – الإماراتي في اليمن..

المرصاد نت - متابعات

من الواضح للقارئ العادي أنَّ العلاقات بين النظام  السعودي والنظام الإماراتي تعتمدُ تحالفًا قويًّا باعتبارهما الدولتين الأكبر بين دول مجلس التعاون لكن لا زال الخلاف الخفي على ksa uea yemen2018.2.18الساحة اليمنية أحد الملفات الشائكة بين البلدين.


تقرير فرنسي جديد كشف أن دوافع التحركات الإماراتية في اليمن ليست نفسها التي تحرك السعودية ما شكل اختلافاً في الاستراتيجيات والأهداف بينهما حتى وصل الخلاف إلى مرحلة ما بعد العدوان على اليمن.

وقال الباحث الفرنسي في شؤون الشرق الأوسط “ستيفان لاكروا” في تقرير نشره موقع أوريان 21 الفرنسي إن الهدف الأساسي للإمارات هو جعل اليمن منطقة خالية من الإخوان المسلمين إذ يشار إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح بكونه على علاقة مع جماعة الإخوان.

وأشار لاكروا الى أن الإمارات تساند بشكل عازم أي قوى مناهضة للإخوان حتى لو اضطرها الأمر أحياناً إلى مساندة ميليشيات ذات انتماءات سلفية تكن لها الكراهية الشديدة.

وأضاف أن الرياض مستعدة لعقد حلف مع الإخوان في بعض الحالات حسب الظروف، وهذا ما حصل في اليمن بالرغم من الحملة الإعلامية التي شنتها ضدهم.

الجدير بالذكر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التقى مع رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح في الرياض في 13 ديسمبر الماضي.

وبهذا الصدد فإن كانت السعودية قادرة على التحلي بالواقعية فإن الإمارات تظل متمسكة بالعقائدية أي السلوك الأيديولوجي.

ولفت الباحث الفرنسي إلى أن الاختلاف السعودي الإماراتي في اليمن يتعلق أيضاً بتصور فترة ما بعد العدوان على اليمن “فالدولتان تختلفان فيما يتعلق بالنموذج السياسي”.

ولقد استقر رأي الإمارات أخيراً على انفصال الجنوب، وهو الخيار الأنسب من وجهة نظرها، لأنه يسمح لها بوضع هذه المنطقة الجنوبية الخاضعة لحركة انفصالية تمدها بالدعم، يسمح بوضعها كلها تحت سيطرة الإمارات.

في مطلع فبراير 2018 شنت هذه الحركة “الانفصالية” في عدن هجوماً على حكومة هادي والتي تساندها السعودية؛ مما أدى إلى اشتباك في الميدان بين ميليشيات تساندها الإمارات مع قوات حكومة هادي.

وفي خلال الاشتباكات التي شهدتها عدن، صرح رئيس حكومة هادي، بن دغر، قائلاً: “ما يحدث في عدن انقلاب على الشرعية، وتقسيم لليمن في حين يجري تثبيت الانقلاب على الجمهورية في صنعاء”.

وختم لاكروا أن الفكرة التي تستحوذ على كل تفكير أبو ظبي هي أن “الانفصاليين” هم أعداء الإخوان المسلمين وبالتالي فهم يلعبون لمصلحة الإمارات، وأن انفصال جنوب اليمن سيسمح لها بتكوين محمية إماراتية خالية من الإخوان المسلمين.

وشهدت محافظة عدن اليمنية حملة اعتقالات واسعة في صفوف كوادر حزب التجمع اليمني للإصلاح واغتيال قيادات من الحزب في عمليات مجهولة، كل المؤشرات تتجه نحو أبو ظبي ومخططاتها.

الي ذلك رمت السعودية والإمارات وأعضاء التحالف الذي تقوده بكل ثقلها العسكري والإعلامي والسياسي في العدوان على اليمن حتى هذه اللحظة تجهل السعودية وكل هولاء إن كان كل بوسعهم الخروج من هذه الحرب أم لا ؟ وما حدود هذا الاستمرار!!

نشارف على انتهاء العام الثالث من العدوان نستطيع أن نقول للسعودية وللمراقبين أن السواد الأعظم من اليمنيين غير مقتنعين بالمبررات التي قدمها التحالف لهذه الحرب نستطيع الجزم أيضا  أن الجميع هنا يدركون تماما أن إعادة ” الشرعية ” لم يعد حتى مجرد غطاء لهذه الحرب بإعتباره الأبرز إذ أن السعودية أعلنت وفي مناسبات مختلفة  عناوين أخرى من بينها منع قيام حزب الله جنوبها  ومواجهة  ما تسميه “أذرع إيران”، وهو ما قاله محمد بن سلمان منتصف 2017  .

ليس بإمكان أحد أن يدعي لصالح السعودية أن الجبهات والمجوعات المسلحة والقوى المتباينة التي تعمل لصالح التحالف  تقاتل من أجل إعادة هذه ” الشرعية ” المزعومة أكثر من ذلك أن عبدربه منصور هادي وهو الرئيس الشرعي بالنسبة للسعودية تحت الإقامة الجبرية في الرياض  وممنوع من العودة إلى مدينة عدن على الأقل وما بات مؤكدا ان هناك ” فيتو” إماراتي بالتفاهم مع السعودية وله علاقة بتموضع الحراك الجنوبي المسلح ومجموعة المجلس الإنتقالي الذين يهددون بالإنسحاب من الجبهات بهذا المفهوم فإن التحالف يغذي ويشارك في حرب أهليه مفتوحة ويحاصر اليمن ويمنع من الوصول إلى حلول توقف نزيف الدم.

خارطة المواجهات والأطراف المنخرطة التي تتموضع في هذه الحرب المفتوحة ، ترسم طريقا مختلفا عن ما هو معلن أمام المجتمع الدولي ويستند إلى القرار 2216 ، جميع هذه الأطراف  منخرطة وتقاتل لتحقيق أهداف مختلفة لا يمكن جمعها ، الإنتقالي الجنوبي ومجموعته  وتدعمه الامارات  يقاتل للحصول على الإنفصال وفك الإرتباط عن الشمال  ويرفع شعاره واهدافه علنا ودون مواربة ومنع رفع أعلام الدولة اليمنية الموحدة في معظم المحافظات الجنوبية الجماعات السلفية بمختلف اتجاهاتها يقاتلون تحت عنوان طائفي ويرفعون هم الآخرون شعاراتهم واهدافهم ، الإخوان المسلمين ( التجمع اليمني للاصلاح) يقاتلون لاستعادة حضورهم السياسي في اليمن وهم الذين كانوا قد وصلوا إلى السلطة في 2011 ، مجموعات أخرى كانوا قد بايعوا القاعدة يقاتلون أيضا ، وتتركز جبهتهم بشكل أكبر في محافظات البيضاء وشبوة وأبين وسط وجنوب شرق اليمن ، وثمة جهود كبيرة سعودية إماراتية حثيثة  لتكوين قوة عسكرية اخرى يقودها ، طاق محمد صالح نجل شقيق علي عبد الله صالح هذه المهمًة تبدو صعبة حتى الآن ومعقدة وتصدم بتماسك المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده بعد مقتل صالح الشيخ صادق أبو راس وجدد هذا الأخير تحالفه مع أنصارالله في مواجهة العدوان حتى هذا المكون بقيادة طارق  لا يعترف بشرعية هادي ، بالتالي أغلب هذه الفصائل والمكونات العسكرية التي تمولها السعودية والإمارات لا تقاتل لإعادة ” الشرعية”  بهذا المفهوم فإن التحالف الذي تقوده السعودية  يغذي حرب أهلية طويلة في اليمن

تبسط الامارات والسعودية السيطرة على جزيرة سقطرى وجزيرة ميون ومحطة بلحاف الغازية  وميناء عدن ونشرت قوات عسكرية في محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان  وتبني قواعد عسكرية في هذه الجزر والمناطق جنوب اليمن ومطلة على البحر الأحمر والعربي ، وعلاوة على كون هذ الانتشار والتموضع ليس له علاقة بإعادة الشرعية ويتنافى تماما مع كل ما هو معلن وتكشّف للكثيرين أن قوات التحالف باتت  قوات إحتلال صريح وبكل المقاييس تجهل السعودية إلى أين تتجه في هذا المسار ، وما هو حجم التململ الشعبي في المناطق التي تقول أنها تحت إدارة ما يسمى الشرعية بيد انها ليست كذلك، وهم يتابعون هذا التموضع على الرغم من أن السعودية خسرت أصوات كثيرة كانت مؤيدة وتحولت إلى وصف ما يقوم به التحالف بالإحتلال من بين هذه الاصوات الناشطة الحقوقية الحاصلة على جائزة نوبل توكل كرمان وهناك تيار محسوب على الإخوان المسلمين تقيم قيادته في تركيا وقطر هولاء أيضا يرون أن ما يقوم به التحالف لا علاقة له بإعادة ” الشرعية” عدا عن تيار الحراك الجنوبي السلمي الذي أسسه ويقوده حسن باعوم ، يقيم هذا الأخير في القاهرة ولهذا التيار شارعه ومناصريه في المحافظات الجنوبية ، يرفض هذا التيار بقوة العدوان وما تقوم به السعودية والإمارات في المحافظات الجنوبية  ، مجموع ما نوضحه هنا أن كرة الثلج قد تتدحرج في أي لحظة وتجرف الوجود السعودي الإماراتي وتتسع دائرة  الصراع في هذه المحافظات

على مدى هذه السنوات الثلاث هذه هي الخارطة العسكرية والسياسية في اليمن ومافعلته السعودية والإمارات يقود إلى إحتراب طويل  تغذيه بأطنان من الأسلحة وبتغطية جوية لن يوصل إلى حسم عسكري مطلقا ضد أنصار الله والقوى السياسية والقبلية الحليفة والمناهضة للعدوان بل إلى توسيع هذه الحرب في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية المرّة والأمر من ذلك هو تغاضي المجتمع الدولي عن ما يحصل لهذا الشعب العربي الطيب .

 

المزيد في هذا القسم: