المرصاد نت - رشيد الحداد
تتمسّك «أنصار الله» وحلفاؤها بمشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد منهاجاً واستراتيجية للمرحلة المقبلة يتم تركيز الجهود كافة باتجاه المحافظة عليه وتنفيذه على الأرض. جهودٌ تبرز في خلفيتها تجربة الرئيس إبراهيم الحمدي الذي اغتيل بأدوات سعودية والذي لا يزال حاضراً في ذاكرة اليمنيين كيف قُضي على مشروعه بعملية مدبرة في السبعينات
على رغم خسارتها الرجل الأول فيها الرئيس الشهيد صالح الصماد لا يبدو أن سلطات صنعاء في وارد التخلي عن مشروع بناء الدولة الذي أطلقه الشهيد واعتبره تحدّياً في مواجهة دول تحالف العدوان الذي دخل عامه الرابع. كما لا يظهر أن «أنصار الله» وحلفاءها مستعدون لتكرار تجربة الرئيس إبراهيم الحمدي الذي استطاعت السعودية اغتيال مشروعه مشروع الدولة المدنية الحديثة باغتياله في عملية مدبرة في سبعينات القرن الماضي. اليوم يؤكد أطراف الجبهة المناهضة للعدوان أنهم ماضون في تنفيذ مخطط الرئيس الصماد الذي يقوم على ركيزتين رئيستين: الأولى توحيد الجهود الوطنية لتعزيز صمود الشعب اليمني وإعادة بناء مؤسسات الدولة والأخرى مواصلة العمل على تأهيل الجيش وتزويده بمهارات قتالية نوعية، فضلاً عن الاستمرار في التصنيع العسكري حتى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسلحة كافة.
هذا المخطط كان أعلنه الرئيس الصماد في الـ26 من آذار/ مارس الماضي، تحت شعار «يد تحمي ويد تبني». وقال الشهيد، في حينها، في كلمة أمام المحتشدين بمناسبة الذكرى الثالثة لاندلاع العدوان إن «مشروع بناء الدولة يُعدّ عنواناً لمرحلة جديدة من مقاومة العدوان على المستويات كافة». إعلانٌ قوبل بتأييد شعبي ورسمي واسع النطاق حيث اعتبرته حكومة الإنقاذ «مشروع تحدٍّ ينطلق من تقييم الوضع الحالي بعد ثلاث سنوات من العدوان والحصار ويستوعب جميع الأخطار المفروضة على الشعب اليمني والتي تتطلب المواجهة على المستويات كافة». كذلك أعلن المكتب السياسي لأنصار الله» تأييده مشروع الصماد عادّاً إياه «السلاح الأكثر فعالية وقوة في مواجهة العدوان وهو الحلم الذي يطمح إليه أبناء الشعب اليمني بكل توجهاته وفئاته ومكوناته» مشدداً على «أهمية تضافر الجهود الرسمية والشعبية لتحقيق غايات هذا المشروع الوطني».
المشروع الذي «تسنده الجبهات ويسند الجبهات» على حد توصيف الرئيس الصماد، قوامه «إيجاد دولة مدنية من أجل الشعب، لا شعب من أجل الدولة». هدفٌ يُفترض أن يتم العمل على تحقيقه من خلال جملة استراتيجيات وتكتيكات يتصدرها ما يلي: مقاومة التدمير بالتعمير مواجهة الحصار الاقتصادي بالاتجاه نحو الاقتصاد المقاوم توظيف الإمكانات المتاحة في تحقيق اكتفاء ذاتي بالتدرج مقاومة الحرب المالية المتمثلة في مصادرة موارد الدولة من ضرائب وجمارك وعائدات نفطية من قِبَل الموالين للعدوان بتحسين موارد الدولة المتاحة فتح المجال أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية، تشجيع رؤوس الأموال الوطنية مكافحة الفساد المالي والإداري في المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى والانتقال من الحفاظ على مؤسسات الدولة إلى تعزيز دورها الخدمي والتنموي.
كذلك يتضمن مشروع الصماد خطوات للتخلص من إرث عملية إعادة الهيكلة التي تعرضت لها مؤسسة الجيش بموجب المبادرة الخليجية ما بين عامي 2012 و2014، والتي أدت عملياً إلى تفكيك الجيش وتعطيل سلاحه. وهي خطوات أطلقها عملياً الرئيس الشهيد قبيل اغتياله، وبلغ بها ذروتها خلال العام الماضي توازياً مع عمله على مواجهة القرار 2216 الذي يحرم اليمن من استيراد السلاح وذلك عبر الدفع بعجلة التصنيع العسكري المتوقفة منذ أكثر من خمسين عاماً.
وقد أكد الرئيس الشهيد خلال حضوره لقاءً موسعاً في محافظة ذمار وسط البلاد قبيل أيام من استهدافه أن اليمن أصبح اليوم مكتفياً ذاتياً من عدد كبير من الأسلحة بفضل تفعيل الصناعات العسكرية والصاروخية والاستفادة من الخبرات الوطنية. تصريحٌ أعقبه الكشف عن مدفع «رجوم» محلي الصنع برعاية الصماد، بعد تدشين عدد من منظومات الصواريخ محلية الصنع، والتي انتقلت من مديات قصيرة إلى صواريخ باليستية طويلة المدى.
ومن أجل تحقيق تلك الأهداف كان لا بد من توحيد الجهود السياسية والاجتماعية، وحفظ الجبهة الداخلية من الاختراق، كضرورة لتنفيذ مشروع بناء دولة النظام والقانون، وفقاً لما اقتضاه مخطط الصماد، ومن هنا جاء عمل الرئيس الشهيد الدؤوب على إزالة التباينات وحل الخلافات، بغية قطع الطريق على أي مشاريع تخريبية تستهدف الأمن والاستقرار والسكينة العامة.
مشروع الصماد الذي عبّر عن وجود إرادة سياسية حقيقية لإحداث تغيير جذري في اليمن، اعتبرته دول تحالف العدوان خطراً يتهدّدها، لا يقلّ عن خطر الصواريخ الباليستية التي طاولت الرياض في عهد الرئيس الشهيد وغيّرت المعادلة العسكرية. إذ رأت الرياض في المشروع توطئة لتقويض آخر ما تبقى لها من فرص لفرض وصايتها على اليمن، ووسيلةً لتدعيم وجود «أنصار الله» في السلطة، خصوصاً أن المخطط لقي تأييداً شعبياً ورسمياً، في قبالة فشل ملحوظ ومتواصل لحكومة الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
وفي ما بدا رداً أولياً على إعلان المشروع، توعّد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، بإحداث انشقاقات داخل «أنصار الله». وهو توعّد أعقبه بروز تحوّل في وضع حكومة هادي في المحافظات الجنوبية، حيث سُمح لها بالعودة وممارسة نشاطاتها، في محاولة سعودية لإيهام المجتمع الدولي بأن ثمة حكومة تسيطر في الجنوب، خصوصاً أن هذه العودة تزامنت مع إشادة وسائل إعلام ومنظمات دولية بإدارة المجلس السياسي الأعلى لشؤون المحافظات الواقعة تحت سيطرته كسلطة أمر واقع، وكذلك مع استقبال سلطات صنعاء عدداً من الوفود الديبلوماسية الأوروبية للمرة الأولى، ومسؤولين كباراً من الأمم المتحدة، فضلاً عن المبعوث الأممي الجديد، مارتن غريفيت الذي التقى الصماد قبيل اغتياله، في اعتراف ضمني بشرعية المجلس السياسي.
أعادت جريمة اغتيال الصماد إلى أذهان اليمنيين ما تعرّض له الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 1978، حيث تمّ اغتياله بأيادٍ محلية، بعدما بذلت السعودية مليارات الريالات لشراء الذمم في مواجهته، وضمان إنهاء مشروعه الذي استطاع بما قُيّد له من حياة نقل اليمن من حالة العجز والفقر إلى النمو الاقتصادي، حتى أصبح اليمن الشمالي في عهد الحمدي واحداً من الدول العشر الأكثر نمواً في العالم.
استحضار هذه التجربة ولّد حافزاً قوياً على المستوى الشعبي للتمسك بمشروع الصماد في وقت أعلنت القيادة الجديدة للمجلس السياسي الأعلى تبنّيها المشروع، معتبرة إياه جزءاً من الرد على الجريمة، وواعِدةً بتوجيه الجهود كافة نحو تنفيذه وفق ما تعهّد به الرئيس مهدي المشاط خلال أدائه اليمين الدستورية أمام البرلمان اليمني. وهو ما يعني، في حال تحقّقه، توجيه ضربة مؤلمة للرياض التي تعمّدت إفشال جميع مشاريع التحديث الوطنية في اليمن ووقفت ضد كل الاتجاهات الحكومية الهادفة إلى تحقيق تنمية مستدامة في هذا البلد خلال الخمسين عاماً الماضية.
المزيد في هذا القسم:
- الفيزا .. هل تنتصر لسقطرى وتستعيد يمنيتها؟ المرصاد نت - متابعات يتصاعد التوتر بشكل مستمر بين حكومة هادي والنظام الإماراتي في كثير من المحافظات بينها أرخبيل سقطرى، قامت على إثرها السلطة باتخاذ إجراءات ع...
- مذبحة الطيران الإماراتي : مئات القتلى والجرحى في عدن وزنجبار ! المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة مقتل وجرح أكثر من 300 شخص، بينهم مدنيون، جراء القصف الجوي الإماراتي على قوات حكومة هادي في ...
- عبدالسلام : تحضير واضح للحرب أول خطواته تعطيل الحوار 'قراءة تحليلية لأنسحاب وفد الرياض' المرصاد نت - الكويت كشف الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبدالسلام اليوم الاثنين أن الهدف من وراء تعطيل جلسات الحوار هو التغطية لتحضير جولة جديدة من الحرب.وق...
- السيد عبدالملك الحوثي : المسار العسكري اليوم مسار رئيسي ومفصلي المرصاد نت - متابعات أكد قائد الثورة الشبابية السيد عبد الملك الحوثي أن التصعيد العسكري في اليمن لن يكون إلا بضوء أخضر من أمريكا معتبراً أن واشنطن مع كل تصعيد...
- التؤطو الدولي يمنح تحالف العدوان ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق اليمنيين! المرصاد نت - متابعات جاءت المجزرة التي ارتكبتها القوات السعودية بقصف أحد الأسواق الشعبية في محافظة صعدة شمالي البلاد مساء أول من أمس الإثنين لتسلط الضوء مجددا...
- الامم المتحدة للسعودية: طفح الكيل وغير قادرين على التغطية على جرائمكم! المرصاد نت - متابعات حملت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان في تقرير لها تحالف العدوان السعودي مسؤولية استشهاد نحو 3 آلاف و800 مدني واصابة اكثر من 6 آلاف و70...
- الموفد الأممي في صنعاء: لا جديد على خطّ التفاوض المرصاد نت - لقمان عبدالله لا يبدو أن الزيارة الحالية لنائب المبعوث الأممي إلى اليمن معين شريم، لصنعاء ستفلح في إعادة قطار المفاوضات إلى سكته. يتقدم ذلك الت...
- عام رابع من العدوان على اليمن : الوضع الراهن والتوقعات المستقبلية المرصاد نت - متابعات عقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية ببروت يوم الأربعاء الماضي 28/3/2018 ندوة خاصة في الذكرى السنوية الثالثة لبدء العدوان...
- فنلندا تعلق بيع الأسلحة لقوي العدوان السعودي الإماراتي ! المرصاد نت - متابعات أعلنت فنلندا اليوم عن أنها ستفرض حظراً على إصدار أي تراخيص جديدة لبيع الأسلحة لكل من السعودية والإمارات والسبب وراء ذلك هو قتل الصحافي جم...
- تداعيات وخسائر العدوان السعودي في اليمن منذ بدء العدوان عام 2015 المرصاد نت - متابعات لا يزال العالم يتذكر الظهور المتكرر لما يسمى بناطق “عاصفة الحزم ” والذي شنتها السعودية على اليمن في الـ 26 مارس من العام 2015...