المرصاد نت - لقمان عبدالله
تستمرّ المعارك في الحديدة على وقع فشل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في تحقيق شروط الدول المعتدية على اليمن وإن كان الرجل يفصل إلى الآن بين كونه مبعوثاً أممياً يسعى إلى تنشيط المسار السياسي من خلال إحياء مبادرة الكويت في قالب جديد وبين كونه وسيطاً يضطر إلى أن يحمل أحياناً رسائل إلى الأطراف من دون أن يدلي برأيه في تلك الرسائل كما يحصل حالياً في معركة الحديدة.
وهومن خلال هذه الاستراتيجية يبدو وكأنه تعلّم من تجربة سلفه الذي أدى تحيزه إلى فشل مهمته وإنهائها من قبل الأمم المتحدة وإن كان غريفيث يظهر أميل إلى تسليم الحديدة إلى طرف ثالث انطلاقاً من اعتقاد لديه بأن ذلك سيفتح كوة في الجدار السميك للأزمة.
محاولات إسقاط الحديدة بالضجيج الإعلامي والحرب النفسية والسعي إلى استنساخ تجارب أخرى وتطبيقها على معركة الساحل الغربي لن يجد له مكاناً في المعارك مع الجيش واللجان الشعبية. ولئن نجح محور ما يسمى بـ«الاعتدال العربي» الموجّه أميركياً في إسقاط طرابلس الغرب عام 2011 بعدما نفض الغرب يده من التحالف مع معمر القذافي وقرر الإطاحة به إلا أنه فشل في الحالة السورية في المحاولات المتكررة لإسقاط دمشق بالاعتماد على التجربة نفسها.
وبالعودة إلى الحالة اليمنية فإن «التحالف» يواجه شعباً يتمسك بالثوابت الوطنية وجيشاً ولجاناً شعبية وقوى اجتماعية وقبائلية مشبعة بالمعنويات العقائدية والوطنية وتحرص قياداتها الميدانية والعناصر المقاتلة على القتال حتى آخر نفس ما لم تأتِ أوامر مباشرة من قائد الثورة الشبابية الشعبية بالانسحاب في ما يصطلح عليه «الانسحاب التكتيكي» أو «متحيزاً لقتال».
وفي هذه الحالة يبقى تأثير الحملة الإعلامية التي تستخدم في خط مواز للمعارك على الأرض ضعيفاً ومحدوداً وتنحصر فاعليتها في الفئة الجماهيرية المحسوبة على «التحالف»، والتي تتغذى عادة من منظومته الإعلامية بعيداً عن الحقيقة والوقائع على الأرض. والجدير ذكره أن تلك الحملة المُضلِّلة تبدو مطلوبة بالنسبة إلى «التحالف» في أكثر من اتجاه في صناعة الرأي العام؛ بالنظر إلى تأثيرها في عملية الاستقطاب وتبرير الارتزاق والموت من أجل قضية غير عادلة تماماً كما يحصل في قضية زجّ أبناء جنوب اليمن في معركة الساحل الغربي، بما لا يوافق «عدالة القضية الجنوبية ومصلحتها» بتعبير الكثير من القيادات الجنوبية.
لقد أسقط تحالف» العدوان مطار الحديدة إعلامياً أكثر من خمس مرات. وفي كل مرة كان وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش (يلعب دور الناطق باسم التحالف على المستوى السياسي) يخرج ليؤسس على ما بعد المطار. فيظهر الأمر وكأن مطار الحديدة هدف بذاته على رغم أن المطار يقع في منطقة مفتوحة على شاطئ البحر ولا يملك أي ميزة عسكرية استراتيجية أو حتى رمزية وما محاولة إضفاء الرمزية عليه إلا من باب تسجيل الانتصارات الوهمية وتحفيز المنظومة العسكرية التي تقاتل مع «التحالف» ورفع معنوياتها وتبرير مقتل عناصرها أمام جمهورها. ولعل أبرز ما يمكن استخلاصه من معارك المطار طوال الأيام الماضية هو البسالة والشجاعة التي يتحلى بها المقاتل اليمني مقابل التفوق البحري والجوي لدول تحالف العدوان في منطقة يُفترض أنها غير صالحة للقتال بالنسبة إلى الطرف الأضعف في العدة والعتاد.
وفي هذا رسالة قوية لـتحالف العدوان بأن قوات الجيش واللجان استطاعت كسر الهجمات المستميتة في ظروف قتالية غير متكافئة وتلعب الأرض فيها دوراً كبيراً لغير مصلحتها، فكيف سيكون حال هؤلاء الغزاة في ظروف تلعب الأرض فيها دوراً لمصلحة الجيش واللجان كما هي الحال في مدينة الحديدة ومينائها؟
تستميت قوى العدوان في محاولات السيطرة على المطار لأنها وضعت نفسها أمام تحدٍّ صعب بعدما أصبحت في أكثر من مكان مُعرَّضة لحرب عصابات شرسة وطويلة الأمد. ولذا يبدو «التحالف» مضطراً إلى الإعلان عن استمرار المعارك كما أعلن أول من أمس أنور قرقاش من دون السماح للمرتزقة بالتقاط الأنفاس أو البحث عن أساليب وتكتيكات أخرى تؤمن الاستمرار في العمليات المستقبلية في ظروف أفضل وذلك خشية من عمليات استنزاف تصبح فيها معركة الساحل الغربي أقرب ما تكون إلى معارك الحدود بين اليمن والسعودية، ويضيع هدفها الرئيسي الذي من أجله تقرّر الهجوم على الحديدة سعياً في حيازة ورقة تفاوضية ذات أهمية.
لذلك وبحسب المعلومات المتوافرة فإن تحالف العدوان سيستمرّ في المعارك مهما كانت التكلفة خصوصاً أن الخسائر البشرية الباهظة التي يتكبّدها أبناء جنوب اليمن - تحديداً - لا يحمل تحالف العدوان وزرها.
المزيد في هذا القسم:
- عودة الحياة إلى اتفاق الحديدة: البحر بدلاً من البر ! المرصاد نت - متابعات بعد انقطاع دام قرابة شهر استؤنفت يوم أمس اجتماعات «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» في الحديدة ولكن هذه المرة على متن قارب بحري تاب...
- عدن : إنفلات أمني واغتيالات وسجون سرية لقوي العدوان ... ماذا بعد؟ المرصاد نت - متابعات قال شهود عيان إن دوي أنفجار هز دار سعد فجر الجمعة وسمع دوي الانفجار في أنحاء متفرفة من المديرية حيث أن الانفجار وقع بدراجة نارية كانت تسي...
- عضو في مكتب أنصار الله : الحديث عن إستنجاد أنصار الله بخبراء عسكريين من حزب الله هدفه الاب... نفى عضو في المكتب السياسي لأنصار الله في حديث لـ “الجزيرة نت ” وجود أي خبراء عسكريين من حزب الله اللبناني أو إيران لإدارة معارك في محافظتي البيضاء ومأرب كما تُر...
- قرار جمهوري بتشكيل الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني صدر اليوم قرار رئيس الجمهورية رقم (30) لسنة 2014م بإنشاء الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. فيما يلي نصه: قرار رئيس الجمهور...
- هل ستكون المهرة مدخلا لاستحداث “ملف عُماني” بعد الملفين القطري واللبناني ؟ المرصاد نت - متابعات مجدداً يعود التوتر إلى «المهرة» المحافظة المحاددة لسلطنة عمان على خلفية محاولة الإمارات تعزيز تواجدها والسيطرة على مطار الغيظ...
- الفشل السعودي وصمود اليمنيين غير أطر وقواعد الحل السياسي المرصاد نت - متابعات اعلن المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ احمد عن التحضير لجولة جديدة من المفاوضات اليمنية في سلطنة عمان فيما يزور المتحدث باسم انصار ا...
- ضغوط الكونغرس (لن) توقف القتل في اليمن؟ المرصاد نت - متابعات في وقت كان فيه اليمنيون يشيّعون ضحايا المجزرة التي ارتكبها أخيراً تحالف العدوان المدعوم أميركياً في محافظة حجة كان مجلس الشيوخ الأميركي ي...
- موقع أمريكي: واشنطن متورطة في الحرب على اليمن حتى النخاع المرصاد نت - أحمد عبد الكريم نشر موقع " The American Conservative" مقالاً لكبير المحللين السياسيين دانيل ليرسون تحت عنوان "الولايات المتحدة الامريكية متورطة حت...
- القوات البحرية اليمنية تحذر من اختراق المياه الإقليمية اليمنية المرصاد نت - سبأ حذرت القوات البحرية والدفاع الساحلي اليمنية أي سفينة من القيام بأي أعمال لدول تحالف العدوان ضد اليمن أو اختراق المياه الإقليمية لأي سبب كان د...
- مأساة المغتربين اليمنيين:عندما تسقط الأقنعة وتنكشف الأوراق. المرصاد نت - فؤاد الجنيد حرب إفقار جديدة تدشنها السعودية ضحاياها جيل من شباب القُرى والمدن اليمنية وأُسر تترقب يد ممدودة بالخُبز لتنجوا.. وتحت سياط الظلم والاس...