المرصاد نت - رشيد الحداد
للمرة الأولى منذ اندلاع العدوان على اليمن تتوحّد كلمة المحافظات كافة في الوقوف بوجه «تحالف الإجرام والتجويع» وتحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي. تحوّل يُتوقّع أن يسلك مساراً تصاعدياً خلال المرحلة المقبلة في ظلّ استمرار السعودية والإمارات في سياساتهما وتشكّل وعي شعبي جامع بخطورتها..
وحّدت الحرب الاقتصادية اليمنيين في جبهة الدفاع عن حق البقاء. فالمحافظات التي رُفعت فيها، قبل عامين عبارات الشكر لـ«التحالف»، وجدت نفسها في مواجهة مصيرية مع سياسات التجويع التي يقودها الأخير مُحاوِلاً تحقيق ما لم تحقّقه القوة على مدى ثلاث سنوات ونصف سنة. تشديد الحصار على المحافظات الواقعة تحت سيطرة «حكومة الإنقاذ»، واستهداف سبل عيش المواطنين في المحافظات كافة من خلال ضرب القيمة الشرائية للعملة وسيلتان أرادت من خلالهما السعودية والإمارات إخضاع اليمنيين غير مكترثتَين للتداعيات الناتجة من تدهور سعر صرف الريال الذي فقد 60% من قيمته خلال الأيام الماضية مع ما تسبّب به ذلك من رد فعل شعبي غاضب ضد «التحالف» للمرة الأولى منذ بدء العدوان، من المهرة شرقاً وحتى الحديدة غرباً.
وعلى رغم محاولة الإمارات توظيف السخط الشعبي في الجنوب ضد حكومة هادي عبر «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لها إلا أن ردود الفعل في المحافظات الخارجة عن سيطرة حكومة الإنقاذ ظلّت تتّهم تحالف العدوان بالوقوف وراء الانهيار الاقتصادي فيما استمرّت التظاهرات في رفع الشعارات المُندّدة بسياسة التجويع والداعية إلى رحيل «التحالف» بشكل فوري.
التدهور الحاد في سعر الصرف فتح كذلك الكثير من الملفات التي حاولت حكومة هادي تجنّبها خلال الفترة الماضية. إذ تصاعدت، أخيراً، المطالبات في الجنوب والشمال باستعادة عملية إنتاج النفط والغاز اللذين تشكّل عوائدهما 75% من إجمالي الإيرادات العامة للبلاد. لكن اليمنيين محرومون من إمكانية الاستفادة من تلك الإيرادات بفعل «سيطرة دول العدوان على حقول النفط المنتِجة في محافظتَي شبوة وحضرموت» وفقاً لما يؤكده مصدر في وزارة النفط في حكومة الإنقاذ.
ويكشف المصدر أن قوات إماراتية سيطرت قبل عدة أشهر على جميع حقول النفط المنتِجة في قطاع المسيلة النفطي لافتاً إلى قيام أبو ظبي بتعزيز وجودها العسكري في منشأة المسيلة النفطية بلواء كامل من القوات الخاصة الإماراتية مزوّد بأربع طائرات «أباتشي» موجودة داخل مطار شركة «بترو مسيلة» (كنديان نكسن سابقاً) والواقع في قطاع «14 النفطي».
ويلفت المصدر إلى أن ثمة حقولاً نفطية تحوّلت إلى ثكنات عسكرية معتبراً ما يحدث بمثابة «تقاسم للثروة السيادية بين الإمارات والسعودية وقيادات عسكرية تنتمي إلى حزب الإصلاح في مأرب» موضحاً أن «الإمارات تسيطر على المنشآت النفطية في حضرموت وشبوة بالاتفاق مع الرياض التي تسعى هي الأخرى للحصول على امتيازات نفطية في شبوة فيما لا يزال قطاع ذهبا النفطي في شبوة خارج سيطرة القوات الموالية للإمارات. أما القوات الموالية للجنرال علي محسن الأحمر فتتمركز بالقرب من قطاع العقلة النفطي في شبوة وتسيطر على عدد من القطاعات النفطية الإنتاجية في شركة صافر النفطية وقطاعات نفطية وغازية أخرى واقعة ما بين شبوة ومأرب».
ما كشفه المصدر تؤكده كذلك مصادر نقابية في شركة «بترو مسيلة» التي تنتج شهرياً أكثر من مليون برميل من الخام الثقيل تُصدَّرعبر ميناء الضبة النفطي في مدينة المكلا (مركز محافظة حضرموت) الخاضع لسيطرة كتيبة إماراتية بقيادة ضابط إماراتي يدعى أبو سلطان الشحي وتُباع من دون أي مناقصات رسمية وبلا أيّ تدخّل من قِبَل حكومة هادي ويتم تحويل إيراداتها من العملة الصعبة إلى البنك الأهلي السعودي.
ووفقاً للمصدر نفسه فإن القوات الإماراتية المتمركزة في شركة «بترو مسيلة» بذريعة حماية المنشآت النفطية تفرض الحصول على ما نسبته 5% من حجم الإنتاج اليومي على ثلاث شركات نفطية منتِجة للنفط في «قطاع 14» و«قطاع 10» و«قطاع 32» في المسيلة.
حكومة هادي اعترفت في اجتماع طارئ عقدته في الرياض قبل أيام باللجوء «اضطرارياً» إلى مصادر تضخّمية للحدّ من العجز العام في موازنتها. وفيما تجنّبت الحديث عن دور الإمارات في المحافظات الجنوبية اتّهمت «الانفصاليين» و«أنصار الله» و«الإرهابيين» بإفشال تنفيذ العديد من الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها اللجنة الاقتصادية المُعيّنة من قِبَل هادي. وهو ما ردّ عليه أحد أعضاء اللجنة نفسها أحمد غالب الذي أكد استحالة تنفيذ أي حلول أو معالجات في ظلّ عدم وجود أي سيطرة حقيقية للحكومة في المحافظات الجنوبية والشرقية، مُطالِباً باستعادة موارد الدولة في تلك المحافظات.
وبينما اكتفت حكومة هادي بدعوة الرياض إلى تسهيل السحب من الوديعة السعودية طالب مستشار هادي ونائب رئيس حكومته السابق عبد العزيز جباري المقيم في القاهرة تحالف العدوان بالتدخل لإنقاذ العملة أو تثبيتها كما كانت عليه خلال الأيام الأولى لـ«عاصفة الحزم» وترك اليمنيين يواجهون مصيرهم.
في المقابل أعاد تصاعد الدعوات إلى وقف تدهور العملة مرة أخرى مبادرة تحييد الاقتصاد التي أطلقها قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي إلى الواجهة. فالمبادرة دعت إلى تحييد الإيرادات العامة للدولة وتسليمها إلى جهة محايدة تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة وتتولّى صرف رواتب الموظفين والحفاظ على سعر صرف العملة. لكن الردّ جاء بمطالبة صنعاء بالاعتراف بـماتسمي ب«الشرعية» وتسليم الإيرادات إلى «مركزي عدن». وهي شروط وصفها مراقبون بـ«التعجيزية» معتبرين أنها لا تكشف عن وجود رغبة لإنقاذ اليمنيين من الانزلاق إلى حافة المجاعة بل تخدم دول العدوان، وتحاول إسقاط جرائم السعودية والإمارات.
الأمم المتحدة: إنقاذ العملة أو «اللارجعة»
تواصلت أمس التحركات الاحتجاجية على تدهور الأوضاع المعيشية في ظلّ تحذيرات أطلقتها الأمم المتحدة من تداعيات انهيار العملة. وخرجت في العاصمة صنعاء مسيرة حاشدة تحت شعار «ثورة ضد تحالف الإجرام والتجويع» رفع المشاركون فيها شعارات مُندّدة بـ«الحرب الاقتصادية» مؤكدين «أنها ستفشل كما فشلت الحروب العسكرية» ومُعلنين تضامنهم مع المتظاهرين في مختلف محافظات اليمن. بالتوازي مع ذلك، حذرت الأمم المتحدة من أن تدهور سعر صرف الريال اليمني يفاقم خطر المجاعة الذي يواجهه ملايين المواطنين.
ونبّهت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي إلى أنه «إذا استمرّت قيمة الريال في الانخفاض فإن 3.5 إلى 4 ملايين شخص آخرين سيصبحون في وضع ما قبل الجوع» لافتة إلى أن «أسعار السلع الأساسية ارتفعت بشكل حاد في الأسابيع الأربعة الماضية، بسبب الانخفاض السريع في قيمة الريال». وقالت غراندي إن «الوضع أصبح لا يطاق بالفعل وسوف نصل إلى نقطة اللارجعة ما لم يتمّ القيام بشيء لإنقاذ العملة».
المزيد في هذا القسم:
- الحديدة مقبرة للغزاة .. القادم سيحمل مفاجأت ! المرصاد نت - متابعات أكد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع اليوم الخميس نجاح قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية قطع خطوطِ إمداد قوات العدو ب...
- الناطق الرسمي لأنصارالله الأستاذ محمد عبدالسلام: ليست المشكلة القائمة في عدن وبعض المناطق في ابين وشبوه هي مشكلة ضد الجنوب لا ارضا ولا إنسانا ولم تأت على خلفية أزمة سياسية جنوبية شمالية وليس لها أي بعد مناطقي ...
- تحذيرات من إنفجار الوضع في عدن وتصعيد جديد لوكلاء الإمارات! المرصاد نت - متابعات حذر وزير النقل في حكومة هادي صالح الجبواني، اليوم الجمعة، من انفجار الأوضاع في مدينة عدن بسبب ما وصفها تصرفات خرقاء يقوم بها ما يسمى "الم...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد اليمني المرصاد نت - متابعات وزع الاعلام الحربي اليمني مشاهد تعرض للمرة الأولى لعمليات واسعة في محور صرواح بمحافظة مأرب وأظهرت المشاهد سيطرة الجيش اليمني واللجان الشع...
- مسقط ترفض تفتيش طائرتها من قبل «التحالف السعودي» المرصاد نت - الأخبار أوضحت مصادر دبلوماسية أن سلطنة عمان رفضت تفتيش طيرانها من قبل التحالف السعودي الإماراتي. الموقف العماني جاء بعدما نقلت قناة «العربية...
- القيادي حسن زيد يحذر من تصريحات اليدومي ويعتبرها استهدافاً مباشراً للرئيس هادي. اعتبر العديد من السياسيين والكتاب اليمنيين ان التصريحات الأخيرة لمحمد اليدومي رئيس الهيئة العليا لحزب الاصلاح بالخطيرة وبأنها بمثابة تهديدات رسمي...
- جزيرة سقطرى.. احتلال أمريكي بجواز سفر إماراتي المرصاد نت - إبراهيم السراجي بالتزامُــنِ مع ما قيل إنَّها رسالةٌ من حكومة الفار هادي لمجلس الأمن تشكو من التوسّع العسكري الإماراتي في جزيرة سقطرى كان الفار ها...
- فريق أممي في «مطاحن البحر الأحمر»... تمهيداً لنقلها! المرصاد نت - متابعات للمرة الثالثة خلال أقلّ من شهر حطّ المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يوم أمس في العاصمة صنعاء في محاولة متجددة لإنقاذ تفاهمات استوكهو...
- إيغور دوبروولسكي... ليلة الميلاد في اليمن المرصاد نت - رنا حربي في سرير دافئ في منزل آمن يراقب عدد كبير من الأطفال حول العالم بفارغ الصبر شروق الشمس في صباح 25 كانون الأول (ديسمبر). تتحول أولى أشعت...
- مجزرة صنعاء: الإعلام المارق يبرئ آل سعود المرصاد نت - زينب حاوي قبل 20 عاماً، أغارت طائرات العدوّ الصهيوني على خيمة تابعة لقوات اليونيفيل الدولية في بلدة قانا (جنوب لبنان)... تلك الخيمة التي احتمى...